امّرُؤ القيس.. التُرّكي!!

الجمعة, 18 نيسان 2014 الساعة 02:43 | منبر جهينة, منبر السياسة

امّرُؤ القيس.. التُرّكي!!

جهينة نيوز- بقلم جاك جوزيف أوسي:

أظهرت نتائج الانتخابات البلدية التُركية الأخيرة أن نسبةً لا يُسّتهانُ بها من الناخبين الأتراك مسّتَعِدّة لتمّجيد من يدّعي رفّعِ شِعار الإسلام (زوراً وبُهتاناً) ويعمل لتحقيق حلم العودة للدولة العلية، وإنّ كان حُكمه يُخالف أبسط مبادئ وحقوق الإنسان ولا تتماشى مع المعلوم من قواعد الفقه وأصول الدين بالضرورة، فقط، خوفاً من عودة العلمانيين للحكم في أنقرة.

هؤلاء الناخبون نسوا أن المرحلة العثمانية التي يطمح إسلاميو تركيا المعروفين باسم "العثمانيين الجدد" بالعودة إليها كانت المرحلة التي بلغ فيها الجهل والتخلف، في عموم منطقة الشرق الأوسط، درجة عصور الظلام ودخلنا على إثّرها مرحلة السُبات الفكري والثقافي والتي لا نزال نعاني من نتائجها الكارثية حتى الآن. وفي الوقت الذي نفسه، كان السلاطين العثمانيين يتوارثون حكم البلاد والعباد، كابراً عن كابر، ويتمتعون بخيرات وأرزاق هذه الأرض الطيبة دون أن يهتمّوا بآلام وآمال، وأحزان وأتراح سكانها. فكان مصير هؤلاء المسّحوقين مرّتبطاً بشهوات ونزوات سلطان، لم يروه ولم يختاروه، يُصدر الأوامر السلطانية والرغبات الأميرية، وعلى الجميع السمع والطاعة والتنفيّذ، وإلا نالهم منه الويل والثبور وعظائم الأمور. لهذا عندما قام مصطفى كمال بإلغاء الخلافة العثمانية في 3 آذار 1924م، قال: لسنا عبيداً لأحد.

أتاتورك الذي وضع نُصّبَ عينيه مهمة تحديد طبيعة وهوية الدولة التركية الحديثة، عِبّرَ رؤية واضحة ودقيقة للقيم والمبادئ والأُسس التي يجب أن تُبّنى عليها هذه الدولة. وكانت رؤيته على الشكل التالي: يجب أن تكون تركيا دولة مستقلة، حديثة وعصرية، تُعنى بأسس الصناعة والزراعة، أوروبية التوجّه، قائمة على فصل الدين عن الدولة، تمتد على كامل إقليم الأناضول. لذلك كان على تركيا التخلي عن طموحها بإنشاء إمبراطورية شرقية إن أرادت أن تكّون لنفسها هوية غربية، عِمادُها المبدأ القومي وأساسها عِلماني. وكان تصوّر أتاتورك للمواطن في هذه الدولة كما يلي: هو المؤمن بالقومية التركية، المقيم في إقليم الأناضول، ذو توجّه غربي، يعتنق المفهوم العلماني للدولة. وفي محاولته لتعميّم هذا التصور قام أنصاره ومشايعيه بمحاولة تصفية كُّل من لا يتوافق مع هذه المعايير من باقي الأقليات الدينية والعرقية والمذهبية والقومية في تركيا.

هذا الإرث الأتاتوركي، بمحاسنه ومساوئه، أراد العثمانيون الجدد تدّميره والعودة إلى ما يعتبرونه "العصر الذهبي" للدولة العثمانية، متناسين أن شعوب المنطقة، ومن ضمنها الشعب التركي بمكوناته المختلفة، خاضت في طريقها من أجل نيل الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية صراعاً طويلاً وقاسياً ودموياً مع أجدادهم، الذين مثّلوا لهم، في تلك الفترة، آية الظلم والاستبداد وأسوأ صورة للبطش والطغيان وكانوا لهم بمثابة شياطين القمع والاستغلال، احتكروا مسيرة تاريخهم واحتقروا إنسانيتهم وتحكموا في مصيرهم.

هذا التاريخ يراه العثمانيون الجدد محض هواجس وأوهام، ومليء بالكذب والافتراء، عناوينه تؤدي للفوضى والهياج، كتبه الحاقدون عليهم وعلى أجدادهم. وفي المقابل يُقدم سدنة العثمانيون الجدد وكُهّانهم لشعوب المنطقة التاريخ الذي يرونه الصحيح والذي يُمثّل رواية الغالب الذي دوّنها بدموع ودماء المقهورين وزينها بصيحات وصرخات المعذبين والمسحوقين من أبناء هذه الأرض الأبية.

كل ذلك من أجل محاولة وضع "النير العثماني" من جديد على رقاب الشعب التركي، كي يحوّله من جديد إلى تُجار للموت ووكلاء للخراب ورسل للدمار باسم جلالة السلطان الذي هو دُمية بيد أمير الظلام الجالس في مكانٍ ما في هذا العالم يُحركها، وغيرها من الدمى، في سبيل تحقيق أهدافه ومخططاته.

يُحكى أن امرؤ القيس ذهب إلى القسطنطينية، عاصمة إحدى أكبر القوتين في العالم القديم في ذلك الوقت، طالباً المدد كي يستعيد مُلك أبيه الضائع.. وبعد أن أكرم القيصر وِفادته، أعانه بالمدد كي يُحقق هدفه وينال غايته.. وبينما هو في طريق العودة، إذ برسل القيصر يحملون لامرئ القيس هدية قيصر له، حُلّة مسمومة منسوجة بخيوط الذهب، وكتب القيصر إليه "إني أرسلت إليك حُلّتي التي كنت ألبسها، تكرُّمةً لك، فإذا وصلت إليك فألبسها باليمن والبركة، واكتب إلي بخبرك من منزلٍ إلى منزل". واشتد سرور امرؤ القيس بهذه الهدية ولبسها في الحال، فسرى في جسده السم الزًّعاف وتساقط جلده من أثر السم ومات ودُفِن على ما يُقال في أنقرة.

وعلى ما يبدو أن حُلّمَ الخلافة الذي داعب خيال العثمانيين الجدد، بوحيٍ من مكانٍ ما، قد يكون هو "حُلّة قيصر" التي ستُدمّر المنطقة ومن فيها حتى يتمكن شياطين الظلام من تحقيق أهدافهم بالسيطرة على خيرات وثروات هذه البلاد.


اقرأ المزيد...
أضف تعليق



ولأخذ العلم هذه المشاركات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي إدارة الموقع
  1. 1 إإنهم فصيلة ملعونة
    19/4/2014
    03:26
    هم وصمة العار والبصمة الملطخة بدماء البشر
    من الخداع والغدر والخيانة والقتل والذبح والهوس الإجرامي يعرفون ...........

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا