بوتين.. أوباما.. المبادرة بالمبادرة!!

الإثنين, 28 أيلول 2015 الساعة 19:12 | منبر جهينة, منبر السياسة

بوتين.. أوباما.. المبادرة بالمبادرة!!

جهينة نيوز-ميشيل كلاغاصي

بعد حوالي خمس سنوات من الحرب على سورية.. يلخصها صمود قائد وجيش وشعب، وكانت كافية لاستنفاذ المخططات الرئيسية والبديلة، فكان الحديث عن الحل السياسي مدخلاً إجبارياً للمتابعة لجميع الأطراف، مع حسن النوايا أو سوئها، خصوصاً بعد فشل التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية وباعترافها.. وسط تفاؤل البعض وتشاؤم بعضه الآخر، فالفرق واسعٌ بين نضج الحل "الحقلي" و"الفيزيولوجي"، بالإضافة لتصاعد مواقف الدولة الروسية، ورفع وتيرة مساعداتها واستمرارها بتزويد سورية بالأسلحة المتطورة، والتي يمكنها أن تحدث فرقاً واضحاً في أرض المعركة، من طائرات الميج 31 ودبابات الـ T9 والمدافع الحديثة فائقة الدقة.. الخ، ناهيك عن إرسالها قطعها البحرية وغواصتها النووية إلى السواحل السورية في المتوسط، وتعزيز وجودها العسكري في سورية بشكل غير مسبوق، ونشرها لطائراتها المقاتلة على الأرض السورية.. وإعلانها دعمها المطلق للدولة والرئيس السوري، وتأكيد الرئيس بوتين أن إسقاط الدولة السورية خطٌ أحمر.. واستعداد روسيا للتدخل المباشر على الأرض في حال طلبت سورية ذلك، بالتوازي مع تلميح الدولة السورية بإمكانية أن تقوم سورية بفعلها.

كما فاجأت روسيا العالم بإعلانها عن محاربة "داعش" في سورية، بمعزل عن التحالف الدولي الفاشل، وإعلان الرئيس بوتين إطلاقه مبادرته للحل السياسي في 28 من الشهر الحالي في اجتماع الدورة السبعين للجمعية العمومية في نيويورك.. والجدير بالذكر أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شخصياً، أكَّد أن موسكو تدعم الحكومة السورية في مواجهة العدوان المتطرف عليها المتمثل بتمدد تنظيم "الدولة الإسلامية" الإرهابي، وأنها تقدم الدعم العسكري التقني اللازم لدمشق، مشيراً إلى أن بلاده ستواصل ذلك الدعم، وموجهاً الدعوة لبقية دول العالم للانضمام إلى ذلك الدعم، موضحاً أن الوضع في سورية، لولا دعم موسكو، لكان بإمكانه أن يصبح أسوأ مما هو عليه في ليبيا حالياً، ولكان عدد اللاجئين الذين يجتاحون دول الاتحاد الأوروبي، وغيرها من دول الجوار السوري، أكثر بكثير مما هو عليه الآن.

لقد شعرت الولايات المتحدة الأمريكية أن الروس يسحبون البساط من تحت أقدامهم، وأن روسيا تفرض خطوطها الحمراء وتتخذ القرارات وبمعزل عن موافقتها أو موافقة الدول الأوروبية، وباتت أكثر ثقةً في أوكرانيا بعد انحسار أعمال العنف هناك خلال الصيف الفائت.

لقد أجبر الواقع الروسي الجديد الحليف السابق وعدو اليوم على الارتباك والإدعاء بعدم وضوح نوايا التحرك الروسي، وسارعوا للمراوغة والخداع تجنباً للصدام العسكري المباشر على الأرض السورية، ولكسب الوقت، وبالإعلان عن مواقف جديدة تتبنى فيها ضرورة إيجاد الحل السياسي والقبول ببقاء الرئيس الأسد ومطالبتها لروسيا بدعوته إلى التفاوض.. فيما أبدى الروس تفاؤلهم "بالتغييرات التكتيكية" وبالنظرة الأمريكية الجديدة الأكثر واقعية لحل الأزمة في سورية.

فسارعت الدول التابعة لإعلان مواقف مشابهة للموقف الأمريكي وأصبح العالم فجأةً لا يمانع ببقاء الأسد، فيما وجد البعض الآخر أن بقاءه ضرورياً.. فكانت المواقف التراجعية بالجملة، إذ أعلنتها بريطانيا وفرنسا وألمانيا وأستراليا وتركيا وكثر آخرون.. وحصل ما توقعه الوزير وليد المعلم حينما قال: "إن الدخول القوي لروسيا في مكافحة الإرهاب سيجر خلفه الآخرون ومن بينهم الولايات المتحدة الأمريكية".

وفيما تتحضر روسيا والرئيس بوتين لطرح مبادرته.. يعلن جون كيري عن مبادرته الخاصة والجديدة والتي يناقشها مع الوزير لافروف الأحد، قبل طرحها رسمياً، و تتعلق بجلب روسيا إلى التحالف الدولي بالقيادة الأمريكية، وأنه سيختبر عدة أفكار لنهج جديد ومن ثم سيفعّل جهوده للتوصل لصيغة ما تؤدي إلى مفاوضات جوهرية حقيقية -بحسب المصادر الأمريكية- إن الارتباك الأمريكي واضحٌ وبدليل تغيير الوجوه والسياسات المرتقب.. فتعيين الجنرال البحري جو دنفورد المعروف بـ"جو المقاتل"، رئيساً جديداً لأركان الجيوش الأميركية خلفاً للجنرال مارتن ديمبسي، وعزم رئيس مجلس النواب الأميركي تقديم استقالته -بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.. واستقالته جون آلن مبعوث أوباما إلى التحالف الدولي لمحاربة "داعش" في سورية، ليحل مكانه "بريت ماكجورك" الرجل الثاني في التحالف الدولي.

إن الإعلان عن اتفاقٍ روسي سوري عراقي إيراني حول إنشاء مركز معلوماتي في بغداد لمحاربة "داعش" يؤكد أن روسيا بلغت من القوة ما بلغت، وأنها لا تأخذ الإذن من أحد.. وهو ردٌ استباقي على مبادرة كيري قبل أن يطرحها.. ويعيد تسليط الضوء على النوايا الأمريكية الواضحة لعرقلة مبادرة الرئيس بوتين، فهل تسعى أمريكا لقطع الطريق على روسيا- بوتين، قبل أن يدخل التاريخ من أوسع أبوابه ويتركها خارجاً؟، أم تسعى لتحدي الروس.. مبادرة مقابل مبادرة.... و"باب البازار" والتفاوض مفتوح أمريكياً.. أم قررت استباق بوتين "باللغة" الأمريكية.. وتطرح ما سيطرحه بوتين "باللغة" الروسية، حفاظاً على ماء وجهها!!! وعليه... يكون أوباما قد قرر أن يهتف: الله، وسورية، وبشار؟!..

كيف سيكون لقاء بوتين- أوباما اليوم الاثنين في نيويورك؟

لا شك بأنه سيكون لقاء حليف الأمس البعيد وعدو اليوم.. وأن أوباما لن يستطيع إخفاء ضعفه وارتباكه وأن يسكت صوت التشويش في دماغه.. لقد أفقد أمريكا هيبتها وسمعتها، وأفقدها فكرة الاتكال والتعويل عليها للكثير من حلفائها وأدواتها.. فلم تعد روسيا دولةً إقليمية كبرى كما يصفها الأمريكان، وباتت الدولة العظمى، التي تفرض خطوطها الحمراء، وتتخذ القرارات دون موافقة أحد.. فإذا كانت سورية مفتاح عودة روسيا القطبية.. فهي الآن بوابتها الواسعة لرد الدين وإعادة الاعتبار لسقوط الاتحاد السوفييتي.


اقرأ المزيد...
أضف تعليق

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا