جهينة نيوز-خاص
كلنا يعرف أن انفصاليي الأكراد من المتمتعين بالهوية السورية والقاطنين في أجزاء من شمال سورية وشمالها الشرقي قد عزموا بمساعدة قوى دولية على تأسيس دولة كردية أجنبية في الأراضي السورية باقتطاع أجزاء منها وضمها إليها بواسطة إعلان "فدرالية" خاصة بهم تشمل الشريط السوري الممتد من عفرين إلى القامشلي مروراً بعين العرب وتل أبيض-ومؤخراً الرقة ومنبج والمناطق التي سيطرت عليها قوات ما يسمى "سورية الديمقراطية" في الحسكة وحلب-...وقد أطلقوا على تلك "الفدرالية" اسماً كردياً هو "روج آفا" (أي غرب كردستان) بما يتناسب مع دعوات أطلقها سياسيون ومثقفون أكراد من أن حدود " كردستان" هي من الفرات إلى بحيرة فان، ومن الأهواز تجاه الكويت وحتى اسكندرون على البحر المتوسط، وذلك بالرغم من بُطلان مزاعم امتلاكهم للأرض في أي عصر من العصور السورية...وقد استغل بعض الانفصاليين من أكراد سورية الفوضى في المنطقة بالتنسيق مع قوى غربية وصهيونية، فأعلنوا بتاريخ 17/3/2016 "الفدرالية" التي يرونها مقدمة لضرورة اعتماد نظام مماثل في الاراضي السورية كافة ما بعد الحرب، وقد تردد صدى هذه الفدرالية حتى في بعض وسائل الإعلام المحلية-إلى جانب وسائل إعلام عربية وصديقة منها ما يرفع شعار المقاومة-...أما تعاطي الخبر الكردي فقد أتى بشكل يعكس الجهل الكامل لوسائل الإعلام تلك في المفردات والتفاصيل السياسية والتاريخية...
"سوريانا إف إم" تخلط بين "الاستقلال" و"الانفصال"!
بتاريخ 15/2/2017 قدمت إذاعة "سوريانا إف إم" تقريراً "سياسياً في نشرتها الإخبارية في الحادية عشرة صباحاً، تحدثت فيه عن "استقلال" الأكراد السوريين مرتين، مع الإشارة إلى أن التقرير لم يكن يقتبس المعلومات أو ينقلها حرفياً عن وكالة أجنبية، وبالتالي فقد كان حريّاً بمعدّي التقرير الانتباه إلى مصطلح "الاستقلال" الخاطئ، فالصحيح هو "الانفصال"... وفيما لو بحثنا بمعاني "الاستقلال" نجد أنه "تحرر شعب ما من نير الاحتلال بالقوة المسلحة أو بأية وسيلة أخرى..."...فأي استقلال للأكراد السوريين تتحدث عنه الإذاعة المذكورة؟! وهل باتت الدولة السورية التي احتضنت الأكراد اللاجئين الفارّين من بلادهم الأصلية في إيران منذ أربعمئة سنة، قوة احتلال؟!
وهنا لا بد من الحديث عن أن هذا الخطأ المعرفي الوارد في تقرير "سوريانا" -وفي تعاطي بعض وسائل الإعلام مع الخبر الكردي الانفصالي-إنما يعود إلى جهل في حقيقة مصطلحات ما يجري، تلك المصطلحات التي تسرّبها آلة الإعلام الغربية المعادية والتي تُبث بعناية من قبل سياسييين أعداء...
وللمصطلح المدروس فعله الخطير بين أوساط الجمهور والرأي العام، فإدراجه تدريجياً في وسائل الإعلام يلعب لعبته النفسية لدى المتلقين غير المطّلعين على أوراق التاريخ، فيظنون أنه -أي المصطلح الخاطئ- يجسد الحقيقة على الأرض...
ما يحلم به الانفصاليون يتردد على أثيرنا!
وعودةً إلى التعاطي الخاطئ للخبر الكردي الانفصالي، ففي شهر كانون الأول 2014 وصفت إذاعة "شام إف إم" زيارة وزير الخارجية الفرنسي الأسبق "برنار كوشنير" إلى شمال سورية بأنها زيارة إلى (المناطق ذات الغالبية الكردية في شمال سورية للاستعلام عن "الإدارة الذاتية" في تلك المناطق) –حسب تعبير الإذاعة المذكورة في نشرتها المسائية بتاريخ 1/12/2014-، وبتاريخ 7/12/2015 قدّمت قناة "الميادين" تقريراً إخبارياً عن الأوضاع في مدينة عفرين السورية مطلقة عليها اسم "مقاطعة عفرين" وواصفةً إياها بالكردية، والقرى القريبة منها بــ "العربية"، ثم رسمت القناة الخريطة السورية ملوِّنةً فيها الشريط الشمالي السوري باللون الأحمر على أنه "كردي" يضم عفرين وعين العرب وتل أبيض والقامشلي واصلةً إياه بشريط ما سُمي "كردستان العراق"، فيما أثنى العدو الإسرائيلي على محاولات انفصال الأكراد في دويلة خاصة بهم معتبراً ذلك "ضرورة ونضالاً كردياً من أجل الاستقلال"...!
قناة "روسيا اليوم" أيضاً!
بتاريخ 10/12/2016 بثت قناة روسيا اليوم شريطاً إخبارياً متضمناً "ريبورتاجاً" تلفزيونياً من إعداد مراسلها في عين العرب "محمد عبد الرحمن حسن"، التقى فيه بعض سكان المدينة ممن اشتكوا للقناة تقصير الجهات المانحة في موضوع "إعادة إعمار عين العرب" والذي عُقدت مؤتمرات له خارج سورية وقُدِّمت فيه وعودٌ من الجهات المانحة (للإدارة الكردية) –حسبما ذكر المراسل المذكور- واللافت للانتباه أن كل من استضافهم المراسل –وهم ثلاثة مواطنين من المدينة- تحدثوا فوق أطلالها باللغة الكردية... وفيما عرضت الكاميرا صوراً للمدينة المدمّرة خلف لافتة اسمها المحرّف بالحروف اللاتينية أي "كوباني"، ركّز بعض اللقطات السريعة على شعارات ورموز كردية خلت من الإشارة إلى سوريّة المدينة أو عروبتها...فهل هو خطأ إعلامي تقع فيه قناة "روسيا اليوم" منذ فترة، أم أنه خطأ سياسي أملته ظروف دولية لا زالت ضبابية بخصوص وحدة التراب السوري؟!
المبعوث الدولي والأكراد السوريون
تلقف انفصاليو الأكراد تصريحات المبعوث الأممي إلى سورية "ستيفان ديميستورا" بسرور كبير حين قال بتاريخ 29/6/2016 "إن "الأكراد" يمثلون نسبة خمسة بالمئة من مجموع سكان سورية"، معتبرين ذلك في منشوراتهم "الحقيقة التي يجب ان يقرّ بها الكردي قبل العربي..." وقصدهم القول إنهم ليسوا سوريين وإن أكراد "ديميستورا" المقصودين في تصريحه هم الأكراد الذين يعيشون في "الشام" و"حلب" وليس في المناطق "الكردية" قبل اتفاقية "سايكس بيكو" التي هي الآن مناطق الإدارة الذاتية– "روج آفا" –كما يسمّونها وكما يعتقدون! وذلك دون أن يقرّوا بأن التواجد الكردي في سورية إنما بدأ على شكل لجوء إنساني للأكراد إلى سورية قبل أربعمئة عام فقط، حلّو بموجبه ضيوفاً على السوريين وخاصةً الآشوريين والسريان الذين أكرموا وفادتهم.
أزمة إعلامنا تزيد النار حطباً
فهو إعلام لم يتعاط -في غالب الأحيان- بخبرة وعلمية وخلفية معرفية "أكاديمية" مع ما يجري، بل إنه أخلى الساحة نوعاً ما لبعض مراكز الدراسات والقنوات الوليدة بعد اندلاع الأزمات العربية التي تسمّت بمصطلح "الربيع"، وكأن بعضها يعبّرعن كامل توجهات الجمهورية العربية السورية، وهذا مؤسف...ومنذ انطلاق الأحداث مطلع عام 2011 انصبّت مداخلات المحللين المحليين على "الصهيو تكفيري" الذي يسهل كشف أوراقه لأي مبتدئ في السياسة والمعرفة، بينما تُركت القضايا الاستراتيجية لعبث الإعلام الغربي والعربي، ولتعم مصطلحاته بين سطور "المراسلين الجدد" دون أدنى دراية بما يرددون...ولعل الأزمة السورية هي من أكثر الأزمات الوطنية ذات الصبغة العالمية التي تتطلب العودة إلى أوراق التاريخ وأبحاثه الجديدة لفهم تفاصيلها والتمكُّن من بناء منصات الدفاع عن البلاد ضد أخطارها وما خُطط لها وفيها، وعلى سبيل المثال، فموضوع محاولة بعض الأكراد السوريين الانفصال بأجزاء ومناطق من سورية، إنما تردد صداه -قبل الحرب- في دراسات أجنبية تاريخية وأثرية-ديموغرافية مشبوهة تناولت بالمعلومة المسيّسة والخاطئة واقع تلك المناطق منذ آلاف السنين، بما يغري الانفصاليين على التذرّع بمبررات وحجج لما يقومون به رغم أنها واهية، وكذلك الأمر، فما تعرض له الآشوريون والسريان السوريون من إبادة وتهجير وطمس لعناصر هويتهم -وهم من أعرق الأصول السورية القديمة- ثم ما تعرضت له مدينة معلولا وتدمر وسائر مدن التاريخ السوري القديم، يؤكّد وجود هدف إسرائيلي مستمر منذ عقود لمحو أصالة الهوية السورية القديمة والمستمرة، وذلك لصالح إيديولوجيا صهيونية مستمدّة من "التوراة" و"التلمود"...
ومن الضروري أن نشير هنا إلى أن بعض حالات التدخل المعرفي المختص لمناقشة ما سبق في وسائل الإعلام المحلية، قد جوبه بعنف حكومي غير مسبوق.
وختاماً نشير إلى أن حرب المصطلحات هي حرب مفتوحة على بلادنا منذ تأسيس منظمة الأمم المتحدة وقد استعرت هذه الحرب بعد تأسيس الكيان الإسرائيلي الغاصب، وخلال الأحداث المندلعة في سورية منذ عام 2011 فقد استعرت هذه الحرب أكثر فأكثر، أما كل مصطلح خاطئ، فإنما يعتبر عنواناً جزئياً -وربما كلياً أحياناً- لجزء خطير من مخطط استهداف سورية.
22:33
22:59
23:28
19:54
19:55
20:00
20:19
20:24
02:14
06:05
22:23
22:39
22:42
22:57
23:07
00:58
05:57
05:58
01:39
01:42
01:44
01:48