الحرب دون صواريخ!.... بقلم: د. ناديا خوست

الثلاثاء, 23 شباط 2010 الساعة 04:48 | مواقف واراء, زوايا

الحرب دون صواريخ!....  بقلم: د. ناديا خوست
بوحي أو باتفاق مع وزارة خارجية دولة اوروبية وجهت اليونيسكو إلى مشروع تثقيف الدول العربية والإسلامية بالهولوكوست. كَمَن المشروع زمنا ثم صحا، مع أنه يجرح سمعة منظمة ترعى الثقافة والعلوم. كيف تهمل اليونيسكو قتل تلاميذ الأرض المحتلة على مقاعد الصف وفي الطريق إلى المدرسة، ومعاناة تلاميذ غزة الذين يعيشون تحت الأنقاض؟ كيف تتجاهل أن المشروع الضروري هو "تثقيف" المستوطنين العنصريين بحق العرب في وطنهم؟ زرت في اوروبا معسكرات الاعتقال النازية. وقرأت أسماء كبار المقاومين الاوربيين الذين سجنوا وعذبوا وقتلوا فيها. رأيت الغرفة التي أعدم فيها في معتقل بوخنفالد آلاف الضباط السوفييت. ورأيت في معتقل رافنبروك المكان الذي أوقفت فيه أسيرة سوفيتية عارية تحت الثلج طوال الليل وفي الصباح أعدمت. فهل تعولم العنصرية فتمنع الاعتراف بأن اولئك من ضحايا النازية؟! وفي فرنسا، هل كانت المقاومة دينية وقد ترأسها ديغول؟ هل كان ضحايا الفاشية من دين معين أم كانوا فرنسيين قتلوا في قرى ومدن فرنسية؟ قصة "صمت البحر" والشعر الفرنسي الوطني في أيام المقاومة، تعبر عن ذلك. وفي الشرق، قدم الاتحاد السوفييتي عشرين مليون شهيد في مقاومة النازية، ولاتعد ملايين المدنيين الذين قتلوا في القرى والمدن التي أحرقها النازيون. وماأكثر أضرحة الشهداء ومزاراتهم التي تسجل أسماء الضحايا والشهداء هناك! فكيف تطمس هذه الحقيقة؟ تمارس العنصرية حتى في النظر إلى التاريخ!    بحث الهولوكوست "المؤرخون الجدد" وكثير منهم فرنسيون، فعوقبوا وأحرقت مطابعهم. كان من حظي أن أقابل بعضهم وأن أقرأ كتبهم المتزنة. وكان يفترض أن يفيد العرب منهم وأن يحموهم. ومهما كان مصيرهم حزينا فقد ثبّتوا الحقائق بعقل الباحث النزيه، فنبهوا إلى مايلعب به الإعلام الصهيوني. يروي فنكلشتاين قصة صناعة الهولوكوست التي ابتكرتها النخبة اليهودية الأمريكية. فيتساءل لماذا لم يقدم الهولوكوست إلى الصدارة الإعلامية أيام لم يكن الكيان الإسرائيلي قد كسب القوة العسكرية، والنازية طرية في الذاكرة؟ أيام قال ايغال يادين رئيس عمليات الهاغاناه في سنة 1948 إن فرص الانتصار كانت 50%. ومع ذلك لم تظهر وقتذاك الدعاية للهولوكوست! يربط فنكلشتاين "تجاهل الهولوكوست" يومذاك بالاندماج الذي حرص عليه يهود أمريكا، وبالمزاج الأمريكي بعد الحرب العالمية الثانية. ويسجل أن المنظمات اليهودية الأمريكية نسيت الهولوكوست يوم كانت ألمانيا الغربية الحليف الأساسي للولايات المتحدة في سنة 1949 وكان فيها كثير من النازيين. فكانت تلك المنظمات مع تسليح ألمانيا الغربية، وأخمدت "الموجة المعادية لألمانيا" بين اليهود، وعارضت التعاون مع الاشتراكين الديمقراطيين الألمان المعادين للنازية، وعارضت المظاهرات ضد زيارة النازيين الألمان للولايات المتحدة. ورأت أن ماسمي "معاداة السامية" في الاتحاد السوفييتي، سيقدم لليهود مالم ينجزه هتلر! لكن كل ذلك تغير بعد حرب حزيران 1967 فأصبح الهولوكوست مركزيا لليهود الأمريكيين. بدت لهم حرب حزيران تعويضا عن الهولوكوست! أصبح اليهودي الذي كان ضحية عاجزة في الهولوكوست، بطلا في حرب حزيران! ولنتذكر أن اثنين فقط من المشهورين اليهود زاروا إسرائيل قبل سنة 1967. منذ تلك الحرب أصبحت إسرائيل رأس الجسر الأمريكي إلى الشرق الأوسط وتدفقت عليها المساعدات العسكرية والاقتصادية الأمريكية. فأصبح اليهود بدفاعهم عن إسرائيل ضد العرب "المتخلفين"، كمدافعين عن الولايات المتحدة. بل بدا أن الإسرائيليين، وليس الأمريكيون، هم من يموت في الدفاع عن مصالح الولايات المتحدة! ولم يكن الأمر كما في فيتنام حيث ينهار الجنود الأمريكيون! وكرست المنظمات اليهودية الأمريكية جهدها لترسيخ التحالف مع إسرائيل، وسهلت عمليات التجسس الداخلي بمساعدة المخابرات الإسرائيلية والجنوب إفريقية. بعد حرب تشرين بلغت المساعدة الأمريكية لإسرائيل ذروتها. لكن عزلة إسرائيل العالمية زادت، فتذكر اليهود الأمريكيون الهولوكوست لينتشلوا إسرائيل من عزلتها. نستنتج من هذا العرض أن الهولوكوست يوظف لفك الحصار عن إسرائيل أو للدفاع عنها، وليس أبدا ليذكّر بضحايا النازية، أو للدفاع عن حق الشعوب في الحياة، أو لحشد الوعي ضد العنصرية. وأن العرب وحقوق العرب في الحياة لاتعبر الخاطر ولو عبورا سريعا في تصور من يدعي أن "ثقافة الهولوكوست" عمل ضد العنصرية. فالحقيقة أن "الهولوكوست" أنعش ليسعف إسرائيل التي تعاني من العزلة وليبعد عن النظر تقرير غولدستون. لكن مشروع اليونيسكو لتثقيف العرب والمسلمين بالهولوكست يلامس جزءا فقط من المساحة الواسعة التي تجري فيها الآن حرب غير عسكرية على الوجدان العربي. ومن تتوفر له رؤية ستراتيجية وهو يتناول أحداث الحياة، يتبين أن الجوائز الأدبية التي تديرها مؤسسات صهيونية، جزء من مشروع مؤسسات اوروبية ثقافية وسياسية تحاول توطين إسرائيل في المنطقة بفرض التطبيع على العرب. مرة بجمع مدن المتوسط، ومرة بجمع جامعات شرقأوسطية، ومرات بموضوعات السلام وهموم البيئة أو مشاكل المرأة والجنس. ليغيب المركزي: السيادة الوطنية، والمسائل الكبرى، أي مسائل الحياة الاجتماعية والإنسانية والوطنية. في هذا السياق يستخدم الهامشيون المحليون كالبراغي الصغيرة في ذلك المشروع الذي يسعى إلى نقل الأمة العربية من جسم حي ذي تاريخ وحقوق إلى أفراد تائهين بين الجنس والمخدرات والخدمات في سوق استهلاكية "شرقأوسطية" تسودها إسرائيل.   

أخبار ذات صلة


اقرأ المزيد...
أضف تعليق



ولأخذ العلم هذه المشاركات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي إدارة الموقع
  1. 1 محبه للوطن
    4/3/2010
    07:13
    الله معكم
    احموا ابنائنا من الخطر القادم احموا ثقافتنا فليس لنا غيركم ليكشف النقاب عن الافكار المدمره لجيل باكمله لان ابنائنا امانه في اعناقكم قفوا امام العاصفه المدمره لعقول ابناء الوطن ولااملك لكم الا الدعاء
  2. 2 مهند
    9/3/2010
    18:15
    لا لا لا
    لااتصور اي مواطن سوري شريف يقبل بفكرة وجود اسرائيل .. هي موجودة الان وستزول وتربيتنا القومية التي تعلمنها من ابائنا ومعلمينا في المدرسة والتي غدت جزء من ثقافتنا هي اننالن نقبل بالتطبيع ولن نتنازل عن اي شبر من ارضنا المحتلة ولا نقبل استعمارا ثقافيا يطرق ابوابا او حتى يدخل دون استاذان ...نحن نريد السلام ؟ نعم ولكن نريد سلام الشجعان كما قال سيادة الرئيس
  3. 3 الى د ناديا خوست
    12/3/2010
    20:11
    قدركم
    قرأت مقالتك فى الموقف الادبى فى تحليل رواية خليل صويلح -وراق الحب -والتى نالت الجائزه الصهيوأمريكيه جائزة نجيب محفوظ فىالجامعه الامريكيه بمصر انه الاختراق الثقافى يا سيدتى المخرب للجيل وقدركم أن تقفوا بوجهه فاستمروا وقلوبنا معكم والله يحميكم0

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا