"هتلر التركي "و الحرب الثالثة بدأت ؟؟ بقلم : غسان جواد

الإثنين, 18 تموز 2016 الساعة 17:28 | مواقف واراء, زوايا

جهينة نيوز:

دخلت تركيا بعد “الانقلاب الناقص” مرحلة طويلة من عدم الاستقرار. الانتهازية التي يتسم بها الرئيس التركي في السياسة، تأخذ مداها الخطير بعد فشل بعض العسكريين في الاطاحة بنظام حزب العدالة والتنمية، الفرع التركي لتنظيم “الاخوان المسلمين”.

بعد يوم واحد من الحركة الاعتراضية لعدد من جنود وضباط الجيش التركي، بلغ عدد المعتقلين ستة آلاف معتقل، والتطهير الممنهج للخصوم لم يقتصر على الجيش بل بلغ القضاء ومختلف ادارات الدولة. وفي هذا المعنى، يستثمر النظام التركي في “فشل الانقلاب” للتحوّل تدريجيًا نحو حكم الحزب الواحد والرجل الواحد. وهذا ما ستدفع ثمنه قوى المعارضة العلمانية والقومية والكردية.

أردوغان يتهم الداعية عبد الله غولن بالوقوف خلف الحركة الاعتراضية للجيش. غولن نفسه كان سببًا من أسباب صعود نجم رجب طيّب اردوغان. وقع الخلاف بين الرجلين قبل سنوات قليلة بسبب شبهات فساد في عائلة ومحيط الرئيس التركي.

هنا تظهر نزعات الغدر والانتهازية جلية في سلوك أردوغان مع حليف الامس عبدالله غولن وجماعته. وهذا ما ينبغي أن يشكّل درسًا للقوى العلمانية والقومية واليسارية التي تركت الجيش وحيدًا في الساحات ليواجه “ميليشيات العدالة والتنمية” وأنصار اردوغان من الاتراك والاجانب الموجودين في تركيا. لو قام النظام التركي بالتعامل مع الموقف لتوسيع المكتسبات المدنية في البلاد، لكان الامر مختلفًا وصحّ موقف الاحزاب الثلاثة المعارضة لمفهوم “الانقلاب”. لكنّ السياق الانتقامي للأحداث، وعملية إذلال العسكرية التركية، والنبرة الاردوغانية العدائية، تنذر بولادة “هتلر” تركي على حدود الشرق والغرب. وللمفارقة هتلر أيضًا كانت له شعبية وكان منتخبًا وكانت لديه إنجازات اقتصادية وعمرانية خدّرت الشعب الالماني وسحرته.

من منظور السيرورة التاريخية، كل ما يقوم به النظام التركي حاليًا من تنكيل بالخصوم سيرتد عليه. التناقضات داخل المجتمع التركي تتعمّق بسبب “هستيريا أردوغان” الخائف حتى بعد تغلبه مبدئيًا على العسكر. هذا الجنون سيترك أثارًا مدمرة على المجتمع التركي. وسيضع الجيش مجددًا أمام تحدي الحفاظ على وحدة الدولة ونسيجها الاجتماعي المتعدد الذي يدمره الرئيس التركي بخطابه العنصري والطائفي، وسلوكه الشوفيني.

واشنطن لا زالت بحاجة للنظام التركي. هذه هي خلاصة الموقف الاميركي من الانقلاب. اطروحة دعم الشرعية والحكومة المنتخبة تبدو طريفة لمن يتذكر كيف اطاحت وكالة الاستخبارات المركزية بحكومات أكثر شرعية وأكثر ديموقراطية من حكومة “العدالة والتنمية”. الاوروبيون أكثر مصلحة من الولايات المتحدة في إضعاف نظام أردوغان والاطاحة به. لا أحد من الزعماء الاوروبيين ينسى كيف فتحت تركيا الاردوغانية حدودها مع اوروبا وشجعت اللاجئين ودفعتهم نحو اوروبا، وتسببت بأزمات اجتماعية وأمنية تهدد وحدة واستقرار القارة. الاميركيون يرفضون التكتلات الكبرى ويرغبون بتفكيك الاتحاد الاوروبي، ونظام العدالة والتنمية يتناغم معهم ويسير بمخططاتهم، مقابل إطلاق يديه في الداخل التركي، والانتقام لرفض الاوروبيين إدخل تركيا في الاتحاد الاوروبي.

أوروبا في تناقض وجودي مع “هتلر التركي”. مشهد الضحايا المدهوسين على الطرقات في “نيس” الفرنسية هو أول مشاهد الحرب الوافدة من الشرق، من تركيا وأحلام حاكمها السلطانية الرعناء. هل سينتظر حكام أوروبا حتى تندلع الحروب الاهلية في بلادهم بدفع حثيث من التحالف الاميركي – الاردوغاني؟

الحرب العالمية الثالثة لن تكون كالحرب الاولى، والثانية، حربًا كلاسيكية معهودة. يبدو أنّ الحرب الثالثة التي تقودها “الامبريالية الاميركية”، ستكون إستثمارًا في الارهاب وجماعات “التطرف الاسلامي” لضرب وحدة الدول والمجتمعات، ودفعها نحو الاحتراب الاهلي وتفكيكها من الداخل. الماكينة الصناعية لأوروبا الموحدة، تشكل خطرًا على زعامة الولايات المتحدة وتفردها في السياسة والاقتصاد. ولم يكن خروج بريطانيا من الاتحاد، سوى أول التفكك الذي ترسمه وتخطط له واشنطن. لو نظّم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إستفتاءً اليوم حول بقاء او خروج فرنسا من الاتحاد الاوروبي، لجاءت النتيجة على السوية نفسها مع النتيجة البريطانية. الهجمات الارهابية المركزة على فرنسا ترفع من شعبية اليمين الفرنسي وتبرهن خطابه بالاحداث، وهو خطاب يعادي المهاجرين، والاتحاد. المهاجرون بدورهم يتخبطون في صراع الهوية والاندماج والفقر والتطرف، وتستعملهم الآلة الداعشية بشكل “عالمي” وتضعهم على تناقض حاد مع المجتمعات التي يعيشون فيها.

هذه المشهدية تشكل صورة كاملة عن المخاطر التي تتهدد الاجتماع الفرنسي والاوروبي وتدفع نحو الاصطفافات وحالات الاستقطاب المتطرفة. أصبح التناقض في اوروبا قائمًا على طرفين متحفزين. المهاجرون واليمين المتطرف. فماذا ينقص لتنفجر الحروب الاهلية سوى المزيد من العمليات الارهابية وردود الفعل عليها؟

خطورة نظام أردوغان تكمن في هذا الجانب. حيث تشكّل تركيا الاردوغانية بتفاهم مع الاميركيين ظهيرًا خلفيًا للإرهاب المتنقل بين سوريا والعراق واوروبا. تماما كما شكّل نظام “هتلر الالماني” ظهيرًا للأفكار القومية الشوفينية المتطرفة التي دمرت المانيا واوروبا والعالم..

أيها الاوروبيون: إحذروا “هتلر التركي”..


اقرأ المزيد...
أضف تعليق

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا