السباحة الشتوية في جبلة متنفس للهروب من ضغوط الحياة .. طقس رياضي وحالة للتواصل

الأربعاء, 20 شباط 2019 الساعة 02:27 | مجتمع, أخبار المجتمع

 السباحة الشتوية في جبلة متنفس للهروب من ضغوط الحياة .. طقس رياضي وحالة للتواصل

جهينة نيوز – عاطف عفيف

لم تعد السباحة تحمل فائدة رياضية وجسدية فقط بل أصبحت دافعاً للقاء بين مجموعة من أهالي جبلة من مختلف أطياف وألوان هذه المدينة الجميلة والرائعة والساكنة بجوار البحر، تتراوح أعمارهم بين الثلاثينات والثمانينات، يكرسون من خلالها طقساً اجتماعيا جميلاً وفرصة للتواصل ومتنفساً بعيداً عن الهموم وضغوطات الحياة اليومية.

"مينة العزي"

يلتقون يومياً في الصباح الباكر في "مينة العزي " كما يطلقون عليها بالعامية في الجنوب الغربي من كورنيش مدينة جبلة ،مع إرسال الخيوط الأولى لبزوغ الضوء حتى في أحلك أيام الشتاء الباردة، يقفزون بأنقسهم بأحضان البحر ويتلذذون بمياهه الباردة المنعشة تداعبهم أمواجه وتستقبلهم بالـتأهيل والترحاب تمدهم بالطاقة والحيوية والنشاط، ويرمون همومهم ومعاناتهم وأحزانهم في أعماق النسيان وكأنهم يولدون كل يوم من جديد، يخرجون من المياه وتنتفض في عروقهم روح الشباب و ويرفع جريان الدماء الحارة في الشرايين مناعة أجسادهم وتحارب الأمراض وتجبرها للهرب بعيداً.

ألفة ومحبة

فؤاد طالب " تاجر" قال : نجتمع يومياً ما بين 15- 20 شخصاً، صيفاً شتاءً نأتي باكراً في السادسة صباحاً، وبعد الاستمتاع بالسباحة في مياه البحر الباردة والمنعشة لأكثر من ساعة نجلس سوية على الصخور في فسحة تم تهيئتها لتكون مكاناً لاجتماع المجموعة نتبادل أطراف الحديث والروايات المضحكة والهزلية من حياتنا اليومية بعيداً عن المشاكل والهموم ونحن نحتسي الشاي الساخن ،الذي يتم تحضيره على موقد من الحطب، وخلال الجلسة يمتع أعضاء الفريق أنظارهم برؤية الأفق الجميل لهذا البحر الأزرق الواسع، العلاقة التي تربطنا ببعض فريدة من النادر أن تراها في أي مكان فرغم الاختلاف بيننا بكل شيء تجمعنا الألفة والمحبة والمودة الصادقة بعيداً عن أي مصلحة، فما يغيب أحد منا حتى يسأل عنه كل أعضاء الفريق، كما ونقوم بالواجب بشكل جماعي في حال المرض أو العزاء.

كما يشير محرم بدوي " صاحب مغسلة للسيارات" أنه بالإضافة للشاي تتضمن الجلسات بعد السباحة أيضاً في معظم الأيام تناول بعض الأطعمة، ففي كل يوم يحضر أحد أعضاء الفريق من تلقاء نفسه شيئاً معه إما فلافل أو حلويات أو كعك وأحياناً نقوم بتحضير المناقيش المختلفة على موقد الحطب وكذلك الحلاوة بالجبن وغيرها من الأطعمة اللذيذة التي نقوم بتحضيرها بأنفسنا بشكل جماعي.

ويضيف أسبح منذ أكثر من عشر سنوات حتى في فترة الأحداث لم ننقطع عن هذا النشاط الذي حقق ليس فقط حالة رياضية بل واجتماعية للجميع.

تنوع

ويقول الدكتور وليد سلوم :إن تنوع أعضاء الفريق من مهندسين وأطباء ومدرسين وضباط سابقين ومتقاعدين ووزير سابق وصحفيين ومحامين وتجار وأصحاب مهن مختلفة وغيرهم تضفي على الجلسات مزيداً من الجمال والتنوع في الأحاديث والروايات وتشكل مجتمعاً صغيراً يعكس حالة المجتمع الأكبر في مدينة جبلة .

ويتابع : إن العلاقة القوية التي تربطنا ببعضنا تشدنا للقاء يومياً مهما كان وضع الطقس وممارسة هذه الرياضة التي تبقينا طوال اليوم بنشاط ومزاج عال جداً، وترفع مناعة أجسادنا مما يساعد ذلك في محاربة ومقاومة الأمراض وكذلك في مواجهة الصعوبات ونسيان الضغوطات والمشاكل التي تواجهنا يومياً ، كما نرى في بعض البلدان الأوربية وبشكل خاص في روسيا الأهالي يضعون أولادهم في المياه الباردة وفي الأجواء المثلجة لرفع مناعتهم وهذا يؤكد أن المياه الباردة مفيدة صحياً.

الجنون الممتع

عبد الناصر داؤود وزير سابق أمارس هذا النشاط منذ حوالي سبع سنوات يومياً ، ومن مزايا هذه الظاهرة أنها تكرس لعلاقات الحب والود التي كانت موجودة سابقاً بين أهالينا والتي كانت تقوم على البساطة والحب، قد يصف البعض السباحة في الشتاء ضرب من الجنون، إن الجهل بالشيء يؤدي لعدم المعرفة ولو جربوا هذه المتعة لما استطاعوا ترك هذه "الجنون" الممتع والمفيد.

نبيل ليلي " مهندس" تجاوز عمره الـ 65 سنة و مازال يمارس السباحة الشتوية منذ أكثر من 15عاماً، ونعلم جميعاً أن السباحة من أهم الرياضات حتى الرسول "ص" تحدث عن أهميتها عندما قال " علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل" رغم أنه عاش في الصحراء ولم يكن هناك بحر، إني أرى في السباحة حياة صحية في كل عدة أشهر أجري تحاليل والنتائج لا شحوم ولا سكر ولا أمراض وأنا متأكد أن سببه ممارسة رياضة السباحة اليومية صيفاً شتاءً.

طاقة إيجابية

محمد مؤذن " ضابط متقاعد" تجاوز الـ 76 عاماً يمارس الصيد والسباحة والمشي منذ عام 1993، وضعه الصحي جيد جداً ولا يشكو من أي مرض بل على العكس يحس بنشاط فائق بعد كل سباحة يومياً، هذه الجلسات مع الأصدقاء تمده بالطاقة الإيجابية وجعلته يبدع شعراً في وصف الجمعة قائلاً:

حب السباحة عندكم فخراً فيها نشاط ما به ضــرر

صيفاً شتاءً ما بكم خوفــاً لا يثنيكم موج ولا مطـر

يا مرفأ العـــز وســلوتنا شاي وأكل طيب حضروا

والفجر موعدنا لنغتسـل من كل ما يخفى ويستتر

صلاح إسماعيل "مدرس " :تضم مجموعتنا مختلف الشرائح المجتمعية والعمرية البعض منهم قارب الثمانينات ، ورغم الأمطار والبرد والظروف الجوية القاسية نأتي لنرتشف قسطاً من المتعة الصباحية في السباحة ورؤية الأصدقاء والأحبة .

عشق للسباحة

مديح حيدر مدرس تربية رياضية : السباحة بالمياه الباردة رياضية جسدية وذهنية وتفيد في اكتساب طاقة إيجابية ونشاط ومزاج عال طوال اليوم ينعكس بشكل إيجابي على جو العمل والحياة الأسرية.

نافذ خضور " مدرس": عائلتي لمست الفوائد النفسية والحالة الصحية التي أتمتع بها بعد ممارستي لهذه الرياضة الصباحية لذلك هم يشجعونني على المتابعة والاستمرار، واليوم الذي أتقاعس به عن القدوم إلى هذا المكان أشعر بشيء غريب ،اعتدنا على ممارسة هذه الرياضة " السباحة الشتوية" التي قد يعتبرها البعض غريبة لكنها أصبحت بدمنا ولا نستطيع مفارقتها واعتدنا هذا المكان " مينا العزي" ولا نستطيع أن ننام من دون رؤيته ورؤية هؤلاء الشباب الذين أراهم حقاً شباب رغم أن بعضهم قارب الثمانينات .

ناصر جمعة قال : ليس غريباً على أهالي جبلة عشقهم للسباحة والبحر فهم أبناء شيوخ وأبطال السباحة مثل محمد زيتون ،مروان صالح ، ماهر صالح، أحمد الحسين وغيرهم ، أسبح منذ أكثر من 30 سنة صيفاً شتاءً وأسبح كل يوم أكثر من ساعة وبفضل ذلك لا أشكو من أي مرض .


أضف تعليق

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا