جهينة نيوز- بقلم نارام سرجون:
عندما يتحدث قادة حماس أترك الدنيا كلها تمضغ ما يقولون أو تتبول على ما يقولون.. ولا يعنيني ماذا تفعل تصريحاتهم ولا ماذا تعني ولا أنشغل بتأويلاتها وتوقعات المنجمين.. ولا أحصي ماذا تحرق من كروم زيتون ومن برتقال.. ولا كيف تخلط الدم بزيت النفط وبول البعير.. ولا كيف تمزج أوراق الليمون بلحية القرضاوي وتفرك له ظهره برائحة القدس وكيف تغسل قدميه بدماء الشهداء وتخلط بين سجاجيد الأقصى وفراش شيوخ النكاح.. ولم أعد أبحث بين أوراق حماس عن عروق اللوز الأخضر ورائحة الليمون لأن أشجار حماس أورقت دولارات خضراء وصار الندى والطل نفطا على أوراقها في كل صباح.. ولم أعد أبحث عما تبصقه هذه الأرملة السوداء في دماء من آلاف الشهداء من أبناء فلسطين وكل من مات من أجل فلسطين.. صرت أترك كل هذا.. وأذهب بحثا عن سيدة واحدة لا غير.. لأرى ماذا هي فاعلة.. وأكفكف دمعها الخجل وهي تبكي على ركبتيها.. وأحاول ألا أسمعها ماذا يقول الحمساويون من ترهات.. وأضع كفي على عينيها لتحجب صور قادة حماس وهم يرقصون رقصة العرضة أو يتهتكون ويتقيؤون من كثرة الثمل من النبيذ الاخواني.. وأصم أذنيها بيدي كيلا تسمعا الكلام القبيح لقادة حماس.. وأعني بهذه السيدة فلسطين..
فلسطين أغلقت الباب على نفسها واعتكفت وامتنعت عن الكلام.. وقطعت أذنيها وفقأت عينيها لأنها لم تعد قادرة على مواجهة الناس والاعتذار أكثر بسبب حماس الذي أذلّتها وهي تؤذي كل الجيران وتعتدي على كل الجيران وتسرق بيوتهم وتقذفهم بالحجارة والشتائم المقذعة البذيئة.. لا تدقوا الأبواب ولا تنادوا على فلسطين.. فلن ترد.. ولا تهددوا أنكم ستكسرون الباب والأقفال لأن من كسر قلبها أبناؤها وشققوا لها روحها لا يهمها كسر باب بيتها وهدم حيطانه.. ولا تصرخوا أنكم حزانى وقلبكم مشغول عليها ومنفطر عليها.. لأنها لم تعد تصدق أحدا حتى أبناءها.. كلنا صرنا كاذبين منافقين ومرابين.
حماس التي قامرت وباعت بيتها وبندقيتها ووصية ياسين والرنتيسي مقابل ليلة حميمة اخوانية في فندق في استانبول وأرسلت حقيبة ثيابها وجهاز عرسها ومهرها إلى قطر وجدت أنها مضطرة اليوم لأن تبيع كل ما تبقى معها من تركة ذلك الزمن الذي جمعت فيه ثروتها الضخمة من الاحترام والمكانة والهيبة وكل ذلك الرصيد والاسم الذي جمعته في دمشق حيث بورصة الثوار والمجاهدين والمقاومين.
كل مرة يتفوه قادة حماس أعرف أن فلسطين تتأوه في صمت وتتلوى وتتقطع.. ماذا سنقول لفلسطين عما يقوله موسى أبو مرزوق هذه الأيام وهو يحارب في دوما.. وآلات حفر الأنفاق التي ذهبت لتحفر في غزة أنفاقا للحياة وشرايين السلاح عادت لتحفر أنفاقا لإسرائيل في دوما وحول دمشق؟؟.. هل سنقول لفلسطين إن موسى أبو مرزوق ترك غزة وآلامها التي تقصفها إسرائيل وانكب يبكي على دوما "التي تقصف دمشق" ويعصر من مناديله دمعا سخيا ويجفف أنفه بأكمامه وهو يشهق وينتحب؟؟.. هل نقول لها إنه لم يبك يوما على مدن اليمن الذبيحة التي تقصفها إسرائيل والسعودية أيضا.. وهل نعد مدن اليمن مثلا أنه سيبكي عليها عندما يؤذن له ويبقى في عينيه دموع وفي صدره شهقات وزفرات حرّى استعملها كلها في بكائه على دوما..؟؟ هل نقول لها بأن خالد مشعل ذهب إلى السعودية ليشارك في تحرير عدن وأن على اليمنيين أن يكرهوا فلسطين كما تريد السعودية؟؟ وهل نقول لفلسطين إن ابنها الذي وعدها بالتحرير الذي اهتزت أذناه من قصف المسلحين في دوما لم يسمع صوت الغارات الإسرائيلية على حدود الجولان؟؟ هل نذكّر هذا المرابي الملتحي أنه كان يقول بأن حماس لا تتدخل في أي شأن عربي داخلي.. فهل صارت "دوما" شأنا أمميا؟؟.
حماس المفلسة اليوم والتي شاركت بجسدها في الجهاد الإسرائيلي في سورية وعادت حبلى تريد الستر.. صار كل من يريد سلالة فلسطينية يضع بذوره في رحم حماس الواسع.. رحم حماس استأجره أمير قطر وألقى فيه بذوره حتى ملأه.. ثم محمد مرسي ألقى بذوره وجعله مقذرة للإخوان المسلمين.. ثم اردوغان قذف فيه كل قذارات حزب العدالة والتنمية.. ثم نتنياهو نفسه حقن رحمها ببذوره..
الزانية تريد أن تضع مولودها في أي مكان وأن تجد له أبا يستر الفضيحة لأن عيونه زرقاء ليست كعيني القسام وليست له ملامح فلسطينية وليست فيه وحمة زيتون أو ليمون بل وحمة رمل ووحمة عثمانية.. وثمن ستر الفضيحة هو فلسطين.. كلها.. مقابل أن تنام المفضوحة في سرير غزة الصغير ويسمح لها بميناء ومطار كي تعيش مع وليدها تحت قدمي إسرائيل.
حماس المفلسة البائسة تحاصرها اليوم إسرائيل في غرفة نومها في قطر وقد دخلت داعش وبيت المقدس إلى بيتها وانسلت في سريرها فيما حماس مشغولة بحفر أنفاق للمجاهدين على تخوم دمشق ومشغولة بالرقص في مهرجانات الخلفاء وأصدقاء بيريز العظيم.. هذه المفلسة تبيع ذهب فلسطين على الرصيف مقابل قطعة قماش وكسرة خبز وقبلت باتفاقية هدنة طويلة الأمد تشبه النزول إلى القبر وهي في الحقيقة تجميع لأوسلو 2 مع كامب ديفيد 2 مع 17 أيار اللبناني.. رزمة استسلامات كاملة تسوقها حماس كما سوّق السادات كامب ديفيد وكما سوّق الراحل عرفات أوسلو وكما سوّق بشير الجميل اتفاق أيار.. أي بحجة معاناة الشعب وتخلي الأصدقاء.. وحماس اليوم تسوّق رزمة الاستسلام بحجة الحصار الذي كسر ظهر الشعب.. لكنها لا تقول ماذا تفعل في قطر؟؟ وهل تتوقع أن تكسر الحصار من هناك؟؟ وحماس لا تعاتب تركيا التي لم ترسل جيش الفتح لكسره بل لكسر ادلب ولم تسرق معامل حيفا وتل أبيب بل معامل حلب.. ولم تقصف تركيا مستوطنة واحدة بل تقصف كفريا والفوعة وتقصف الأكراد الذين قدموا للقدس يوما رجلا اسمه صلاح الدين الأيوبي.. ولم تلم حماس السعودية على أنها تقاتل وتعاقب من يرفع شعار الموت لإسرائيل في اليمن وألقت على اليمنيين الفقراء في ساعة واحدة قنابل بقيمة ما أنفقته السعودية على فلسطين منذ قرن.. صفقة واحدة لم تحلم إسرائيل بمثلها حيث ستتولى حماس تأديب المعترضين كما تولى اتفاق أوسلو واتفاق دايتون تأديب حماس وسيكون هدم المسجد الأقصى ناجزا لأن حماس ستلتزم بالتهدئة والوعد الذي قطعته وستضرب بيد من حديد على اليد التي تمتد على إسرائيل.. والفلسطينيون يؤدبون بعضهم..
هدنة المفلس خالد مشعل المديدة هي هدية منه إلى أردوغان والى إخوان مصر.. وسيقبض اردوغان الثمن في كردستان حيث سيسمح له بإعادة عجلة الزمن الكردي إلى الوراء عشرين سنة وقد يكافأ بأن يستأنف حزب العدالة والتنمية الحكم ويغض النظر عن جرائمه.. وهدنة خالد مشعل ستجعله متفرغا تماما لمشروع تحرير دمشق والقاهرة كما تريد السعودية والتي أعلن موسى أبو مرزوق بوادره في بكائيته الدومانية.. والتي ستكون لها نسخ أخرى في سورية ومصر.. الحمساويون الجدد يتبرعون بدم ستين عاما من أجل أن يعيش خليفة هنا وخليفة هناك..
وكما تذكرون انكمشت فلسطين مع أوسلو عرفات وذابت إلى (ضفة وقطاع فقط).. وفي زمن عبقرية خالد مشعل وإسماعيل هنية انكمشت فلسطين إلى غزة دون ضفة.. وغزة دون ضفة ستنكمش إلى غزة دون قطاع.. وغزة دون قطاع ستغرق في البحر.. كل الأوطان تكبر وتنمو إلا فلسطين تضمر وتهزل.. وكل الأوطان عندما تشيخ وتشيب تجلل بالوقار والمهابة ويوضع الغار على رأسها إلا فلسطين التي يبيع خالد مشعل غطاء رأسها الباقي وشالها وكوفيتها التي تسترها في آخر مقاومة فلسطينية.. ويكشف شعرها الأبيض الذي شاب من هول الخيانات ومن هول الحماقات.. حتى شعرها الأبيض سيقصه مشعل ويهديه إلى شيخ أو ملك ثري يجمع أشعار النساء وجدائل عواصم الشرق في قصره ليصنع منها مخدة له تريحه في مضاجعة الخيانات أو يضعها تحت مقعده كي لا يتعبه المكوث الطويل على العرش..
آه كم كبرت يا فلسطين.. وكم غيّرك الهم.. وكيف صرت في صباك امرأة مليئة بالغضون والندوب.. بلا ثوب يسترك ولا غطاء لرأسك الذي شاب من النخاسة والنجاسة..
اعذريني يا فلسطين واعذري قسوتي عليك.. واعذريني أنني كسرت عزلتك.. وكسرت قلبك.. ونقلت لك أخبار زيتونك الذي يحترق وبرتقالك الذي نعصره فينزف دما.. واغفري لي أنني قلت لك خبرا بأن تتهيئي من جديد لهزيمة جديدة وذل جديد ورحلة مع الخيانات.. واغفري لي أن أراك تباعين في السوق كما سبايا البغدادي وأنا أحارب بعيدا.. فأنت اليوم سبية الاستانبولي وسبية ملوك الرمال.. أعرف عذابك وأحس به.. وأدرك مرارة ذلّك.. وليس بيدي إلا أن أقول لك وصيتي ونصيحتي التي سأقولها حتى آخر يوم من العمر:
يا فـلـسطين لا تنادي عليهم
قد تساوى الأموات والأحياءُ
قتل النفط ما بهم من سجايا
ولقد يـقـتـل الـثـري الثراءُ
يا فلسطين لا تنادي قريشاً
فقريش ماتت بها الخيلاءُ
يا فلسطين لا تنادي حماسا
فحماس مرزوق وفحشاء
يا فلسطين لا تنادي حماسا
فحماس قيح يأتي به الداء *
----------
* من شعر شاعر دمشق الأكبر نزار قباني بتصرف
20:37
21:04
00:30
00:32
03:30
05:26
05:35
04:11
03:46
22:28
14:50
18:28
09:44