مُقابلة الحريري زادت حالةَ اللّغط والغُموض بقلم : عبد الباري عطوان

الإثنين, 13 تشرين الثاني 2017 الساعة 05:32 | مواقف واراء, زوايا

مُقابلة الحريري زادت حالةَ اللّغط والغُموض      بقلم : عبد الباري عطوان

جهينة نيوز:

لا نَعتقد أن تزامن مُقابلة الرئيس سعد الحريري مع طَلِب المملكة العربيّة السعوديّة عَقد اجتماعٍ طارِىء لوزراء الخارجيّة العَرب لبَحث التدخّلات الإيرانيّة في العَديد من دُول المِنطقة كان صُدفةً، وإنّما خُطوة مَحسوبة بعِناية، في إطارِ خُطّة تحشيد وتَصعيد لزعزعة الاستقرار في لبنان، وإشعال فَتيل الحرب ضِد “حزب الله”.

السيد الحريري كان مُرتبكًا في هذهِ المُقابلة، وقال كلامًا غير مُقتنع بمَضامينه وتداعيّاته، ولهذا لم يَكُن مُقنعًا للجُمهور اللبناني، والكَثير من العَرب الذين تابعوا هذا اللّقاء الذي جَرى إعداده بعنايةٍ فائقة.

لا نتّفق مع السيد الحريري في قَوله أن استقالته أحدثت صدمةً إيجابيّةً في لبنان، بل العَكس تمامًا، هَزّت استقراره، وخَلقت أزمةً وزاريّةً، وأعادت إحياء الانقسامات الطائفيّة.

***

“حزب الله” كان مُتواجدًا في اليمن، بشكلٍ مُباشرٍ أو غير مُباشر، مِثلما كان يُقاتل في سورية عندما عَقد السيد الحريري صفقةً سياسيّةً مع زعيمه السيد حسن نصر الله، وحليفه، أي الحزب، العماد ميشال عون، عاد بمُقتضاها إلى رئاسة مجلس الوزراء، وشَك؟ل الحُكومة الحاليّة.

فإذا كان النأي بالنّفس، وهي العِبارة التي كرّرها أكثر من سبع مرّات في المُقابلة على الأقل، وتَعني وَقف تدخّلات “حزب الله” هي مَطلب أساسي لبَقائه في الحُكومة ولبنان أيضًا، فقد كان عليه أن يَنأى بنَفسه ولا يَدخل العمليّة السياسيّة اللبنانيّة عبر سُلّم “حزب الله” والتيّار الوطني الحر، الذي يَتزعّمه الرئيس عون.

الرئيس الحريري قال أنّه يَستطيع مُغادرة السعوديّة في أيِّ وقتٍ يَشاء، وهذا كلامٌ جميل، فلماذا لم يُغادرها قبل يوم أو يومين، ويُجري هذهِ المُقابلة من باريس مثلاً، ليُؤكّد فِعلاً أنّه يَملُك حُريّته، حتى تُعطي هذهِ المُقابلة مَفعولها.

المُقابلة مُنذ بدايتها حتى نهايتها كانت مُخصّصة للهُجوم على “حزب الله” واتّهامه بالتدخّل في شؤون المِنطقة، وبالتّحديد المملكة العربيّة السعوديّة، وعَبر البوّابة اليمنيّة.

المُفترض من هذهِ المُقابلة أن تُبدّد حالة اللّغط التي أثارتها استقالة السيد الحريري التي قرأها على شاشة قناة “العربيّة” من الرياض، ولكن ما حَدث هو العَكس تمامًا، أي أنّها وفّرت لها الذّخيرة لتَزداد اشتعالاً.

عَودة السيد الحريري إلى لبنان التي قال أنّها ستتم في غُضون يومين أو ثلاثة، هي التي ستَحسم الكَثير من الأُمور، وأهمها أنّه فِعلاً يَتمتّع بحُريّةِ الحَركة، أمّا حُريّة الكلام، فهذهِ مَسألةٌ ستَحتاج إلى الكَثير من التّمحيص لاحقًا.

عدم مُصاحبة فريق فَنّي من المُصوّرين والتّقنيين للسيدة بولا يعقوبيان التي أجرت هذهِ المُقابلة لصالح تلفزيون المستقبل الذي تَعمل فيه، أثار الكثير من الغُموض حول الظّروف التي أحاطت بها، وأكّدت للكَثيرين، ونَحن منهم، أن الرجل، أي السيد الحريري، يَتحدّث في سياقٍ قد يَكون أُملي عليه.

***

السيد الحريري سَيكون في مَوقفٍ صَعب في كُل الحالات، فإذا عادَ إلى لبنان وكَرّر ما قاله في المُقابلة، فإنّه سَيُوصف بأنّه يقود مشروع “فِتنة” في لبنان، وإذا قال عَكسه، ونَفّض يَديه من كُل كلمة، أو هُجوم على “حزب الله”، فإنّ هذا يَعني قَطع علاقته نهائيًّا مع الحَليف السّعودي والخَليجي، ودَفْعه إلى الانتقام بترحيلِ جميع اللبنانيين بطُرقٍ مُباشرةٍ أو غير مُباشرة، واستخدام هؤلاء كوَرقةِ ضَغطٍ، وحياتِه ربّما تكون مُهدّدة أكثر من أيِّ وقتٍ مَضى، لأن للسعوديّة “بُدلاء” و”ميليشيات” في لبنان، قد يَنقلبون عليه كردٍّ على انقلابه عليهم.

الخيار الأسلم بالنّسبة إلينا، وكُل من يَتعاطون مع هذهِ الَمسألة، هو الانتظار طالما أنّه أكّد، أي السيد الحريري، لن يَطول أكثر من ثلاثة أيّام.

احتمالات بقاء السيد الحريري في الرّياض، أو الانتقال إلى باريس كحلٍّ وَسط، وهو الأكثر تَرجيحًا في نَظرنا، هذا يَعني أن الرجل يعيش مِحنة حقيقيّة، لا نعرف كيف سيَتجاوزها بالحَد الأدنى من الخَسائر.


أخبار ذات صلة


اقرأ المزيد...
أضف تعليق



ولأخذ العلم هذه المشاركات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي إدارة الموقع
  1. 1 عدنان احسان- امريكا
    13/11/2017
    07:13
    بسبب غبائهم ، لبنان كسب ام المعارك ضد بهايم الخليج
    استقالته أحدثت صدمةً إيجابيّةً وليست سلبيه في لبنان لانها هَزّت معسكر المؤمراه وخَلقت أزمةً لهم وأعادت إحياء الانقسامات بين صفوفهم وكشفت عوراتهم وطبيعه علاقاتهم واخلاقهم / ولو حاولت القوى الوطنيه في لبنان تحجيم الدور السعودي والخليجي وممثلهم الجاهل الذي لايصلح الا للدور الذي وضع فيه كعميل ينفذ اوامر لقامت الدنيا ولم تقعد ولباع بن سلمان سرواله ليمول عدوان اسرائيلي جديد على لبنان / وفي المقابل هذه فرصه الحريري إذا عاد إلى لبنان ونَفّض يَديه من ال سعود وقدم مبرراته وتاريخ علاقاته مع الخلايجه ولنستمع اليه وربما لديه ما يقنع الاخرين بظروف تلك العلاقه ولو كلفه ذلك سبعه مليارات دولار/ بل سيعود الي منصبه قائدا وطنيا ويقلد اعلى الاوسمه ويدخل التاريخ من اوسع ابوابه فهل يفعلها الحريري؟
  2. 2 كردي فهمان
    13/11/2017
    17:05
    السخام على وجهه ظهر وبان
    الكف لمن سطره. الحريري لم يعد حريري مكوي ولماع بعد ان جعلكه ملك البدو سلمان . الحديث عن رئيس وزراء وهيبة الدولة التي يمثلها. الاشخاص تنتهي صلاحيتهم بعد ان يتلقى اول صفعة. ولا قيمة لفرك الوجهه باليد أو مسح القرعة .. الحريري بالمفهوم السياسي انتهى. الا اذا اراد ان يتمرغ بالوحل والبهدلة ليصفح عنه من بهدله. الاستقاله بالرضى أو الاكراه حالة حتمية على انتهاء الدور الذي اسند له الا اذا اراد من بهدله أن يوقعه ببهدله اكثر ويمسح بيديه ابواط العسكر للابقاء عليه فترة أطول. نعود لحزب الله .. هذا الحزب الشريف النقس النظيف لايدين لأحد الا لله ولا له عدو الا اسرائيل . من يريد أن يقاتل الى جانب اسرائيل فليتقدم باتجاه حزب الله .. لانه مهزوم وملعون الى يوم الدين سواء كان الحريري أو الملك سلمان أو الشيطان.
  3. 3 السّاموراي الأخير
    15/11/2017
    13:23
    إصلاح خطأ إملائي جاء بكبسة زر خاطئة.
    في تعليق الأخ كردي فهمان. حزب الله التقس ؛ و المقصود : حزب الله التقي النظيف. و شطراً لكم جميعاً.

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا