جهينة نيوز- بقلم نارام سرجون:
هل هناك إهانة للقديسة والثائرة الفرنسية الشهيرة جان دارك أكبر من إهانة اليوم؟ وهل هناك يوم أكثر سوادا عليها من هذا اليوم الذي اجتمع فيه لصوص العالم وقتلته وسادة الكذب والرياء والنفاق بحجة التعاضد والتكاتف لمحاربة الإرهاب؟؟
لو تكلم رماد جان دارك التي أحرقت حية فماذا كان سيقول؟؟ إنني على يقين أنه سيقول لنا بأن النيران التي أشعلها أكبر قتلة العالم في روح جان دارك في باريس اليوم أشد لهيبا واضطراما وقسوة على روحها من نيران محارق الهرطقة التي أحرقت جسدها قبل عدة قرون..
ربما تختصر صورة خمسين زعيما توسطهم بنيامين نتنياهو الذي بدا أنه هو صاحب العزاء فيما أولاند ضيفه يساعده في جهده وسعيه المشكور.. تختصر هذه الصورة التاريخ كله.. وربما التاريخ الفرنسي.. فالقتلة يستمرون في القتل.. ومشعلو الأجساد والحرائق لايزالون يمارسون طقوس القتل ويستمرون في إحراق الشعوب.. قديما بتهمة الهرطقة.. وبالأمس بتهمة قلة الديمقراطية.. واليوم بالإرهاب.. وهم يقيمون المحارق ويحتفلون بموت الضحايا.. وبعد كل هذا يلعبون لعبة التعزية والبكاء والتراجيديا..
والتاريخ الفرنسي يعيد إنتاج نفسه فجان دارك سلمها الفرنسيون مقابل المال لأعدائهم الانكليز لتحرق بتهمة الهرطقة.. واليوم تسلم فرنسا أرواح ضحاياها وأبنائها الذين سقطوا في عملية إرهابية إلى من قتلهم.. وإلى أكبر تجمع لإرهابيي العالم ولصوص المغارات وتجار البشر.. أوغلو وحمد ونتنياهو وكاميرون و..أولاند.. ولا يشبه هذا المهرجان للإرهاب إلا عملية إحراق جان دارك من جديد.. عذراء أورليان..
لقاء إرهابيي اليوم فيه ملهاة ومأساة حقيقية.. وفيه إهانة لفرنسا وإهانة للإنسانية.. ولكن فيه عبرة لنا جميعا.. فعبرة اليوم أننا على حق لأن كل الأشرار الذين اجتمعوا اليوم في مسيرة باريس هم.. أصدقاء الشعب السوري المشهورون.. وهؤلاء لا يجتمعون إلا للشر ولإشعال الحرائق في الأنقياء والشرفاء والأتقياء.. ونفس أصدقاء الشعب السوري اجتمعوا اليوم في مظاهرة عنوانها الإرهاب ولكن باطنها.. الإسلام والمسلمون..
وعبرة اليوم هي أن هذا العالم لايكترث إلا بالأقوياء.. فضحايا فرنسا سقطوا في نفس الوقت الذي سقط فيه شهداء جبل محسن.. ولكن ذهب خمسون من قادة العالم للبكاء على ضحايا باريس في مهرجان النفاق فيما لم يشيع شهداء جبل محسن الفقراء إلا الفقراء.. فشهداء جبل محسن قضوا بتفجير إرهابي في مقاهي الفقراء في طرابلس.. فيما ضحايا فرنسا قضوا في شارلي ايبدو في باريس.. الفارق ليس بالمسافة بين طرابلس وبين باريس.. بل بالمسافة بين دولة بلا طوائف ودولة فيها دول للطوائف..!! ترى كم ضحية عراقية وسورية ولبنانية وليبية ويمنية قضت في هذه السنوات ولم يأت إلى تشييعها أحد إلا الفقراء؟؟ وإذا أردنا أن نخصص لكل 12 ضحية عربية خمسين رئيس دولة لتشييعها لتوجب أن يحضر إلينا 100 مليون رئيس وملك في العالم..
وثالث عبرة هي أن زعماء المسلمين في أوروبة ليسوا مؤهلين لقيادة هذا المرحلة الخطرة.. فمن يستمع إلى بعض زعماء المنظمات الإسلامية في فرنسا بالذات في هذه المناسبة يدرك الورطة التي وضعت فيها الجاليات الإسلامية بسبب هذه القيادات الإسلامية المهترئة الهزيلة الموالية إما للسعودية أو للإخوان المسلمين والتي لم يجرؤ واحد منهم في كل المقابلات على ذكر جرائم إسرائيل في هذه المناسبة واضطهادها للمسلمين بل ودون موعد وبدون مناسبة ذكروا الاضطهاد الذي يعاني منه المسلمون وخاصة على يد "النظام السوري"!!.. وهؤلاء هم من سيتسبب في تهيئة أفران الغاز لمسلمي أوروبة لأنهم قادة بلا نظر ومنحرفون ولا يبالون إلا بجيوبهم ولا يعون خطر الصهاينة في الغرب في التحريض على المسلمين وجاليات المسلمين وبلاد المسلمين.. وليس لديهم أي مشروع للتصدي للتحريض على المسلمين.. بل لديهم مشروع جهادي ضد الشيعة والنصيريين..
مسيرة اليوم مقززة بكل المعايير.. ومهينة بكل المعايير.. ومثيرة للسخرية والتهكم بكل المعايير.. وتستحق الاحتقار بكل المقاييس.. ولو تمكن ضحايا شارلي ايبدو من أن ينطقوا لنهضوا وتمنوا علينا أن نطرد هذه الأرواح الشريرة وأن نصفع الشياطين التي تحوم حول أجسادهم.. فالموتى حساسون جدا للأرواح الشريرة.. وتؤذيهم رائحة القتلة والمجرمين حولهم.. وخاصة رائحة أولئك المجرمين الذين الذين لاتزال دماء الضحايا تحت أظافرهم وأسنانهم وعلى ياقاتهم.. ولاتزال السكاكين المخبأة تحت ثياب هؤلاء القتلة يقطر منها الدم الساخن للضحايا ومن حوافها الحادة.. وهم يسيرون في باريس.. ويعيدون إحراق جان دارك بعد ستة قرون كاملة.. عذراء أورليان أحرقت ثانية اليوم..
10:23
18:41
00:58
02:25
04:05
20:28
05:50
06:00
08:07
15:14
11:51
16:48