الحروب القذرة.. أم الحروب "المقدسة"؟

الخميس, 24 تموز 2014 الساعة 15:45 | منبر جهينة, منبر السياسة

الحروب القذرة.. أم الحروب

جهينة نيوز- بقلم المهندس ميشيل كلاغاصي:

أكثر من عامٍ ولايزال تنظيم "داعش" الإرهابي يتصدر عناوين كبريات الصحف العالمية، وكافة وسائل الإعلام.. والتي تتناوله عبر قصص النشوء منذ عام 2004 وصولاً إلى عام 2013، عام دخوله على خط المواجهة المباشرة في سورية ومن ثم العراق.. وإعلان "دولة الخلافة" على أراضيهما.

اجتماعات ومبايعات وأسماء قادة تبدأ من أسامة بن لادن والظواهري والزرقاوي وأبو عمر البغدادي وأبو بكر البغدادي والجولاني والشيشاني... وتكاد لا تنتهي.

هل نحن أمام شخصيات قررت تغيير العالم ورسم خرائطه الجديدة في المنطقة الأشهر للصراعات والحروب عبر التاريخ..؟ وعلى مرأى ومسمع وبدعم بعض دول العالم.. وما يترتب عليه نظرياً من تعطّل وإنهاء مصالح البعض، والقضاء على الأحلام التاريخية للبعض الآخر. هل يريد أحدٌ في العالم أن يقنعنا أن تنظيم "داعش" هو كيانٌ منفصل بحد ذاته.. ويحمل من الأفكار والطموحات والأحلام لتأسيس دولته الخاصة في هذه المنطقة الساخنة من العالم؟.

لا بد لنا من مقاربة الموضوع من زوايا أكثر جدية وأهمية ونحاول البحث عن الحقيقة عبر التحليل الدقيق وربط المعلومات واستنتاج الحلقات الخفية عن طريق العودة إلى تاريخ المنطقة وصراعاتها التاريخية.. ويكفي أن نطرح سؤالاً ليصبح دخولنا إلى الموضوع مقنعاً.

هل تطابقت –كلياً أو جزئياً– أحلام مئات وآلاف السنين لمن أطلقوا على أنفسهم "شعب الله المختار" مع أحلام "داعش"؟!.. وهل تخلى اليهود عن أحلامهم في إقامة "إسرائيل الكبرى" لصالح الآخرين والمفترض أنهم أشد المعادين؟. أي أحلامٍ تنتظر المنطقة.. هل هي أحلام الصهاينة؟ أم أحلام الدواعش؟. وماذا عنّا نحن دول وشعوب المنطقة؟.

لقد اجتهد الصهاينة على مرّ العصور لإيجاد جذورٍ دينية تسمح لهم بالسعي لتحقيق أحلامهم.. وخاضوا من أجلها الحروب "المقدسة" عبر تشويه العهد القديم وتاريخ البشرية ونبوءات الأنبياء وسيرهم.. فما هو الجذر الديني لدولة "داعش"؟؟ ذاك الذي رفضه أيمن الظواهري مؤخراً واعتبر على أساسه "دولة داعش" غير شرعية؟!.

من السذاجة بمكان اعتقاد أن القصة بدأت فصولها منذ أحداث أيلول 2001 عندما قام تنظيم القاعدة بتفجير برجي التجارة العالميين.. والذي اتخذ من الدين عنواناً والتمس فيه عباءةً وغطاءً.. وأطلق على مجرميه اسم "مجاهدين".

لقد أعطى هؤلاء الإرهابيون الرئيس الأمريكي جورج بوش الذريعة أو شرارة البدء لحروبٍ تبدو في ظاهرها معاصرة الغايات والأهداف، فيما حقيقتها ترجع إلى آلاف السنين عبر مخططٍ كبير تم رسمه بدقة وإحكام في صحراء سيناء.. حيث تاه فيها ووراء كثبانها يهودٌ عرفوا أن المال وحده لا يحمي الرؤوس ولا بد من الحصول على الأرض بأي وسيلة وأي ثمن مستفيدين من دروس ماضٍ أكّد لهم أن جمع المال وشراء الأرض لصالح فرعون مصر غير مجدٍ.. وأن الإقطاع ورأس المال قادران على شراء الجند والأسلحة.

لقد خططوا لسرقة الأرض بعد أن وقع اختيارهم على فلسطين، إذ استفادوا من الأساطير والروايات وما اختلقوه من أكاذيب ومن تحريفٍ للعهد القديم فأوجدوا تلموداً يبرر لهم سلب الأرض وامتلاكها، وتحقيق حلم إقامة دولتهم المنشودة كدولة يهودية ثنائية الأبعاد.. بعدٌ ديني وآخر عرقي.

إن تحقيق هكذا حلم هو المستحيل بعينه.. لذلك تطلب العمل لأجله الوقت الطويل والعمل الدؤوب على مدى أكثر من 3000 عام. كان لابد من جمع المال والسلاح والتأييد.. هم يعرفون أن المال بحوزة الإقطاع والملوك، وهو الذي مكنهم من إقامة الإمبراطوريات، فكان لا بد من إسقاطهم عبر ثورات شعبية ينشد فيها الناس "حريتهم و كرامتهم" كعناوين مزيفة.. فكانت الثورات في أوروبا كخطوة أولى لإزاحة الإقطاع و بعثرة ماله.. ومن ثم سرقتها عبر وسائلهم الخاصة.

لقد دعموا حركات التحرر في أوروبا، كما دعموا الأفكار العلمانية التي تبعد الناس عن الحاكم.. وتقضي على نصف قوته، أما نصفه الآخر فمالٌ يسرق ويجمع في خزائنهم.

إن قناعتهم بأهمية الحامل العمودي دفعهم إلى تحريف الأديان وضرب الفضيلة، وإنشاء أجيالٍ فاسدة مهترئة، فسعوا لإقامة دور القمار واستخدموا الدعارة والجنس أبشع استخدام.

أرادوا أن يخوضوا حروباً دينية مدعومةً من الله (خاصتهم).. مع أعداء من غير دعمٍ إلهي.. ليحافظوا على تفوقهم.. أرادوها حرباً "مقدسة" مع أعداء ملحدين أو كافرين أو علمانيين –سمهم ما شئت-.

لقد حركوا العالم كما يشاؤون وجرّوه إلى حروبٍ عديدة وحروبٍ عالمية أولى وثانية.. أفضت بالنتيجة إلى اندحار الخصوم وإضعاف الجميع.

إن اتجاههم نحو القارة الجديدة بعد أن اكتشفها كريستوف كولومبس ليس إلاّ بدافع جمع المزيد من المال وضمان القوة وإمكانية دخول الحروب الطويلة.. فكان لهم ما أرادوا وغدت أمريكا القوية و الثرية خاتماً في أيديهم وقاعدةً ينطلقون منها للانقضاض على العالم.

لقد تمردوا على الله وحرّفوا كتبه وقتلوا أنبياءه.. وحولوا الدين اليهودي إلى حركةٍ صهيونية.. وسرقوا الأنبياء وتكنّوا بأسمائهم (النبي إسرائيل)، ومزّقوا العالم بالحروب ورسموا الخرائط له فكانت سايكس- بيكو للعهد الجديد.. التي أضعفت المنطقة وشعوبها عبر الاستعمار الفرنسي والبريطاني... والإسرائيلي، مضافاً إليها التآمر العربي– العربي بفضل من وظفوه وجندوه عميلاً وخائناً.

لقد قاموا خلال مئات السنين بتحريف وتشويه الأديان فحصلوا على نسختهم من المسيحيين المتصهينين الذين لم يتوانوا في تبني مشاريعهم وأحلامهم، كذلك فعلوا للحصول على نسختهم من الإسلاميين المتصهينين. وجاء عام 2000 وحمل معه عنواناً كبيراً رفعته الولايات المتحدة الأمريكية "الحروب الدينية والتغيير". إذ كان لا بد من تحويل الأحداث إلى العالم العربي أكثر فأكثر.. فسمحوا لنسخهم المنحولة أن تظهر إلى العلن وتقود حرباً أطلقها الرئيس جورج بوش الأب.. بعد أحداث 11/9/2001.

لقد قالها صراحةً "إنها حربٌ صليبية"، "هي حربٌ على الإسلام".. وفتح الباب لإشاعة المناخ المذهبي والطائفي.. ولم تستطع أمريكا كحاملٍ للواء الصهيونية– الماسونية أن تنفذ مشروعها الجديد في الشرق الأوسط والعالم عبر حربٍ عالمية ثالثة، فهي أضعف من مجرد التفكير بالفوز والنصر بها.. فاستعاضت عنها بالربيع العربي المزور.. بالاعتماد على النسخ الإسلامية المنحولة، فكان الفكر الإخواني والوهابي أدوات مميزة فيه.

أرادوه ربيعاً دامياً ناقماً منتقماً لأزمنة قديمة طردوا فيها إلى بابل (الملك نايوكو الثاني 585 ق. م ).. وقصة السبي الشهيرة على يد الملك البابلي نبوخذ نصر.. لقد أرادوا الانتقام من العراق أرضاً وشعباً وتاريخاً.. "داعش".

لقد حرّكوا الشارع العربي تحت ذريعة الدين وتطبيق شرع الله.. فكان التطرف سيد الموقف والإرهابيون جاهزون لملء البيوت والشوارع والمدن بالدماء.. سبيلاً لإكمال المخطط..

لقد سارت عجلات الربيع في اليمن وتونس وليبيا ومصر أما في سورية فتعطلت تماماً.. لقد حصل ما لم يكن بحسبانهم.. إنها حربٌ مقدسة بامتياز.. فقد أظهر السوريون إيماناً بأنفسهم ووطنهم وجيشهم.. استلهموه واستمدوه من إيمانهم بالله تعالى إله الحق.

إيمانٌ كان أقوى من تطرفهم وتحريفهم وفكرهم الإخواني والوهابي المظلم.. إيمانٌ ارتكز على تنوعهم ونسيجهم الفسيفسائي الفريد.. فوقفوا مسلمين ومسيحيين وقفة رجلٍ سوري يملك ثنائية فاجأتهم أي مفاجئة.. إيمانٌ بالله والوطن وضع حداً لحروبهم القذرة والممتدة نحو العالم.

لقد دفعوا بآلات بطشهم وتنظيماتهم الإرهابية للمواجهة تحت مسميات مختلفة فتارةً كانوا "جيشاً حراً وتارةً أخرى جبهةً إسلامية وجبهة نصرة" وأخيراً ما سموه "داعش".

لا تصدق أخي القارئ أنهم حلفاء أو شركاء أو حتى أعداء.. أنهم وجه واحد لعملةٍ واحدة وقطعٌ نقدية في جيب الماسونية تصرفها بالشكل والزمان والمكان الذي تريد.

نعم هي "حربٌ مقدسة" حتى بالنسبة لنا.. فعلم سورية وترابها وحرية قرارها وسيادتها وأمن شعبها أمورٌ لا تهاون ولا جدال فيها.. نعم نقدس سورية ونملك منظومتنا المقدسة "الشعب– الجيش– الرئيس" القادرة على حسم الحرب القذرة وتطهير أرضنا من رجس الإرهاب.

النصر لسورية.. والخزي والعار للخونة والهلاك للأعداء.


اقرأ المزيد...
أضف تعليق

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا