الرئيس الصيني يتجاهل بادين .. هل بدأت الحرب الباردة بصيغتها الجديدة؟ ..بقلم عبد الباري عطوان

الثلاثاء, 26 كانون الثاني 2021 الساعة 20:38 | مواقف واراء, زوايا

الرئيس الصيني يتجاهل بادين .. هل بدأت الحرب الباردة بصيغتها الجديدة؟ ..بقلم عبد الباري عطوان

جهينة نيوز:

بعد انتهاء مهرجانات التنصيب في البيت الابيض ونجاح 25 الف جندي مدججين بالسلاح في حمايتها، بعد تحويل واشنطن الى ثكنة عسكرية، وانكماش التهديد الإرهابي العنصري “مؤقتا”، يمكن القول ان الرئيس الأمريكي جو بايدن يواجه حاليا ثلاث مهمات رئيسية:

الأولى: “ترميم” الوضع الداخلي الأمريكي وإعادة الثقة الى النظام الديمقراطي، وتجسير هوة الانقسام في المجتمع الأمريكي، وإيجاد حلول جذرية فاعلة لازمة وباء الكورونا الذي أدى حاليا الى وفاة 400 الف امريكي، وقد يرتفع الى 500 الف مع احتفال الرئيس الجديد بالمئة يوم الأولى لتوليه السلطة، وإنقاذ الاقتصاد الأمريكي ووقف تدهوره، وإيجاد وظائف لأكثر من 60 مليون عاطل جديد عن العمل على الأقل.

الثانية: استعادة أمريكا لهيبتها عالميا، وتحالفاتها الدولية، وابطال مفعول الألغام شديدة الانفجار التي زرعتها إدارة الرئيس ترامب في منطقة الشرق الاسط خصوصا، ولغم البرنامج النووي الإيراني، والفجور الإسرائيلي في الاستيطان والضم، والنزعة العنصرية الفاشية الإسرائيلية المتفاقمة، وتأمين الحلفاء المرعوبين.

الثالثة: كيفية التعاطي مع التفوق التكنولوجي والاقتصادي المتسارع للصين، واحتمال نشوء تحالف روسي صيني جديد يتوسع عالميا، ويضم قوى إقليمية في الشرق الاوسط، وشرق آسيا ووسطها، ودول مركزية في أمريكا الجنوبية والقارة الافريقية يشكل تهديدا مباشرا للهيمنة الامريكية الغربية.

***

لندع النقطتين الاولين جانبا، ولو بشكل مؤقت، ونركز على النقطة الثالثة الأهم في وجهة نظرنا وهي التي تتعلق بالمواجهة الاقتصادية والسياسية وربما العسكرية مع الصين، فقد كان لافتا في الخطاب الذي القاه الرئيس الصيني تشي جين بينغ في افتتاح مؤتمر دافوس الاقتصادي العالمي (غاب عنه ترامب وبايدن) لهجة التحدي للرئيس الصيني الذي تحدث (افتراضيا) كزعيم جديد للعالم، حيث لم يذكر الرئيس بايدن بالاسم، وحذر من حرب باردة أمريكية صينية قال انها ستحلق ضررا بجميع الأطراف.

الزعيم الصيني كان يتحدث من موقع قوة، ففي الوقت الذي يتراجع فيه نمو الاقتصاد الأمريكي الى نسب متدنية تقترب من الصفر بسبب ازمة الكورونا، تسجل الصين نموا بمعدل يصل الى 2.3 بالمئة عام 2020 المنصرم، ومرشحة للارتفاع هذا العام، وأصبحت الصين الوجهة العالمية الأكثر جذبا للاستثمار الأجنبي في العالم، متفوقة على الولايات المتحدة، والأخطر من ذلك ان هذا التفوق يمتد حاليا الى براءات الاختراع، والمجالات العسكرية التي بدأت القيادة الصينية تعطيها الأولوية في الوقت الراهن، بعد تكريس الأرضية الاقتصادية القوية.

الرئيس ترامب اختار المواجهة المفتوحة، والهجمات اللفظية ضد الصين في سنوات ولايته الأربع (على طريقة حلفائه العرب: اشبعناهم شتما وفازوا بالابل)، وبالغ كثيرا في فرض العقوبات، ولكن هذه السياسة أعطت نتائج عكسية تماما، وردت عليها القيادة الصينية بالعمل والإنتاج، وتحقيق النموذج المتفوق في القضاء على فيروس كورونا، وتعزيز النمو الاقتصادي، وطريق الحرير، وتعزيز النفوذ وزيادة الحلفاء في العالم.

الأدوات الامريكية في مواجهة هذا العملاق الصيني تبدو قديمة صدئه، وامريكا تخوض الحرب الباردة الجديدة بالطريقة نفسها التي خاضت بها الحرب ضد الاتحاد السوفيتي قبل 50 عاما وبالنهج القديم نفسه، وضد دولة الصين التي تملك اقتصادا قويا واسلحة “سيبرانية” متطورة جدا، ولم يكذب ترامب كعادته عندما خالف خصمه بايدن، واكد ان الصين تقف خلف الهجوم السيبراني الضخم الذي استهدف اكثر من 30 منشأة أمريكية حساسة، من بينها مؤسسات امنية واقتصادية حساسة جدا قبل اقل من شهر الى جانب 10 مؤسسات غربية في كندا وأوروبا، وتتوقع الدولة الامريكية العميقة هجمات اكبر مماثلة في المستقبل، ولا تخفي خشيتها منها.

فيروس الكورونا أدى الى فقدان 255 مليون وظيفة في العالم، حسب تقرير لمنظمة العمل الدولية، النصيب الأكبر منها للولايات المتحدة والعالم الغربي، بينما كانت الخسائر الصينية في هذا الميدان محدودة جدا، وهذه احد ابرز سمات العظمة والنفوذ في العالم.

الصين، اتفقنا معها او اختلفنا، بدأت تؤسس لزعامتها العالمية بإتخاذ خطوتين رئيسيتين، الأولى وضع عملة جديدة تكون بديلا للدولار هي اليوان الذهبي، والثانية، تأسيس نظام مالي جديد بالتعاون مع روسيا يكون بديلا او موازيا للنظام الأمريكي الأوروبي الذي تبلور بعد الحرب العالمية الثانية، وانهاء هيمنته على مقدرات العالم الاقتصادية.

***

لا نعرف كيف سيواجه الرئيس بايدن هذه التحديات الثلاثة التي بدأنا بذكرها في مقدمة هذ المقال، وهو الرئيس الفاقد للكاريزما، ويقترب من الثمانين من عمره، فهو مثل الرجل الذي يحمل ثلاث بطيخات (رقي او دلاع) كبيرة جدا ويحاول جاهدا ان يحفظ توازنه، وان لا تقع أي منها بالتالي.

المتحدثة باسم البيت الأبيض قالت ان “معلمها” بايدن سيعتمد “خيار الصبر” خاصة في تعاطيه مع التفوق الصيني المتسارع، ولن يلجأ الى لغة التهديدات التي اتبعها سلفه ترامب، وهذا خيار يعكس عدم وجود استراتيجية مدروسة لدى طاقمه، فالتعاطي مع هذه الملفات الخطيرة لا يحتمل التأجيل، فبادين ليس “ايوبا” والزمن ليس زمن أيوب أيضا، وانما زمن تشي جين بينغ الزعيم الصيني.. والله اعلم.

المصدر رأي اليوم


أخبار ذات صلة


اقرأ المزيد...
أضف تعليق



ولأخذ العلم هذه المشاركات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي إدارة الموقع
  1. 1 متابع
    28/1/2021
    01:04
    حقائق مخفية عن الصين
    يعني ياسيد عبد الباري .. أظن أنه عليك عدم التعويل على الصين من أجل فلسطين : ١- طرحت حكومة نتنياهو على الصين اقتراحا لتوسيع وتطوير ميناء حيفا ٢- اقترحت الصين على اسرائيل شق قناة بحرية من خليج العقبة وحتى البحر الابيض المتوسط تنافس قناة السويس. الصين دولة ذات مصالح تريد اطعام ملايين الصينيين.

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا