‏تهويد الإسلام.. الوهابية وتصدير المذاهب والبشر إلى إسرائيل!

الجمعة, 23 كانون الثاني 2015 الساعة 16:55 | مواقف واراء, زوايا

‏تهويد الإسلام.. الوهابية وتصدير المذاهب والبشر إلى إسرائيل!

جهينة نيوز- بقلم نارام سرجون:

لم يعد جذابا في حديثنا عن الوهابية أن نعيد اكتشافها.. ولا أن نكشف الوشم اليهودي المخبأ على ذراعها.. ولا أن نشق على صدرها لاستراق النظر إلى قلبها البارد كقلب الثعبان الأسود الذي عليه نقش الشمعدان اليهودي.. بل صار المرور على ذكرها يشبه الدرس المكرر الممل.. والفيلم الذي حفظنا جمله ولقطاته عن ظهر قلب.. توحش وتخلف وبدائية وإسرائيليات.. بل صار استنكار مكوناتها الفكرية مثيرا للتثاؤب أو الغثيان لكثرة ما لعن الناس فجورها..

ولكن لسنا هنا بصدد تشريحها ولا شق صدرها وبطنها بالمشارط كيلا يشق على الناس رؤية الجماجم والأشلاء التي التهمتها.. وكي لا تنبعث رائحة الدم التي تملأ جوفها.. وكيلا تنفذ تخمرات الكراهية ورياح الجنس المريض الغرائزي إلى خياشيمنا.. وكيلا يسمع الناس صراخ اليتامى والسبايا في أحشائها.. بل نحن مضطرون لمراقبة هذه "البسوس" الشريرة وتحليل سلوكها لكي نعرف أكثر عن سلوك إسرائيل وخططها القادمة والتنبؤ بنواياها الخفية وربما إحباط ماتريد إسرائيل من شر بمجتمعاتنا الطيبة المسالمة.. فربما كان رصد كلاب الصيد ونباحها أهم من رصد صاحب الكلاب وصوت رصاصه!!.

تماهي الوهابية وتكاملها مع الصهيونية لم يعد محرجا لكليهما.. فلم تعد مثلا إسرائيل مضطرة للتعليق أو وصف المناضلين العرب بالإرهابيين والمخربين وإنذارهم بالموت والهلاك كما درجت عليه العادة في العقود الأخيرة من القرن العشرين عندما كانت البيانات العسكرية الإسرائيلية تتحدث عن المخربين الفلسطينيين مثلا لأنها تركت هذه المهمة في ترعيب وتقريع المناضلين والأحرار للمملكة العربية السعودية ودويلات الخليج المحتلة.. وصارت إسرائيل هذه الأيام تقصف هدفا معاديا لها وتلزم الصمت بل وتنام ملء جفونها لتتركنا نسمع رأيها من الإعلام الخليجي الوهابي وفتاوى التكفير الوهابي.. وتترك التعليق والنعيق لصحف وفضائيات الأمراء والملوك ليعلو صوت الإعلام العربي الخليجي الذي يشمت بالمناضلين ويسخر منهم أو يسفههم أو يقرعهم ويصفهم بالمغامرين البائسين.. لدرجة يبدو فيها موقف إسرائيل العلني رزينا وفيه رقي رغم زيفه مقابل طيش الإعلام الخليجي الوهابي وحماقاته وتعليقاته الفاحشة البذاءة المغرقة في ساديتها.. بل وصل الأمر إلى حد أن عبد الرحمن الراشد وجريدة الشرق الأوسط صارا يستأسدان علينا علنا بسلاح إسرائيل وجيشها لا بقوات درع الجزيرة ولا بهيبة الكعبة ورب البيت الذي يحميه.. وصار الراشد يهدد بأن دول الخليج ستستعين بإسرائيل إذا وجدت نفسها في خطر.. فإسرائيل هي طير الأبابيل التي تحمي البيت العتيق!!.

وهذا التقريب السياسي من العدو مهما كان محملا بالبراغماتية والخوف المصنع والمعلب فإنه يحتاج دوما إلى تقريب ديني يشكل حاملا له وغطاء شرعيا واقيا كان من الصعب جدا تمريره في الماضي عند وجود الجمهوريات العربية "الديكتاتورية" والتي بعد سقوط بعضها وانشغال بعضها صار من الممكن المجاهرة والإشهار بهذا الاتجاه..

وعادة لايمكن إجراء التقارب السياسي في الشرق الأوسط دون غطاء ديني بسبب تحكم الدين في كل مفاصل التفكير بدليل ورود كلمة الشرع والدين والله والحلال والحرام في كل نقاشات الناس وفي جدالهم ويومياتهم بل إن الرئيس السادات زار القدس متزنرا بآيات القرآن الكريم عن السلام وكان يسيج خطاباته بالبسملة والآيات القرآنية لتسهيل ابتلاع قراراته السياسية بشأن كامب ديفيد.. ولذلك يصبح التقارب السياسي في الحالة الإسلامية اليهودية -بما فيها من موروث خيبر وبني قينقاع وقريظة- مغامرة خطرة ليست مأمونة الجوانب.. وتحتاج فقها جديدا كاملا يعمل لخدمتها وتبريرها.. خاصة وأن أحد أهم المقدسات الإسلامية وهو الأقصى محتل من قبل (أهل خيبر) وهو مهدد في كل يوم بالزوال ونهوض الهيكل على جثته.. وهذه إحدى أكبر معضلات التقارب بين الإسلاميين والإسرائيليين بسبب ورود اسم المسجد الأقصى في القرآن كمقدس إسلامي.. ولايكتمل الإيمان الإسلامي إذا ماأسقط أحد رموزه المقدسة المزروع في جسد القرآن كما لو كان كبده..

المؤسسة الدينية الوهابية في السعودية تصدت لهذه المعضلة وهي تسعى جاهدة إلى تبرير هذا النهج السياسي الخليجي القاضي بالتقارب مع الإسرائيليين باعتماد حيلة التقريب مع اليهودية باللجوء إلى التبعيد المفرط عن الشيعة.. وللوصول إلى التقريب مع الإسرائيليين بسرعة قياسية بالغت المؤسسة الدينية الوهابية في بث الكراهية السوداء ضد الشيعي الذي تحول عدوا أول للإسلام والمسلمين جميعا.. فهو يقتلهم وهو يتسبب في مظلومية أهل السنة جميعا ويهين رموزهم الدينية.. رغم أن كل إهانات الرسول الكريم في أمريكا وأوروبة لقيت لامبالاة وهابية وبرودا لا نظير له وصل حد التجاهل.. وهذا التناقض في إبراز الغيرة المفرطة على شخصيات تراثية ثانوية إسلامية (مثل الصحابة) أقل أهمية بالطبع من موقع ومكانة الرسول الكريم مقابل لامبالاة بإهانة النبي نفسه سببه الحاجة لتبرير التقارب السياسي مع إسرائيل.. لذلك نجد أن من يقوم سرا بإبراز دعاة الوهابية ضد بعض غلاة الشيعة على مواقع التواصل الاجتماعي هي المؤسسة الدينية الوهابية التي تستعمل هذه الشخصيات متكأ في دعواها بخطر الشيعة وصوابية الصداقة مع اليهود الأقل خطرا.. بل وصار الطرف الإسرائيلي هو ابن العم الذي ينتصر لنا.. وبنتيجة فقه التقريب مع اليهود ارتقت شخصيات بعض الصحابة حتى تجاوزت أهمية الرسول نفسه بدليل أن العالم الوهابي كله شن حربا شعواء على الشيعة بسبب آراء موجودة منذ 1500 عام ولكنه لم يكترث بكل الإهانات الكاريكاتورية التي وجهت للرسول نفسه وللقرآن نفسه في الغرب.. وهذا يعني رفعا لقيمة الصحابة حتى تجاوزوا في قدسيتهم مكانة الرسول نفسه الذي تتراجع قدسيته بالمقارنة مع الشخصيات الثانوية حوله.. تماما كما تجاوز غلاة الشيعة شخصية النبي أيضا نحو آل بيته..

وقد نجحت المؤسسة الدينية الوهابية في نقل إسرائيل تدريجيا من مرتبة العدو الوحيد الرئيسي إلى مرتبة العدو الثانوي إثر تأسيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي نقلتها جهود المؤسسة الدينية السعودية إلى مرتبة "العدو الآخر الإضافي" عبر دعم مشروع قادسية (صدام حسين) ضد ماسمي "الفرس المجوس".. ولكن السعودية نجحت لأول مرة في الربيع العربي في نقل إسرائيل من العدو "الثانوي" إلى الصديق والحليف المحتمل في فترة الربيع العربي.. وتسارع ذلك التموضع الإسرائيلي ليرتقي اليوم إلى حالة الحليف الموثوق الحامي للحمى وللدين طالما أنه يقاتل الشيعة أعداء الدين!!.

وتجلت تلك النقلة النوعية بالانتقال من مجرد لوم حزب الله عام 2006 على إلقاء نفسه في التهلكة والامتناع عن الدعاء له إلى مرحلة الدعاء على حزب الله وتمني النصر لإسرائيل هذه الأيام.. ولاأدل على ذلك مثل تصريحات الداعية السعودي عبد الرحمن البراك والذي يعبر عن وجهة نظر واسعة متفق عليها داخل المؤسسة الوهابية والأسرة المالكة وتنقل -وفق رؤية الأواني المستطرقة- وجهة نظر التيارات الإسلامية السياسية التي تولت الربيع العربي بما فيها الإخوان المسلمون الذين توعدوا بقصم ظهر الهلال الشيعي وطرد إيران من حدود إسرائيل عبر إخراجها من تحالفها مع سورية.. فالبراك أبدى ارتياحا لسقوط مجموعة حزب الله في القنيطرة بقصف إسرائيلي معللا ذلك بأن الشيعة أشد خطرا من إسرائيل على الإسلام.. وقال "بأن ماقتله الشيعة من أهل السنة يضاهي ماقتله الإسرائيليون في ستين عاما".. وهذا التبرير بغض النظر عن فجاجته ووقاحته وغوغائيته وليّه لعنق الحقيقة فإنه مثال ساطع على تطبيع ديني وهابي صهيوني يجري علنا لأول مرة تحت سقف الدين لاسقف السياسة..

ولمعرفة النجاح الوهابي الصهيوني في التطبيع الديني الذي يقود التطبيع على المستوى الشعبي والثقافي لاحقا يمكن المقارنة بين مزاج الناس قبل مرحلة التطبيع الوهابي الصهيوني.. ففي التسعينات قامت محاولة إسرائيلية بعد مؤتمر مدريد للاتصال بصحفيين سوريين عبر وسائل إعلام عربية توسطت لإيصال الأسئلة وعرضت مبالغ ضخمة إذا ماقام الصحفيون السوريون باستطلاع الآراء بين مختلف شرائح المجتمع السوري وخاصة المثقفين لمعرفة ردودهم عن أسئلة أربعة هي:

ماهو شعورك وأنت ترى مصافحة بين الرئيس حافظ الأسد واسحاق رابين على غرار مصافحة الأخير مع ياسر عرفات؟

ماهو شعورك من وجود علم إسرائيلي يرفرف في سماء دمشق؟

ماهو شعورك من وجود سياح إسرائيليين يتجولون في سوق الحميدية الشهير وفي الجامع الأموي؟

ماهو شعورك إذا مررت بمكاتب تجارية إسرائيلية في دمشق؟

رفض جميع الصحفيين والمثقفين السوريين الرد على هذه الأسئلة ورفضوا إجراء هذا الاستطلاع حتى بشكل سري رغم أن إحدى الصحف الخليجية استماتت في محاولة إقناع الصحفيين والإعلاميين السوريين بإجراء هذا الاستطلاع سرا وعرضت رشاوى سخية جدا عليهم.. كانت الأسئلة مستفزة جدا ووقحة جدا ومهينة جدا.. فلم يكن عقل أحد يتحمل أن يرى سياحا إسرائيليين يتجولون في الجامع الأموي فيما جنود حرس الحدود الشرسون الإسرائيليون وطلاب المدارس الدينية اليهودية يقتحمون بأحذيتهم المسجد الأقصى ويشقون ثيابه ويجرحون كبرياءه.. ولم يكن أحد يتحمل رؤية سياح إسرائيليين في مطعم بكداش أو في الرمال الذهبية أو الشاطئ الأزرق فيما كان رابين قد أعلن سياسة تكسير عظام الفلسطينيين بالحجارة.. ولم يقم أحد بالرد على تلك الأسئلة في نوع من الصمت المشبع بالازدراء والاحتقار والاحتجاج.. المفاجأة التي عرفناها لاحقا هي أن مصدر الأسئلة هو معهد فان لير الإسرائيلي في القدس الغربية الذي كان يشرف عليه في تلك الفترة.. المناضل الإسرائيلي عزمي بشارة.. بشحمه ولحمه.. وبرائحته نفسها.. وشنباته نفسها.. ولاحقا علمنا أن بشارة نفسه هو من وضع الأسئلة لاستطلاع مزاج السوريين ودراسته في معهد الأبحاث وتحليله ليصار إلى توصيات وعلاجات.

الدنيا تغيرت بعد عملية التطبيع الوهابي الصهيوني التي أصابت عدواها جميع التيارات الإسلامية.. والإسرائيليون حصلوا من جميع الإسلاميين دون استثناء ومن جميع الثوار العرب والسوريين والمعارضين المعتدلين والمتطرفين على الأجوبة التي كان الإسرائيليون لايحلمون بها منذ عقدين فقط.. فالإخوان المسلمون عبر محمد مرسي أعلنوا إسقاط العداء جهارا وإبراز الصداقة "العظيمة" للعدو القديم الأزلي الذي كان صاحب العداء المقدس سابقا.. فيما أن الإجابة على الأسئلة الأربعة المذكورة أعلاه الموجهة إلى المثقفين السوريين كانت متطابقة في جمهور الثوار والمسلحين في فترة الربيع العربي وهي: على الرحب والسعة.. لايهيننا وجود علم إسرائيلي.. ولاسفارة إسرائيلية في دمشق.. ولارؤية نتنياهو يصافح الرئيس السوري "القادم" في قصر الشعب.. وكل السياح الإسرائيليين مرحب بهم حتى محراب الجامع الأموي.. فهم أهل ذمة!.

هذه النتيجة طبعا لاتفاجئ أحدا لأن ربيع إسرائيل الإسلامي قد بني على إطلاق كم هائل من خطاب الكراهية المطرز بالدم والعنف الشديد ومشاهد الوحشية التي فاقت التصور تولتها المؤسسة الوهابية الدينية ومولتها بشكل غير مسبوق ملحقاتها الخليجية.. وتسببت في غسيل الذاكرة المسلمة تماما وتلوينها من جديد بألوان زرقاء إسرائيلية.. حولت بموجبها مزاج كثيرين من السوريين (الإسلاميين) والعرب الذين صاروا معارضين يقبلون براية إسرائيل وسفير إسرائيل وسياح إسرائيل.. واليوم يهللون لطائرات إسرائيل تقصف دمشق أو تقصف حزب الله في القنيطرة..

لم تتوقف استطلاعات تل أبيب وهي اليوم تنشط في مخيم الزعتري ومخيمات تركيا وفي بعض المناطق التي يسيطر عليها (المسلحون الإسلاميون).. وقد أدلى بعض الأسرى من المسلحين الذين أوقفتهم القوات السورية ببعض المعلومات عن أسئلة كانت تسأل في المعسكرات يقوم بها متطوعون عرب وسوريون مقابل المال وهذه الأسئلة تفوح منها رائحة إسرائيلية زنخة جدا.. ولاشك أن من كتبها ووزعها هو نفسه مكتب الاستطلاع والتجسس الذي يديره عزمي بشارة من فرع معهد فان لير في قطر..

هذه الأسئلة خبيثة ومفخخة.. وأتحدى معارضا واحدا أن يجيب عنها علنا وهذه الأسئلة:

إذا عرضت عليك استعادة المسجد الأقصى أو إسقاط النظام في دمشق.. فماذا تفضل؟؟

إذا كان عليك أن تختار فمن ستختار.. رؤية سياح إيرانيين في السيدة زينب أو سياح إسرائيليين؟؟

إذا كان عليك أن تختار فمن ستختار أن يكون صديقك من بين هؤلاء الثلاثة: إسرائيلي أو إيراني أو نصيري سوري؟

إذا ماوقعت حرب بين إسرائيل وحزب الله أو إيران أو سورية فلمن ستدعو بالنصر؟؟

ماذا تفضل في سماء دمشق علما إيرانيا أو علما إسرائيليا؟؟

إذا كان عليك أن تختار من هاتين الشخصيتين لتكون من تسدد عليه مسدسا: بنيامين نتنياهو أم حسن نصرالله؟؟

ولذلك نجد أن اللبواني ذهب إلى إسرائيل وتنازل عن الجولان بموافقة المعارضة السورية التي اجتمعت معه في الحج والتقطت الصور التذكارية بدل مقاطعته كرسالة صريحة لإسرائيل عن الخط التصالحي الإسلامي مع إسرائيل الحليفة.. وهذه العلنية في التخلي عن العداء لإسرائيل والتخلي عن الأرض هيأت لها عملية التطبيع الوهابي الصهيوني التي جعلت الإسرائيلي صديقا والشقيق السوري خصما بدرجة عدو.. والإيراني عدوا بدرجة العدو الأكبر.. واجتماع المعارضين الإسلاميين باللبواني في الحج هو رسالة صريحة على الاستطلاع الإسرائيلي الذي يجرى في مخيمات اللاجئين وفي معسكرات المقاتلين.. أي إن المعارضة الإسلامية مستعدة لتوقيع صك تنازل علني عن الأقصى والحق بفلسطين إذا مالقيت المعارضة السورية مساندة إسرائيلية صريحة للوصول إلى الحكم.. وهذه نتيجة طبيعية لجهد المؤسسة الوهابية الدينية في التلاعب بالمقدس الإسلامي لصالح المقدس اليهودي..

لذلك لم يكن غريبا أن يصدر عن بعض شيوخ الوهابية ترحيب ومباركة بالغارة الإسرائيلية على القنيطرة.. وبالطبع لن يكون هذا إلا بداية موجة من التصريحات التطبيعية القادمة التي تهيء العقل الإسلامي للقبول بالتحالف الإسلامي (السني) الصهيوني انتصارا لأتباع الصحابة على أتباع آل البيت.. والقبول بثمن هذا التحالف وهو التنازل الشرعي عن فلسطين بكامل جسدها من البحر إلى النهر مع قلبها في القدس.. وهو ماترجمه اللبواني من تحريض مذهبي على إيران ربط فيه السياسة بالدين بطريقة انتهازية رخيصة مستفيدا من توطئة الوهابية لخطوته.. وأطلق على إيران مصطلح "النازية الصفوية".. وهذا المصطلح هو نقل حرفي عن توصيات مؤتمر هرتسيليا الذي تمت فيه توصية بإنتاج المصطلحات المتناقضة والمفاهيم المشينة بالإرهابيين والدول الراعية للإرهاب وإلصاقها بأعداء إسرائيل الإرهابيين كون إسرائيل ضحية لهم أيضا..

علينا الاعتراف أن الوهابية بقيادتها للموجات الإسلامية وبمزجها لمياه المذهب السني مع مياه اليهودية إنما تهوّد الدين الإسلامي ولاتؤسلم اليهودية طبعا.. والتهوّد الإسلامي يصيب شقه السني ويدفع بشقه الشيعي إلى رد فعل مواز في نفس الاتجاه.. وتقطف إسرائيل الثمار من الشجرتين وتستظل بهما.. فهذا الاقتراب الوهابي الشديد من اليهودية الصهيونية مقاربة خطرة جدا لسببين.. الأول لأن اللقاء بين الطرفين اليهودي والوهابي هو لقاء بين جهة (صهيونية) متمكنة حضاريا وثقافيا وتكنولوجيا مقابل عقيدة وهابية تقود الجمهور الإسلامي وهي عقيدة ضعيفة حضاريا وثقافيا وتكنولوجيا وفلسفيا.. مما يجعل الأولى مؤثرة وفاعلة والثانية منفعلة وثانوية التأثير عليها أو معدومة التأثير.. وتتحول بالتدريج إلى عقيدة تخدم العقيدة الأولى من منطلق إيماني ويقيني وشعور بالدونية..

أما السبب الثاني فهو أن الإمعان الوهابي في إظهار الكراهية للشيعة ليس فقط لاستدعاء حرب دينية تفيد إسرائيل وليس فقط تلبية لرغبة عقيدة وهابية بقدر مافيه أيضا إرادة صهيونية لخلق تيار داخل الشيعة موال لإسرائيل يتقدمه غلاة الشيعة بحيث يكون رد فعلهم على الكراهية والتحريض مساويا للفعل الوهابي ومعاكسا له.. أي سيتقدم غلاة الشيعة صفوف جمهورهم ويتراجع دور العقلاء فيهم ويدفع الغلاة من الشيعة جمهور المؤمنين منهم إلى الابتعاد عن أهل السنة كخطوة انتقامية.. وهذا بشكل تلقائي سيعني الاقتراب من الإسرائيليين والغربيين بنفس حجة الداعية البراك الشيخ الوهابي.. وسيقول هؤلاء الغلاة بأن (إسرائيل لم تقتل من الشيعة في ستين عاما مثلما قتله السنة في أربع سنوات).. وتصبح إسرائيل المنقذ والمخلص والعدو الرؤوف بأعدائه بالقياس إلى سادية الإسلاميين "السنة" الذين تقودهم الوهابية بوقود الكراهية المتوحشة السوداء المريضة.. وبسبب ذلك تقترب إسرائيل من قلب الجمهور الشيعي كما اقتربت من قلب غلاة السنة وجميع الإسلاميين في الحركات السياسية.. وقد نسمع تهليلات شيعية وتكبيرات إذا ماقصفت إسرائيل أهدافا للسنة.. تهليلات تشبه تهليلات السرور والدهشة ودعاء الشكر الذي نسمعه مرافقا لأفلام القصف الإسرائيلي لأهداف سورية التي تكللها التكبيرات والشماتة بجيش "الأسد النصيري" ليرد الشيعة يوما بتكبيرات وتهليلات مرافقة لصور وأفلام قصف إسرائيلي لأهداف "سنية"..

وهذا الانزياح في المزاج الشعبي الشيعي نحو إسرائيل هو هدف رئيسي من وراء تفعيل الكراهية العلنية الوهابية للشيعة.. إنها تهجير قسري للشيعة نحو الحضن الغربي والإسرائيلي أو على الأقل تصدير للشيعة إلى إسرائيل.. ولانبالغ إن قلنا بأن غاية إسرائيل من تشجيع الوهابية في المنطقة هي إيصال الشيعة إلى ممر إجباري باتجاهها والاستحواذ على صداقتهم وثقتهم.. فتكسب ولاء الشيعة إلى جانب ولاء السنة الذين كسبتهم سلفا.. ونخسر نحن كل الإسلام.. تماما كما فعلت جامعة نبيل العربي وحمد التي نفّرت العرب من العروبة ولولا هويات بديلة وطنية لجأ إليها الناس لما وجدوا غير حضن إسرائيل الدافئ نكاية بهذه العروبة وهؤلاء العرب..

وربما كان في بعض ملامح ماسمي "الثورة الخضراء" في إيران ارتدادات هذا السلوك الوهابي.. فقد كان النشطاء الإيرانيون المعارضون للرئيس نجاد يدافعون عن خيار "إيران أولا" وهم يعبرون عن امتعاضهم من برنامج الرئيس نجاد الذي فيه بعض الاهتمام الإيراني بشؤون غير الإيرانيين في فلسطين ولبنان والتي يعاقب بسببها الإيرانيون كشعب ويتلقون مكافأة لهم مقابلها الكراهية العربية القصوى والتحريض المرضي.. والإيرانيون يقدرون أن يكونوا أصدقاء للغرب وهم في غنى عن هذا العداء المسموم من العرب الذي كلفهم حربا مع صدام حسين وقادسيته وحصارا عربيا وغربيا.. وقد تنتقل هذه الميول إلى الشيعة العرب.. الذين سبقهم إليها بعض السنة العرب من أتباع المذهب الوهابي..

لذلك لايجب النظر إلى سطح الفتوى والوعظ الوهابي دون البحث عن جذره الإسرائيلي.. وعن هدفه الإسرائيلي البعيد المدى والخفي.. وأخشى أن يأتي يوم يسأل فيه الشيعة عن رأيهم بسياح إسرائيليين إلى النجف والى كربلاء بدل العرب السنة.. وتصبح الكعبة ثمنا لإسقاط الأنظمة والدول وسلعة للسياسة والمقايضة كما هو الأقصى..

ومن هنا يجب العمل على اجتثاث الوهابية من المجتمعات والجوامع ومن الكتب وذلك بالتركيز على أن اتباعها مجلبة للعار وتهمة وسبة ورزية ومذلة.. فهذه الضلالة لاتكتفي بتبذير الثروات والنفط بل تبدد ثروة المسلمين البشرية وترميهم بالقوة في أحضان إسرائيل.. إنها الفرع الإسرائيلي في شجرة الإسلام..


اقرأ المزيد...
أضف تعليق



ولأخذ العلم هذه المشاركات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي إدارة الموقع
  1. 1 سوري
    23/1/2015
    11:13
    تجفيف اموالهم
    اجتثاث الوهابيه لا يتم الا بتجفيف منابع المال لهذه الدول
  2. 2 مريم
    23/1/2015
    11:21
    ببساطة....
    الخضوع و الانبطاح يجري في دم العربان و الاولى ان تلعب ايران دور السيد لان مصالحها تتطلب وطن عربي موحد.
  3. 3 أبو رامي
    23/1/2015
    22:28
    يجب وأد الفتنة المدمرة في مهدها
    الحل التقاء علماء الشام و الأزهر و علماء المغرب و العراق و علماء حوزة قم المقدسة في إيران (مع استبعاد كامل للعملاء من الوهابية السلفية الصهيونية و الإخوان أيضا )لوضع خريطة طريق لتجنيب الأمة الإسلامية كوارث و مجازر و أفخاخ ينصبها الأعداء لأبنائها للوقوع فيها من أجل هلاكهم التام و لوأد هذه الفتنة في مهدها و لقطع الطريق عليها و شكرا للأستاذ المبدع نارام الذي استشعر و دق ناقوس الخطر قبل أن نصل إلى ما لا يحمد عقباه
  4. 4 ثابت-الفلسطيني
    23/1/2015
    22:55
    عقول أم أقفال مصدية!
    القلب يدمى و العين تدمع لما حل بالامة الاسلامية على يد الوهابية المتصهينة. ما يحيرني هو هؤلاء الذين يستجيبون لاضاليل الوهابية, هل عقولهم ممسوخة, أليس لهم عقل في الرأس بين كتفيهم, أم أن عقولهم أقفال مصدية -أكلها الصدأ! لا زلت حائرا كيف يُمسخ عقل الانسان و يتحول الى قفل مفاتيحه بيد من يعترفون انهم نعاج! لا يسلم مفاتيح فهمه و عقله الى النعاج الا حمار !
  5. 5 الغضنفر
    23/1/2015
    23:50
    الوهابية و الصهيونية توأم سيامي
    فعلا صار الأمر مملا أن نقول أن الوهابية هي الإسلام الصهيوني ,أو الوهابية و الصهيونية وجهان لعملة واحدة,المدعو البراك مازال يجتر كالبقر الفتنة و ينفخ في نار كور الفتنة السنية الشيعيةو يصف بعض المسلمين بالروافض و النصيرية و المجوس السؤال ألم يملوا من هذا الاسطوانة المشروخة ,من جعل هؤلاء الأنجاس أوصياء على الإسلام ,والأهم كيف نصب ابن تيمية و ابن عبد الوهاب أنفسهم أئمة للمسلمين يفسرون القرآن و السنة حسب فهمهم الذي لا يتعدى فهم حمار ,من أعطاهم مفاتيح الجنة ليدخلوا إليها من يريدون و يقذفون في النار من يريدون على كيفهم و أهوائهم,الوهابية أتباع شيخ الدم و الذبح ابن تيمية سابقا و الموساد حاليا هم دعاة على أبواب جهنم من يستمع لكلامهم سيليقيه رب العالمين في النار فاعتبروا يا أولي الألباب
  6. 6 يصمة
    24/1/2015
    04:29
    وهابيين إرهابيين
    دعاة الشر دمروا وخربوا وأبادوا وشردوا واغتصبوا وأموال الشعوب أهدروا حرقوا قلوب وقلوا الطفولة ونهبوا مستقبل الشعوب وحللوا الشرور بكل مافيها من قذارات ,,,,,,,,,,,, ومازال البعض يصدق هكذا أوباش !!!!! عجبي !!!!
  7. 7 أبو نور الدين
    24/1/2015
    04:56
    الوهابية هي قرن الشيطان يخرج من نجد
    الوهابية هي قرن الشيطان الذي يخرج من نجد و الذي حذرنا منها رسولنا الأعظم في حديث صحيح,و الحقيقة الوهابية التي اعتمدتها أسرة آل سعود لتكون هي دين المملكة بدلا من الإسلام الحنيف هي التي سوف تدمر الإسلام و تقتل المسلمين من كل المذاهب الإسلامية أي هي أفكار إجرامية لا تمت بصلة إلى أي دين سماوي أنزله الخالق على عباده ,فكل الشرائع السماوية الغير محرفة بأيدي الشياطين البشرية تحرم و تجرم و تنهى عن القتل ,و الوهابية دينها و ديدنها هو القتل أولا و القتل أخيرا,لذلك إن لم تتضافرجهود علماء المسلمين الغيورين على الإسلام الذين لا يعملون عند المخابرات الغربية كمتمشيخي الوهابية و الاخوان و اتحاد علماء المسلمين ,فإننا سنحاججهم أمام الله يوم القيامة لأنهم لم يعروا و يفضحوا ضباع الوهابية و أسيادهم أمام العالم
  8. 8 السّا موراي الأخير - سوا
    24/1/2015
    06:31
    حقائق من أرض الميدان.
    نشطت في الجولان في تسعينيات القرن الماضي مجموعةٌ تدّعي بأنها وطنية؛فجلبت(إستبياناً!) من جهةٍ أوروبيّة تريد(تقديم العون!) للجولان المحتل؛و هذا الاستبيان يطرح نفس الأسئلة التي طرحها معهد فان لير أعلاه و يزيد عليه أسئلة مثل:هل تريد عودة الجولان إلى سوريا؟إلخ... رفض المواطنون عندنا الردَّ على هذا الاستبيان و حاصروا مروّجيه ليتبيّن فيما بعد أن مرَوّجي الاستبيان هم عملاء للصهاينه و هم أتبوريون في عورة العرعور و من جماعة الحريه حرّيّه و منهم:يوسف سليمان كرمه إبراهيم.و أحمد سليم خاطر، و علي خزاعي أبو عوّاد و يوسف سلمان وهبي أبو صالح و سلمان قاسم بريك. هذا غير الأتبوريين الأتباع. شكراً أخي نارام! لقد أشبعتَ الموضوع تحليلاً و لم يبقَ علينا سوى اتّخاذ موقفٍ معاد للوهّابية الحقيرة و كشف بلاويها للنّاس.
  9. 9 . محمد رقية
    29/1/2015
    01:08
    المطلوب خطة عمل
    أهم خطوة يجب القيام بها الآن هو وضع خطة عملية للقضاء على هذا الفكر الوهابي النتن بكل مؤسساته وعملائه ويجب أن يشارك بهذه الخطة كل الوطنيين المناهضين لهذا الفكر في العالم العربي والاسلامي والعالم الحر , تشمل كل مستويات المواحهة , بدءا من المناهج التربوية وانتهاء بإلغاءكل الأحاديث والفتاوى التي تخالف ماجاء في القرآن الكريم . والعمود الفقري للعاملين في هذه الخطة رجال الدين الاسلامي الحقيقيين الذين يفهمون الدين بإصوله الصحيحة . والحديث يطول في هذا الشأن الشكر الجزيل للاستاذ نارام الذي نحب ونجل ونشد على يديه لطرجه مواضيع في غاية الأهمية , تضيئ الطريق للكثير من أبناء الوطن .

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا