فيروز سلطة خامسة

الأحد, 20 كانون الأول 2015 الساعة 13:23 | مواقف واراء, زوايا

فيروز سلطة خامسة

حبيب فياض:

أن يتم التعرض للسيدة فيروز ومحاولة النيل منها مع ما تمثله من رمزية لدى اللبنانيين، فذلك يعني، ببساطة، رغبة البعض بتجاوز الممنوع على ايقاع شيطاني، ووفق رعونة أشبه بالهستيرية التي تدفع الى فعل غريزي يعكس المكبوت من الحقد خارج حسابات الخسارة والربح، وذلك على طريقة «أنا خارج المتوقع والمألوف، إذا أنا موجود».

فيروز هوية. بينها وبين الوطن ما بين الانتماء والأرض، وما بين التراب والإنسان. هي جامعة للبنانيين على المحبة والخير والحنين، برغم تفرقهم على السيادة والرئاسة والحكومة والنيابة وجمع النفايات و... وكأنه لم يكن ينقص لبنان سوى الإساءة إلى أيقونته الفيروزية لكي يكتمل المشهد اللبناني بتشوهاته الكثيرة. الإساءة إليها ليست سوى استكمال لمشهد انعدام الدولة، وانقسام المجتمع، وفساد المسؤولين، وتضخم الدين، وهجرة الإنسان وتراكم النفايات.

فيروز فسحة وطن في بلد يضيق بأهله. هي حاضنة التراث والأصالة. تستقر عنصرا في تشكيل الوعي الفردي وفي تكوين اللاوعي الجمعي. في صوتها صفاء الفلاحين، وحياة الكادحين، وهدأة المتعبين، وانتظار العاشقين، وصرخة في وجه الظالمين. وهي ألوان الحياة بحلوها ومرها، بجلائها وتعكرها، بآلامها وأحلامها، بنجاحاتها وإخفاقاتها. سيدة بقامة فيروز تبقى «أيقونة لبنان»، فيما يتبدل الآخرون ويعبرون. ينثر صوتها السكينة، ويعيد التوازن إلى قلوب افتقدته بفعل الحروب الأهلية والخارجية. لا ذاكرة للبنان لا تكون فيروز ركنا أساسيا في عمارتها. قد لا تكون جزءا من الذاكرة فحسب، بل هي الذاكرة التي توحد اللبنانيين، حيث تنتفي الحدود معها، وترفع الحواجز في حضرتها.

فيروز هي الفن الأول والسلطة الخامسة. هي الصوت الذي يخرق جدار المكان ورتابة الزمان، ويصدح عند التقاء الروح والطين. صوتها يصنع الحرية، ويهذب الوجدان، ويحاكي باطن النفس، ويضع الإنسان قاب قوسين او أدنى من حقيقة الإنسان. يهب الطمأنينة كالشمس التي ترسل نورها من دون أن تنتظر ردًا.

فيروز قصة وطن وعماد حضارة. الحكاية عنها هي الحكاية عن الحياة واليوميات والذكريات، والكتابة عنها كتابة عن كل جميل مضى وكل جميل يأتي. هي أول ما يكون معنا عندما نرحل، وأجمل ما يلازمنا حين نغادر. وهي من يستقبلنا حين نعود. نحزن فتحضر معنا ونفرح فتحضر أيضا. هي رفيقة الأجيال، فأحبها الصغار والكبار. وحدت اللبنانيين الذين انقسموا على كل شيء ولم يلتقوا يوما حول رمز واحد، فإذا بها ترتقي إلى مستوى الرمز والأسطورة.

فيروز بصوتها الملائكي هي الوجه النقيض لنعيق السياسة وقرقعة طبول الحرب. هي السيدة الأولى التي قارب وجودها حد الأعجوبة والكرامة، فاستطاعت ان تختزن هوية لبنان في صوتها ولم تخرج يوماً عن إجماع اللبنانيين حولها، ما خلا نفر قليل وقلة نافرة. هؤلاء، منهم من خرج عليها بالأمس على غير هدى وتحت وطأة التعصب السياسي، ومنهم من أساء اليها اليوم حقداً، وهو أعمى الذوق ومختل السريرة ولا قيمة لما يكتب أو يقول.

من أساء اليها مؤخرا، تلقى يوماً صفعة من رئيس البلاد فلم يجد أحداً من اللبنانيين يقف الى جانبه. بقي وحيداً لسوء سمعته وسيرته، فبقيت الصفعة مدوية في داخله ولم يستطع الخروج منها. أراد اليوم أن ينتقم من كل اللبنانيين فأساء لفيروز، وكتب ما كتب عن مَن هي أكثر مَن يحبونه.


اقرأ المزيد...
أضف تعليق



ولأخذ العلم هذه المشاركات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي إدارة الموقع
  1. 1 عائشة من حماه
    22/12/2015
    00:16
    فيروز رمز لسورية ... في وحدة أبدية
    منقول: لابارك الله بالسوريين اللاهثين خلف داعش أو خلف اخوان خونة الاسلام وما تحيكه العربان .... لأن أبناء سورية هؤلاء لو لم يكونوا ابناء زنا الاقارب واسوأ من الخنازير والعقارب ماقاموا بفعلتهم . بهدم كل صروح البناء والاخلاق .. لانهم أوّل من قذفوا بسورية نحو المتنافسين والمتصارعين على الحلبة الدولية ، بسبب أنانياتهم ومُكابراتهم وشَبقِهم للسلطة بأية وسيلة، وكيدياتهم إزاء بعض ولو كانت على حساب إدخال كل زناة الأرض إلى المضجع السوري ،، وبسبب ضعف الشعور بالمسئولية الوطنية والتاريخية !! ولأننا ما زلنا عشائر وقبائل وأفخاذ وطوائف ومذاهب لا أحدا يثقُ بالآخر ، والكل يتربّصُ بالكل ، والكلُّ لا يثقُ بالكل ، والكلُّ يتحالف مع الغريب ضد الكل ، وآخِر ما نُفكِّرُ به هو الولاء للوطن قبل أي انتماء آخر !!.
  2. 2 ابو صلاح
    22/12/2015
    00:38
    اللبناني سليط اللسان ... والسوري من غير اخلاق
    *نعم نحنُ أكبر أعداء لأنفسنا ولوطننا ولبعضنا ، من عِداء الأعداء لكل ذلك !! ولو أن العدو لا يعرفُ حقيقتنا لما تجرّئوا علينا في أي يوم ، ولكنهم يعرفون الحقيقة التي طالما كُنا نَستِرها بالشعارات والخطابات والأغنيات ، والمُكابرة على الواقع ، ولكن لم يُفِدنا كل ذاك الهروب ، ووجدنا أنفسنا فجأة عُراةً حُفاةً أمام الحقيقة !!. لايوجد شعب اناني وانتهازي متعفن من الداخل ... ونتن بالنفسية بالاعتلاء الكاذب مثل الشعب السوري .. اناني ..حاقد .. مرائي .. ومداهن . له وجوه كثيرة كل وجه اقبح من الوجه الاخر .. وعندما تختار اي من الوجوه ... تكون قد وقعت في المصيدة . انهم مثل انثى الثعلب المعاوية التي لاتكف عن العواء حتى تأتيها الكلاب للمجامعة . اكتبها لكم هذه الصفات لانني اجتمعت مع الكثير وجدتهم الاكثر انحطاطا.
  3. 3 السّا موراي الأخير - سوا
    22/12/2015
    11:13
    فيروز إيقونة العرب!
    1- تحيتي للأخت عائشه من حماه. 2- إلى المدعو أبوصلاح رقم (2 ) قل لي من تعاشر أقول لك من أنت. ثم يبدو أنك من أولئك الذي هاجمتهم الأخت عائشه من حماه.لذلك: فغُضّ الطرفَ إنك من نُمَيرٍ فلا كعباً بلغتَ و لا كلابا. 3-صبرا و مجلّته:الشراع مظهرٌ من مظاهر أزمة النفايات في لبنان. و ليأخذ معه المدعو أكرم شهَيّب على البيعه!

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا