تصادم الأساطيل.. نهاية الحرب الباردة أم بداية الحرب الساخنة..؟

شارك |

جهينة نيوز- كفاح نصر: مازال يصرّ الروس والأمريكيون كل قطب بما يمثل، بأن سباق التسلح لم يبدأ بعد، وبأن العالم لا يعيش حرباً باردة، رغم أن الحرب الباردة قائمة منذ ما يزيد عن عشر سنوات، ورغم وجود سباق تسلح حقيقي، بل وحرب نجوم قائمة، وقد وصل إلى مستوى تصادم الأساطيل المباشر، فهل العالم على أعتاب تسوية تاريخية أم على أعتاب حروب جديدة؟ وهل الأسابيع الثلاثة الماضية كانت فعلاً مثل الوقوف على حافة الهاوية وكادت تشتعل حرب عالمية ثالثة، وهل زال الخطر من حرب كونيّة؟. التصادم قائم..! إن الشكل الإجمالي للوضع الراهن ليس مجرد خوف من سباق تسلح قائم أصلاً، بل خوف من تطور الاشتباك القائم إلى نزاعات مسلحة، ولكن بنفس الوقت وبين سطور الأخبار تتسرّب معلومات تفيد بأنه على مسار متوازٍ مع التصعيد العسكري هناك مفاوضات حامية وساخنة ومحاولات تسوية قائمة. موسكو– واشنطن وطبعاً الخلافات الجوهرية بين موسكو وواشنطن هي توريدات الغاز إلى أوروبا، وملف الدرع الصاروخي، ولا ثالث لهذه الملفات، فلا يمكن لموسكو فهم منظومة الدرع الصاروخي ببولندا إلا عملاً عدائياً ضدها، ولا يمكن فهم الحرب على الغاز الروسي (بحجة مكافحة الاحتكار) دون النفط الروسي الذي وارداته إلى أوروبا أكبر من واردات الغاز، إلا عملاً عدائياً يستهدف روسيا، وتخلق هذه الملفات ساحات صراع واسعة بين موسكو وواشنطن من شرق أوروبا حتى وسط آسيا وشمال إفريقيا، فضلاً عن الشرق الأوسط. بكين – واشنطن أما الملفات الساخنة بين الصين وواشنطن وخصوصاً في إيران وإفريقيا فهي ملفات مفتوحة، وإن هدأت قليلاً، ومنذ مطلع شهر كانون الأول من هذا العام، والأمريكيون يوحون بحرب شاملة في المنطقة، ربما كسياسة ترهيب، وربما لجسّ النبض الصيني والروسي، ولكن الرد الصيني الروسي كان حاسماً إلى درجة يعيد للذاكرة أزمة الصواريخ الكوبية، فما إن أوحت واشنطن أنها بصدد شن عدوان على إيران وسورية سراً حتى أطلق الرئيس الصيني تحذيره علناً، حين طلب من القوات البحرية الاستعداد للدفاع عن الأمن القومي الصيني، وأما الروسي فسارع إلى نشر وتعزيز قواته وبحال استنفار بدأ من جنوب القوقاز وبحر قزوين والبحر الأسود وصولاً إلى إرسال الأساطيل إلى المتوسط، وبدأت روسيا وسورية وإيران والصين يستعرضون عضلاتهم، فالصين قرّرت أن تحارب مع إيران وروسيا قرّرت أن تحارب مع سورية، وكما قال أحد الخبراء علينا شكر واشنطن التي وحدت خصومها. شبح الحرب..؟ ربما عاش العالم قلق أسابيع رعب، والقريبون من دوائر القرار كانوا يدركون أن خطأ بسيطاً من الممكن أن يشعل العالم، ولكن فجأة هدأ التوتر وإن قال البعض إن شبح الحرب لازال قائماً، ولكن بشكل شخصي لم أشعر بخطر شبح الحرب رغم أن ما حدث كان أخطر من أزمة الصواريخ الكوبية، فواشنطن لا تتجرأ على شن حرب ضد إيران وسورية قبل استنزافهما كما فعلت مع العراق، ولهذا يمكن قراءة أن الهدف الأمريكي القادم ليس سورية وإيران بل أرمينيا، ومحاصرة سورية وإيران اقتصادياً. فقد سلم الأمريكي بفشل إسقاط سورية منذ زمن، ويدرك تماماً أن خياره الوحيد لكل مشاريعه هو الاقتراب من بحر قزوين ونقل الصراع إلى وسط آسيا بشكل مباشر، حيث ساحة قتاله في أفغانستان مشتعلة، فهل يمكن أن تنجح المشاريع الأمريكية والعالم مقبل على أزمة اقتصادية جديدة في العام القادم. الملف السوري ضمن الصراع ربما رفع مستوى التوتر العسكري والإيحاء بحرب عالمية ترافق مع محاولة خلق منطقة عازلة شمال سورية كإقليم دارفور وهو ما كتبت عنه سابقاً، وبالتالي واشنطن لم تكن جدية البتة بالتهديد بالحرب الشاملة بل كانت للتغطية على محاولة استنزاف سورية، ولكن فشل الأمر تماماً، بل وأربك واشنطن مع حلفائها، فحين كان العالم يعتقد أن واشنطن وحلفاءها الأعراب والأتراك والإسرائيليين، بصدد حرب على إيران وسورية، كانت تتوقع أن هذه التهويل سيسهل عليها خلق دارفور سوري، ولكن الرد الروسي الصيني القاسي أربك الأمريكي تماماً. ساحات الصراع..؟ من المؤكد أن العام 2012 سيشهد صراعاً على الكثير من الساحات وخصوصاً شمال إفريقيا، حيث المعركة قائمة، في نيجيريا وأوغندا، فضلاً عن ساحات الشرق الأوسط وصولاً لوسط آسيا، ولكن التطورات الأخيرة بدأت بفرض طبيعة جديدة للصراع، فما حدث في سورية وحّد روسيا والصين وإيران وسورية والهند والكثير من الدول المطالبة بعالم متعدد الأقطاب في خندق واحد، ولنقول إن وجود نواة آوراسيا التي بدأت من بيلاروسيا وروسيا وكازاخستان كاتحاد جمركي، يضاف إليهم طاجيكستان وأرمينيا وقرغيزستان، حيث أصبح هناك نواه لاتحاد آوراسي، مع الحديث عن إنشاء صندوق إنقاذ، وبالتوازي مع خروج الأمريكي من العراق ستصبح تركيا نقطة ضعف للأمريكيين، ولهذا أهم ساحات صراع في العام القادم وربما ما بعده هي محاولة روسيا وحلفائها احتواء تركيا، وستقاتل واشنطن وحلفاؤها لاحتواء أرمينيا، وما الغزل الفرنسي الإسرائيلي الغربي بالأرمن من باب المذابح الأرمنية إلا محاولة للانقضاض على أرمينيا، ولكن من المؤكد أن روسيا أنجزت خطوات هامة جداً في تنويع اقتصادها، بينما واشنطن وحلفاؤها يعيشون أسوأ الأزمات المالية على أعتاب كساد عالمي. أخيراً.. ربما لا يحل أزمات الغرب إلا حرب كبيرة، ولكن فاتورة الحرب الكبيرة لا يمكن دفعها، ولهذا غالباً سيكون هناك تمديد للحرب الباردة، وبالتوازي مع الكثير من المؤشرات التي تشير إلى وجود مباحثات مكثفة للتسوية وإن كانت التسوية شبه مستحيلة قبل خمس سنوات، حيث ترتسم خلالها الخرائط الجيوسياسية الجديدة، إلا إذا قرّر طرف ما ملء الفراغ الذي تركه الأمريكي في المنطقة، ولكن كل المؤشرات حسب رأي شخصي تشير إلى تمديد للحرب الباردة، وكل المؤشرات تشير إلى أن إسرائيل أصبح وجودها يتضارب مع المصالح الغربية بشكل أو بآخر، فهذه الدولة النووية الكبرى أصبحت نقطة ضعف أمريكية، ومن المؤكد أن موسكو وبكين لن يشاهدا النمر الأمريكي الجريح يأخذ وقته لمداواة جروحه وشن هجمات جديدة تهدّد مصالحهم!!.