الطائرات الصهيونية بين الحزم السوري والذهول الصهيوني..بقلم عمر معربوني

الأربعاء, 14 أيلول 2016 الساعة 03:23 | مواقف واراء, زوايا

الطائرات الصهيونية بين الحزم السوري والذهول الصهيوني..بقلم عمر معربوني

جهينة نيوز:

ممّا لا شكّ فيه أنّ أصابع الإستخبارات الصهيونية كانت واضحة منذ بداية إطلاق الحرب على سوريا، حيث يُعتبر الكيان الصهيوني المستفيد الأول ممّا يحصل من إنشغال للجيش السوري في مواجهة شاملة مع الجماعات الإرهابية التي باتت "إسرائيل" تدعمها بشكل علني، وخصوصًا في منطقة الجنوب السوري.

واذا ما استعرضنا سريعًا حركة الإستخبارات الصهيونية على الأرض السورية، نتذكر الفرقة الصهيونية الخاصة التي كان عملها مرتبطًا بضرب المطارات العسكرية السورية واستهداف الطيارين عبر الجماعات الإرهابية التي نفّذت العديد من العمليات لمصلحة الكيان الصهيوني، اضافة الى فرق صهيونية خاصة بالتخطيط وإدارة العمليات تمركز بعض ضباط هذه الفرق في مواقع داخل الأراضي السورية تسيطر عليها الجماعات الإرهابية ونفذوا عبر الجماعات الإرهابية عمليات اغتيال لعدد من ضباط الجيش السوري والعلماء الذين يرتبط عملهم بقضايا البحث العلمي والتطوير العسكري، اضافة الى ادارة عمليات السيطرة على مراكز نوعية للجيش السوري وتدمير مراكز الرصد والرادارات ومراكز الحرب الإلكترونية وزرع اجهزة تجسس متقدمة وغيرها من المهمات التي استهدفت كافة مؤسسات الدولة السورية.

في الجنوب السوري، كنا ولا زلنا امام مشهد مختلف لجأت اليه "اسرائيل" بعد سلسلة الهزائم التي لحقت بالجماعات الإرهابية واجهاض عملياتها في مناطق حمص والقصير والقلمون، وخصوصًا يبرود التي شكّل تحريرها نكسة للمشروع الإستخباراتي الصهيوني، حيث بدأت بالتركيز على اقامة المنطقة العازلة او الأمنية بحسب المصطلح الصهيوني على غرار المنطقة التي انشأتها "إسرائيل" في جنوب لبنان بعد اجتياح العام 1978.

مع بداية الحرب على سوريا كان المخطط يقضي بتفتيت سوريا وتفكيك الجيش السوري وانهاء قدراته بشكل نهائي وازاحة خطره على الكيان الصهيوني، لكن سير العمليات جاء مخالفًا لرغبات المخططين وعلى رأسهم "اسرائيل" ولنكون امام مشهد مختلف استطاعت فيه الدولة السورية وعلى رأسها مؤسسة الجيش ان تصمد طيلة خمس سنوات ونصف وأن تراكم انتصارات متتالية لحساب مفهوم الدولة، النقيض الحقيقي لمفهوم التفتيت والتقسيم والتهشيم.

طبعًا لا يمكن لعاقل أن يُنكر أنّ الكثير من الضحايا والدمار قد لحق بسوريا، ولكننا عندما نكون امام مواجهة شاملة بهذه الأهداف يصبح الصمود وتاليًا الإنتصار هو التدبير الأساسي الذي يجب العمل عليه.

القليلون يعرفون طبيعة التدابير التي لجأت اليها القيادة العسكرية لخوض المواجهة الداخلية والإبقاء على قوة الردع مع الكيان الصهيوني، وهي مسألة أُتخذ فيها القرار على مستوى القيادة السياسية منذ المراحل الأولى للحرب.

وحتى ما قبل بدء الحرب، وانطلاقًا من تجربة المقاومة اللبنانية كان القرار بتدريب الجيش السوري على المواجهة اللانمطية ضرورة تقتضيها الفوارق الكبيرة في الأسلحة والإمكانيات بين الجيشين السوري والصهيوني، وخصوصًا في ظل تفوق جوي صهيوني يمكن له ان يُخرج من الخدمة تشكيلات كبيرة من الجيش السوري في حال مهاجمتها في وقت قصير.

وعليه، فإنّ توزيع وحدات المشاة والمدرعات والمدفعية كان من ضمن القرارات الصائبة لعدم تعريضها لضربات قاتلة، وهذا ما توازى مع ادخال متغيرات على سلاح الدفاع الجوي وسلاح الصواريخ ارض – ارض لتحقيق الردع وتوازن الرعب مع الكيان الصهيوني في اي مواجهة شاملة.

وعلى مدى سنوات لم تلجأ القيادة السورية الى استخدام صواريخ الدفاع الجوي لإعتبارات تقنية مرتبطة بعدم كشف نمط المنظومات وابقائها في حالة الصمت الراداري، ذلك أنّ الهدف الرئيسي للهجمات الجوية الصهيونية كان كشف اسرار المنظومات الرادارية لصواريخ الدفاع الجوي، وهي التي تعتبر حتى اللحظة احد اكبر الألغاز التي لم تستطع القوات الجوية الصهيونية فكّها، وهنا نتكلم عن انماط وتكتيكات التشغيل والإستهداف والتي يساعد وجود منظومات حديثة منها كـ"البانتسير اس 1" و"تور ام 1" احد اعمدتها، اضافة الى صواريخ "اس 200" التي اجريت عليها الكثير من عمليات التطوير لتتناسب مع مهام الحرب الحديثة والمعركة الشاملة.

التحول الهام اليوم من خلال استهداف واسقاط الطائرات الصهيونية يكمن في توقيت التنفيذ وما سبقه من اتخاذ للقرار على المستوى العسكري والأمني لما يحمله هذا القرار من تحول كبير في نمط المواجهة والرسائل المرسلة من خلاله.

واذا ما علمنا أنّ عملية الإسقاط أتت في سياق معركة قادسية الجنوب التي اطلقتها الجماعات الإرهابية بدعم ناري صهيوني مباشر من المدفعية والطيران، خصوصًا أنّ اهداف قادسية الجنوب هو ربط منطقة القنيطرة بريف دمشق الغربي، وهذا يعني أنّ التغاضي عن التعامل مع الطائرات الصهيونية كان يمكن ان يشكل تماديًا في تقديم الدعم الناري للجماعات الإرهابية في كل مراحل العملية المفترضة، والتي لم تستطع تخطي خط الدفاع الأول رغم الحشود الكبيرة والدعم الناري الصهيوني المباشر.

في كل الأحوال، ورغم النفي الصهيوني لسقوط الطائرتين، فنحن امام تحول كبير يعتبر فيه الرد السوري ردًا استراتيجيًا يعلن للجميع أنّ القدرات الدفاعية السورية بعد خمس سنوات ونصف لا تزال قادرة على التدخل وتنفيذ مهمات اساسية تساهم في الحفاظ على سيادة ووحدة الأراضي السورية.

*ضابط سابق - خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية.

المصدر بيروت برس


اقرأ المزيد...
أضف تعليق

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا