جهينة نيوز:
في سياق التطورات الشرق أوسطية ، برزت العديد من التحالفات الجديدة و التي جاءت نتيجة للتحولات الكبيرة السياسية و الميدانية ، فالأشهر الأخيرة أدخلت الشرق الأوسط في دائرة المحاور ، فما بين محور خسر رهاناته و محور إزداد تماسكا ، نجد أن في التحالفات الجديدة و توسيع النطاق الإستراتيجي لمحور المقاومة ، نتيجة منطقية للكثير من التساؤلات التي كانت بمجملها تتمحور حول مآلات الصراع في الشرق الأوسط ، و تحديدا الحرب المضنية مع داعش و تمكن سوريا و العراق من كسر التنظيم الإرهابي ، ليبقى مشهد الشرق الأوسط عنوانا بارزا في المسارات العالمية و المرتبطة مباشرة بالتطورات التي ينتجها .
لا شك بأن ما أفرزته التطورات في سوريا و المنطقة ككل ، جاءت متوافقة مع ظهور تحالفات جديدة بينما انهارت تحالفات أخرى ، فالتحالفات الجديدة و التي كان أبرزها التحالف الروسي و التركي و الايراني ، و القمة الثلاثية التي جمعت رؤساء هذه الدول خير دليل على تنامي قوة المحور الروسي و السوري و الايراني لجهة جذبه المزيد من الدول و الإنضمام للحلف المنتصر ، و بالتالي جاء سعي الرياض و واشنطن في البحث عن مخرج للتطورات الجديدة و المحاولة لإختراق التحالفات ، أو التشويش على منجزاتها ، في وقت تعاني السياسية الأمريكية و السعودية من تخبط واضح في القراءات السياسية و التي تبنى على مزاجية كُلا من بن سلمان و ترامب ، و هذا ما شاهدناه في سياسية الرياض تجاه لبنان ، و كذلك سياسة ترامب تجاه الملف السوري ، يضاف إليه طريقة تعاطي الرجلين في الكثير من القضايا الإقليمية التي ستؤدي نتائجها إلى المزيد من التشظي في مستوى العلاقات السياسية على إمتداد الشرق الأوسط .
و في سياق الحديث عن سياسة المحاور ، نلاحظ بأن محالاوت السعودية توسيع نطاق تحالفاتها لم يجلب لها سوى الخسائر ، نتيجة ضيق الأفق السياسي الذي يتبعه ابن سلمان ، فهذا العراق و رغم كل المحاولات السعودية لم تفلح جهودها في جذب بغداد إلى محور تحالفاتها ، يضاف أيضا أن البيت الخليجي يشهد الكثير من الإنقسامات نتيجة ممارسات السعودية و تدابيرها الاخيرة التي لم تعجب سوى الإمارات ، و هاهي قطر تقترب شيئا فشيئا من إيران و تبعد عن السعودية التي تريد من كل دول الخليج تقديم فروض الطاعة لصبي آل سعود ، و بالتالي نحن أمام إنهيار المحور الأمريكي السعودي و خاصة مع انتقال تركيا إلى التحالف الروسي الذي جمعها مع سوريا و ايران ، و في ذلك ضربة مؤلمة لواشنطن و اتساع الطوق الإستراتيجي لروسيا .
و لا بد في الحديث عن سياسة المحاور ، من التطرق إلى الدولة السورية التي كانت محور التحالف القوي ، و الذي استطاع بصمودة فرض الكثير من الوقائع و المعطيات التي أحبرت بعض الدول على تغيير سياساتها فيما يتعلق بالملف السوري ، و نتيجة لصمود الدولة السورية و منجزات الجيش السوري ، وجدت السعودية نفسها محاصرة و في مأزق كبير ، أما تركيا فقد وجدت أن الامور متناغمة و متطابقة مع الرؤية السياسية لسوريا و تحالفاتها خاصة في التعاطي مع السياسة الأمريكية ، بيد أن الحكومة السورية أثبتت قدرة هائلة على الصمود في وجه المخططات التي أحيكت ضدها و عرفت القيادة السورية كيف يتم التعاطي مع الملفات السياسية و الميدانية ، بل و عرفت كيف يتم نسج التحالفات التي تعتمد أصلا على الصدق في التعاطي و الوفاء مع الحلفاء ، و بالتالي تمكنت القيادة السورية من قلب موازين القوى و كسر الحلف الذي تقوده واشنطن ، فكانت سوريا قوية في الميدان كما السياسة .
في المحصلة ، لا يزال الحلف السوري الروسي الايراني ، و بالرغم من كل المحاولات الأمريكية و السعودية الرامية لخرق هذا التحالف ، لا يزال يحقق الإنتصارات السياسية و الميدانية على السواء ، و في تلك الإنتصارات المزيد من الحصار لواشنطن و أدواتها ، في وقت كانت السياسة الغربية في الشرق الأوسط تتخبط في البحث عن مصالحها ، و لم تأت بأي نتيجة بل على العكس كانت لسياسات الغرب نتائج عكسية بالمعنى السياسي ، و كذلك التحالف العربي لم يحقق أي نتائج ايجابية نتيجة تبعتيه و تماهيه مع حلف واشنطن الذي بدأت بوادر إنهياره من اليمن إلى سوريا و العراق وصولا إلى لبنان ، و يبقى الحلف الذي أنتجته الدولة السورية بصمودها هو الأقوى ، في إنتظار القادم من الأيام و ما سيتمخض عن قضايا الشرق الأوسط المستجدة .