الأسد.. ما بعد ميونخ ونهاية مرحلة - ميشيل كلاغاصي

الأحد, 14 شباط 2016 الساعة 05:26 | منبر جهينة, منبر السياسة

الأسد.. ما بعد ميونخ ونهاية مرحلة  -  ميشيل كلاغاصي

جهينة نيوز  :

في زمن ٍ قل َّ رجاله و كَثُرت أنصافهم, وتوارت الكرامة و كَثُرت بدائلها ! و اُنتحل الدين و كادت تتبعثر صحائفه.. و في زمن الأقزام و تدحرج الزعامات المزيفة, ينتعش سارقو الأوطان و منتحلو الجنسية , و تلاحقهم تخمة المال الأسود الحقود .. تبقى سورية عروس قاسيون تشع بنور هامتها و إنتصارها المروي بدماء و تضحيات من أحبها و عَرف قيمتها و دفع مهرها .. هي شام العرب و العروبة , عروس الأوطان التي ما فتئت تنتظر بشارها ليهديها السلام و الإنتصار.

لقد خاض الرئيس الأسد معارك الميدان كما السياسة والإعلام , فعشرات اللقاءات الصحفية واجه فيها زمن التضليل و التشويش و النفاق و التهويل بصدقه و شفافيته و شجاعته المعهودة , وأسمع بكلماته من في أذنيه صمم , عبر وسائل إعلام ٍ غربية ٍ و أوروبية ٍ و عربية ٍ و غيرها .

فمن تابع كافة اللقاءات والحوارات يشعر أن مهندسها شخص ٌ واحد , فدائما ً ذات الأسئلة والإتهامات , و كأنه يبحث عن ثغرة أو كلاما ً يحمل تفسيرا ً مزدوجا ً!.. عبثا ً يحاولون فقد استطاع الرئيس الأسد أن يصل إلى شعوبهم , و نجح في تغيير نظرتهم لما تتعرض له سورية من إرهاب دولي- تكفيري مزدوج , على الرغم من إعلام دولهم المزيف والمسيس , ولكن ماذا عن الحكومات ؟.

يعلم الرئيس الأسد دقة المرحلة وخطورتها , فكان واضحا ًو مباشرا ً, و لم يستبعد جنوح البعض لما وراء المنطق والعقلانية والجنون, في تدخل ٍ بري ٍ سافر غير محسوب النتائج والعواقب , مؤكدا ً أن الهدف الأساسي للدولة السورية هو استعادة كافة الأراضي السورية , وأن محاربة الإرهاب عملية ٌ مستمرة , خاصة ً في حلب و التي تهدف بشكل رئيسي لمنع استمرار العبث وتدفق الإرهابيين و الإمداد عبر الحدود التركية , لقد كان الرئيس الأسد على درجة عالية من الدبلوماسية إذ انتقد مجمل السياسات التخريبية الداعمة للإرهاب للحكومات الفرنسية المتعاقبة في العقد الأخير, و دعا بشكل غير مباشر رئيس الحكومة الجديد جان مارك إيرولت – من المنبر الإعلامي الفرنسي , فرانس برس - إلى تغيير سياسة حكومته تجاه سورية و بمكافحة الإرهاب، خاصة بعد أن دفع المئات من الفرنسيين حياتهم ثمنا ً لهذه السياسات الخاطئة.

أما عن الإدارة الأمريكية , فلم يُظهر إهتماما ً بنتائج الإنتخابات الأمريكية القادمة , و قلل من أهمية فوز أيا ً من مرشحي الديمقراطيين أو الجمهوريين, واعتبر أن لا فرق يُذكر بالنسبة للسوريين فكلاهما متشابهان .

يبدو أن المرحلة التي وصلتها الحرب على سورية بالغة الخطورة و الحساسية, في ظل عدم توفر الإرادة و الرغبة الدولية , وعدم نضوج التوافق الروسي – الأمريكي, واستمرار الحرب الباردة – الساخنة , واستمرار استنزاف الدولة السورية , في ظل فشل الأدوات والأذرع الإرهابية بعد خمس سنوات ٍ للحرب في إخضاع الدولة السورية , و فرض إرادتهم على الشعب السوري , و تكريس سياسة تغيير الحكومات والأنظمة من الخارج وعبر العصابات والتنظيمات الإرهابية التكفيرية.. وأن البحث عن تغيير موازين القوى على الأرض لم يعد هدفا ً ممكنا ً لكافة المجاميع الإرهابية , و بات تحرك الدول الراعية للحرب على سورية أمرا ً معلنا ً, فمع التعنت السعودي – التركي – الإسرائيلي – الأمريكي – الخليجي , و استمرار التحركات المريبة للأتراك والسعوديون , و القصف المدفعي التركي لمواقع انتشار بعض الفصائل الكردية داخل الأراضي السورية , و تأكيد الوزير مولود جاويش أوغلو وصول الطائرات السعودية إلى تركيا (مطار الناتو في قاعدة أنجرليك ) , وبحسب تقارير إعلامية و مصادر مضطلعة ,و تأكيدها وصول 35 طائرة حربية سعودية كدفعة ٍ أولى تستهدف نقل 100- 120 طائرة , واستعداد المملكة لإرسال جيوشها , في ظل استمرار وزير خارجية العائلة الوهابية تأكيده على ضرورة إزاحة الرئيس الأسد عن الحكم بعيدا ً عن الحل السياسي , و قوله :" أن التدخل الروسي لن يساعد الرئيس السوري على البقاء في الحكم" .

هل يدرك الجبير أنه ليس سوريا ً, ولا يمثل الشعب السوري , و ما أظهره من رغبة و إصرار في محاربة الإرهاب عليه ترجمتها برحيله ورحيل اّل سعود , قبل أن يحملّونه نتيجة فشلهم في سورية و يُجز رأسه في ساحات الرياض .

يبدو أن الصراع يدخل مرحلة ً إقليمية جديدة , إذ لم يستطع اتفاق ميونخ أن يقدم نفسه كصاحب حل سياسي , وإن شكّل بداية حل , يبدو أنه لا يعدو أكثر من إتفاق تهدئة مرحلي مؤقت , مع سقوط ما يسمى بدعة المعارضة المسلحة , و التي أنهى الرئيس باراك أوباما بحثه عنها بوصفها ب " الفانتازيا " , و أن الحدبث عن وقف إطلاق نار لم يقنع الوزير لافروف بإمكانية حدوثه خلال اسبوع , وأن حظوظ نجاحه – دائما ً بحسب لافروف – لا تتعدى ال 50% .

لم يعد ممكنا ً الحديث عن أية لقاءات مع معارضات الرياض و تركيا وغيرها , إلاّ إذا فقد العالم صوابه واعتبر الإرهاب ديمقراطيا ً و مسالما ً و أنه يطمح لتحقيق العدالة والسلام ؟, و بات من الحماقة و الغباء انتظار لوائح التنظيمات الإرهابية بيد ٍ أردنية ملطخة بدماء السوريين و غرف العمليات الإرهابية .

و بات على السوريين أن يدركوا أن الحرب على سورية لم تُشن كرمى لعيون البعض أو ضد البعض الاّخر فقط , هي حرب باردة تجري فيها تصفية الحسابات الإقليمية والدولية , وتستهدف سورية و روسيا و إيران وحلف المقاومة مجتمعا ً كما تستهدف سورية بالضبط , فلا يغيب عن أذهانكم الحروب الاقتصادية التي تقودها مملكة الشر ّ الوهابي, والولايات المتحدة الأمريكية و فرنسا و بريطانبا و تركيا و دول الخليج , وتلك الحروب العسكرية التي استهدفت الدولة الروسية في جيورجيا و يوغوسلافيا و أوكرانيا مؤخرا ً .. فالعالم يولد من جديد , و تُرسم معالمه بمخاض الدم و الحروب والدمار بالضبط كما وعدت " الحسناء " كوندي رايس ..

كما بات عليهم إدراك و تقدير تضحيات الجيش العربي السوري في فرض الأمن و الأمان في المناطق التي تتم استعادتها و دحر الإرهابيين منها , وسط الأكاذيب و التشويه الإعلامي , فأنتم تعلمون علم اليقين أن المساعدات الإنسانية و رواتب الموظفين و لقاحات الأطفال و كل متطلبات الحياة الأساسية , لم تتوقف لحظة ً واحدة , و أن الحكومة لم تأنو جهدا ً في فك الحصار عن المحاصرين .....إلخ , أما آن الأوان لنقول كفى ؟ و تبقى سورية الحضن الدافئ لكل أبنائها , و الأم الرؤوم التي تنتظر عودة من ضل و تاه و أخطأ .. و دائما ً نقول في الرجوع عن الخطأ فضيلة.


اقرأ المزيد...
أضف تعليق

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا