أجراس العودة فلتقرع ... بقلم: د . رغداء مارد يني

الخميس, 19 أيار 2011 الساعة 22:40 | مواقف واراء, زوايا

أجراس العودة  فلتقرع ... بقلم: د . رغداء مارد يني
جهينة نيوز: أعدتني إلى العشرين من عمري يابني , أعدت إلي الحلم الذي صار حقيقة , وأنا أراك ترفع مفتاح بيت جدك وحجته , صارخاً بقوة التحدي والكبرياء , أمام عدسات التصوير في ساحة مجدل شمس : هذا مفتاح بيت جدي, في يافا , الجليل , حيفا , طولكرم , القدس , غزة , أنا عائد إليك ياديار أجدادي . من بوابة الجولان المحتل , انفتحت عين أمل أم سعيد على فلسطين , على يافا , بعد أن أفقدتها النكبة توازن وجودها , مثلما أفقدت الكثير من اللاجئين دفء الأوطان , فصارت قضيتهم غريبة على قوارع وعتبات العالم . الجدة أم سعيد ,نموذج لآلاف الجدات والأجداد , ممن لاتراهم إلا والدموع الساخنة تغسل وجنات ذكرياتهم, فيختلط سواد الكحل- بمجرد التفكير- مع سواد العيش تحت ظل الاحتلال الذي جثم على الصدور منذ ثلاثة وستين عاما. كانت –بالكاد- تقف أمام والدتي بثوبها الواسع المزنر على الخصر,وتقول لها انظري ,ثوبي هذا كالخيام التي يتفيأ بظلها عشرات الآلاف من اللاجئين,ياحسرتي على بيتنا في يافا,ياحسرتي على بيارات الليمون والبرتقال.. كانت تمضي وقتها, وهي تغتنم أية فرصة للحديث عن بيتها المحتل,وجذوة الأمل بالعودة لاتفارق تقاطيع صوتها المتهدج,وهي تروي حكايات البطولة وكرامات الشهادة لشبان ورجال ونساء وأطفال قارعوا ظلم الاحتلال طويلا.. أم سعيد-جدتي- التي شارفت على الثمانين من عمرها,لم تكن الآهة تفارق ثغرها المسن الذي فقد بريقه على مرارة السنين التي احتضنتها لاجئة فلسطينية في ديار الله الواسعة. حياتها كانت كلمة ترددها مع عمر النكبة:لم نعرف من طعم الحياة,سوى أمرين اثنين,ذكرى أرض الوطن,وصفيح نقطنه الآن بانتظار عودة امتلكنا إرادة الحياة لأجل تحقيقها ... النكبة اليوم, شباب عربي تخطى الأسلاك الشائكة بصدور عارية , ذكرى تفخر فيها جدتي وهي تقول : الكبار ورثوا الأطفال مفتاح البيت وكوشان الدار , والأحفاد يحملون رسالة الأجداد والآباء , وليس كما يقول الإسرائيليون : إن الكبار يموتون والصغار ينسون . أمسيتها اليوم لم تعد كباقي الأمسيات , ولا سهرتها كباقي السهرات , وهي تحدثني عن كرامة واحد من عشرات الشهداء , الذي كان يتلو القرآن ويرتله وهو غائب عن الوعي في اللحظات التي تلت عملية سقوطه شهيداً برصاص الاحتلال , وشهد على ذلك الأطباء الذين حاولوا تقديم العون له دون جدوى , وبعد دفنه مباشرة نزل المطر بشكل غزير جداً وغريب لمدة نصف ساعة تقريباً , ويومها لاحظ جيرانه أن مصباح الشارع الواقع فوق دكانه كان خافت الضوء خلافاً لبقية المصابيح . ولأول مرة , رأيت جدتي , تدندن بدموع امتزجت بفرح مع ذات الصوت المخملي فيروز,وعلى هتاف الشهيد حبيب الله : أنا لاأنساك فلسطين , أجراس العودة فلتقرع ,فيا قارئ القرآن صلي لهم..   raghdamardinie@yahoo.com


اقرأ المزيد...
أضف تعليق

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا