نصف" قطر يكفي واشنطن ويُقنع الرياض ويُغضب مصر بقلم : ميشيل كلاغاصي 

السبت, 17 حزيران 2017 الساعة 03:25 | منبر جهينة, منبر السياسة

نصف

جهينة نيوز

دولة ٌ احتلت حجما ً لا يتوافق مع طبيعتها ومساحتها وقدراتها الذاتية , ولعبت أدوارا ً سياسية ً , أقل ما ُيقال فيها بأنها غامضة وخطرة ولا تخلو من المغامرة , وتلاعبت بحياة و مصائر الكثير من الشعوب والبلدان العربية. 

وغدت الدولة العاق في محيطها العربي وبين أخواتها الخليجيات , لدرجة ٍ أصبح عزلها وإضعافها وتهديدها عسكريا ً أمرا ً واقعا ً؟.

- العداء مع اّل سعود: يدرك الجميع أن العداء القطري- السعودي ليس بجديد ولا هو وليد اللحظة , لكنه كبر وتفاقم على خلفية الإشتباك الدولي ومجريات حروب "الربيع العربي", الذي وحّد مواقفهما وجهودهما ووضع خلافاتهما جانبا ً وعملا معا ً على تقديم كل مستلزمات المخطط الدامي بذراعيه الإرهابيان الإخواني والتكفيري الوهابي. 

- "الربيع العربي", أحداث و نتائج: نجح الشريكان الخليجيان (وفريق الحرب الكونية)عبرالإرهاب في زعزعة أمن الأنظمة وإشاعة الفوضى فيها وإسقاط بعضها , وتمت الإطاحة بالرئيس حسني مبارك في مصر , وكانت سورية هي الوجهة التالية.. لكنها لم تكن تلك اللقمة السائغة ولا ذاك الجنح المكسور بفضل صلابة الدولة وقوة الجيش والتفاف الشعب حول قيادته , وقوة وصدق حلفائها , الأمر الذي فرض على "الشريكان" بذل المزيد من الجهد والمال ودعم الإرهابيين , و رفع سقف المواقف الدولية ضد الدولة السورية.

إحتدمت المعركة على أرض سورية بالتزامن مع نجاح الإخوان المسلمين في مصر ووصول محمد مرسي إلى سدة الحكم بشكل ٍغير متوقع!, الأمر الذي حمل بداخله مفاتيح الخراب وفك الإرتباط بين الشريكين الخليجيين؟. إذ لم تدم الأحلام السعيدة أكثر من عام واحد , حيث إنقلب الشارع المصري على حكم مرسي وأمسك الرئيس السيسي بزمام الأمور , بالتزامن مع صمود سورية وحسمها أهم المعارك "معركة القصير", الأمر الذي قرع ناقوس الخطر والهزيمة في الدوحة والرياض معا ً, فقد عرف الجميع بأنها بداية النهاية وأن الفشل بإنتظارهم , ولا بد من فك الإرتباط والشراكة , والعمل بشكل منفرد. 

تدخّلت الإدارة الأمريكية بخبث ٍ ودهاء , وأزاحت قطر عن مقعد القيادة وأوكلت المهمة لاّل سعود , اللذين وضعوا كل ثقلهم السياسي والمادي والعسكري لتفادي الهزيمة في سورية والداخل السعودي والمنطقة.

ففي سورية .. أدى تباعد الأهداف والمكاسب لإعادة الخلافات القديمة إلى الواجهة مضافا ً إليها ما استجد منها نتيجة الفشل الجديد , الأمر الذي انعكس جليا ً على الأرض السورية بالإقتتال بين المجموعات الإرهابية المدعومة من كلا الطرفين. 

أما في مصر .. فقد استمرت قطر بتقديم الدعم للجماعة وللرئيس المخلوع , عبر التحريض المستمر للقرضاوي وقناة الجزيرة , وبدعم الإرهاب في سيناء , وبتشكيل خطر ٍ حقيقي على الدولة المصرية والرئيس السيسي– المدعوم سعوديا ً-, وعلى سياسة المملكة تجاه مصر والمنطقة بالإضافة لمخاوفها من عبث الجماعات الإخوانية في الداخل السعودي وينحسب الأمر نفسه على الإمارات والبحرين المحتلة سعوديا ً.

فبدأت المعارك السياسية بينهما , ولم تستطع المملكة إجبار قطر على تغيير سلوكها ودفعها لإنتهاج نهجها , مع استمرار الأعمال الاستفزازية القطرية فضلا ً عن محاولاتها التقارب مع ايران والعراق.

فتحولت الخلافات إلى صراعات على الأرض السورية في اقتتال المجموعات الإرهابية التابعة لهما, ولم تعد تنفع معها كافة عمليات تجميل وتلميع ودمج وتغيير أسماء وولاءات المجموعات الإرهابية , لكن السعودية سارعت بدعم ٍ وتوجيه ٍ أمريكي لوضع المجموعات القطرية على لوائحها السوداء الإرهابية.

مؤخرا ًوبعد زيارة الهدايا والعقود ورشاوى المملكة للرئيس ترامب , سارعت كل من السعودية والإمارات والبحرين و مصر بفتح باب التصعيد السياسي والإقتصادي والعقوبات وما دعي حصارا ً, وشرعت بعض الدول بالإنضمام إلى هذا التكتل كالأردن وغيرها , وسط صمت الإدارة الأمريكية بداية ً , لكنها لم تلبث أن دخلت على خط إدارة "الأزمة", وأعلنت مواقف متناقضة تناوب على إطلاقها وزارة الخارجية والبنتاغون وتغريدات الرئيس ترامب, "قطر شريك أساسي في محاربة الإرهاب", "نحن ممتنون لوجودنا العسكري الطويل في قطر", "أخبرتني دول عديدة عن الإرهاب الذي تقوم به قطر"!, وما لبث ترامب أن أعلن وقوفه إلى جانب التحالف ضد قطر "الإرهابية", بالتزامن مع صفقة أمريكية – قطرية وبيع أسلحة ٍ و طائرات ال F16 إلى قطر , كرسالة مزدوجة و للجميع , فيما لا تزال عيون ترامب شاخصة ً على ال 330 مليار دولار في خزائن الأمن الوطني القطري ...هذه الخلافات والصراعات انعكست مباشرة ً على مجلس التعاون الخليجي, ولم تفلح الوساطة الكويتية في نزع فتيل الأزمة, واستفاق العالم على تحالف ٍ عربي ضد قطر, تتزعمه السعودية تكون فيه مصر رأس الحربة في التصعيد و بتدويل النزاع ونقله إلى مجلس الأمن.

- قطر تمتص الصدمة: بالتأكيد كان اسبوعا ً عصيبا ً على مشيخة قطر , لكنها سرعان ما استعادت توازنها , وحاولت امتصاص الإنفعالات والمواقف المتشنجة ضدها , وأكدت استعداها للحوار, وطالبت بتقديم الأدلة على الإدعاءات المنسوبة لها , وتأكيدها على تمسكها بقرارها السيادي , بعدما أكدت إيران دعهما السياسي لقطر, خاصة ً ما يتعلق بالحصار الإنساني , وبإستمرار خطها البحري الواصل إلى قطر, وسارعت لإرسال عدد من الشحنات الغذائية إلى قطر, فيما "تمنى" الرئيس أردوغان فضّ الخلاف قبيل إنتهاء شهر رمضان , في مسعى ً منه لكسب الوقت الذي احتاجه البرلمان التركي في المصادقة على إرسال 5000\اّلاف جندي تركي وفق الإتفاقيات الموقعة بين الدولتين, فيما تصاعدت بعض الأصوات الأوروبية ذات الإرتباط المالي والإقتصادي والسياسي الكبير مع قطر كفرنسا و إسبانيا , ودعت لإحتواء الخلاف , وسط محاولة يائسة للرئيس ماكرون لفعل الكثير دون التفويض الأمريكي , ورفض ٍ كبير للوساطة التركية.

- اتضاح الصورة أكثر فأكثر: وسط هذه الأجواء الضبابية استطاع وزير الخارجية القطرية الأسبق حمد بن جاسم أن يكشف بعضا ً من الأمور الهامة , عبر لقاء تلفزيوني مع قناة "PBS" الأمريكية , الذي أكد فيه - و وربما هدد- بقوله أن :"الأزمة صدّعت مجلس التعاون الخليجي", وربط فشل المشروع في سورية بأخطاء ٍ إرتكبها الجميع بمن فيهم الولايات المتحدة , وأكد بإعتراف ٍعلني العمل الجماعي وقيادة الحرب على سورية من خلال غرفتي العمليات في الأردن وتركيا بمشاركة قطر والسعودية والإمارات والولايات المتحدة وغيرها , في مسعى ً منه لنسف تهمة الإرهاب عن قطر وحدها , وأكد بدبلوماسية عالية فهم بلاده واستيعابها مضمون الرسائل الخفية لهذا التصعيد , الذي يهدف إلى تقليم نصف أظافر المشيخة وإجبارها التخلي عن دعمها لتنظيم الإخوان المسلمين , كي تنسجم مع أخواتها العربية والخليجية , وضمان نجاح "الناتو" العربي بزعامة واحدة ووحيدة لمملكة اّل سعود , وبما يتعلق بحجم و دور و"خطر" قطر بداخله , وعَرَض على طريقة ترامب تجارة ً تطرح تلميحا ً بقبول قطر نصف المقايضة حول التنظيم الذي يتألف من قسمين – وبحسب قوله – أن :"بعضهم سلميون وآخرون يستخدمون العنف" مقابل وقف التصعيد بكافة أشكاله وإحتفاظ المشيخة بسيادة قرارها السيادي الذي ستدافع عنه حتى" الدقيقة الأخيرة", وبالعلاقات مع إيران وتركيا وموسكو , وبذلك أبدى مرونة بلاده حيال المواقف الدولية السابقة لعديد الدول الأوروبية وعلى راسها بريطانيا في تأكيد إرهابية تنظيم الإخوان المسلمين ووضعه على لوائح الإرهاب , بالإضافة لتأكيد وزير الخارجية الأمريكية ريكس تيلرسون إرهابية التنظيم ومشكلة "تواجده في برلمانات بعض الدول"(مصر, الأردن , تونس , الكويت...إلخ),وبذلك أرسل رسالة ً واضحة لتركيا - أردوغان والفرنسيين , بإكتفاء واشنطن بالتمثيل السياسي – الشكلي– للتنظيم في سورية , وأنه كاف ٍ للمفاوضات , وأن إعتماد واشنطن الميداني يقتصر على قوات سورية الديمقراطية في تحرير الرقة , وبما تستعد له من مواجهة كبرى مع الدولة السورية وإيران و روسيا , إذ أوضحت أن وجودها العسكري وتدعيم قواعدها عموما ًوفي التنف خصوصا ً, واستقدامها أنواع متطورة من المدفعية الثقيلة , يؤكد نيتها الإنتقال إلى مرحلة جديدة من الحرب على سورية , تحتاج فيها ترويضا ً نهائيا ً لأردوغان - تركيا , وحصر دوره في خدمة مشروعها , بعيدا ً عن أحلامه بنصف الكعكة في سورية والعالم العربي, ونصفها الاّخر في أوروبا.

لا تبدو قطر مهتمة ً بالكثير من الحلول على الجانب المصري, ولم تبدي سلوكا ً مغايرا ً أو مطمئنا ً لدول الخليج أو مخالفا ً للمواقف السعودية في سورية , وهي مرغمة على ذلك نتيجة تداخل ملفات الصراع الروسي– الأمريكي في المنطقة , مما قد ينعكس على علاقتها بإيران و روسيا , وعلى سياسة الولايات المتحدة الأمريكية , ومصير ونتائج الحرب على سورية .

لذلك قد تسعى قطر إلى ممارسة النقائض و قد تلجأ الى المزيد من التقارب مع ايران والعراق!, بحثا ً عن حماية "قريبة" لنفسها ومصالحها كي لا تخرج من العباءة الأمريكية , ولا نستغرب أن تتابع أدوارها أو مواقفها الخطرة و المغامرة بالقفز الى المركب المنتصر "محور المقاومة", وطلب الحماية منه ومتابعة غزلها لسورية كثمن تبدي استعدادها لدفعه , لإجبار السعودية على التراجع والهزيمة – " قد يبدو هذا جنونا ً".

أخيرا ً... يدرك الجميع أن دول الخليج لن تتسامح مع قطر, و ليس بمقدور اسرائيل أن تحميها على حساب علاقتها بالولايات المتحدة الأمريكية , وعليه ينحصر خيارها بين دمشق المنتصرة ومحور المقاومة وموسكو , أو الرضوخ للرياض وأخواتها الخليجيات والعربيات , وتقزيم حجمها و دورها في "الناتو" العربي المشبوه.

يبدو أن السيف قد سبق العذل , ولم يعد لأي فعل ٍ أو قرار ٍ خليجي أوعربي أن يضبط إيقاع هزائمهما في سورية , مع التقدم الكبير للجيش العربي السوري في البادية السورية , وإلتقائه نظيره العراقي على الحدود المشتركة , على وقع تضعضع وهزائم الإرهاب في البلدين الشقيقين , وبما ينبئ بأنها ساعات الإرهاب الأخيرة فيهما , مع إحتمالية جنون واشنطن وجرّها العالم إلى "مكان" اّخر , ما استدعى تأكيدا ً جديدا ً للرئيس بوتين على ضرورة "التعاون الروسي– الأمريكي" لوقف النزاعات في الشرق الأوسط , دون اللجوء لحرب ٍ ومواجهة ٍ محدودة و مباشرة للدولة الأمريكية إما مع سورية , أو مع سورية و إيران و روسيا , الأمر الذي استعد له الرئيس بوتين و قرر استجلاب المزيد من قواته العسكرية المؤللة إلى سورية و تدعيم الجيش العربي السوري. 

قد يكون من المناسب للرئيس ترامب أن يوقف جنون إدارته و دولته العميقة , والإحتكام إلى العقل والسلام , في تجاوز الخلافات وترتيب إنهاء الحرب على سورية مع الكبير بوتين , أوتحضير نعوش جنوده سلفا ً في سورية.


أخبار ذات صلة


اقرأ المزيد...
أضف تعليق

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا