حلب في المعادلة السورية.. واقع صعب ونافذة أمل..بقلم عبد الحميد توفيق 

السبت, 24 أيلول 2016 الساعة 21:37 | مواقف واراء, زوايا

حلب في المعادلة السورية.. واقع صعب ونافذة أمل..بقلم عبد الحميد توفيق 

جهينة نيوز:

تتسارع الأحداث في مدينة حلب وريفها وتحديدا خلال هذه الأيام بعد ما أعلن الجيش السوري رسميا عن بدء عملية عسكرية متكاملة ضد المسلحين المسيطرين على أحياء حلب الشرقية ومحيط تلك الأحياء.

ولربما كان القصف الجوي العنيف من قبل سلاحي الطيران السوري والروسي هو إشارة البدء لانطلاق العملية البرية الواسعة تجاه تلك المناطق، وقد أثارت شدة القصف الجوي والمدفعي غير المسبوقة على مواقع المسلحين في تلك الاحياء الشرقية لحلب تساؤلات حول أهدافها ومراميها، لكن سرعان ما جاء البيان الرسمي السوري مفصحا عن عملية برية واسعة ضد المسلحين في تلك المواقع ضمن عملية عسكرية قال البيان الرسمي السوري إنها ستستغرق فترة زمنية طويلة وجرى التمهيد لمرحلتها الأولى بسلاحي الجو والمدفعية، ولم تمض أربع وعشرون ساعة على بدء الهجوم البري المدعوم بسلاحي الجو الروسي والسوري حتى أعلنت القيادة العسكرية السورية رسميا سيطرة الجيش على كامل مخيم حندرات في الشمال الشرقي لمدينة حلب.

من الواضح ان اختيار الجيش السوري لمخيم حندرات كوجهة أولى في مرحلة العملية البرية ينم عن هدف استراتيجي هام يتمثل في توسيع دائرة سيطرته على المناطق المحاذية والمتاخمة لبقية أحياء حلب الشرقية، التي تعد خزانا كبيرا للمسلحين، حيث تتحدث التقديرات الأولية لمراقبين على أرض الميدان عن وجود نحو اثني عشر ألف مسلح ينتمون في غالبيتهم العظمى لجبهة النصرة أو لما بات يعرف بـ "جبهة فتح الشام" في حين تتوزع انتماءات المسلحين الباقين بين حركة "أحرار الشام" وجزء آخر يضم عناصر من تنظيم "داعش" الذي يخوض قتالا ضد تلك الفصائل في تلك المواقع.. وبدا واضحا أن العملية العسكرية السورية الواسعة التي باشرها الجيش السوري ضد مسلحي أحياء حلب الشرقية ما كانت لتأخذ هذا الطابع السريع في الوصول إلى أول أهدافها العملياتية لولا الضمانات الميدانية التي قام الجيش بتأمينها لنفسه والمتمثلة بالسيطرة الكاملة على حي الراموسة وتوسيع دائرة هذه السيطرة  في محيط ذلك المكان، حيث مكنه ذلك من الاستفادة من أمرين هامين: الأول هو تأمين الحماية للوحدات العسكرية التي تتقدم ضمن خطة الهجوم شرقا وباتجاه الشمال الشرقي، والثاني تأمين خطوط الامداد والدعم العسكري واللوجستي لتلك الوحدات.

ويتوقع المراقبون أن تستمر العملية في تلك المناطق وباتجاه أحياء شرق حلب مدة زمنية غير محددة طالما أن الجيش السوري وحلفاءه يتقدمون على الأرض مستفيدين من التناقضات التي تتحكم بواقع المسلحين الموزعين على مساحات مختلفة في تلك الأحياء، ولربما أمكن القول إن تناقضات وتوزع المسلحين على تلك المناطق هو أمر مرتبط ارتباطا وثيقا باللاعبين الاقليميين والدوليين الذين يرعونهم ويؤمنون لهم الدعم بمختلف مستوياته.

وقد شكلت مدينة حلب وريفها نقطة استقطاب، داخليا وخارجيا، على مدى سنين الأزمة السورية، إذ حين كانت مدن سورية عدة تشهد اشتباكات ظلت حلب خارج تلك الحسابات فترة زمنية لا بأس بها أثارت حينها الكثير من التساؤلات والاستفسارات حول واقعها وحقيقة أوضاعها، ووصل الأمر ببعض المراقبين للإشارة إلى هذه المدينة كونها تمثل ثقلا كبيرا في معادلة الصراع السوري التي بقيت خارج حسابات المعارضة بشقيها العسكري والسياسي، ومع نهاية العام 2012 برزت هذه المدينة وريفها كساحة صراع عنيف ضد السلطة السورية إذ سرعان ما تمكن مسلحوها من السيطرة على ريفها الشاسع وأحيائها الشرقية كاملة وعدد من أحيائها في الجنوب والجنوب الشرقي والجنوب الغربي على حد سواء، في حين بقيت أحياؤها الغربية تحت سلطة الدولة السورية، وبذلك قلبت كل موازين القوى ، الداخلية منها والاقليمية وحتى الدولية.

في ميزان الصراع الداخلي استقطبت المعارك في مدينة حلب وأريافها اهتمام قطبي الصراع بأذرعه الداخلية والخارجية، وبالتالي اتسعت دائرة الاهتمام الاقليمي والدولي بها تبعا للاستقطاب القائم لدى اطراف الاشتباك ، الميداني منها والسياسي، حيث هيمنت التطورات الميدانية في حلب على ما عداها من بؤر صراع على امتداد الساحة السورية. وقد يكون من الضروري الوقوف عند الأسباب التي جعلت من هذه المدينة مركز الاستقطاب الاقليمي والدولي والتي تتمثل بالآتي:

1- تشكل جغرافية المدينة وريفها عمقا استراتيجيا هاما نظرا لمحاذاتها للحدود التركية شمالا  ، هذه الحدود التي شكلت ممرا استراتيجيا للسلاح والمسلحين، على مختلف انتماءاتهم وايديولوجياتهم وجنسياتهم، الى الاراضي السورية وبالتالي كانت الثغرة الأصعب في خاصرة السلطة السورية التي لاتستطيع اغلاقها او التغاضي عن خطورتها.

2- تحاذي مدينة حلب واريافها مدنا باتت منذ  زمن خارج سيطرة الدولة السورية مثل مدينة ادلب الخاضعة لسيطرة "جيش الفتح" ومدينة الرقة الخاضعة لسيطرة "داعش"، ومع وجود النقيض بين المسيطر على ادلب وذاك المسيطر على الرقة إلا أن النتيجة بالنسبة للحكومة السورية واحدة من حيث المبدأ تتمثل في واقع صعب يشكل تحديا عسكريا وأمنيا قاسيا لها، وينطوي هذا الواقع على تعقيدات ميدانية وسياسية متناقضة نظرا لخصوصية كل مدينة جغرافيا وأهمية استراتيجية على مستوى سوريا عموما.

3- تبرز حلب في واقعها القائم حاليا كنقطة استقطاب دولي يتركز على الجانب الانساني المرتبط بتبعات الواقع الميداني الصعب ، وبدا جليا حجم هذا الاستقطاب في الآونة الأخيرة وتمثل بأن كانت هذه المدينة وواقعها الميداني والانساني محور اتفاق الكبار، أي روسيا والولايات المتحدة، حول تهدئة فيها تكون مدخلا لتهدئة أشمل وعمليات انسانية أوسع في إطار سياسي يمهد لاطلاق عجلة الحوار السياسي السوري السوري برعاية دولية في جنيف، على أمل وصوله إلى وضع الأزمة السورية على مسار سياسي على حساب الميدان ، لكن كل هذه الجهود لم تعط ثمارا تذكر.

في ظل هذا المشهد المتداخل عسكريا وسياسيا واستراتيجيا في حلب وحولها، من المرجح أن تبقى دائرة الصراع هي المتقدمة على ما سواها حتى حين، وقد يكون الإطار العملي لبارقة الأمل في التهدئة أو في الاتفاق على وقف الأعمال القتالية هناك هو ما تحققه الخطوات العسكرية على الأرض.

المصدر RT


اقرأ المزيد...
أضف تعليق

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا