جهينة نيوز- خاص
لعل أهم ما لوحظ مع انطلاق السنة الدراسية لتلاميذنا هذا العام هو أن العودة المدرسية قد شملت الأهالي أيضاً، فبالدرجة الأولى يرافق هؤلاء –كالعادة- بناتهم وأبناءهم الصغار إلى المدارس ذهاباً وإياباً، وبالدرجة الثانية فإن العودة المدرسية للأهالي شملت أيضاً اطّلاعهم المكثّف على المناهج الجديدة –إضافةً إلى حملها بسبب أوزانها الثقيلة- في محاولة لفهمها واستيعاب أساليبها وأغراضها الجديدة للتمكُّن من مساعدة الأبناء على اجتياز الصعوبات في نيل علومهم منها ثم النجاح والانتقال إلى صفوف أخرى...
وكما لاحظنا فثمة مواد جديدة دخلت حيّز التدريس بموجب كتب مطبوعة، منها ما خُصِّصَ لتلاميذ الصف الأول من مرحلة التعليم الأساسي، والذين بلغ عدد كتبهم الدراسية للفصل الأول اثني عشر كتاباً، لم يكتمل بعد توزيعها في بعض المدارس، وبالتالي فأية مسؤولية سيتحملها كل من التلاميذ والأهالي للسيطرة على المناهج لا سيما وأن بعضها حمل عناوين "أكاديمية" مثل "دراسات اجتماعية" و"التربية الفنية البصرية والجمالية" للصف الأول الأساسي، وهنا يختلط ما هو مخصص من العناوين للمعلمين والتلاميذ والأهالي، ويبدأ كل منهم محاولته للسيطرة على المحتوى وتقريبه للتلاميذ.
ولعل فكرة إدراج "التربية الفنية البصرية والجمالية" لتلاميذ الصف الأول من مرحلة التعليم الأساسي فكرة صائبة عبّر عنها مؤلفو الكتاب في مقدمتهم، إلا أنهم أخطأوا خطأً جوهرياً في تلك المقدمة لدى حديثهم عن بعض "الموضوعات التي يمكن أن يُغني بها الزملاء المعلمون هذا الكتاب"، ومن تلك الموضوعات الموصى بها: "أنا والحيوان شركاء في هذا الكون"، "أحب مدينتي، أحب قريتي"...فبالنسبة إلى الموضوع الأول، لا شك في وجود علاقة بين الإنسان والحيوان في هذا الكون، ولكن لا يُعبَّر عنها بمصطلح "الشراكة"، ونحيل هذا الأمر إلى المتخصصين الاجتماعيين والذين لهم دلوٌ هام في هذه المسألة...أما بخصوص الموضوع الثاني أي "أحب مدينتي، أحب قريتي"، فقد تم فيه تجاوز عبارة "أحب وطني" أولاً لأن أهم انتماء للإنسان هو الوطن الذي يضم المدن والقرى وغيرها، ومن حب الوطن يتم الانطلاق إلى حب كل شيء فيه...وهذه ليست نظرية محلية عاطفية بالية، بل إننا نراها في كل ثقافات المعمورة، ولدى أكثر البلدان تطوراً، والتي تربط مفهوم الهوية بمفهوم الوطن لفظاً ومعنىً.
وبالتأكيد لا يجب أن ننسى أن جمهور المتلقين هم تلاميذ بعمر الست سنوات، وما يرسخ في ذهن هؤلاء رسمياً لا يمكن محوه بسهولة، ويجب ترسيخ لفظ الوطن ومفهومه معاً في أذهانهم، وذلك بتعريفهم بمعنى الوطن وما يضمه ويشمله، وليس الاقتصار على مفاهيم جهوية فحسب.
ومن ناحية أخرى أعطى مؤلفو كتاب التربية الفنية البصرية والجمالية الأسبقية والأولوية للفنانين الأجانب على حساب فناني الوطن في عملية تعريف التلاميذ بالفنانين المحليين والعالميين، فاحتل الرسّام الألماني "بول كليي" الدرجة الأولى وبعده الرسّام الفرنسي "هنري ماتيس"، وبعدهما ورد ذكر كل من الفنانين السوريين "نصير شورى" و"ممتاز البحرة" ثم الفنان الفلسطيني "محمد وهيبي"...!...وهذا التسلسل إنما يترك أثراً في نفوس التلاميذ الصغار وعقولهم، فلا شك في أن الطفل سيخصص مكانةً أكبر لمن يرد في رأس قائمة الأشياء وذلك استناداً إلى مبدأ نفسي بسيط يخص اختيار الطفل للأشياء الأولى والبارزة حسب توضُّعها في سلّة ما...وبالتالي فهل قصد المؤلفون وضع الفنانين الأجانب في رأس القائمة من أجل تدريب الأطفال على موضوع الانفتاح على الغرب؟!...وبكل الأحوال نجزم أن هذه الطريقة غير صالحة.
وختاماً فإننا لا نريد الطعن بالأفكار الجديدة للمؤلفين إلا في حين مخالفتها الواضحة وغير المبررة لمبادئ التربية الوطنية، وبنفس الوقت فإننا نستقبل التفاسير إذا كان فيها ما يُقنع، على ألا يتضمّن النقاش مبرراتٍ مثل "إن هذه المواضيع قُدِّمت باختصار حسب مستوى المتلقين"...وأنه "سيتم التوسع فيها في مراحل دراسية قادمة"...لأنه طالما أُدرج مثل هذه المواضيع، فليكن اختزالها على التلميذ شاملاً للأولويات وليس الجزئيات التي بدت وكأنها احتلّت مكان ومكانة الأولويات أحياناً.
08:18
08:20
08:25
08:27
08:29
08:31
08:34
08:36
04:17