هل نجح الإعلام بالوفاء بوعوده...؟!

الثلاثاء, 10 تموز 2012 الساعة 11:37 | منبر جهينة, منبر السياسة

هل نجح الإعلام بالوفاء بوعوده...؟!
جهينة نيوز- بقلم العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم: الكلام السياسي أو الحديث السياسي، هو قراءة الحدث أو المشكل السياسي بعلم وموضوعية ومنطق سليم. ومثل هذه القراءة تسهم في تحديد مكامن الداء ونوع الدواء. والتي قد لا يرضي في كثير من الأحوال طموح، أو أمل أو مبتغى المحلل السياسي. ولكنه يسرد أو يكتب الحقيقة، كي تستفيد منها الجماهير. والفرق كبير، والبون شاسع، بين محلل يقرأ الحدث أو المشكل السياسي على حقيقته دون تعديل وتحوير، أو تزوير، أو إضافة بعض الديكورات والملونات والرتوش. وبين محلل يقرأ الحدث أو المشكل بما يرضيه، ويتناغم مع طموح وهدف وأمل ومبتغى واسطة الاعلام التي تستضيفه، كي يحقق كل واحد منهما مبتغاه. نشهد في هذه الايام تحليلات سياسية من قبل بعض وسائط الاعلام المرئية والمكتوبة والمسموعة، تتعارض وأخلاق مهنة الاعلام. فهذه الوسائط الاعلامية باتت تستقطب محللين سياسيين أو عسكريين أو اقتصاديين، يمارسون الخداع والتضليل، وإيقاد نيران الفتن. خدمة لبعض أسيادها من الحكام. أو خدمة لشركات الاعلان التي باتت صاحبة التأثير في معظم وسائط الاعلام، بما تضخه من أموال بذريعة أنها أجور اعلانات. إذا كان الاعلام الرسمي العربي بنظر البعض هو الابن الشرعي لواقعنا العربي، لأنه يعكس الوضع العربي بدقة، بما يعتريه من إحباط وقمع وتشويه لعقل الانسان العربي. فإن حال الاعلام الخاص بنظر الكثيرين ليس بأفضل. فحاله أسوأ بكثير من الاعلام الرسمي، رغم أنه يتمتع بهامش حرية اعلامية أوسع، او بحرية مطلقة كما يدعي. إلا أننا بتنا نلاحظ، أنه محكوم بأمور عدة. من أبرزها: خدمة ملاكه من خلال الترويج لنهجهم السياسي والاقتصادي والاستهلاكي. وغياب حس الشعور الوطني والقومي. وممارسته التضليل الاعلامي الممنهج والمتعمد. وخاصة حين يلجأ لتجاهل أحداث رئيسية وإبراز أحداث ثانوية. وإيقاد نار الفتن الطائفية والمذهبية. وتحويل بعض البرامج إلى أساليب قدح وسباب وشتائم لا تليق بمن يديرها ولا تنسجم مع قواعد الدين والأدب والتربية والاخلاق. لتحقيق غايات شخصية مقيتة، أو للتنفيس عن أحقاد مزمنة. أو نشر برامج تدفع بجيل الشباب نحو الانحراف والضياع، أو تخريب المجتمعات. وبات الاعلام الخاص الذي يدعي تحرره من القيود الرسمية مكتنزاً بالكثير من الاسفاف والهزل والتطاول على القيم القومية الوطنية والاخلاقية، وحتى التجرؤ على الديانات، وأمن البلاد والعباد. يدافع عن الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان بأمكنة، ويتجاهلها في أمكنة أخرى. ويحارب الديكتاتوريات والفساد في دول، ويتجاهلها أو يذود عنها في بلاد أخرى. الفرق كبير بين الإعلام العربي والإعلام الغربي في كثير من الأمور. فالإعلام الغربي بشقيه الرسمي والخاص يخدم مصالح بلاده، ومصالح مجتمعاته. وينأى بنفسه عن كل ما يهدد أمن بلاده القومي، أو أمن مجتمعاته. رغم أنه يعاني من مثالب وآفات، كالصمت عن إرهاب وعدوان وإجرام، وأشبه بمن بكتم شهادة حرمها الله. وحتى ترويج الأكاذيب بهدف خداع وتضليل الجماهير بذرائع الدفاع عن الأمن القومي وعدم إضعاف معنويات جنوده الذي يخوصون الحروب ويمارسون العدوان على بعض الدول. فالإعلام الغربي يعتبر أنه بالدعاية يمكن ترسيخ أفكار، وتبديل مواقف بعض الاشخاص والجماعات. وحتى التأثير في شرائح كثيرة من المجتمعات. والدعاية لديه أصناف وأشكال. دعاية استراتيجية. ودعاية داعمة. ودعاية تعبوية. ودعاية مضادة. ودعاية مفرقة للصفوف. ودعاية بيضاء. ودعاية رمادية ودعاية سوداء، وإشاعات مغرضة. ويقال: إذا أردت اغتيال عدو لا تطلق عليه رصاصة، أطلق عليه إشاعة. ويعتبر أن الدعاية تعتمد في تأثيرها على شخصية الداعية وأسلوبه في بث الدعاية. وأن أخطر الشخصيات الدعائية عادة هم الأفراد الذين يطلق عليهم تسمية مستقطبي الرأي العام، أو من أصحاب المواهب المميزة. ولذلك يختار اخصائيين وخبراء وشخصيات دعائية في الاعلام لممارستها على الوجه الأكمل. ويستضيف محللين سياسيين واقتصاديين وعسكرين لإلقاء مزيداً من الضوء على بعض جوانب الحدث لتحقيق اهداف جمة. منها ما يخدم مصالح بلاده، أو يجد فيها المبرر للاستخفاف ببعض المجتمعات والدول. وتوظيفه الحدث لتبرير منطق وموقف حكومات بلاده العدواني أو المزدوج أو الرمادي أو الأسود. ويتخذ منه ذريعة للنيل من مواقف بعض الحكومات والدول تجاه هذا الحدث، للتأثير عليهم تجاه قضايا أكثر الحاحاً من هذا الحدث، ولتعزيز بعضاً من مصداقيته أمام الناس. فالإعلام الغربي مؤسسات كبيرة لها وظيفتها ولها دورها الفاعل في السياسة والاقتصاد والحرب والأمن والسلام. وهي من تحرك الإعلاميون في كل اتجاه وفق ما ترغب وتشاء. وحين تستضيف محلل سياسي أو اقتصادي تختاره من النخبة في بلد ما، وممن له دور فاعل في صفوف المعارضة أو الموالاة. والمضيف يحشر ضيفه بأسئلته المحرجة، أو ببعض الوقائع والتعقيبات والحقائق، كي لا تتحمل واسطته الاعلامية أية مسؤولية قانونية عن إجابات وتصرفات هذا المحلل حين يلجأ للقدح والشتائم. لكي يكشف للمشاهدين أو القراء، حال النخبة في هذه البلاد. وأن هذه البلاد مصيرها الشقاء، ولن تنعم بالأمن والتمية والاصلاح والاستقرار. أما الاعلام العربي الرسمي والخاص فهو مؤسسات عدة تتصارع فيما بينها، وليس لها من دور فاعل على أي صعيد من الأصعدة. سوى إما في الدفاع عن الأنظمة والحكومات والحكام. أو في التهجم على أنظمة وحكومات. أو شرذمة وتفتيت المجتمعات، ورفع حدة الصراعات والتناقضات، وحتى إيقاد نيران الحروب والفتن داخل المجتمعات العربية. وطمس معالم العدوان الصهيوني والاستعماري على بعض أجزاء وطننا العربي. فصديق اليوم قد يكون العدو اللدود في الصباح، وحليف اليوم قد يتحول إلى عدو في الظهيرة أو المساء. وبعض الاعلاميين ممن يتحكمون في واسطة الاعلام، هم رأس مال بعض وسائط الاعلام. وهم نجومها، وربما على كاهلهم تقوم مثل هذه الوسائط. فهم ملوكها المتوجين. وهم من يختارون نوعية البرامج، ونوعية الضيوف. والبعض منهم تتلمذ وأمتهن الاعلام في دول أجنبية، ووسائط اعلام غربية، وأقصي عنها لسبب من الأسباب. أو تطوع للعمل في وسائط اعلام عربية، لخدمة أهداف أمته ووطنه، لينقل إليها بعض ما اكتسبه من خبرات. والغريب حين يستضيف هؤلاء بعض المحللين، ينزلقون بدروب تجهض كل حوار ومفاوضات واتفاق. وحتى السير بمسارات تكون من نتيجتها تمزيق اللحمة الوطنية لكل بلد. ولذلك نجد راية الخلاف والشقاق والصراع خفاقة دائماً في أكثر من برنامج ولقاء. والبعض من المشاهدين أو المستمعين أو القراء يخرجون بانطباع أن مصائب الشعوب سببها قوى المقاومة الوطنية، وثورات الشعوب على نظم الوصاية أو الانتداب. وأن الأمة العربية لا تعرف شيئاً سوى الفرقة والاختلاف. وأن الشيء الوحيد الذي تتفق عليه هو ألا تتفق. وأنها منذ الأزل أمة تحكمها النزاعات. وأنها ليست أمة واحدة كما تعلمنا في المدارس والجامعات، وإنما شعوب متناحرة. وأن اتفاقيات سايكس بيكو كانت نوعاً من العلاج. وأن مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي بشرت به كونداليزا رايس سيكون العلاج، والحل الامثل لكل ماتعاني منه من مشاكل وصراعات ومعضلات. ولذلك نجد بعض وسائط الاعلام صفر الضمير وكأنها تشترى وتباع. وأن بعض رجال الاعلام لم يعودوا محامين يدافعون عن الناس بلا أجور وتوكيلات، وإنما تجار اعلام، يتاجرون بالمشاكل والمآسي والنكبات. لذلك يقول البعض أن الاعلام العربي هو أحد مدرستين: مدرسة تتعامل جمهورها بمنطق: لا تَقْل ما تريد فنحن نفعل ما نريد. ومدرسة تتعامل مع جمهورها بمنطق: قُل ما تريد ونحن نفعل ما نريد. كان نابليون يقول: الصحافة ركن من أعظم الأركان التي تشيد عليها دعائم الحضارة والعمران. ويقول أيضاً: إني أوجس خيفة من ثلاث جرائد أكثر مما أوجس خيفة من مائة ألف مقاتل. والمضحك أنه هو من جر جيوشه ليحارب في أوروبا على أكثر من جبهة ومكان ليدمر البلدان. وكأن الصحافة كانت تؤيده في هذه الأفعال. وجفرسون قال: عندي أن أعيش في بلاد بها صحافة وليس فيها قانون، أفضل من أن أعيش في بلاد بها قانون وليس فيها صحافة. وبلاده الولايات المتحدة الأمريكية فيها اليوم العديد من مؤسسات الاعلام والتي تصدر فيها مئات الصحف والمجلات والدوريات، إضافة إلى مئات الفضائيات والاذاعات. وتفاخر بأن قانونها ودستورها الأفضل والامثل بين كل الدساتير والقوانين. ومع ذلك تمارس إدارتها الارهاب والاجرام والعدوان. يعتبر البعض ان الصحافة قد تكون صناعة جيدة في كل اللغات ما عدا لغة الضاد. وجبران تويني قال: الصحافة رسالة واستماع وقناعة ومرض بالدم.... والاعلام المقروء العين، الفرد فيه يسجل، والفكر يحلل ويستنتج. فالمشاهد يتلقى، فهو سطحي وسريع. وهل صحيفة النهار تلتزم بهذا الكلام؟ وشهيرة الرفاعي قالت: رئاسة التحرير مسؤولية كبيرة، ورهبة، وتحد كبير، لإثبات الذات. وهل رؤساء التحرير ومدراء وسائط الاعلام مقتنعون بهذا القول؟ وهل لهذا القول من وجود في بعض وسائط الاعلام؟ ويقول المثل الياباني: أبحث سنوات قبل أن تصدق خبراً. والمثل الأمريكي يقول: لا تتوقع أن يأتيك الصدى بأي جديد. ومارك توين قال: النساء أهم من وسائل الاعلام لنقل الأخبار بسرعة وتضخيمها بحيث تصبح الحبة قبة. في عالم الاعلام تسمع الكثير من الوعود، ولكنك لن تجد منها سوى القليل. حيث يقول الاعلاميون: • علينا أن نجعل الاعلام وسيلة لإيصال الثقافة بمختلف تجلياتها للجماهير. • وأنه لا مكان للواقفين في مكانهم أبداً.. لابد من التطوير والابتكار والتغيير، ولابد أن نأتي بجديد ومتجدد وأيضاً مدهش لنكسب ثقة الجماهير. وأن نظهر الحقيقة للناس دون تزييف أو تمويه. • وأنه لابد من الابحار في بحر التكنولوجيا المتلاطم، وبحر المعلومات المتدفق مهما كلف الأمر. • ولا بد من التفكير فيما يفكر فيه الجمهور، وما يقبله، وما يرفضه، وما يحلم به ويتمناه. وما نأمل أن نوصله إلى الجماهير لكي يحدث التلاقي بين المرسل والمستقبل. • ولابد من مواكبة الاحداث واهتمامات الناس بدون تناقض مع الوقت. • ولابد من التنافس لتحقيق السبق الصحفي والاعلامي في كل الأمور والأحداث. • ولابد من احترام الرأي والرأي الآخر، ورأي المعارضة والموالاة، وذلك بإفساح المجال للجميع. • والتعامل بأخلاق ووجدان ومنطق وقانون في التعامل مع الأحداث والمشكلات. • والابتعاد عن ازدواجية وتعددية المواقف، وأسلوب المحاباة في التعامل مع الأحداث، ونتوجه بالسؤال إلى بعض وسائط الاعلام: هل نجحت في تنفيذ وعودها. وهل تمارس الدعاية بوجهها الصحيح. ولماذا تستضيف ضيوفاً ومحللين سياسيين يلجؤون إلى التضليل وتشويه البرامج وتزييف التحليل؟!.    


اقرأ المزيد...
أضف تعليق



ولأخذ العلم هذه المشاركات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي إدارة الموقع
  1. 1 بشير عمر صالح محمد
    5/8/2012
    00:45
    الإعلام الأسود .
    فى مكان بموقعكم الموقر كتبت تعليقاًعلى موضوع السيدة حرم الرئيس محمد مرسى وذكرتأن هناك بعض الصحف العربيةالمأجورة لا تريد لبلدينا خيراً.والصحف نتفق أنهاإعلام،ونتفقأن تلك الصحف هى التى تسببت فى انفصال الكثير من الناس عن القانون..لاأكذب أبداًإذا صرحت بأننى منذ ستةأشهر تقريباً وأنا لاأفتح صحيفة مصرية،أكتب هذاالتصريح هنا فى موقع عربى سورى ولاأكتبه فى الواشنطن بوست التى أطالعها يومياً تقريباً للوقوف أولاً بأول على مستجدات الأحداث ومدى المصداقية فى تناول الشأن السورى والعربى.وأعود لكى أرى مدى قوة مركز التحكم العربى الذى يمنع الاختراق من الخارج وللأسف أكتشف أن الكثير من الأجهزةالإعلامية العربية ليست على مستوىالحدث وقدانحرفت عن مسارهاالصحيح . زيادة حجم مبيعات صحيفة لا يكون على حساب الأمن القومى
  2. 2 وفاء الزاغة
    5/8/2012
    16:47
    امريكا تستحق وسام اعلام الارانب
    مقال رائع يستحق الشكر واقتبسنا منه الكثير انما ارى الاعلام الغربي اتخرط بعضه بشكل واضح نحو مستنقع الاقلام والاحلام بل اعتبر الاعلام الذي ضخ بوش في مهزلة التاريخ اعلام مسيلمة الكذاب مما يبرر ان نبحث عن تاريخ جديد لان التاريخ الحديث تشويه يومي بل امريكا تستحق وسام اعلام الارانب

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا