الفخ اليمني.. لإيران أم السعودية؟

الجمعة, 27 آذار 2015 الساعة 15:24 | مواقف واراء, زوايا

الفخ اليمني.. لإيران أم السعودية؟

جهينة نيوز- بقلم سامي كليب:

ترجَّل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من طائرته في السعودية مبتسما، وازداد ابتساما وهو يصافح وزير الدفاع السعودي الأمير محمد ابن الملك سلمان. لم يناقض ابتسامته، سوى تجهُّم وجه عبد الملك الحوثي زعيم أنصار الله وهو يلقي خطابه الليلة الماضية.

الأكيد أن لا ابتسامة الأول ولا تجهم الثاني بعد ليلة القصف السعودي بغطاء عربي باكستاني تركي وأميركي، تقرران مقبل الأيام، خرجت اللعبة من أيدي اليمنيين، وباتت مفتوحة الآن على احتمالات إقليمية ودولية أكبر من اليمن وشعبه الفقير.

السؤال الأول: هل حسب عبد الملك الحوثي ضربته جيدا قبل التوجه إلى عدن التي حدد الخليجيون خطوطها الحمر عبر نقل سفاراتهم إليها؟ إذا كان قد حسبها جيدا، فهو كان يدرك أن الملك سلمان الذي أشرف طويلا في السابق كما ولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف على الملف اليمني، سيكون أكثر حزما من سلفه الملك عبدالله. ولو حسبها جيدا كان يدرك أيضا أن السعودية نسجت في الشهرين الماضيين خيوط جبهة جديدة تشمل مصر وتركيا وباكستان ومعظم دول الخليج (قد نستثني سلطنة عمان). فهل حسبها جيدا عبد الملك الحوثي، وأراد بالتالي توريط المملكة بحرب مباشرة في اليمن لاستنزافها لاحقا كما حاولت هي استنزاف إيران في سورية والعراق وغيرهما؟ أم إنه لم يحسبها، فدفع إيران إلى موقف مُحرج تماما لأن تدخلها المباشر قد يؤدي إلى حرب أوسع بخلفية "سنية شيعية" وعدم التدخل أصعب لأنه سيضع كل محورها أمام لحظة ضعف.

السؤال الثاني: هل توقع عبد الملك الحوثي ردا عسكريا بهذا المستوى؟ إذا كان حسبها، فمن المفترض أنه أعد ردودا عسكرية قد تظهر تباعا داخل الأراضي السعودية، أما إن لم يكن قد حسبها، فهذا يطرح أكثر من علامة استفهام حول قدرة الحوثيين على الاستمرار في إدارة المعركة خصوصا أن إيران تعرف الموانع الكثيرة لتدخلها المباشر في اليمن.

السؤال الثالث: حين يطلب الرئيس التركي رجب طيب اردوغان من إيران الانسحاب من اليمن، ويعرب عن الاستعداد لتقديم الدعم اللوجستي لـ"عاصفة حزم" (اسم حزم بالمناسبة يعود إلى جملة قالها مؤسس الملكة الملك عبد العزيز آل سعود: الحزم أبو اللزم أبو الظفرات..)، وحين يلتقي كلام اردوغان مع استعداد مصري للمساعدة، ومع عزم باكستاني على العون، هل يعني أن جبهة الدول "السنية" اكتملت لمحاولة وقف الدور الإيراني قبل الوصول إلى باب المندب. فهذا المعبر المائي يكاد يوازي ولو بنسبة أقل مضيق هرمز للملاحة البحرية العالمية ونقل النفط تمر فيه أكثر من 21000 قطعة بحرية كل عام.

على الأرجح نعم، هذه الجبهة تريد وقف التقدم الإيراني، وتوجه رسالة إلى أميركا بضرورة عدم الاندفاع أكثر بالتحالف الاستراتيجي مع الدول ذات الثقل الشيعي. لنلاحظ مثلا أن السعودية سبقت عملياتها ليس بتعزيز العلاقات مع دول الخليج ومصر وتركيا وباكستان فقط وإنما أجرت لقاءات مهمة أيضا في الجزائر ومع الرئيس السوداني عمر حسن البشير.

السؤال الرابع: هل أن التدخل العسكري السعودي، سيدفع إيران إلى الرد، وكيف؟

وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف اكتفى بالحديث عن ضرورة "الوقف السريع للعمليات العسكرية في اليمن والشروع بحوار لحل الأزمة". مؤكدا "أن العملية الحالية تزيد التشنج ولن يكون لها أي نفع لأي دولة تقوم بالمشاركة فيه، وقد تشجع داعش والإرهاب". أما المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية مرضية أفخم فرفعت اللهجة أكثر بقليل معتبرة أن ما حصل "خطوة خطرة" تتعارض مع القوانين الدولية. أما الأكثر هجومية فكان رئيس لجنة السياسة الخارجية والأمن القومي في البرلمان الإيراني علاء الدين بروجردي الذي قال "إن دخان نيران الحرب في اليمن سيذر في عيون السعودية"، محملا أيضا أميركا مسؤولية ما يجري.

واليوم يرفع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله اللهجة أكثر ويستخدم لغة أقسى، لكن الجميع سيؤكد على ضرورة العودة إلى الحل السياسي. لن يصل الكلام الإيراني مطلقا إلى حد تهديد السعودية أو إدخال المنطقة في مواجهة أوسع.

السؤال الخامس: هل أن التدخل العسكري السعودي بدعم أميركي، سيدفع إيران للانسحاب من التفاوض مع أميركا والغرب؟؟ الأكيد لا، فهذا ملف منفصل أولا عن كل شيء، ثم إن مصلحة إيران تماما كمصلحة أميركا تكمن بالاستمرار في التفاوض، وهي تعتقد أن هذا الاتفاق هو الذي يغضب جدا السعودية ودول الخليج لأنه يفتح المنطقة على احتمالات إستراتيجية كبيرة.

السؤال السادس: هل ستستمر المعركة السعودية في اليمن طويلا في محاولة لإنهاء الحوثيين، أم المقصود إضعافهم لإرغامهم لاحقا على القبول بحل سياسي بشروط أضعف؟؟ هذا سيكون مرهونا بالرد الحوثي وطبيعته. فقد كان واضحا من خلال الناطق العسكري السعودي اليوم أن العمليات مستمرة، كما كان لافتا أن الدول العربية حضرت مسودة تفعيل التعاون العسكري سيتم طرحها في القمة العربية في مصر قبل نهاية الأسبوع الحالي.

السؤال السابع: هل تنجح دول الخليج بتحييد الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح الذي أصدر حزبه الليلة الماضية بيانا يدعو "الإخوة الخليجيين" والحوثيين إلى وقف العمليات العسكرية.. هل هذا تراجع عن التحالف مع الحوثيين أم مناورة من مناورات الرئيس صالح التي أتقنها طويلا؟.

ما هو المنتظر؟؟

لا شك أن الحوثيين تلقوا ضربة موجعة، وهم الآن في وضع صعب لا يمكنهم القبول به ومن الأصعب تصور ما يمكنهم فعله. فهم أمام طيران وليس قوات برية، والشيء الوحيد الذي يمكنهم القيام به هو العبور صوب الأراضي السعودية. لعل هذا سيكون بالغ الصعوبة أمام الجبهة العسكرية التي تشكلت ضدهم. لكنهم سيردون بطريقة أو بأخرى.

أما إيران، فهي ليست من النوع الانفعالي، خصوصا أن دولا كبيرة كباكستان حذرت من أنها ستقف إلى جانب السعودية إذا ما تعرضت لأي تهديد. ستدرس الرد على مدى طويل، أو تحاول توظيف ما حصل لصالح محورها في الجبهات الأخرى المفتوحة.

الأكيد أن الحوثيين سيستمرون بالتحرك داخل اليمن وبوتيرة أكبر، وقد ترتفع حرارة المعارك، ولعلهم سيحاولون تحقيق مكاسب على الأرض بسرعة رغم وجود الطيران فوق رؤوسهم. لكن الأكيد أكثر أن إيران ستعمل على خطين، أولهما إعادة الاعتبار لمحورها على الأرض ليس بالضرورة في اليمن وحدها دون أن يكون في ذلك مواجهة مباشرة مع السعودية، وثانيها الاستمرار في المفاوضات مع أميركا. لنراقب مثلا الوضع في سورية أو العراق. ولنراقب أيضا مواقف إيرانية حيال البحرين قريبا.

لا شك أن كل قتيل يمني خسارة لهذا البلد العربي الطيب والعريق بحضارته الضاربة في جذور الإنسانية جمعاء، لكن قد تكون الايجابية الوحيدة لما حصل في اليمن، أنها أوصلت الأمور إلى درجة تخطي الخطوط الحمراء، ما يعني أننا أمام احتمالين، إما انفجار أوسع، وهذا لا يريده أي طرف، أو العودة إلى طاولة التفاوض الإقليمي بوساطة بعض الدول الراغبة بإطفاء الحرائق على غرار سلطنة عمان مثلا، خصوصا أن شروط التفاوض الخليجي بعد ما حصل في اليمن قد تكون تحسنت عن السابق، ولعل هذا هو المطلوب.

اللافت أيضا أن روسيا دخلت على الخط عبر دعوة للوقف الفوري للعملية العسكرية والقتال، واللافت أكثر أن دعوة الرئيس فلاديمير بوتين هذه جاءت بعد اتصال مع نظيره الإيراني حسن روحاني. في هذا دلالات كبيرة على أن اليمن صار هو الآخر جزءا من صراع محورين إقليميين ودوليين.

لكن هل يلتزم عبد الملك الحوثي ببرودة الأعصاب الإيرانية؟ ربما نعم، وربما لا... ففي اليمن، الثأر والسلاح زينة الرجال.. لعله لن يستطيع السكوت على الضربة، وفي هذه الحال فإن التطورات قد تفلت من الخطوط الحمراء. لكنها في كل الأحوال لن تفلت طويلا.. ليس لمصلحة أحد حربا طائفية مباشرة بين إيران والجبهة الأخرى.

أما المؤسف الوحيد في ما يحصل في اليمن وقبله في سورية وليبيا والعراق وغيرهم، أننا وصلنا إلى أسوأ مرحلة عربية في تاريخ هذه الأمة حيث المسلم يقتل المسلم، والمسلم يهجر المسيحي، وكل منهم يدعي أنه صاحب الحق، بينما لا شك أن إسرائيل تضحك، وأن كل هذه الأسلحة التي ظهرت في اليومين الماضيين كان ينبغي أن تكون صوبها وليس في اليمن الفقير العريق الطيب.


اقرأ المزيد...
أضف تعليق



ولأخذ العلم هذه المشاركات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي إدارة الموقع
  1. 1 مريم
    27/3/2015
    10:29
    ايران و حلفائها هم الرابح الوحيد في الشرق الأوسط
    ايران تقول "هل من مزيد؟" و العرب يلبون ...... نتمنى ان غباء العرب وصل الى القاع و الخطوة التالية هي النهضة الحضارية و الثقافية.
  2. 2 سوري
    27/3/2015
    10:51
    عمليات امنيه داخل مدن التحالف الاعرابي
    يستطيع الحوثي الاستمرار والتمسك بكل مكاسبه ولماذا لايحصل على بضعة صواريخ ارض جو فيخفف حدة الهجمه ولماذا لايحاربهم في داخل مدنهم لماذا دول الخليج لا تتعرض لاي عمليه امنيه داخل المدن اليس هذا سرا كبيرا
  3. 3 ايناس فرحان
    27/3/2015
    21:13
    في نهاية الامر ، فالسعودية خاسرة
    على افتراض ان عبدالملك الحوثي لم يحسب ان ردة الفعل ستكون على هذا النحو ، فاننا لا نريد من ايران التورط بالتدخل العسكري في اليمن .فلا يستبعد ان يكون من اهداف العدوان السعودي هو جر ايران لحرب شاملة تشترك فيها دول اقليمية ودولية بالاضافة الى اسرائيل . اما نحن في اليمن، فاننا قادرون على امتصاص شطحات السعودية وحلفاؤها المرتزقة . فهم لا يستطيعون الاستمرار في الطلعات الجوية لوقت اطول ، وبالتالي سنكون في انتظار هجومهم البري . ومهما كانت قوتهم ، الا انهم لن يتمكنوا من تحقيق اي مكاسب . فلا يمكن اعادة هادي الى كرسي الرئاسة . كما انهم سيجابهون بمقاومة وحروب عصابات لا تستطيع اسلحتهم المتطورة حمايتهم في مستنقع اليمن . ولن تعود للسعودية اي سيطرة على اليمن او اليمنيين .
  4. 4 أحمد شياح
    28/3/2015
    19:13
    زمان إيران
    العرب ياسادة هم من رمى الراية وتخلوا بداية عن الأقصى ودنسوا الإسلام وحولوه محطات للسخرية والتندر حتى القرآن الذي حفظه الله من التحريف أولوه على أهوائهم وبدلوا مقارعة الظلم والإستكبار بالإنبطاح له والسير في إرضائه فإذا نظرت لقمتهم تراهم قد استحقوا الإستبدال إذ يقول القرآن {وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم}آخر آية من سورة محمد وحين سأل الصحابة النبي عليه الصلاة والسلام بمن يستبدلنا الله يا رسول الله قال بالفرس_ذكره صاحب صفوة التفاسير الصابوني وقد قال الأسد بعد الثورة الإسلامية قد عوضتنا الثورة خسارة مصر
  5. 5 سوري
    31/3/2015
    02:59
    ليسمح لنا الاستاذ سامي
    الاستاذ سلمي انا احبه واحترمه واجد في تحليلاته كلامآ واقعيآ في بعض الاحيان لكن هنا قد خانه هذا الواقع كثيرآ .. كلامه هذا يذكرنا في بداية العدوان الاسرائيلي على لبنان في 2006 وقد خرج الكثيرون ليقولوا نفس كلام الاستاذ سامي و حتى حزب الله اعلن وقتها انه لم يكن يتوقع حربآ بهذه القوه ولكنه حارب وانتصر فلا نريد من الاستاذ سامي ان يخطيء كما اخطأ الكثيرون في حرب 2006 والنهايه كانت هزيمة اسرائيل ولو استراتيجيآ ..

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا