صمود عين العرب يفشل بورصة المضاربات الدولية..؟

الجمعة, 24 تشرين الأول 2014 الساعة 00:13 | منبر جهينة, منبر السياسة

صمود عين العرب يفشل بورصة المضاربات الدولية..؟

جهينة نيوز- بقلم ماجد الخطيب:

لاشك أن تقاعس التحالف الدولي عن مساندة أهالي عين العرب في دفاعهم المستميت عن مدينتهم ضد الحصار الداعشي المستمر منذ أوائل الشهر الماضي بالرغم من التطبيل والتزمير الذي لقيه تشكيل هذا التحالف المزعوم ضد الإرهاب، له دلالاته ومعانيه ويقف على خلفية "إستراتيجية" وفقاً لما صرح به جون كيري وزير الخارجية الأميركي بقوله "إن منع سقوط عين العرب بيد داعش لم يدخل ضمن الإستراتيجية الأميركية لمحاربة الإرهاب". ولعل هذه الرؤية القاصرة لمحاربة الإرهاب التي اتسم بها تعاطي الإدارة الأميركية مع الملفات الساخنة في المنطقة ومنها ملف مكافحة الإرهاب يعكس عدم الجدية في محاربة الإرهاب، وبالتالي يصبح الحديث عن إستراتيجية أميركية لمحاربة الإرهاب ضرب من الفنتازيا تضاف إلى الفنتازيات الأميركية الأخرى مثل "وجود معارضة معتدلة قادرة على الحسم سورية" الأمر الذي يدل على أن السياسة الانتقائية المتبعة من قبل هذه الإدارة تخضع لمعايير المصالح الأميركية الآنية على حساب الآخرين حتى لو كانوا حلفاء لها، وهذا ما يدل عليه الاختلاف الحاصل بين الدول المشاركة في التحالف، وبالتالي فإن تفسير ما يحصل في عين العرب يجب أن يتطرق للمصالح الأنانية الضيقة والمتضاربة أحياناً ليس للولايات المتحدة وحدها بل لحلفائها في أنقرة وأربيل والرياض وقطر وغيرها، حيث إن كل طرف منهم يريد أن يجعل من عين العرب كبش فداء لتحقيق مصالحه على طريقته الخاصة، بدون مراعاة أي اعتبارات إنسانية للسكان في المدينة، أو اعتبارات قانونية لمدى شرعية هذا التدخل في مدينة تابعة لسيادة الدولة السورية. وبالتالي فإن هذا التحالف المزعوم أعطى الضوء الأخضر لداعش للزحف إلى عين العرب لتكون بمثابة حصان طروادة يمكن من خلاله تنفيذ كل طرف لنزواته ورغباته الدنيئة باسم محاربة داعش، الأمر الذي يكشف ما وراء تضخيم الفقاعة الداعشية منذ السيطرة المشبوهة على الموصل، ومن ثم الآن اختراع "قصة فشل الغارات الجوية لوقف زحف مقاتليها نحو عين العرب"، بالرغم من الظروف العسكرية المتوفرة كانكشاف آليات داعش في محيط عين العرب أمام طائرات التحالف المزودة بأجهزة رصد دقيقة.

ما يعني أن الإستراتيجية الحقيقية للتحالف المزعوم ضد الإرهاب ليس القضاء على داعش ومشتقاتها الإرهابية بل استثمار وجود هذا التنظيم لتحقيق مصالح قصيرة- بعيدة الأمد، بما يعني ذلك من استكمال مسلسل الربيع العربي- الدموي إلى حلقات جديدة من الذبح والقتل والتخريب والتدمير الحضاري، الذي لن يقف عند عين العرب فيما لو نجحوا بإسقاطها بيد داعش، بل يؤمل وفقاً لاستراتيجياتهم الخائبة أن يصل إلى كل مكان في الوطن العربي.

بالرغم من هذا الهدف "السامي" للتحالف والمبيت بما يشبه المؤامرة الدولية يحاول كل طرف من هذه المؤامرة أن يمارس لعبة شد اللحاف نحوه لاقتطاع أكبر قدر من الكعكة انطلاقاً من عين العرب السورية، حيث بدأت عملية استدراج داعش إلى عين العرب عن طريق مقايضة وضيعة بين تركيا وداعش، حين وافقت تركيا على التغاضي عن غزو داعش لعين العرب مقابل تسليم بضعة عشرات من الرهائن الأتراك كانت داعش احتجزتهم في ظروف مشبوهة، وهذه الصفقة التي تعني مقايضة مئات آلاف المواطنين السوريين ببضعة عشرات من الأتراك، تثبت سخافة بل بلاهة الاعتماد على الحليف التركي من قبل بعض الزعماء الأكراد في عين العرب وغيرهم ممن لم يتعلم خلال أربع سنوات من الكذب الأردوغاني الذي اختزل مساعدته للشعب السوري بدعم عدد من الجماعات المسلحة الخارجة على القانون والمصنفة دولياً كمنظمات إرهابية، والتي عاثت تخريباً وقتلاً وفساداً في الأراضي السورية.

ولم تكتف تركيا بهذا الاستخفاف بدماء السوريين وسيادتهم الوطنية على أرضهم بل تسعى لإبرام مقايضة أمريكية- تركية تحصل من خلالها على منطقة عازلة مغطاة دولياً تحمي الحدود التركية من النشاطات المسلحة الكردية وتضمن إشرافها على موارد النفط والغاز، وفي الوقت الذي تحاول الولايات المتحدة عبر تحقيق هذا الحلم التركي، تكريس التبعية التركية إلى فترة طويلة الأمد يمكن استثمارها للتدخل جنوباً في المنطقة وشمالاً نحو القوقاز الروسي.

وفي المقلب ذاته تأمل السعودية وقطر بالرغم من اختلاف تفاصيل شيطان مصالحهما أحياناً، أن تحقق داعش في عين العرب ما عجزت المنظمات الإرهابية الإخوانية "المعتدلة" عن تحقيقه خلال أربع سنوات، وقد عزز هذا التوجه سيطرة داعش السهلة على الموصل الأمر الذي كان بمثابة تقدم كبير في طريق الخراب العربي الذي تدعم "جهادييه" السعودية وقطر، بما يعنيه ذلك لها من تقويض ما تدعيه من هيمنة "إيرانية" على الدولة العراقية، والدولة السورية عبر اقتطاع المزيد من الأراضي من سيادتهما والتخريب في منشآتهما وبناهما التحتية.

أما الزعامة التقليدية الكردية في أربيل فقد حاولت أن تستغل الفرصة لتوسيع دورها "الأبوي" ليشمل الأكراد في سورية، إلا أنها ظلت محكومة بالتبعية الأميركية التركية التي تصل في معظم الأحيان إلى حدود الإذلال، وبالتالي فإن حصتها الموعودة ظلت وستظل رمزية إلى أبعد الحدود.

وبالنتيجة فإن الطلعات الجوية للتحالف الدولي لا يُرجى منها تحقيق نتائج فعلية سريعة على أرض المعركة بل تهدف إلى الاستثمار في الوقت والمال، حيث إن إطالة أمد الحرب ضد الإرهاب وتوسيع رقعة المناطق التي تسيطر عليها المنظمات الإرهابية، يعني المزيد من الفوضى والتدمير والتخريب وانتهاك حقوق الإنسان، وكل ما يعمل على دفع سكان المنطقة إلى الفرار وترك أراضيهم لخلق مشكلات إنسانية عابرة للحدود يجري الاتجار بها، كما تؤدي إلى إظهار القوى المحلية دولاً وجماعات بمظهر العاجز عن القيام بمكافحة الإرهاب، وهو ما يحتم الاستنجاد "بالأصدقاء الغربيين" الجاهزين مع أسلحتهم وفواتيرهم التي ستمول من أموال البترو دولار، وفي هذا الإطار من المفيد ذكره أن كلفة الحرب في ليبيا بلغت وفق أقل التقديرات 50 مليار دولار وأجرة الطلعات الجوية لليوم الأول في العراق بلغت 79 مليون دولار، وهي كلف باهظة ستدفع بصورة أساسية من احتياطات النفط والغاز الخليجية، وعليه فإن استمرار الأزمة في المنطقة يعني استمرار شلال الدولارات المتدفق إضافة لتجارة النفط المسروق والأسلحة والمخدرات والآثار والذهب، وهو الأمر الذي قد يسهم بالتخفيف من تداعيات الأزمات الاقتصادية التي غدت تحل بالنظام الاقتصادي الغربي بصورة دورية كل عقد من الزمن. وبالتالي فإن ما يجري في عين العرب هو بورصة مضاربات دولية في مسلسل الفصول الدموية للمؤامرة المحاكة ضد سورية، وإن صمود المدافعين عنها وهم من جميع مكونات الشعب السوري أفشل المطامع الدولية، مما أدى بالولايات المتحدة للجوء إلى احتواء صمود عين العرب عن طريق تقديم العون اللوجستي والأسلحة لمقاتليها مبررة ذلك على لسان أحد مسؤوليها "إن عدم تقديم الدعم لعين العرب يعد تصرف غير مسؤول"، كما سارعت تركيا للموافقة على السماح بمرور المقاتلين الأكراد إلى عين العرب عبر أراضيها رغبة منها بالمشاركة بلعبة الاحتواء الأميركية، ما يعني أن جميع هذه الأطراف بدأت باستثمار عين العرب كورقة رابحة بعد أن كانت تراهن عليها كورقة خاسرة، ما يستلزم العمل الفوري لوضع صمود أهالي عين العرب في الاتجاه والمكان الصحيح، وهو روح وقلب الشعب السوري بما يعنيه ذلك من حق الدولة السورية بسط سيادتها على أراضيها وواجبها الدفاع عن تراب الوطن في عين العرب وغيرها.


اقرأ المزيد...
أضف تعليق

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا