التوقيت المفخخ !!

الثلاثاء, 8 كانون الثاني 2019 الساعة 00:02 | مواقف واراء, زوايا

 التوقيت المفخخ !!

حهينة نيوز - علي قاسم

يجرّب الأميركي أن يخرج من سوء الطالع فيقع في سوء الوكيل، ويختار الخطوة الصحيحة في التوصيف الروسي فيتوه في المخرج، وأحياناً في المسار الذي يوصله إلى الأسوأ، فيستفيض في التجريب العبثي في منطقة لم تعد تحتمل التجريب، ولا تقوى على تبعات التأخير واللعب في الوقت التائه، حيث ينتقل من مأزق الأدوات التي خذلته غير مرة.. إلى أن يصل به المطاف إلى التوقيت المفخخ إقليمياً ودولياً وحتى داخلياً، الذي تتنازعه صراعات القوى والنفوذ وإرث الدولة العميقة التي كادت تكفر بوجود ترامب وقراراته!!

فجبهات العمل التي توازعها في مهمات عاجلة كل من بومبيدو المتعثر وبولتون العسير، وتتنازعها الميول الشخصية، تشي بأن الانقلاب هنا ليس على التفاهمات التي تحاول واشنطن أن تنجزها مسبقاً كما روج بولتون، وإنما على ما تبقى من خيارات قابلة للنقاش في هذا الجو العاصف من التكهنات التي تضع محدداتها المسبقة على هذا الحراك، وترسم ضوابط وسقوفاً يبدو أن الأميركي يبحث في جدولتها لتكون قابلة للصرف في المرحلة المقبلة دفعة واحدة، تعيد له ما دفعه مع ما تقتضيه من إضافات ناتجة عن مدة الاستخدام، من دون أن ينسى ما يتصل بتعويضات عن كل الأكاذيب التي ساقتها إسرائيل منذ اغتصابها فلسطين وربما إلى ما قبلها.

على أن الحراك الأخير يكشف عن تكثيف أميركي في خط الرسائل المتناقضة، ويضاعف من حجم الألغاز والأحجيات في سياق الترويج للانسحاب من سورية، بحيث إن الإضافات أو الملحقات التي تراكمت في هذا الملف تجعل من الصعب البناء على ما يصدر عن الإدارة الأميركية بخصوص المقاربات التي تعتمدها في سياستها القادمة، وتوحي في الحد الأدنى بتشوش الصورة في سياسة تتعمد خلط المعطيات والاحتمالات، وربما السيناريوهات القادمة لذلك الانسحاب، الذي بات في علم السياسة مبازرة رخيصة لبضاعة كاسدة، وفي أفضل الأحوال تسويقاً لهزائم مسبقة يتقاسم فيها الأميركي مع أدواته وحلفائه أسبابها.. فيما يرفض أن يتشارك معهم في نتائجها.

وبغض النظر عن الطريقة التي يعتمدها في نهاية المطاف لشكل الانسحاب المزمع، يبدو الحراك السياسي الموازي معها والنشاط المحموم الذي يقوده وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي حمال أوجه، ويرسم تقاطعات على المدى البعيد تأخذ شكل العبث بالوقت، والعبث بالاصطفافات السياسية الناشئة، والأخطر العبث بمكونات وركائز اعتادت عليها المنطقة لعقود طويلة، حيث التحالفات التي تبدو سائدة وقائمة تتعرض لهتك متبادل من أطراف اللعبة السياسية والقوى التي تديرها، بحيث إن الناتج يقود إلى خلاصات صعبة الهضم وعسيرة على التفكيك والتحليل، وبالضرورة ستكون الأصعب في التركيب.

فالأميركي اليوم.. يريد -ويعلن ذلك- أن تبقى قواعد الاشتباك التي كانت قائمة على النسق ذاته، وتحديداً ما كان سائداً بوجوده، وأن يضمن تفاهمات مستحيلة بين أطراف تتناقض في المبدأ، وتقوم على أساس العداء المستحكم في معادلة الوجود ذاته، وكانت ترتضي بالأمر الواقع إرضاء للأميركي ذاته، لكنها اليوم في مكان آخر، حيث تتوازعها دوافع شتى، أقلها الهواجس من فراغ الدعم الأميركي المباشر، وأخطرها تلك المخاطر التي تتهدد وجودها وثابتها الأساسي الهزيمة المنتظرة، التي رسمتها صورة افتراضية تشتد فيها عوامل التنافر، وتتكثف شروط الصراع الذي غذّته وتغذيه مظلة أميركية تعود إلى عقود طويلة، هتكت سرها الأخطاء، وراكمت من اهترائها لغة الهزائم الحاضرة، وأتعبها التوقيت الضاغط، وأرهقتها سنوات التيه خلف فتات معلب من تجارة الوهم.

الثورة


اقرأ المزيد...
أضف تعليق



ولأخذ العلم هذه المشاركات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي إدارة الموقع
  1. 1 عدنان احسان- امريكا
    8/1/2019
    08:06
    الصراع الحقيقي في الشرق الاوسط هو بين البريطانيين والامريكان
    دخلت امريكا للعبه السياسيه في الشرق الاوسط لاول مره في عام ١٩٥٦ وفرضوا علي العدوان الثلاثي الانسحاب وفي ١٩٦٧ تدخلت بطلب من اسرائيل وفي ١٩٧٣ تدخلت لانقاذ اسرائيل بمشاريع السلام ثم كرت السبحه وتدخلوا في افغانستان / وحرب الخليج الاولي والثانيه والربيع العربي الذي خطط له الاوربيين خلط الامريكان الاوراق وافشلوها وادخلو سلاح المنظمات الارهابيه / وهناك من يعتقد ان الاشتباك في الشرق الاوسط بين الروس والامريكان - وفي الحقيقه ان الصراع الحقيقي هو بين البريطانيين والامريكان اما الروس هم وكلاء عند الامريكان / وملف تركيا / والسعوديه / واليمن / والباكستان / والهند / وماليزيه / وفشل اليسار في امريكا اللاتينيه / ومشاكل الفلسطينين والاسرائيليين كلها عراقيل امريكيه ضد النفوذ الاوربي بالمنطقه ؟!
  2. 2 محمود
    8/1/2019
    19:52
    مكونات الدولة العميقة !
    1-منذ قيام الدولة الأشورية, الإمبراطورية الأولى في التاريخ, وُجدت قاعدة ثابتة تتعلق بديمومة هذه الإمبراطوريات تقول بأنّها محكومة بالتوسع وعند توقف هذا التوسع تنكمش وتنهار أعمدتها على بعضها البعض وأغلب الأحيان صراع وجودي بين هذه الأعمدة , الولايات المتحدة لا تشذ عن هذه القاعدة وهي تعرف ذلك فتراها حريصة على ايجاد الأعداء والتوسع في القواعد العسكرية والاقتصادية و إنشاء الأحلاف , في أي لحظة يتوقف توسعها ستبدأ فيها شتى انواع الصراعات واهمها العرقية والدينية... الرابط الحقيقي بين مكونات الولايات هو النظام المالي وهو الذي يؤمن النفوذ العالمي الفعلي, ومعضلة الامبراطورية اليوم هي أن هذا النظام بيد غير اميركية...هذه هي مكونات الدولة العميقة !
  3. 3 محمود
    8/1/2019
    19:55
    النظام المالي - الدولة العميقة
    2- النظام المالي - الدولة العميقة اليوم في مرحلة رحيل الى خارج اميركا والخيارات أولاً أوربا العجوز خيار ممتاز ولكنه يفتقر الى القوة العسكرية المفقودة والموارد الطبيعية القليلة وعدم الاتحاد الحقيقي .ثانيا أميركا اللاتينية وبمواردها الهائلة غير أنها تفتقر للقاعدة العلمية و النضوج السياسي ثالثا الصين وهذا مستحيل للعنصرية من الطرفين و أعني الشعب الصيني( فهو لن يسمح بما يسمى اللوبيات) و اصحاب النظام المالي رابعاً الهند وهي كالصين ..خامساً المنطقة العربية مرشح قوي إذا حدث سلام حقيقي قائم على العدل الشامل وسادساً وأخيراً روسيا بمواردها الهائلة جغرافياً و ا واقتصاديا وعسكريا وعلميا ولوجود نفوذ صهيوني قوي مرتبط بالنظام المالي أو يعتبر جزء منه...
  4. 4 محمود
    8/1/2019
    20:11
    أصحاب القرار الحقيقيين
    3- ما نراه اليوم و بالرجوع للمقال وما يعرضه من حقائق عن اميركا لا يتعدى أن يكون إدارة مشوقة ليلهو بها الشعب عن أصحاب القرار الحقيقيين الذين يديرون نظاما خفياً حقيقياً. وهو بدوره يدير الامبراطورية ضمن خطوط عريضة... ليس بمقدور ترامب او اي رئيس مهما علا شأنه الخروج على الخطوط المرسومة فمصيره القتل او العزل او الشرشحة ... بإنتظار استقرار النظام المالي ...سنرى الكثير من الدماء تسيل... خلاصة ماسبق من قراآتي للتاريخ القديم والحديث ومن متابعة مقررات الجامعات العالمية وخصوصا الأميركية في المحاسبة والاجتماع والاقتصاد والسياسة وهي متوفرة مجانا على الشبكة, معرفة جيدة بالانكليزية تكفي فأغلبها فيديو وهناك اختبارات..

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا