بهجةُ التجدّد بقلم : جواد ديوب

الجمعة, 16 كانون الأول 2016 الساعة 06:08 | مواقف واراء, زوايا

بهجةُ التجدّد  بقلم : جواد ديوب

جهينة نيوز- خاص:

تلاحقني الألوان نفسها أينما ذهبت، الأحمر والأصفر والأزرق، صافيةً، شهوانيّةً، متوهّجة، ومحرِّضة في بعض الأحيان، فوجهُ مخدّتي أزرقٌ بحريّ، فيما يتمدّد الأصفرُ العسليّ مغازلاً لطخاتٍ من البنيّ على معظم مساحة الغطاء (البطانية)، أما الأحمر الخمريّ فيفترش المسند خلف ظهري تاركاً لخيالاتي أن تطوفَ بفرح.

منذ يومين، بينما كنت أدفّئ عظامي تحت الشمس، مغمضاً عيني نصف إغماضة بسبب أشعتها المائلة الحادّة، التفتُّ قليلاً، لأن شيئاً قريباً يصدر حفيفاً وفرقعة.. كانت أمّي قد نشرت على حبل الغسيل شالاً بلون الرمّان.. هكذا تكوّن المشهد السينمائي بألوانه الساحرة المُغوية: أزرقُ سماءٍ صافية بعد ليلةٍ عاصفة، وشمسٌ ترسل وهجها الذهبيّ لتغمر موجودات الكون، وشالُ الجلّنار يُعلِن عن نفسه مختالاً بجماله.

لو تقصّدتُ أن أجاورَ تلك التفاصيل معاً لما نجحت كما تبدّت هي في "شيئيّتها" الطبيعيّة المدهشة، وكأنّ ما يحصل ليس مصادفة مجرّدة بقدر ما هو إيحاءُ مصادفةٍ تمّت صياغتها بفعل الرغبة العميقة بحدوثها!، هل هو العقل الباطن الذي يجعل العقل الواعي ينتبه لما تحبُّه الروح، فتبحثُ عنه توّاقةً لما حُجب عنها بأحداثٍ أكثر قسوة؟!.

هكذا، ولأن للصدف احتمالاتها اللانهائية في توكيد نفسها، اكتشفتُ بعضاً منّي حين قررنا أنا وأختي، للتخفيف عن النفس، أن نتبارى في رسم لوحتين لنرى أيّهما الأجمل، إذ اعتادت أختي الرسمَ لمدة طويلة، وأصبحت لديها خميرة بصرية لافتة وعجينة لونية مبهجة، رغم ميلها للألوان القاتمة أو الغامقة، فيما لم ألمس أنا ريشات التلوين ومزّاجة الألوان وورق (الكانسون) أو القماش منذ عمر الثماني سنوات، لكنني مع الزمن كنت أبحر أحياناً في قراءات عن الفنون، وأسبحُ صاعداً نازلاً تيّاراتِ أفلامٍ سينمائية عن فنانين عالميين غيّروا حياة الناس على هذا الكوكب النادر.

ما أودّ قوله هو أنني اكتشفت بعضاً مما كان كامناً أو مؤجّلاً أو مقموعاً أو خائفاً من الظهور أو خجِلاً ومرتبكاً في شخصيتي، ولكن لمسة اللعب السحرية، تلك الخفّة المحمولة على شقاوة استعادة ذكريات الطفولة الملّونة، حملتني إلى اكتشافٍ آخر أكثر أهمية من علاقتي مع الألوان في حدّ ذاتها، أو بدقة أكثر جعلتني أدرك أهميّة التغيير والتجدّد في حياة الإنسان، وأنّ أي تغيير يطمح إليه لا يمكن، برأيي، أن يكتمل ويرتقي إنْ لم يُقْدِم عليه المرء بشجاعة من يمرح، وليس بتهوّر من يقاتل أو برعونة الأحمق، وثَوَرانِ الغاضب.

هل يمكن القول: إن هذه هي حال كثيرين في بلدنا اليوم، الذين يريدون "التغيير" في حياتهم، لكن يفوتهم أن "يتغيّروا" هم أنفسهم أولاً؟! كما يفوتهم أنّ الرغبة التي تحرّك الإنسان نحو ما يحبُّ أن يصبِحَ، هي نفسُها الرغبة التي تمحو ما هو كائن، أو ما كان عليه سابقاً، ولكن تكبحُهُ العادةُ الرتيبة من أن يجرّب عظمة التفتّح من جديد!.

وماذا عنكم؟ هل فكّرتم، يوماً ما، في أن تتغيّروا لتحقيق ما أجّلتموه من ذواتكم؟.


اقرأ المزيد...
أضف تعليق

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا