طالبان في الدوحة.. هل ستصمت موسكو.. وما هي التداعيات على دمشق..؟

شارك |

جهينة نيوز- كفاح نصر: ربما التاريخ لا يكرّر نفسه، ولكن يتكرّر الذين لا يتعلّمون من التاريخ، وافتتاح مكتب طالبان في العاصمة القطرية، ربما مؤشّر تصعيد أمريكي بوجه روسيا والصين وباكستان وحتى إيران، ولكن إلى أين هذا التصعيد..؟ وهل الدوحة بعيدة عن تداعيات هذا التصعيد، حتى اليوم لم يخرج إلا تصريح روسي واحد يستنكر هذه الخطوة أحادية الجانب، ولكن على الأرض ملامح ردود مشتركة، قد تؤدي لاحقاً إلى أن يصبح التصعيد الأمريكي، غرقاً أمريكياً بامتياز. طالبان وواشنطن..؟ بيل كلينتون قاطع طالبان ورفض الاعتراف بها، وبوش الأب استقبلهم، وبوش الابن شنّ حربه على طالبان وأفغانستان معاً، ولا يمكن وصف طالبان إلا بزوجة يغتصبها زوجها على طريقة القرضاوي ساعة يشاء، ويصالحها ساعة يشاء، وبعد حوالى عشر سنوات من الحرب في أفغانستان عادت واشنطن للبداية، ومع هزيمتها في العراق وإدراكها بأن الهزيمة القادمة في أفغانستان قريبة، ذهبت بعيداً في التفاوض مع طالبان بشكل إنفرادي، متناسية أن هناك دولاً تتأثر وتأثرت سابقاً بكل ما حدث في أفغانستان ولن تقف مكتوفة الأيدي بانتظار أن تحصد نتائج أي اتفاق أمريكي مع طالبان. مكتب طالبان في الدوحة ربما أسرع تداعيات لفتح مكتب طالبان في قطر، كانت على باكستان المعنية بما يحدث في أفغانستان بشكل رئيسي مباشر، وتوتر علاقاتها مع واشنطن لدرجة إخلاء بعض القواعد الأمريكية، وحتى التصعيد الإيراني بجزء منه هو نتيجة لهذه الخطوة أحادية الجانب من الأمريكيين. وفي قرغيزيا حيث سقطت ثورة السوسن، وأصبح إيجار القاعدة الأمريكية يكلّف واشنطن ملياري دولار سنوياً، قال الرئيس القرغيزي إن القاعدة الأمريكية تشكل خطراً على قرغيزيا. أما الحكومة الأفغانية التي رحّبت بالخطوة فقد كان ترحيبها حذراً، وأكدت أن المحادثات يجب أن يقودها الأفغان، وهذا يعكس قلق الحكومة الأفغانية من الذي حدث، وأما شبكة حقاني فلم تعلّق حتى اليوم على ما حدث، وفي المقابل الصين في بيانها الذي صدر في الخامس من الشهر الحالي كانت أقرب إلى موقف الحكومة الأفغانية، فهي تريد التوصل إلى سلام شامل، ودعا هونغ لي المتحدث باسم الخارجية الصينية إلى "احترام اختيار الحكومة والشعب الأفغاني بالكامل"، وأما روسيا التي حذّرت سابقاً من أي محادثات منفردة منذ شهرين فقد أكد مندوبها في مجلس الأمن على ضرورة خروج كافة القوات الأجنبية من أفغانستان، وكذلك روغوزين كرّر نهاية العام الفائت قوله: "عندما يناقشون وراء الأبواب المغلقة مستقبل أفغانستان ثم يقولون لنا إنهم سينسحبون من هناك بعد عام 2014 نهائياً، نود أن نقول لهم "لا نصدّق". وبحسب قوله فإن روسيا تود أن تشارك في النقاشات حول أفغانستان بشكل طبيعي، وكذلك قال المبعوث الروسي إلى أفغانستان زامير كابولوف إن نية الولايات المتحدة إنشاء قواعد عسكرية في أفغانستان، بعد انسحاب القوات الدولية، تثير شكوكاً كبيرة لدى روسيا. تداعيات أي خطوة أمريكية منفردة ربما توتر العلاقات الأمريكية الباكستانية ليس مؤشراً جدياً، ولكن الأهم هو تعاظم قوة الهند العسكرية، على حساب قيام واشنطن بإضعاف باكستان بشكل جديّ، فالهند حليف روسيا المدلل، كما باكستان صديق للصين، وإذا كان المشروع الأمريكي ذلّل الكثير من الخلافات الصينية الهندية، فإن أي خطوة أمريكية من طرف واحد سيكون لها ارتدادات واسعة، وربما توحّد آسيا ضد المشروع الأمريكي، ومن المتوقع في حال قيام واشنطن بعزل جوار أفغانستان عن أي محادثات مع طالبان ستسعى موسكو إلى تذليل معظم الخلافات بين دول المنطقة، وكما حلّت مشكلات روسيا والصين سابقاً وتمّ توقيع حسن جوار، وكذلك تذليل الخلافات الصينية الهندية في مجموعة "بريك"، ربما يتوسّع الأمر ويضع جدولاً للتفاهم وتذليل الخلافات الموجودة في آسيا، وإذا كانت الهجمة الأمريكية على سورية قد خلقت محوراً مقاوماً لسياسة واشنطن وعزّزت العلاقات بين بعض الدول، فإن أي خطوة أمريكية غير محسوبة في أفغانستان، لم تكن ورقة ضغط ولن تكون ورقة مساومة، بل ستمتّن وتقوي وتوسع الحلف المناوئ لسياسة واشنطن، وستعزز التقارب الروسي الإيراني، والصيني الإيراني، والباكستاني الإيراني، والهندي الإيراني، فضلاً عن التعاون الآسيوي بشكل عام، وسيصبح الهدف حرق واشنطن في أفغانستان، وربما يساهم بتذليل الخلافات بين الهند وباكستان، نعم يمكن لواشنطن التفاوض مع طالبان على إنفراد، ولكن لا يمكنها ترتيب خروجها وضمان مستقبل أفغانستان دون جيران أفغانستان، خصوصاً وأن إيران سترفض الدخول في أي مفاوضات ثنائية منفردة مع واشنطن، وبالتالي لا يشكل مكتب طالبان في الدوحة أي قلق، بل سيجعلنا نقول لواشنطن مرة ثانية شكراً لكِ فقد خلقت محوراً يضع حداً للسياسات الأمريكية الرعناء، فكما قال المحلل الكازاخستاني عادل موكاشيف إن واشنطن دون أن تدري دفعت إلى إقامة حلف صيني روسي إيراني، وهي الآن بصدد ربما خلق حلف آسيوي من حيث لا تدري. تداعيات المكتب على الملف السوري..؟ طبعاً لم تتوانَ واشنطن عن استعمال مرتزقة أفغان في العمليات الإرهابية في سورية، وجزء من العصابات المسلحة كانوا من الأفغان ومكتب الدوحة لن يغّير شيئاً في الأمر ولن يكون له أي تداعيات ولا أي جديد في الملف السوري، ولكن هل تعتقد واشنطن أن الساحة السورية ستكون مقابل الساحة الأفغانية، فواشنطن تدرك جيداً أن الخطوات التي قامت بها لم ترضِ حتى الحكومة الأفغانية وإن دعمتها، وسيصار إلى حرق واشنطن في أفغانستان كما حدث في العراق سابقاً، ولن يسمح بمعادلة الساحة السورية بالساحة الأفغانية، بل ستتوسّع ساحات الصراع وقد تطال القوات الأمريكية في دول الخليج، خصوصاً وأن قسماً كبيراً من حركة طالبان يرفض تماماً الحوار مع الأمريكيين، وأن المقاومة الأفغانية لا تقتصر على طالبان، وأن إيران لن تدخل بمفاوضات منفردة مع الأمريكيين، إنما هي تنعم الآن باتفاقيات إستراتيجية مع موسكو جراء الهجمة على سورية وتطورات المنطقة، ولاسيما أنها لاعب قويّ على الساحة الأفغانية، ولذلك يمكن القول إن القوات الأمريكية لن تحلم بإبقاء أي قواعد بعد العام 2014 بل سيكون هناك رد فعل قد يعجل من خروجها قبل العام 2014، وتداعيات المحادثات الأمريكية المنفردة ستنعكس على حلفاء واشنطن وليس على الملف السوري، وفي حال استمرار العمليات الإرهابية في العاصمة السورية فلن يكون هناك أي ساحة بعيدة عمّا قد يحدث في دمشق ويستحيل أن تقابل الساحة السورية بالساحة الأفغانية، بل سيتوسع الصراع وستجد دمشق نفسها ضمن حلف واسع تترابط مصالحه مع مصالحها.