لماذا لا تزال الولايات المتحدة تدعم المملكة العربية السعودية في اليمن؟ بقلم ويليام هارتونغ - لوبيلوغ -

السبت, 2 تموز 2016 الساعة 15:40 | مواقف واراء, زوايا

لماذا لا تزال الولايات المتحدة تدعم المملكة العربية السعودية في اليمن؟ بقلم ويليام هارتونغ - لوبيلوغ -

جهينة نيوز:

زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى البيت الأبيض هذا الشهر تسلّط الضوء على تنامي نفوذ وزير الدفاع السعودي، الذي يُعدّ القوة الدافعة وراء حرب المملكة الكارثية في اليمن. قدّمت إدارة أوباما دعمًا حاسمًا للحملة السعودية في اليمن، بما في ذلك الأسلحة، والاستخبارات، وتزويد الطائرات السعودية بالوقود الجوي.

جزء من القراءات الرسمية من البيت الأبيض للقاء مع الأمير محمد بن سلمان الذي يتناول الحرب في اليمن يقول: "رحّب الرئيس الأمريكي بالتزام المملكة العربية السعودية بالتوصل إلى تسوية سياسية للصراع ودعم دول مجلس التعاون الخليجي لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة وإعادة بناء البلاد". ولكن اُنتهكت وعود سعودية مماثلة في الماضي. لقد استمر القتال في اليمن، بما في ذلك الضربات الجوية السعودية، منذ إعلان وقف إطلاق النار في نيسان/أبريل الماضي مما أسفر عن مئات الإصابات في صفوف المدنيين.

ويتركز الأساس المنطقي لاستمرار إدارة أوباما في تقديم الأسلحة والمساعدة في المجهود الحربي السعودي في اليمن على فكرة أنَّ الرياض مهمّة للغاية وحليف رئيسي للولايات المتحدة لا يمكن التخلي عنه، وذلك بسبب دور الرياض كواحدة من موردي النفط الرئيسيين في العالم ومساعدتها في مكافحة الإرهاب.

وقد تعززت هذه الاعتبارات من الرغبة في تهدئة المخاوف السعودية بشأن الآثار المترتبة على الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة وإيران من خلال تسريع بيع وتسليم الأسلحة الأمريكية إلى المملكة. قدّمت الولايات المتحدة أسلحة بلغت قيمتها أكثر من 37 مليار دولار إلى المملكة العربية السعودية منذ أن بدأت المفاوضات النووية الإيرانية في تشرين الثاني/نوفمبر عام 2013، مع الحصول على 13.2 مليار دولار من إجمالي تلك القيمة منذ بداية التدخل السعودي في اليمن في آذار/مارس عام 2015. ووفقًا لبيانات من مؤسسة "مراقب المساعدة الأمنية"، درّبت الولايات المتحدة ما يقرب من 10 آلاف من أفراد القوات المسلحة السعودية منذ بداية إدارة أوباما.

لا تبرر أي من حُجج تسليح السعودية دعم الحرب التي أسفرت عن مقتل الآلاف من المدنيين وترك ملايين المرضى والجياع. لقد استهدفت حملة القصف السعودية المدارس والمستشفيات والأسواق ومحطات توليد الطاقة، ومرافق معالجة المياه. وبعد اتهام كلا الجانبين في حرب اليمن بارتكاب جرائم حرب، دعت منظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية إلى إجراء تحقيق مستقل. وكان السعوديون قادرين حتى الآن على منع الأمم المتحدة أو أي هيئة أخرى من إجراء مثل هذا التحقيق. وتأكّد النفوذ السعودي في الأمم المتحدة من قِبل نجاحها الأخير في إزالتها من "قائمة العار" للدول التي ألحقت الضرر أو قتلت الأطفال في الصراعات المسلّحة. هدّد السعوديون بقطع الدعم لبرامج المساعدات الإنسانية للأمم المتحدة إذا لم يتم إزالتها من القائمة.

استخدام القنابل العنقودية

إرسال الولايات المتحدة القنابل العنقودية إلى المملكة العربية السعودية هو مصدر قلق خاص؛ فالولايات المتحدة ينبغي ألّا تصدّر الذخائر العنقودية على الإطلاق، ولا سيما أنها محظورة بموجب معاهدة 2008 التي يلتزم بها 119 عضوًا الآن. وللأسف، لم تصدّق الولايات المتحدة ولا المملكة العربية السعودية على تلك المعاهدة. ولذلك، فالاستخدام السعودي لهذه القنابل قد لا يتعارض مع معاهدة الذخائر العنقودية فحسب ولكن لا يستوفي الشروط الأقل صرامة التي حددها القانون الأمريكي. كما أنّه من غير المسموح للولايات المتحدة أن تصدّر الذخائر العنقودية عند "معدل خطأ" واحد بالمئة لأنَّ الكثير من القنابل الصغيرة التي تتشظى من قنبلة عنقودية قد لا تنفجر عند الارتطام، بل تنفجر في وقت لاحق عند لمسها أو التقاطها من قِبل المدنيين. ويهدف بند الواحد بالمئة إلى الحدّ من هذه الأنواع من الإصابات.

ولكن وفقًا للأدلة التي جمعتها منظمة هيومن رايتس ووتش، فإنَّ القنابل العنقودية CBU-105 التي أرسلتها الولايات المتحدة واستخدمها السعوديون يبدو أنها تتجاوز هذا المعدل. لقد انتهك السعوديون بشكل واضح البند الثاني من القانون الأمريكي الذي ينص على أن مستخدمي القنابل العنقودية التي تقدمها الولايات المتحدة يجب أن يتوخوا الحذر لتجنب المناطق المدنية.

وبالإضافة إلى العواقب الإنسانية المروّعة، فقد أتاحت حرب المملكة العربية السعودية في اليمن مساحة لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. حتى الهجوم على ميناء المكلا من قبل قوات التحالف التي تقودها السعودية في نيسان/أبريل الماضي، سيطر تنظيم القاعدة في جزيرة العرب على المنطقة وحقق الملايين من خلال فرض الضرائب وفرض الرسوم الجمركية. وحتى بعد طرده من المكلا، يسيطر تنظيم القاعدة في جزيرة العرب على مساحات واسعة من الأراضي في جنوب اليمن، وقد استولى على الكثير منها منذ الغزو الذي الضربات السعودية في اليمن.

تغيّر السياسات الأمريكية تجاه المملكة

هناك دلائل تشير إلى إمكانية تغيير سياسة الولايات المتحدة الحالية بدعم دون تمحيص للمملكة العربية السعودية. التعديل الأخير في 16 حزيران/يونيو الذي طرحه النائب جون كونيرز كان من المفترض أن يؤدي إلى حظرت مبيعات الولايات المتحدة من القنابل العنقودية إلى المملكة العربية السعودية. ولكنَّ التعديل فشل بفارق 12 صوتًا فقط. وقبل بضعة أسابيع، فرضت إدارة أوباما وقفًا مؤقتًا على شحنات القنابل العنقودية التي ترسلها الولايات المتحدة للمملكة. وهناك مشروع قانون برعاية مشتركة من السيناتور كريس ميرفي والسيناتور راند بول يطالب بوقف تسليم الولايات المتحدة ذخيرة إلى المملكة العربية السعودية من الجو إلى الأرض حتى تُظهر الرياض أنها حريصة على تجنب سقوط ضحايا من المدنيين في اليمن وعدم تقديم الدعم لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وتنظيم القاعدة، أو غيرهما من الجماعات المتطرفة، من بين شروط أخرى.

رسالة تصويت مجلس النواب على مبيعات القنابل العنقودية للسعوديين مفادها أنَّ السياسة الأمريكية "تجاه المملكة العربية السعودية سواء كانت صحيحة أو خاطئة" قد تكون اقتربت من نهايتها. وعلى الرغم من الخطاب الذي يشير إلى عكس ذلك، إلّا أنَّ الدعم السعودي للحرب ضد داعش كان محدودًا، وليس من الواضح ما إذا كانت أي معلومات استخبارية تقدمها الرياض تفوق الآثار السلبية للحرب في اليمن. الكثير مما تقوم به المملكة العربية السعودية في المنطقة، من المساهمة العسكرية المتواضعة للحرب على داعش إلى توفير شحنات المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتأثرة بالصراعات العديدة في المنطقة، هي أمور تصب في مصلحة الرياض سواء كانت الولايات المتحدة لا تزال تساعدها على شنّ حرب في اليمن أم لا.

وعلى عكس مزاعم الإدارة الأمريكية، فإنَّ إرسال المزيد من الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية، المدججة بالأسلحة بشكل أكبر من المنافس الاقليمي إيران، من غير المرجح أن "يعزز الاستقرار" في المنطقة. لقد فشلت السياسة الأمريكية الحالية لدعم السعوديين إلى أقصى درجة كوسيلة لطمأنتهم بشأن المكاسب المحتملة من قِبل إيران. وبدلًا من ذلك، يجب على الرئيس أوباما والإدارة المقبلة استخدام النفوذ الأمريكي العسكري والاقتصادي لتعزيز ما وصفه الرئيس بأنّه "سلام بارد" بين المملكة العربية السعودية وإيران. المبيعات غير المحدودة من الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية يمكن أن تقوّض هذا الهدف.

بغض النظر عن القراءات الرسمية الموجزة التي قدّمها البيت الأبيض، من الصعب الحصول على تفاصيل اجتماع الرئيس أوباما مع الأمير محمد بن سلمان. ولكن من الواضح أنَّ أوباما لم يهدّد بالقيام بما يجب القيام به: اشتراط نقل الأسلحة الأمريكية إلى المملكة العربية السعودية على وضع حدّ لحملة القصف في اليمن، فضلًا عن جهود حسنة النية لإنهاء الحرب هناك. كما يجب أن يتم دحض أسطورة أنَّ مبيعات الأسلحة الأمريكية تعزز السلام والاستقرار في الشرق الأوسط لصالح نهج أكثر توازنًا يُقدّر قيمة الدبلوماسية على عمليات نقل الأسلحة. المزيد من الحروب والمزيد من الضحايا المدنيين هو بديل غير مقبول على الإطلاق.


أخبار ذات صلة


اقرأ المزيد...
أضف تعليق

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا