جهينة نيوز- علي الجندي:
نسمع اليوم طبول حرب عالمية ثالثة واضحة الصدى، والأزمة السورية فتيلها, فمن يعتقد أن روسيا ستغرق في سورية "الأفغانية"، وأن أمريكا تدفع بوتين للغرق في المستنقع السوري مخطئ، فلا الجغرافية متشابهة لغرق الروس ولا الظروف نفسها، ومن يظن أن المجموعات المسلحة "الأمريكية" بما فيها داعش والنصرة وجيش الإسلام والفتح ستنهار بأسابيع أو أشهر مخطئ أيضاً.
إن توتر العلاقات الدولية مطلع القرن العشرين كان سبباً رئيسياً في توالي الأزمات، كأزمة البلقان، وتزايد التنافس الاقتصادي والتجاري، بالإضافة إلى دخول الدول في تحالفات ووفاقات سياسية وعسكرية، والسباق نحو التسلح بين الدول المتنافسة أيضاً كان من أسباب الحرب العالمية الأولى. في حين كان السبب المباشر لاندلاع الحرب هو اغتيال ولي عهد النمسا "الأرشيدوق" فرانس فرديناند على يد طالب صربي في 28 حزيران 1914م.
تلك الحرب نتج عنها عالم متعدد الأقطاب، فرنسا، بريطانيا، إيطاليا...، وذلك لم يكن وليد السياسة بل كان نتيجة الحرب العالمية الأولى.
ثم تفكك العالم ليعاد صياغته بقطبين، الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية وهذا كان نتيجة فعلية للحرب العالمية الثانية، وحتى القطب الأوحد الذي كانت تمثله أمريكا هو محصلة الحرب الباردة، إذ إن التاريخ يقول إن زعامة العالم لا تؤخذ بالسياسة بل تؤخذ بحروب عالمية.
الآن في الألفية الثانية نرى تكراراً للأسباب غير المباشرة لاندلاع الحرب العالمية الأولى، فأزمات القرن الماضي نجدها الآن أزمات مشتعلة في اليمن، ليبيا، أوكرانيا، سورية، العراق، ونرى أيضاً تنافساً وتحدياً اقتصادياً سواء بأسعار النفط أو الاتفاق النووي وما جر وراءه من منافسات اقتصادية، ثم نجد أن سباق التسلح والتسليح يعاد من جديد بين الغرب والدول الاشتراكية، وأخيراً تموضع دول العالم بتحالفات دولية، الأسباب والظروف تشابهت، ما ننتظره الآن لاندلاع حرب عالمية ثالثة هو فقط وفاة "أرشيدوق" آخر في سورية لإعلان هذه الحرب كتصريحات الناتو وكيري الأخيرة: "التوغل الروسي في الأجواء التركية كاد يتسبب في تصعيد خطير".
وما النداءات المتتالية لفرنسا وروسيا وفنزويلا، لتغيير هيئات الأمم المتحدة وإعادة صياغتها وإلغاء حق النقض "الفيتو"، وتحويل موقع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك إلا مؤشر بأنه يجب تغيير هذه الهيئات حتى ولو بالحروب ودليل عجز السياسة أمام طبول الحروب.
إن المؤشرات التاريخية تشير إلى استحالة تغيير الأقطاب في العالم بدون حروب، في سورية ليست المؤشرات التاريخية تشير لقرب الحرب الكبرى وإنما الاستراتيجية أيضاً تدل على ذلك. فسورية هي الشرق الأوسط بأكمله، وهي البطاقة الذهبية لمن يريد زعامة العالم، تدرك أمريكا جيداً هذه المعادلة، فانتصار روسيا في سورية يعني أن العراق ومصر والجزائر ودول عربية أخرى ستقف مع المنتصر، ويعني ذلك خسارة أمريكا للدول الأكثر أهمية إستراتيجية واقتصادية في الشرق الأوسط وهذا ما لن تسمح به الولايات المتحدة الأمريكية. وما تفعله الآن أمريكا ليس عجزاً أمام روسيا أو تخبطاً بسبب تفاجئها بالتدخل الروسي، أمريكا ليست عمياء فهي تراقب النشاط العسكري الروسي في سورية منذ أكثر من أشهر أو حتى سنة وتدرك بقرب تدخل روسيا، لكنها تعلم جيداً أن مجموعاتها المسلحة التي تدين بالولاء لها أو لحليف لها، تسلحت وحاربت لأكثر من 4 سنوات وهي بالتالي لن تنهار من الغارات الروسية بهذه السهولة.
إذاً أمريكا تدرك هذه المعادلة وتقول الآن دعوا الدب الروسي قليلاً في الغابة لنعرف ما لديه بانتظار حرب عالمية ثالثة نحشد لها سياسياً قبل العسكرة، هي حرب عالمية محدودة البداية وليست محدودة النهاية، أمريكا ستنتظر وتدع الدب الروسي ربما لتنتهي فترة ولاية أوباما.
ولهذا الشأن أيضاً اختارت روسيا توقيت الحرب ضد الإرهاب لمعرفتها بعدم قدرة البيت الأبيض على اتخاذ أي قرار وهو على أبواب انتخابات رئاسية، تريد موسكو القضاء على الإرهاب قبيل تبلور القرار الأمريكي، الذي ربما يختار فيه الحرب، وهذا ما أشار إليه الرئيس الأسد في مقابلته الأخيرة مع قناة "خبر" الإيرانية: "يجب أن ينجح التحالف الجديد ضد الإرهاب وإلا فنحن أمام تدمير منطقة بأكملها"، فأمريكا تعلم جيداً وتدرك أن الفوز بسورية هو انتصار عالمي وليس مجرد سوري، ولا تستطيع بأي شكل من الإشكال الانسحاب من الساحة السورية، فلا تعادل في حرب الأقطاب إما أن أكون أو لا أكون!.
04:06
22:06
22:23
11:30
07:52
08:03
08:56
10:44
11:16
20:20
13:13
03:34
03:39
03:40
03:42
03:43
03:43
03:45
03:46
03:47
03:50
03:51
03:51
03:52
03:53
03:55
03:56
03:57
04:02
14:31
13:06