الهرولة على المنحدر السوري.. آلام المخاض وقانون الجاذبية!

الخميس, 16 آب 2012 الساعة 22:16 | مواقف واراء, زوايا

الهرولة على المنحدر السوري.. آلام المخاض وقانون الجاذبية!
جهينة نيوز- بقلم نارام سرجون: تقترب المنطقة من الوضع.. آلام مخاض غير متوقع.. لا أحد يستطيع إيقاف اندفاع المولود.. ولا أحد يستطيع التوقف على المنحدر.. أن الجميع يشبه من هبط من جبل شاهق على منحدر شديد الميل ولا يستطيع إلا الإسراع في الهبوط لأنه لا يستطيع السيطرة على كتلة ثقله التي تجذبها الهاوية والمنزلق.. التوقف يحدث في حالتين هما الوصول إلى القاع أو التمسك بشجرة تائهة صدفة وسط المنحدر.. أما التوقف القسري في وسط الطريق نحو الهاوية ومعاندة قانون الجاذبية فتعني التدحرج والوقوع على الرأس والوصول محطما.. المهرولون دون قدرة على التوقف أولاً هم الثلاثي اردوغان واوغلو وغول.. وخلفهما كل حزب العدالة.. وخلف حزب العدالة كل تركيا.. وثانياً العائلات الملكية في الخليج والأردن.. وأخيراً.. الكومبارس وجوقة لبنان للكورال الأمريكي في لبنان (فريق 14 آذار وملحقاته). الفريق الأول على المنحدر السوري: لا يجب انتظار أن يتبدل الساسة الأتراك الهابطون بسرعة على المنحدر وسيقانهم لا تقوى إلا على التتابع السريع، لأن معركة سورية هي آخر مابقي لهم للبقاء سياسيا.. وربما لسلامة تركيا.. ولو كنت مستشارا لأردوغان لقلت له النصيحة الصادقة التالية: لقد خسرت اللعبة والأمل الوحيد لاسترداد ماخسرت هو إلقاء نفسك في المغامرة الأخيرة والمتهورة حتى النهاية.. فلا تتوقف في مشروعك مهما عرض عليك من أثمان لأن الاتفاق مع السوريين لايعني نهاية المشكلة التركية بعد اليوم بل بداية مشكلات.. لأن الحلقة السورية تجر خلفها الحلقة الإيرانية والعراقية والروسية والكردية.. فما جناه الساسة الأتراك هو أن عليهم تسوية أوضاعهم وشؤونهم الآن مع الإيرانيين أيضا الذين فاجأهم سلوك تركيا العصبي والمندفع والمتشنج والطائفي والناتوي رغم كل الوساطات.. ولن تتم تسوية الأمور مع العراقيين كذلك وقد بدا لهم أن تركيا تؤوي الهاشمي ومؤامرته على القيادة العراقية وتنسق مع إقليم كردستان وتتجاهل وجود الدولة العراقية مما أثار شديد القلق من نوايا تركيا.. ولن يطمئن الروس للساسة الأتراك الذين كشفوا خطورة تصوراتهم السلجوقية العثمانية التي قد تنهش في بطن روسيا الإسلامي وأمعائها.. وبالطبع لن يتمكن الأتراك من استمالة الأكراد بعد عقود من الصراع لأن الطرفين لايثقان ببعضهما مهما تعانقا وتصافحا.. وقبل وبوسات أردوغان صارت مثيرة للشك كثيرا بعد أن عرف سبب قبلاته للسوريين والعرب.. وقد انفلت الوحش الكردي وخرج من القفص السوري.. ولن يعود إلا برأس تركيا.. وكما يقول معارض تركي يطرح سؤالا هاما للغاية وحقيقيا هو: ماذا تنفع كل الدنيا تركيا إذا كان كل جوارها معاديا لها بشدة ولايثق بها؟؟ أنت تحتاج للجوار مهما كان هذا الجوار.. هذا الجوار الذي لم يعد قادرا على قبول تركيا مع الثالوث القيادي الحالي.. وهذا التساؤل المشروع يطرح بنفس الوقت تساؤلا مشروعا آخر هو: ماذا ستضر سورية وقفة العالم ضدها إذا بقي شعبها لها وحدودها لها.. لأن كل مايجري في سورية هو من أجل ثالوث مقدس هو أعز ماتملك سورية وهي: وحدة أراضيها.. ووحدة شعبها.. ووحدة جيشها القوي.. وكل هذه الثورة لتفكيك الثالوث المقدس.. أي تفكيك الجغرافيا السورية.. وتفكيك الذهن السوري الجمعي إلى وحدات اثنية وطائفية.. وأخيرا وكنتيجة حتمية لذلك تفكيك الآلة العسكرية وترسانة الجيش السوري مفخرة الشعب السوري.. هذا الثالوث يمثل مكانة سورية التي تملك بذلك مالايجب بعد اليوم على بلد شرقي امتلاكه.. أي وحدة جغرافية واسعة.. وكتلة سكانية كبيرة.. وكتلة عسكرية مثيرة للقلق.. والمعادلة المطلوبة هي ألا تتجاوز مساحة أي كيان محيط بإسرائيل مساحة إسرائيل نفسها.. ولاعدد سكانها.. وألا يملك توازنا عسكريا معها.. والحل لذلك هو في ضرب تلك الثلاثية الرهيبة السورية.. واستيلاد عدة (سوريات) قزمة.. وعدة شعوب سورية قزمة.. وعدة جيوش قزمة على شكل كشافة ورجال شرطة وفرق عزف وعروض عسكرية بلا طائرات ولاصواريخ ولادبابات.. تماما كما نجحت تلك التجربة في العراق وليبيا.. وكما هو متوقع لمصر قريبا.. مصر التي سيكون من الغباء أن يتصور العقلاء أن الغرب سمح للإسلاميين بالوصول لأنه سلم بالأمر والقضاء والقدر ولم يضايقهم لعجزه عندما التهم مرسي على الإفطار قبل أيام اثنين من كبار الجنرالات الموالين للغرب.. بل إنها تأتي بعد لقاء مع أمير قطر وبعد عملية إرهابية غريبة التوقيت في سيناء تشبه إلى حد بعيد عملية هبوط الطيار الألماني ماثياس روست بطائرته الشراعية في ساحة الكرملين في بداية حكم غورباتشوف والتي أعطت الأخير القوة السياسية والعذر للإطاحة بالقادة العسكريين الروس المعارضين له والمسمّين "بالتيوس الشيوعية" بحجة أن هبوط الطيار أهان روسيا وأظهر عدم كفاءتهم.. واليوم عملية سيناء أطاحت بالقادة العسكريين في بداية حكم الإخوان.. القادة الذين لايشاطرون الإخوان كل وجهات نظرهم.. فالغرب وإسرائيل لم يعودا يريدان أي احتمال لبقاء قوى كبرى حول إسرائيل.. ويجب ألا تتجاوز أية قوة حولها حجم إسرائيل جغرافيا وسكانيا وبالطبع عسكريا لأن الزمن تغير وعالم اليوم ليس عالم 1948 أو 1967 وعام 1973.. ومن المعروف أن هناك معادلة عسكرية صارمة في مصر تضعها أميركا.. وهذه المعادلة صرّح بها الرئيس الراحل حافظ الأسد في مقابلة مع صحيفة أمريكية في نهاية الثمانينات.. فمثلا تسليح مصر الأمريكي كان وفق معادلة دقيقة للغاية وهي أن تساوي قوة مصر عسكريا دائما قوة سورية وليبيا مجتمعتين ليس إلا.. وسقوط كلتا الدولتين (سورية وليبيا) يعني ضرورة إسقاط الطرف الآخر من المعادلة العسكرية وهي قوة مصر العسكرية أيضا.. واليوم لايمكن لمصر أن تكون إسلامية لأن هذا الوضع لن يستمر طويلا ويجب إشغال الإسلاميين المصريين بمشكلات داخلية وصراعات بينية كبيرة.. سيتغير الحال يوما ولن يرث القادمون لحكم مصر دولة واحدة أو جيشا واحدا.. والدور قادم إليها بعد سورية.. إذا سقطت.. مصر التي ستنطلق عملية فرمها بمجرد نهاية تقطيع الأوصال في سورية.. وربما من عجيب الصدف أن تماسك سورية هو الذي يحمي مصر نفسها من انطلاق التفكك فيها وتمثل سورية الطوق الفولاذي حول الجسد الجغرافي المصري من حيث لايدري الكثيرون.. لأن إطلاق التفكك في مصر قبل انتهاء تفكك سورية قد يفسد المشروعين معا ولابد من تركيز الطاقة القصوى على كل واحد على مهل كما هي الحال مع كل الدول العربية التي سقطت تباعا على مهل واحدة بعد الأخرى.. فمصر تدخلها قطر الآن بالتدريج (كما دخلت إلى سورية بالخدعة والشراكة والأموال) وتحاول زرع نفوذها ومواليها.. ومصر تدخلها أيضا تركيا بالتدريج.. وتدخلها السعودية بالتدريج وصارت تحاول استنساخ شخصية مصرية على شكل سعد الحريري.. وبمجرد انتهاء وسقوط سورية سيجد مشروع تفكيك مصر رؤوس الجسور القطرية والسعودية والتركية ليتحرك عليها وينقل ثقله ومحاربية وجهادييه إلى مصر لشد أزر الإسلام الذي سيطلق جماحه فريق بلاكووتر (الذي يدرب الوحوش الآدمية في الجيش السوري الحر) بقتل بعض المسيحيين الأقباط أمام الكاميرات والذين سيتوالى استفزازهم كي يحملوا السلاح أو يطالبوا بالحماية الدولية (كما يطالب ثورجيو سورية اليوم).. والبقية معروفة.. الفريق الثاني على المنحدر السوري: والفريق الثاني الذي لايستطيع التوقف في المشروع السوري هو الملك السعودي وفريقه.. وخلفه العائلة المالكة لأرض الحجاز.. وخلفهما شعب الجزيرة العربية.. فربما كان لبندر وعائلته يد في استهداف الخلية القيادية الأمنية السورية ولدى القيادة السورية قناعة أن العائلة المالكة السعودية مكلفة رسميا إما بإسقاط سورية أو عليها توقع تغيير داخلي في المملكة.. عبر انقلابات العائلة المالكة نفسها أو عبر مشروع إسلامي بديل ناضج أمريكيا أيضا.. مشروع يضفي شرعية أكثر على نموذج الحكم السعودي دون الحرج من ديكتاتورية الملكية المطلقة.. أي على نفس طريقة إيصال الإخوان المسلمين في مصر وهم أكثر شرعية من مبارك لكنهم يؤدون نفس خدماته للأمريكيين كما يبدو بذكاء ونعومة أكثر.. السعوديون يعرفون أن مافعلوه في سورية كان خديعة كشفت، فقد أرسلوا ذلك الصبي سعد الحريري ليلثم أيدي السوريين معتذرا تائبا.. ثم أرسلوا وليد جنبلاط معتذرا تائبا.. ثم جاء الملك إلى دمشق معانقا ومعتذرا لكونه من أنصاف الرجال.. وكل ذلك الخداع كان من أجل هذه اللحظة الحاسمة في الانقلاب السريع في سورية والتي لم تتحقق.. ويبدو أن العودة إلى الوئام والمودة صارت كمن يضحك على نفسه.. فالسوريون شعبا وقيادة عرفوا أن من غدر اليوم كل هذا الغدر لن يتوقف عن الغدر والطعن في الظهر وأن السلوك السعودي المتسلل إلى الطمأنينة السورية يترجم كل تراث الخيانات العربية التي يجب ألا يسمح بتكرارها.. بل إن من ضرورات الأمن الوطني السوري إخراج النفوذ السعودي كليا من بلاد الشام واستئصاله.. حتى بالكتابة على جوازات السفر السورية العبارة الشهيرة (كل البلدان عدا.. السعودية) والتي كانت يوما (عدا العراق) واليوم يجب أن تكون (عدا السعودية) لتوجيه الشباب السوري إلى أسواق عمل أخرى لا تنتهي بتجنيدهم كخلايا وهابية.. وذلك لإخراج أي دور للنفوذ السعودي عبر استمالة جزء من الشعب السوري.. كما يحدث الآن.. ولأن كل العمالات العربية في المملكة السعودية يجري الاستيلاء عليها ذهنيا وتحضيرها ليكون بعضها نواقل وحوامل للمشروع الوهابي.. ولذلك لم يعد السعوديون قادرين على التوقف وسط المنحدر لأن السوريين بعد هذا الدرس سيعملون جهدهم إثر هذه التجربة القاسية على إقصائهم نهائيا من أي دور قادم في نزاعات الشرق الأوسط.. وإخراجهم تدريجيا من المعادلات السياسية الداخلية للمجال الحيوي السوري الإقليمي بعد أن دخلوا عبر البوابة السورية المصرية يوما في مثلث سورية -مصر- السعودية.. كما أن مستعمرتهم (الحريرية) في لبنان ستتلاشى ويتلاشى معها النفوذ السعودي الذي منحهم إياه الرئيس حافظ الأسد.. والذي يبدو أن على ابنه الرئيس بشار الأسد كنس النفوذ السعودي من لبنان بعد كل مافعل بالخاصرة السورية حيث صار الدور الوحيد للجيب السعودي الحريري هو أن يكون المقر والممر نحو تدمير سورية.. التغيرات الدينامية الكبيرة في توزع قوى المنطقة بعد تماسك السوريين ستخلخل الخارطة السياسية السابقة وتقلل من دور السعودية التي تعاظم نفوذها عبر إشراكها في قضية فلسطين ومشاكل لبنان.. وإخراجها من هاتين القضيتين سيعيدها إلى حجمها الحقيقي سياسيا مهما كان نفوذها المالي.. النفوذ المالي في السياسة لايساوي شيئا من غير استقلال اقتصادي وسياسي وهو البعيد جدا عن السياسة السعودية.. كما أن الاستطالات السياسية هي التي تقوي النفوذ المالي وبالعكس كما هو حال الولايات المتحدة التي تملك نفوذا ماليا تحميه باستطالات سياسية بعيدة وبالعكس فإن النفوذ السياسي يتعزز بحمايته بالنفوذ المالي وأسواق المال.. والهشاشة السياسية لايمسكها الثراء المالي ويمنحها الثبات في أي دولة مهما تعاظم.. بل إن الثراء السياسي هو مايمتن النفوذ المالي.. والسعودية بلد فقير للغاية سياسيا وفكريا ويكاد يذوب ويضمحل حقوقيا وإنسانيا وأخلاقيا.. وكان مجال نفوذها الإقليمي مستمدا عبر القضايا التي تمسك سورية بمفاتيحها كلها.. ومعاكسة الخارطة الإسلامية الناهضة في المنطقة عبر الاستعصاء في سورية يعني انكماشا لنفوذ السعودية التي خرجت من سورية نفسيا وسياسيا.. بما يعنيه هذا الانكماش من حبس السعودية خلف مياه الخليج وجبال حضرموت اليمنية وحسابات المنطقة الشرقية الثائرة.. فيما تتمدد سورية نحو الشرق الأقصى دون حواجز.. وكذلك ماسيتسبب به الانكماش السياسي السعودي في هبوط الاستطالات السعودية السياسية الشمالية في بلاد الشام نحو الجنوب.. إلى ماتحت تحت تحت خليج العقبة.. وإغلاقها الباب خلفها بمفتاح الجغرافيا.. حتى إشعار آخر.. والفريق الملحق بالسعودية الذي انحدر ولم يعد يستطيع التوقف لأنه مربوط بالحبال إلى السعوديين هو فريق 14 آذار لبنان وهو الاستطالات السياسية السعودية المتمثل في الطفل المعجزة سعد الدين الحريري.. ووليد بيك جنبلاط.. والقاتل الدموي سمير جعجع.. وخلفهم قطيع كبير من المتحزبين والروبوتات الطائفية التي تعمل على الديزل والطاقة النفطية.. هذه الروبوتات لاتحاسب (القيادة) منذ وجدت على أي قرار.. ولم تتعرض قياداتها لأي انتقاد وكأنها جماهير خشبية. وبالتالي لايحق لأحد السخرية من جماهير الحزب القائد في الدول الثورية بعد ماقدمته جماهير وليد جنبلاط والحريري وجعجع من توقيع على بياض على أي قرار تؤخذ نحوه.. ونحو أي محرقة.. ولاأدري كيف لاتتبدل هذه القيادات عبر الزمن والتي تأخذ جمهورها منذ عقود نحو كل المرافئ وتحمل بضاعة سياسية وتنزل بضاعة سياسية حسب الطلب ليس كتجار الفينيق القدماء الذين جالوا على كل موانئ البحر المتوسط.. بل كتجار الرقيق.. هذا الفريق اللبناني يعرف أن كل شيء تغير وأن قرار المنازلة معهم نهائي بعد انتهاء الأزمة السورية وأن عملية تنظيف لبنان من القوى المطاطية أولوية سورية ولمحور سورية بعد تجربتين لما يمثله هؤلاء البحارة الجوالون في عالم السياسة من خطر على استقرار الشرق الأوسط ولما يمثلونه من قدرة عجيبة على حمل فرسان الصليب الصهيوني.. على متن تياراتهم السياسية (المطوءفة).. هذه التيارات التي تحولت عمليا إلى قواعد وحاملات طائرات.. فهذه البنى السياسية اللبنانية تطلب التدخل والمساعدة الأممية وتمارس دور سطح حاملة الطائرات ومدرجاتها في استقبال القاذفات الغربية والقرارات الأممية والمحاكم الدولية وتزويدها بالوقود والصيانة.. ويعملون على تنظيم إقلاعها وإرشادها ملاحيا.. الفريق الثالث على المنحدر السوري: الفريق الثالث الذي يهبط مسرعا ولايقدر على التوقف هو العائلة المالكة في الأردن التي حشرت أنفها في الأزمة وصار لها معسكرات لجوء وتستقبل المنشقين وتحميهم وتتبرع بتوزيع النصائح.. الملك اليهودي تجرأ على مالم يتجرأ عليه غيره من ملوك الأردن دون حساب خط الرجعة الذي كان والده حسين بن طلال يضعه في حسابه قبل كل مغامرة مع السوريين.. وسبب ذلك أنه يحكم في السياسة بعقلية المقامر المراهق.. وهرولته على المنحدر المائل لم يعد ممكنا إيقافها..لأنه أيضا سيجد أن كل وسائل الضغط السوري لم يتم تفعيلها حتى الآن.. ولكن تذبذبه السياسي الذي يعلله دوما بضعف الأردن ماليا واقتصاديا لم يعد مبررا.. فالفقر لايبرر الزنا.. ومايفعله الحكم الأردني هو الزنا بعينه.. والزناة في السياسة لاينجبون إلا قرارات زانية.. وسلالات زانية.. وانتهاء الأزمة السورية سيعني أن المظلة التي حكمت الحياد السوري من مشاكل الأردن قد خلعتها الرياح العاتية.. وبقي رأس الملك والملكة من دون مظلات الحياد.. ولذلك لم يعد الملك اليهودي قادرا على التوقف حتى نهاية المشروع.. أو نهايته.. معضلة هؤلاء أن من سوء طالعهم أن سورية لم تسقط كما توقعوا وأن أقدارهم مربوطة بها.. لأن لها امتدادات سياسية قوية تمتد تحت الأرض.. ومن له امتداد تحت الأرض له ثبات النخيل واقتلاعه ليس هواية وليس طقسا عاديا بل استثنائيا جدا.. أين نتجه إذاً؟؟ إذا لم يكن أحد قادراً على الوقوف فالأمور قد تستمر إلى مالانهاية.. والبعض يتحدث عن سنوات.. لكن هذه تخمينات غير العقلاء.. فمما يلاحظ الآن أن المحللين من كلا الطرفين المؤيد والمعارض للشأن السوري يتسابقون لإعلان عدم وجود نهاية للأزمة لسنوات بالرغم من أن الطرفين تسابقا في البداية للتنبؤ بالنهاية السريعة.. ففريق الدولة الوطنية السورية حاول طمأنة الناس بقرب النهاية بينما أصر فريق الثورجيين من أبو إبراهيم وحتى أوباما أن القضية السورية صارت منتهية في أيام معدودة لصالح الثورة وأن العمل يجري على مرحلة مابعد الأسد.. لكن تبين أن كلا الطرفين لم يكن دقيقا.. كما أن توقع تطاول الأزمة لسنوات ليس دقيقا ولا واقعيا.. الأطراف الخارجية اللاعبة الرئيسية والمؤثرة هي تركيا والسعودية التي تنسق كليا مع الغرب وإسرائيل.. والغرب لايستطيع فعل الكثير في المسألة السورية لولا هاتين القوتين.. ولكن هاتين القوتين الإقليميتين ليستا مجهزتين لاستمرار التورط بالمسألة السورية والصراعات ذات النفس الطويل.. وكان خداع النفس عبر رؤية انهيار ثلاثة أنظمة صلبة في أسابيع قليلة ومن المحال أن يكون النظام في سورية أقوى منها كلها.. ولذلك نجد أن التصعيد والشد الحالي من قبل تركيا والسعودية (وخاصة تركيا) هو محاولة مستميتة لإنهاء الملف قبل تطاوله أكثر مما يطيقان.. وقد نستغرب إذا عرفنا أن تركيا أكثر عجلة من السوريين لإقفال الملف السوري بأية وسيلة متهورة.. ولاتقدر السياسة التركية الآن تحمل استمرار توتر على حدودها واستقبال وتجهيز غرف عمليات ومقاتلين إلى مديات طويلة وأشهر مديدة.. خاصة وأنها بدأت تظهر إنهاكا نفسيا وحزبيا ونزقا وعصبية اقتصادية.. وهي تفاصيل مثيرة لايتم تغطيتها إعلاميا بل طلاؤها بالعتم والظلام الإعلامي.. والأهم أن ارتدادات الأزمة وصلت إلى "بلكونات" تركيا الشرقية عبر انتعاش حزب العمال (أو إنعاشه!!).. وهناك دخان يتصاعد من مطبخ حزب العدالة والتنمية وبرلمان تركيا.. ولا تستطيع تركيا المتابعة في السباق أو خوض أي مفاوضات من منطق قوي مع العراق أو إيران أو روسيا إلا بعد أن تقف منتصرة على المنصة والحلبة السورية.. هل تلجأ تركيا للحرب لتسريع إنهاء الصراع؟ هذا سؤال يقبل الاحتمالين.. وكلاهما للمفارقة يصب في مصلحة سورية والسبب هو أن انخراط سورية في حرب مع تركيا لم تعد فيه خسارة لسورية إطلاقا.. بل ربما مخرجا لإطلاق مفاوضات على طاولة الردع المتبادل عسكريا.. فما تخرب في سورية حتى الآن اقتصاديا وعمرانيا وسكانيا ونفسيا هو ماستجلبه أي حرب.. ولذلك فإن أي حرب لن تزيد في الخسائر كثيرا.. أما تركيا فإن أي خسارة لها في هذه الحرب هي خسارة كبيرة لأنها الآن دولة لايزال اقتصادها قابلا للانتعاش إذا توقف جنون الثالوث السياسي (أردوغان- اوغلو- غول).. ولاتزال سياحتها غير متأثرة ولاتزال منشآتها سليمة ومزاجها العام هادئا.. وكل هذا سيتعرض لهزة عنيفة في أي حرب.. فما الذي ستحدثه الهزة لسورية بعد الذي حدث؟؟ ولكن ماذا تعني الهزة لتركيا الآن خاصة إذا شارك العملاق الإيراني العسكري في دفع المنصة التركية المتأرجحة بعنف؟؟؟ لن تنتهي المعركة مهما كانت النتائج إلا بمغادرة الثالوث المجنون في تركيا غالبا إلى التقاعد في جزيرة مرمرة مع عبد الله أوجلان.. وربما بدونه.. واستدعاء الناتو إلى تركيا لمساعدتها يعني استدعاء إيران إلى تركيا وحزب الله إلى حدود إسرائيل.. ولذلك يحاول المخططون استدراج حزب الله إلى النزول إلى حرب الشوارع في لبنان عبر خطف مدنييه والافتراء عليه سياسيا وإعلاميا.. وإلحاق الإهانة بمؤيديه السياسيين مثل ماحدث مع الوزير المثقف ميشيل سماحة.. لاستفزاز مؤيديه وإحراجه لاضطراره للنزول إلى الشارع واندلاع الحرب الأهلية اللبنانية لامتصاص حزب الله عن حدود إسرائيل.. وفي الشارع المقابل ينتظره كل شيء إلا العقلاء لأن أندر مافي ذلك الشارع هو كمية العقل والتعقل والعقلاء.. فكلهم مجانين على سوية الإرهابي (الأسير) والضاهر.. ومن سوية الحر ابن الحرية والأحرار عبد الرزاق طلاس الذي يموت مقاتلوه حوله ويلقمون المدافع وهو مشغول بتلقيم "مدفعه" الهرموني.. فتخيلوا هذه العقول الثورية المهرمنة.. وكم ستتألم لسقوط الضحايا من الفريقين؟!!. ولذلك يحاول الأتراك إسماع الجميع قعقعة السلاح وضوضاء الحشود لا لدخول الحرب بل لإبعاد الحرب عن تركيا وبالذات الحرب الداخلية عبر ربيع تركي خاص.. لأن في قعقعة السلاح رسالة تحذير بعدم لعب نفس اللعبة القذرة مع تركيا بحيث إن وصول صاروخ سام الروسي إلى ديار بكر ونصيبين التركية سيعقبه وصول ستينغر الأمريكي إلى حلب.. وأن عدم كبح جماح حزب العمال قد يغضب الأتراك ويدفعهم للجنون.. ولكن من يكترث بعد اليوم بجنون الأتراك؟؟ لأن مافعلوه لايقدم عليه إلا المجانين.. ولذلك فإن السوريين قرروا أن يرى الأتراك تصميمهم على تجاهلهم فيما يخص الأمن الوطني السوري.. حتى لو اقتضى الأمر استدعاء قوات الاحتياط.. لملاقاة المجانين.. أو منعهم من الجنون فيما نحن نقوم بعمليات بتر الأصابع التركية والسعودية.. الأصابع يتم فرمها دون رحمة.. وبانتظام. وقد نفاجأ إذا عرفنا أن من يقفون على رأس المنحدر السوري وينظرون للهابطين والمنزلقين بسرعة هم الرئيس نجاد والسيد حسن نصر الله والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.. والرئيس بشار نفسه (صاحب المنحدر).. الذي اعتقده المهرولون على المنحدر يجري أمامهم.. فإذا به على القمة يدحرج خلفهم حجرا ثقيلا وجلمود صخر حطه السيل من عل.. لأن المنحدر لايسقط فيه العقلاء والإستراتيجيون.. ولايبقى على الذرا إلا الصبور والممسك بوطنه كالقابض على الجمر.. إننا نمسك بسورية كمن يمسك إيمانه الحقيقي هذه الأيام أو يمسك الجمر.. ولكن لن يفلتها مهما احترق جوف قبضته.. فالقوة المتناهية هي ألا تظهر وتطل من فوق المنحدر إلا عندما تريد أنت، وألا يتوقعك الخصم فوق المنحدر تنظر ساخرا إلى المهرولين الذين لايقدرون على التوقف والانزلاق.. المهرولون اقتربوا من نهاية المنزلق بسرعة قياسية.. ومن فوق يلوّح لهم أربعة قادة.. ويتمنون لهم طيب الإقامة.. فالذرا للقادة الكبار.. والحفر العميقة لسكان الحفر.. والجحور.. التي ستمتلئ قريبا.. وبجلاميد الصخر التي سترمى عليهم.. من الذرا!!.  


اقرأ المزيد...
أضف تعليق



ولأخذ العلم هذه المشاركات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي إدارة الموقع
  1. 1 ام امجد
    17/8/2012
    03:53
    يا اعداء سوريا الى جهنم وبئس المصير
    عشت وعاش قلمك يا سيد نارام سلمت يداك وبارك الله فيك وحفظك لهذا الوطن لاننا في هذه الفترة بامس الحاجة لك ولامثالك الشرفاء نعم سنتمسك بسوريا مع قائدناكالقابضين على الجمر لكي نبقى في القمة الى ابد الابدين والتاريخ سيسجل من استحق القمم وكيف ومن استحق الجحور الحقيرة وكيف ....
  2. 2 ليلى
    17/8/2012
    06:15
    العبارة المفتاحية
    نعم هي النصر نصر الحق على الباطل أو نصر الفقراء على الطغاةأو نصر الجنوب على الشمال أو نصر المقاومة على أعدائهاسموها ماشئتم لكن البيت السوري مازالت مسامير جحا تخترق الضلوع مازال الفساد يشرئب مازالت حمالة الحطب تعيق حركة الرسول !إن المعركة طويلة طويلة!حمالة الحطب نرمي حطبها باسم الوطن وباسم الأخلاق وباسم الله الذي قتلونا باسمه!حررونا من حمّالة الحطب بدءا من الروضة وانتهاء بالجامعة !حمالة الحطب في رأس كل مناّزرعهاالفساد والمال نعم ستنتصر سورية لكن حمّالة الحطب ستقف ضدالإصلاح والحب والمقاومة والبناء والوحدة الوطنية !لذلك سيقف السيد الرئيس بشار الأسد قائدا للسفينة كما كان ووراءه الشرفاء من الشعب ووراءه اللجيش العربي السوري من أجل معركة الداخل معركة البناء والتحصين زالمناعة والممانعة
  3. 3 قارئ عربي
    17/8/2012
    06:52
    شكرآ
    شكرآ لك استاذ نارام على هذا التحليل الواقعي والمنطقي جدآ وعلى هذا التصوير الفني المبدع للحقيقه..فقد أزلت الغشاء وانرت البؤر المظلله فأوضحت الماضي وشرحت الحاضر واستشرفت المستقبل المشرق..فعندما أقرأ كتاباتك أجد نفسي تحدثني وتقول..لو لم يكن الا نارام سرجون لوحده لكان كافيآ بكل خزعبلات وتظليل ونفاق الطرف الآخر(اعداء سوريا والمتآمرين الخونه)..النصر والمستقبل المشرق لسوريا العربيه بعون الله.
  4. 4 Fly Eagle
    17/8/2012
    07:09
    من دون تعليق
    شكراً هي أقل ما يقال لك أستاذ نارام يسلموا إيديك .
  5. 5 ابن الجزيرة العربية
    17/8/2012
    07:48
    سوريا حصن العرب
    ارجو ان يكون الرئيس بشار الاسد فعلا يدحرج خلفهم حجرا ثقيلا وجلمود صخر حطه السيل من عل.. لان هؤلاء الخونة وخصوصا العرب لا تنفع معهم الا القوة والالغاء الكامل، كما انني وللاسف اكتشفت ان الخونة ليسوا فقط الحكام كما في 2006، بل ايضاً لدينا شعوب خائنة للاسف غبية لاتقرأ ولاتفهم، مدى ثقافتهم لايتجاوز القنوات الفضائية والمثقف هو من يتابع الاخبار. لاترحموا خائناً مهما كانت المصلحة لان مصلحة الردع للخونة ابقى من المصالح الآنية خصوصا خونة لبنان وحكام المهلكة السعودية وقطر والاردن، ولاتفتحوا بلدكم للشعوب العربية الا بتدقيق ومراقبة بل مضايقة فلا شئ اغلى من الوطن ... فك الله اسر الجزيرة العربية ... امين
  6. 6 وسن
    17/8/2012
    18:19
    كل الاحترام والتقدير (يستحقك)
    فأنت في هذه الأوقات الصعبة تشبه المطر الجميل الخير المعطاء في الأيام الحارة.. وكلما أتحفتنا بسطورك المنعشة أشعر بأن هنالك ضياء ونور فكك ارتباك أفكارنا (احيانآ)! لم تعد مجرد كاتب ومحلل لكل مايحدث ! صرت ضرورة ملحة في حياتنا اليومية.. وغذاءآ لعقولنا التي ازدحمت فيها الأحداث الصعبة والمفارقات (العجيبة)والمضحكة في آن !! فشر البلية مايضحك ..وأدعولك ولنا الله (ولست أدري لمن أدعوفي الحقيقة) وبالعامية : الله يخليلنا ياك ولايحرمنا منك ..
  7. 7 الصياد
    18/8/2012
    02:19
    سوريا مفتاح الشرق القادم.............
    حكمة:كان القدماءيحاولون تحويل المعادن الى ذهب ولكن لم ينجحوا:تركيا تحاول جعل الغاز السوري الى ذهب, السعودية تحاول تحويل الفتنة الطائفيةالسورية الى ذهب!أميركا تحاول قلب الديمقراطية السورية المزعومة الى ذهب!!وأخير اسرائيل تريد سرقة الذهب, ولكن السؤال هنا ؟؟ماذا يفعل السوري للابقاء على الذهب !؟فهمنا للخارطة يثبت لنا مكان وقوع الذهب !والعقل المدبر السوري فهم ان الذهب يبقى ذهب ولن يتغير أو يتحول والنار التي كانت تخلط الغاز والديمقراطيةو الفتنة سوف تسكب على رؤوس من خلطها كحجارة من سجيل,,من كل الخيانات نقاوم,من كل المؤامرات نقاوم,من كل عين زرفت دمعا نقاوم,من كل صرخات ذوي الشهداء نقاوم,من كل حبة تراب سورية نقاوم,من كل تاريخنا المقاوم نقاوم ونقول... الان الان.... وليس غدا... أجراس العودة فل تقرع.
  8. 8 العباس السوري
    19/8/2012
    05:38
    لم تغير العادة
    شكرا سيدي الكريم المقال كالمعتاد رائع لكن الاتظن ان القيادة السياسية لم تغير عادتها في مد يد المغفرة للاخرين ورأينا كثيرا بالسابق امثله اقله لبنان الاتظن انهم سيصفحون اقله عن الامير القطري وملك السعودية وتعود الامور لعادتها بالسابق فنحن الشعب السوري من يدفع حنان القيادة السورية

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا