جهينة نيوز:
ماهذا الحظ العاثر وماهذه البلوى أن غيري يصل ببندقيته الى أماكن تحررت وأنا لاأقدر الا ان أرسل اسراب الكلام والحمام؟؟ .. هذا شعور يهزمني ويعذبني ويجعلني أحس انني اجلس على كرسي متحرك وأنا من يمشي على ساقين ويركض في كل صباح .. وتهزمني صورة لجنود وصلوا قبلي الى بوابة مدينة محررة .. ويذلني "سيلفي" لشاب وصل قبلي الى مطار صار حرا .. شعور غامض بالغيرة والحسد والعجز واحتقار الذات يلفني كلما رأيت صور هؤلاء الشباب في المعارك .. وشعور بالحسرة انني أرمق تلك الوجوه الشابة وهي تحتفل بالنصر وأنا لست بينهم ولاألعب معهم لعبة الموت والحياة لأنني ألعب فقط لعبة سخيفة هي لعبة البقاء كما يلعب الأطفال لعبة الحرب فيموتون ثم ينهضون ضاحكين ليعودوا الى بيوتهم وحكايا جداتهم .. وكم أحس بالذل أنني أرفع اصابعي أمام العالم باشارة النصر وأنا جالس في بيتي الدافئ أسرق انتصار هؤلاء الشباب وأهبه لأصابعي التي لم تضغط على الزناد .. لأن لاأحد له الحق في أن يباهي بأصابعه المنتصرة الا من صنع النصر باصابعه التي ضغطت على الزناد وحملت الرصاص رصاصة رصاصة .. ولقمت به البنادق كما تزقّ العصافير الطعام لصغارها لقمة لقمة .. كم أحس بتفاهة الركوب في سيارة فارهة مطهمة تنساب بين أذرع الطرقات وتفرعاتها كما تنساب الغانية وتتمايل وتتنقل بين أذرع الرجال السكارى في الحانات .. وأتمنى لو انني في هذه اللحظة مع هؤلاء الشباب على ظهر دبابة تختال في الطرقات الوعرة بين الألغام كما تختال الفرس الاصيلة .. من قال ان ركوب رولز رويس يضاهي ركوب دبابة في ادلب الا أولئك الذين لم يتذوقوا في الحياة معنى ان تشق الوجود والتاريخ والجغرافيا بسلاسل دبابة كما يشق مقص جبار أوراق الزمن أو جبال الصخر .. هل يدرك أحدنا معنى أن التاريخ لايكتبه الساسة لأن من يمسك القلم والحبر هو من يمسك البندقية ؟فالبنادق أقلام الزمن والرصاص هو الحبر .. أحس أن لاشيء في هذه اللحظات يجعل يدي تمسك بالسعادة والمجد والانفعال الا أن تمسك بندقية كلاشينكوف زال عنها اللون وتقشر حتى بان لون المعدن الفولاذي من كثرة مااحتكت بثياب العسكر الخشنة وأياديهم .. ومن كثرة مانطقت بالرصاص حتى صارت رائحتها بارودا محترقا .. أجمل مافي الدنيا هذه الأيام بندقية كلاشينكوف .. وأجمل هواية هي أن تعد مابقي من رصاص في جعبتك بدل أن تعد مافي حسابك من مال .. وأجمل صورة في الدنيا هي صورة سيلفي في مطار كان كالطائر الجبيس في قفص وفتح له جندي الباب .. وحرره .. فاعذرني ايها المتنبي .. فليس: أعز مكان في الدنى سرج سابح .. وخير جليس في الأنام كتاب .. زمننا أدرك ماهو أعز مكان وخير جليس .. فأعز مكان في الدنى برج دبابة عليها علم سوري .. وخير جليس في الأنام جريح .. جريح يحدثك كيف بادل بعضا من جسده بمتر من الارض المحررة .. وأهداها لنا .. وجلس على كرسي متحرك .. وذهب لايلوي على شيء .. اعذرني أيها المتنبي .. واغفر لي .. ان شعرك لم يعد يضاهي ما فعله هؤلاء الشباب .. ولو عدت يامالئ الدنيا وشاغل الناس اليوم الى حلب وجوار حلب .. لتركت مجلس سيف الدولة .. وانضممت الى مجلس واستراحة للعسكر .. وربما لتأخذ صورة سيلفي مع بطل .. بدل سعيك الى وزارة لدى ملوك بني حمدان أو غيرهم .. من ملوك الأرض .. ان كل جندي منتصر هو ملك .. فلك ان تتخيل كم ملكا نملك الآن .. فهل هناك مكان في العالم فيه يجتمع ألف ألف ملك .. الا هناك في الشمال ..
20:52
04:11
20:16
02:20