هل تتراجع السعودية قبل فوات الأوان...؟

الإثنين, 5 آب 2013 الساعة 22:03 | مواقف واراء, زوايا

هل تتراجع السعودية قبل فوات الأوان...؟

 

جهينة نيوز- بقلم أمين حطيط:

بعد أن تولت المملكة العربية السعودية إدارة ملف العدوان على سورية بتكليف أميركي، ظن مسؤولوها بأن الفرصة لاحت لهم لتعويض الخسائر التي لحقت بهم حتى ضاق فضائهم الاستراتجي وتقلص دورهم الاقليمي، ولم يبق لهم من الأوراق إلا "مجلس التعاون الخليجي"، ونفوذ ما في "منظمة التعاون الإسلامي"، ولأجل ذلك بات تحقيق خرق معتبر في سورية يقود إلى وضع يدهم عليها مترافق مع إحكام السيطرة لبنان. وأقنعوا أنفسهم بأن ذلك ممكن وبات لهم مسألة حياة أو موت، ولهذا حشدوا كل الطاقات الممكنة وفتحوا خزائنهم وقنوات اتصالهم من أجل تحقيق النصر المأمول في سورية لأن به وحده يكون إنقاذ الموقع وتجنب الكأس الذي شرب منه القطري فسقط، والتركي فاعتزل أو عزل.

لكن السعودية وبعد أقل من شهرين من توليها ملف إدارة العدوان، تبين لها أن المهمة التي تنطحت لها ليست سهلة أو قابلة للتنفيذ لتحقيق الأهداف كما تتوخى، وبعد أسايع تيقنت أن الميدان السوري لا يستجيب لخطط الغرف السوداء، وأن هناك حقائق تفرض نفسها على الجميع وعليها أن تستخلص العبر منها إذا أرادت أن تتجنب مصير غيرها من الخائبين في سورية، ومن أهم تلك الحقائق الوقائع والمحطات التي عاكست الطموح السعودي كلياً نجد:

1) في الميدان: كانت تعول السعودية، على عمليات إرهابية تقوم بها الجماعات المسلحة فتمكنها من أن تقطع قطاعات أو تقطع محاور أو تحاصر مناطق أساسية تعتبر مؤثرة على وضع الحكومة السورية وسلطتها. لكن الذي حصل كان خلاف التوقع تماما، حيث كان الرد السوري قاسيا مدمرا للطموح العدواني بدءا في القصير وسقوط للإرهابيين فيه وإسقاط ورقة لبنان من يدهم، ثم كان تطهير معظم أجزاء ريف دمشق، ومنها كانت عودة إلى حمص حيث أسقط ما سمي "عاصمة الثورة" ويعني منطقة الخالدية التي حولها الإرهابيون إلى قلعة تتخطى بأهميتها بابا عمرو من أكثر جانب.. ولم تبق حلب وريفها أو مناطق الجنوب بعيدة عن إنجازات الجيش العربي السوري بل كان التقدم مطرداً إلى الحد الذي جعل أعداء سورية أنفسهم يقولون "إن الميزان اختل بشدة لصالح الجيش العربي السوري وأن الأمر بحاجة إلى أعمال نوعية مميزة من أجل إعادة التوازن". إنجازات رائعة تحققت في الميدان السوري، ووصلت إلى الحد الذي جعل الرئيس بشار الأسد واستكمالاً لزياراته الميدانية السابقة، يقوم بزيارة التحدي الأكبر ويتجه إلى داريا ليتفقد في عيد الجيش الوحدات العاملة فيها ويشد على أيدي العسكريين قائلاً "لو لم نكن واثقين بالنصر الأكيد لما استمرينا بالمواجهة.."، كلمات كانت كافية لتقنع من لديه عقل وفهم بأن هزيمة العدوان على سورية أمر حتمي ولا مفر منه.

2) في خريطة تمفصل الإرهابيين وعلاقاتهم البينية. كانت السعودية وبعد أن أصبحت المرجعية الأحادية المباشرة لما يسمى "الائتلاف الوطني السوري" –الهيئة التي عولت عليها جبهة العدوان لتكون البديل للسلطة الشرعية في سورية– بعد هذا عملت السعودية على توحيد البندقية الإجرامية وإعادة تنظيم المسلحين وتوحيد قيادتهم وقرارهم وتنسيق عملياتهم من أجل تحقيق الإنجاز الميداني المطلوب تحت عنوان إعادة التوازن كما ذكرنا، لكن وفي سياق التنفيذ حصل ما هو العكس تماماً، إذ لم يتوقف الفشل عند العجز عن توحيد العصابات الإرهابية المسلحة العاملة تحت 140 عنواناً كما تقول المخابرات الإطلسية، بل إن حربا بدأت بينهم ومعارك شرسة دارت بين ما يسمى جبهة النصرة وعصابات ما يسمى الجيش الحر ثم كانت المواجهة مع اللجان الشعبية الكردية لتفاقم مأساة تلك العصابات، ثم انشقاقات داخل هذه العصابات ولعن متبادل بين خلاياها إلى الحد الذي قالت فيها تقارير المخابرات الغربية "إن 40% من الجهد العسكري الميداني لتلك العصابات بات موجها للاحتراب الداخلي والاقتتال البيني"، وقد باتت عمليات التآكل للمعارضة مرتفعة إلى الحد الذي يمنع تصور قدرتها على تحقيق إنجازات فعلية في ظل تلك الصراعات.

3) في المواقف من تسليح ما يسمى "المعارضة السورية". (طبعا ومع التأكيد على التنافر بين تسمية معارضة سورية وطنية وجماعات مسلحة عدوانية، ومع التأكيد على أن من يحمل السلاح ضد الدولة في سورية ليس له علاقة بسورية وشعبها ومستقبلها وإنما هو من الجماعات الإرهابية فحسب). لقد ركن السعودي قبل أن يتولى الملف السوري من أميركا، ركن إلى التنافس الأوروبي الأميركي على تسليح الإرهابيين والوعود التي قطعت بتسليح ما يسمى المعارضة أو الجماعات المسلحة المتشكلة نظريا بقيادة عقيد سوري فار من الخدمة، وتصورت السعودية أن السماء الأطلسية ستهطل سلاحا نوعيا سيفرض التوازن في القوى وينعكس توازنا في الميدان ما يقود إلى الانتصار في المفاوضات حول سورية في جنيف 2 الذي يكثر الحديث عنه. لكن الذي حصل أيضا هو عكس ما توقعته السعودية حيث تراجع الأوروبيون وبعدهم الأميركيون عما وعدوا به، واستمر ما يقدمونه من تسليح ضمن السقف الذي تحركوا تحته منذ بدء الأزمة ولم يحصل التطوير الموعود ولم تنتج البيئة التي ستزلزل الأرض كما خدع الإرهابيون أنفسهم. وكانت النتيجة إحباط لدى السعودية ومن تقود من الجماعات المسلحة، إحباط لم تجد السعودية علاجا له إلا بوصفة سريعة تنفذ عبر إسرائيل حيث ابتاعت منها أسلحة وذخائر قديمة بمبلغ 50 مليون دولار في صفقة أولى ومع وعد بصفقة أخرى بـ 100 مليون دولار إذا تبين أن الصفقة الأولى استثمرت بالوجهة الصحيحة التي تخدم عنوان "إقامة التوازن".

4) في استعمال ورقة لبنان للضغط من أجل تراجع حزب الله وتاليا إيران عن الاهتمام بالمعركة الدفاعية في سورية. لقد ظنت السعودية أن التضييق على حزب الله ومحاصرته داخليا عبر إخراجه من الحكومة، وخارجيا عبر إدراجه على لائحة الإرهاب الأوربية معطوفاً على الموقف العدائي منه الذي اتخذه مجلس التعاون الخليجي، أن هذا الحصار والتعقب والتضييق سيحمل حزب الله على الانكفاء.. وأيضا وأيضاً العكس هو الذي حصل، وهاهو الموقع السعودي يترنح في لبنان بعد أن علم الجميع أن لا أحد يملك قوة تستطيع أن تعزل حزب الله أو تخرجه من الحكومة أو ترهبه أو تملي عليه قراراتها، وأن الرشوة التي دفعت لهذا أو ذاك من السياسيين اللبنانيين في السلطة أو خارجها لن تحقق المراد، أما عن لائحة الإرهاب الأوروبي والتي كلفت السعودية 2 مليار دولار ووعود باستثمارات وصفقات تجارية تصل إلى 10 مليارات دولار تدفع لدول أوروبية مؤثرة أو مترددة، أن هذه اللائحة وما أدرج فيها مما سمي "جناح عسكري لحزب الله" لم تؤثر على سياسة الحزب وخياراته وقراراته لا بل إنه بات أكثر تمسكا بها وأكثر تشددا في الإعلان عنها، ولم يكن الظهور الشخصي للسيد حسن نصر الله في يوم القدس صفعة لإسرائيل وحدها بل وكان إعصارا أذهل المعتدين أو الذين روادهم الظن بأن نفطهم ومالهم يلوي الذراع وإذا بالسيد حسن نصر الله وبـ 40 دقيقة من الظهور الشخصي العلني والكلام العالي السقف يلوي أعناق حملت رؤوسا عششت فيها الأوهام.

بعد هذه الحقائق ذات الدلالات الأكيدة الاتجاه كان على السعودية أن تستخلص العبر سريعا وتسارع إلى البحث عن وسيلة تحول دون الانهيار، وتقطع الطريق على الإعصار الذي لا يمكن أن تتفلت منه إن استمرت في خططها ضد سورية، وأن عليها أن تعلم أن المليارات التي دفعتها إلى مصر – بعد إسقاط الإخوان – لن تجعلها صاحبة هيمنة أو سلطة عليها فمصر التي عرف شعبها كيف يستعمل الميدان من اجل تحقيق الاستقلال لن يبيع إرادته بمال النفط و لن يرهن نفسه لملوك الخليج و مشايخه.

وعلى هذا يبدو أن السعودية باتت اليوم تعاني من رهاب الفشل والانكسار، الأمر الذي قاد "أمير مخابراتها" إلى روسيا بعد فشله في أوروبا، عله يتلمس فيها حبل نجاة من سقوط لا ريب فيه، ذهب بندر إلى روسيا بعد أن تحقق بان روسيا باتت لاعبا دوليا رئيسيا لا يمكن تجاوزه، ولن نستغرب أو نستبعد أيضا ومن أجل الهدف ذاته حصول تحرش دبلوماسي سعودي باريان أو تلقفا سعوديا للسعي الإيراني الدائم لتطبيع العلاقات مع الدول العربية، خاصة مع بدء ولاية الرئيس روحاني.

بالأمس قاد السعودية خوفها فذهبت إلى روسيا، وغدا لن تتردد كما نعتقد في لقاء اليد الإيرانية الممدودة، ولكن هل تعلم السعودية أن شروط بناء علاقة مع هاتين الدولتين تبدأ بوقف العدوان على سورية والقبول الصادق بالحل السلمي والامتناع عن دعم الإرهابيين ومساندتهم في سفك الدم السوري؟.

نعتقد أن السعودية قد تعلم ذلك ويبقى أن تملك الجرأة والشجاعة في القرار والاعتراف بالهزيمة بعد الاعتراف بالخطيئة، اعتراف قد يقودها إلى الخروج الأمن من مأزق دخلت فيه فتسبب بما تسبب به من مآسي في سورية ولكنه سيرتد عليها بما لا تكون سعيدة به عند حلول الأجل.. وعندها يكتمل مثلث المطوقين بفشلهم من قطر إلى تركيا.


اقرأ المزيد...
أضف تعليق



ولأخذ العلم هذه المشاركات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي إدارة الموقع
  1. 1 أم عبدو من حلب
    5/8/2013
    23:55
    متى ترحل ابو متعب..متى تنفق عن هذه الدنيا
    السيد العميد الدكتور أمين حطيط الباحث الاستراتيجي في السياسة الدولية . وضعت النقاط على الحروف وقرأت الخارطة بشكل واضح لا لبس فيه .. وأظهرت دور مملكة الزهايمر السعودي في تبني البلاء الذي اصاب سورية البريئه القوية...واعلمتنا بما لايقبل الشك فيه ان ملك مملكة الزهايمر اجير رخيص للصهيونية وبدون كرامة ويتأمر باموال شعبه الفقير على سورية والمقاومة الاسلامية في لبنان منذ عام 2006 مع التنويه ان اكثر من 7 مليون سعودي يعيش تحت خط الفقر . ابو متعب الملك الجاهل من ام يمنية سباها والده الجاهل في الحرب مع اليمن وبقيت عنده جارية حتى ولادة ابو متعب سفاحا... وسجلها لاحقا على ذمته ...ويوجد المئات من النساء الجواري حتى الساعة في قصر خادم البيتن الابيض..والاليزية...متى ترحل ابو متعب..متى تنفق عن الدنيا.
  2. 2 دعاء رمضاني في ليلة القدر
    7/8/2013
    05:07
    السعودية المجرمة اللعنة عليكم
    الشعب السوري رافعا أياديه في ليلة القدر ليدعو بصوت واحد على كل من أهدر قطرة من دماء السوريين الطاهرة.....ومنهم السعودية الغبية التي تتغنى بالحرية!!أين بسورية ؟وهي أكثر الدول (البعبعية)الترعيبية لشعبها وهم لايستطيعون ان يتلحفظوا وإلا تنهال عليهم العصا والصرماية....
  3. 3 ضاري الشمري
    8/8/2013
    08:30
    ام عبدو من حلب - اتركي الكذب الرخيص
    طبعاً لست هنا في وارد تمنى الخير لسوريا العروبة ،وأن تنتصر بإذن الله على الإرهاب القادم من خارج الحدود ، ولست في وارد الكلام عن الخطايا السياسية لنظام آل سعود ، فهذه الأنور لا تخطئها العين - ولكن أنا بصدد الدفاع عن والدة الملك عبدالله ، كما دافعت عن والدة الرئيس بشار في مواطن أخرى ، فإتهام النساء كما جاء في مداخلة الكاذبة ام عبدو عمل حقير لا يستحق أدنى درجات الاحترام - والدة الملك عبدالله إمرأة من أشرف قبائل العرب ألاا وهي قبيلة شمٌر - فأتركي الكذب أيها الجاهلة

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا