روسيا والأزمة السورية.. مسألة حياة أو موت..؟

الثلاثاء, 19 حزيران 2012 الساعة 18:48 | سياسة, محلي

روسيا والأزمة السورية.. مسألة حياة أو موت..؟
جهينة نيوز: تحت هذا العنوان قال الكاتب والإعلامي الجزائري نايت الصغير عبد الرزاق في مقال له: مازالت في مخيلتي إلى يومنا هذا تلك الصورة الشهيرة التي حقّقت أعلى نسب المشاهدة على كل القنوات والصحف العالمية في تسعينات القرن الماضي، كيف لي أن أنسى تلك اللقطة للرئيس الأمريكي كلينتون وهو يتلوى من الضحك حتى الدموع، ويتهكم من تعليقات وكلام الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسن وهو يهذي ويترنح ثملاً أمام كل عدسات العالم وفي حالة ميئوس منها لرجل مدمن يقود إمبراطورية!. ورأى عبد الرزاق أن هذا المشهد اختصر وفي لحظات قصيرة حالة الانحطاط والذل الذي بلغته إمبراطورية كانت تحكم نصف العالم، دولة كبرى أصبحت في الحضيض فقدت هيبتها وأصبحت تقدم التنازلات تلو الأخرى وصلت حدّ خيانة الوطن، ضربات داخلية وخارجية فجرت وجزأت ما تبقى من الاتحاد السوفياتي السابق، جمهوريات عديدة أعلنت استقلالها ومعسكر شرقي اشتراكي ارتمى في أحضان الغرب وأعلن عداءه لموسكو وفتح أراضيه قواعد عسكرية أطلسية.. استعداداً لتوجيه الضربة القاضية لبلاد القياصرة. وأضاف: هكذا كانت روسيا بوريس يلتسن، رئيس كان همّه الوحيد زجاجة الفودكا وثروة عائلته وابنته التي أصبحت الآمر الناهي في روسيا، يلتسن كان النقطة الأكثر سواداً في تاريخ روسيا، ولكن ما سيشفع له وسيحسبه له التاريخ والأجيال القادمة في بلاده، اكتشافه لكفاءة وعبقرية روسية فريدة وحمايته له، الداهية فلاديمير بوتين!. وقال عبد الرزاق: في31 ديسمبر 1999، في الوقت الذي كان فيه العالم كله يحتفل ويستقبل الألفية الجديدة، فاجأ الرئيس يلتسن الروس والعالم بأسره بظهوره على التلفزة ليعلن عن تنازله عن السلطة للرجل الذي يراه أهلاً لقيادة روسيا الجديدة، فلاديمير بوتين.. وحسناً فعل. بوتين الضابط السابق في الكاجي بي، الطيار وبطل الجودو والفنون القتالية والشطرنج، كان بمثابة هدية من السماء، استطاع تغيير روسيا وتمكن من إيقاظ ذلك العملاق.. الثمل!. وأضاف: لن نطيل الحديث كثيراً عن إنجازات هذا الرجل الداهية والحازم الذي لا يختلف كثيراً عن قياصرة روسيا في تسييره ووطنيته المتطرفة وقبضته الحديدية وتحوله إلى مارد خطير إذا تعلق الأمر بأمن ومصالح ووحدة بلده. والمتابع لنفسية وسياسة بوتين سيتأكد من أن روسيا لن تتراجع عن موقفها من الأزمة السورية قيد أنملة، ولن تتنازل عن دعمها لسورية حتى وإن كلفها ذلك حرباً عالمية ثالثة، فليست تلك التصريحات وبالونات الاختبار التي تطلقها قنوات الدعاية الإعلامية الخليجية عن تغيير مرتقب لموقف روسيا وليست "تهديدات" مشيخة حمد هي التي ستؤثر على قرارات قيصر روسيا الجديد، بوتين يعرف جيداً من أين تؤكل الكتف، وهو الضابط السابق في الاستخبارات الروسية الذي يفهم جيداً حجم المؤامرة التي يديرها الغرب وأمريكا العدو التاريخي لروسيا وبتمويل ودعاية من زبانيتها التاريخيين أعراب الخليج وشيوخهم الوهابيين. وقال نايت عبد الرزاق: بالنسبة لروسيا، موقفها من الأزمة السورية ودعمها للجمهورية العربية السورية ليس فقط مبنياً على حسابات نفوذ ومصالح اقتصادية وسياسية وعسكرية عادية مع حليف تاريخي.. هي مسألة حياة أو موت!، سقوط سورية في يد أعراب الخليج والامبريالية العالمية، سيكون بمثابة آخر مسمار سيدق في نعش الإمبراطورية الروسية الناهضة، ولكن لماذا؟!!. لنعد قليلاً إلى الوراء.. ونتذكر سنوات كذبة "الجهاد المقدس" التي تمّ التلاعب بها على عقول الملايين من المسلمين، وتصوير أن ما يحدث في أفغانستان هو جهاد في سبيل الله!!.. تمّ تجنيد الآلاف من شباب المسلمين وبدعم مالي وإعلامي خرافي من إمارات الخليج كالعادة وبفتاوى شيوخ الفكر الوهابي وبرعاية "شيوخ" المخابرات الأمريكية والهدف الحقيقي كان كالعادة.. ضرب روسيا وإضعافها فقط!!... لا جهاد ولا هم يحزنون!!. وأضاف عبد الرزاق: نجحوا في مبتغاهم وصدّقتهم الشعوب كما صدّقت قصص "الكرامات" عن دبابات روسية تم تفجيرها بحفنة من تراب، وعن ملائكة تنزل لتحارب إلى جانب المجاهدين و"المخابرات الأمريكية طبعاً".. استطاعوا إعطاء ضربة موجعة للجيش السوفياتي ببركة "ملائكة" المخابرات الأمريكية وكانت هزيمة أفغانستان بداية النهاية للاتحاد السوفياتي، لم يكن في الحقيقة جهاداً ولكن آخر فصل من فصول الحرب الباردة. وتابع قائلاً: وتتوالى بعدها الضربات على روسيا وبؤر "الجهاد الوهابي" التي لا تظهر إلا في مناطق لها علاقة بروسيا، في الشيشان وداغستان وأنغوشيا، في البوسنة وكوسوفو وغيرها... إن حصار النفوذ الروسي تواصل طوال فترة التسعينات وحتى بداية الألفية الجديدة، فبعد أفغانستان، فقد الروس مجموعة كبيرة من جمهورياتهم السوفيتية، ثم وبنفس الطريقة "الجهادية" الوهابية الامبريالية المتصهينة، تمّ تفجير يوغسلافيا الاتحادية الحليف الإستراتيجي لروسيا التي كانت مثالاً في التعايش بين الأديان بدعم مجموعات إرهابية في حرب البوسنة (التي أصبحت اليوم من أكبر حلفاء إسرائيل بفضل "الجهاد المقدس")، ثم تركيع الجزائر أكبر حليف لروسيا في إفريقيا، ثم كوسوفو.. وكلها تحت لواء الجهاد!.. ونجحوا مرة أخرى وانهزمت روسيا. ومن الصدف العجيبة أن كل بؤر "الجهاد" لا تظهر إلا في المناطق الصديقة والحليفة لروسيا، ولم تمسّ ولو بشعرة حلفاء أمريكا...؟؟ ولكن، إلى متى؟؟.. ورأى عبد الرزاق أن روسيا تجد نفسها محاصرة من كل الجهات وتشعر بأن الضربة القاضية باتت قريبة جداً، خاصة بعد ظهور مشروع الدرع الصاروخية الأمريكية في تركيا وبتسهيلات من أردوغان دركي أمريكا في المنطقة. مضيفاً: نظرية الدومينو تسير وبدقة ولم تبقَ إلا قطعة واحدة لينهار البيت الروسي.. سقوط سورية!!... وليظهر "الجهاد المقدس" مرة أخرى في سورية، نفس السيناريو الذي حصل في أفغانستان مع اختلاف واحد، "الكرامات" الوهابية هذه المرة أصبحت عبارة عن جياد بيضاء تنقذ المتظاهرين من "هولاكو العصر" بشار الأسد، عوضاً عن الملائكة الخضراء الأفغانية!.. أما الباقي فلا تغيير، فتاوى تصنعها أجهزة السي آي آي وشيوخها الأطلسيون، مرتزقة دمويون من كل بلاد الإسلام ودعم إعلامي ومالي بملايير البترول الخليجي بالإضافة إلى العبقرية المخابراتية الأمريكية خلف الكواليس. وقال عبد الرزاق: الروس حفظوا الدرس جيداً ورئيسهم اسمه الآن بوتين وليس يلتسن، وهم يعرفون أن سقوط سورية في يد الوهابيين حلفاء الامبريالية وخدم أمريكا، ستكون نتائجه كارثية على الأمن القومي الروسي ووحدة أراضيه، فكما قلنا أنها أصبحت الآن مسألة حياة أو موت لروسيا، مصير البلدين أصبح مشتركاً، ولا بد من العمل سوياً لصد آخر هجمة التي ليس لها إلا هدفين اثنين، حماية أمن إسرائيل وإسقاط الدب الروسي. وأضاف: ليس في كل مرة تسلم الجرة.. لم يسبق للروس طوال تاريخهم أن استعملوا حق الفيتو لثلاث مرات متتالية وفي فترة زمنية قصيرة مثلما فعلوه مع سورية، بالإضافة إلى إجهاض عشرات مشاريع القوانين في مجلس الأمن ضد سورية، البوارج الحربية الروسية أصبحت دائمة التواجد على السواحل السورية، وبوتين يدعو في أحد خطاباته الجيش ليكون على استعداد لكل الاحتمالات، دون أن ننسى ذكر التهديدات المتكررة التي يطلقها جنرالات روسيا للغرب من مغبة ارتكاب أي حماقة في بلاد الشام. وأكد نايت عبد الرزاق أن ما نسمعه من حين الى آخر عن تغيير وشيك للموقف الروسي ليس إلا ذراً للرماد وعبارة عن حرب نفسية موجهة أكثر للاستهلاك الإعلامي ومهدئات لحالة الهلع والتخبط التي بدأت تظهر في صفوف "الجيش الحر" وجماعات القاعدة ومعارضة اسطنبول التي لم تعد تدري ماذا تفعل.. فروسيا خلطت الأوراق كلها وهي من توزعها الآن وهي من يقرر قواعد اللعبة. مضيفاً: روسيا لن تتراجع ولن تتنازل، بل على العكس هي الآن انتقلت إلى مرحلة الهجوم المضاد دبلوماسياً، أول أهدافه القضاء على ما يسمّى "مجموعة أصدقاء سورية" واقتراح البديل بإنشاء مجموعة الاتصال التي لاقت موافقة كل الدول الكبرى، وتم تحديد أول موعد لها نهاية شهر جوان 2012، روسيا استطاعت بهذه المبادرة أن تفرض تواجد حليفتها إيران كطرف مهم، واستطاعت تقزيم دور قطر والسعودية وتركيا وجعله هامشياً من الآن فصاعداً!!. وقال عبد الرزاق: كل المؤشرات تدل على رضوخ القوى الغربية للشروط الروسية، قوى صار همّها الوحيد إيجاد مخرج يحفظ ماء وجهها من المأزق السوري، حتى وإن اضطرت إلى إعادة حساباتها وتحالفاتها في المنطقة والتضحية بحلفائها من مشيخات الخليج. وكخلاصة، يمكننا أن نختصر النظرة الروسية للأزمة في قاعدتين ستبني عليهما إستراتيجيتها في المنطقة وفي العالم ككل: أولاً - كل ما كان يسمّى "جهاداً" هدفه الأوحد والحقيقي ضرب روسيا والدول الصاعدة من العالم الثالث، حتى لا تتحول إلى حليف لروسيا والصين، كما حدث مع دول مجموعة البريكس كالبرازيل وجنوب إفريقيا والتي أصبحت الآن دولاً تقدمية في طليعة القوى المناهضة للاستعمار والهيمنة، لم ينتبهوا للبرازيل وجنوب إفريقيا وهي تصعد، وإلا لخلقوا لها "جهاداً" ليحطموها.. كيف نفسّر ظهور جماعات وهابية تعيث فساداً في بلد مثل نيجيريا؟؟... السبب بسيط، نيجيريا قوة ديمغرافية واقتصادية وبترولية صاعدة، يجب ضربها قبل أن تتحول إلى برازيل أو جنوب إفريقيا أخرى وتتحالف مع روسيا والصين. ثانياً – أي تنازل في أي صراع جديد وخاصة في سورية وفي إيران وفي كل مناطق التماس مع حلفاء أمريكا سيكون بمثابة الانتحار للأمة الروسية!!. ويختم نايت عبد الرزاق مقاله بالقول: لن تنفع الضغوطات الغربية ولا ملايير أعراب الخليج في تغيير موقف بوتين كما ينتظر البعض، لأن ذلك سيكون في رأي الشعب الروسي بمثابة الخيانة الكبرى للوطن. ونقول لكل من لازال يحلم بتغيير الموقف الروسي في الأزمة السورية.. صح النوم!!.  


اقرأ المزيد...
أضف تعليق



ولأخذ العلم هذه المشاركات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي إدارة الموقع
  1. 1 د. هاشم الفلالى
    20/6/2012
    00:43
    المسارات والتوترات السياسية
    إنها توترات سياسية فى ازديات تحدث بالمنطقة، وفى حاجة إلى سرعة الانقاذ مما آلت إليه الامور، وما يحدث من اضطرابات مستمرة، والتى لم تهدأ رغم ما حدث من تطورات ومتغيرات وانهيارات للانظمة السياسية التى كانت سائدة، والتى لم تسيطيع هذه المتغيرات وفقا لإرادة الشعوب بان تحدث الاستقرار المطلوب، وانما ما تهدم لم يتم اعادة بناءه، وانما هو الاستمرار فى هذه الموجة التى لم تهدأ حدتها، وانما هو عاصفة هوجاء مستمرة، تعصف بالمنطقة، لا أحد يدرى إلى متى ستستمر، ومتى يهدأ الوضع، يصبح هناك النظام السياسيى السليم والصحيح الذى يقود إلى ما يريده الشعب من ممارسات تؤدى إلى تحقيق افضل النتائج التى تثمر الانجازات الحضارية المنشودة، ويصبح هناك الوضع الذى طال انتظاره.
  2. 2 قصي
    20/6/2012
    03:45
    100%
    تحليل استراتيجي متوازن ومقترن بالبراهين انه بحق فصل الخطاب، وصح النوم لكل الواهمين.
  3. 3 مهند
    23/6/2012
    13:47
    صحيح
    كل ما جاء في المقال صحيح تماماً وللتأكيد عليه، ما جاء في خطاب الناطق باسم الخارجية الروسية منذ يومين حين قال وبالحرف الواحد "إن شكل النظام العالمي الجديد مرهون بما ستؤول إليه الأزمة السورية" كما أنه ثابت ما قاله بوتين من أنه سيدافع عن سورية ولو بالقوة. القيصر بوتين، حماك الله.

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا