جهينة نيوز-خاص
منذ إسقاط الأتراك للمقاتلة الروسية قبل بضعة أشهر، يبدو ان الزعيمين المختلفيْن سياسياً وعقائدياً –بوتين وأردوغان- قد سئما الموازنة بين خلافهما الطارئ في الجو وتفاهمهما الملحّ على الأرض... ففي الجو قضى قائد السوخوي نحبه وأجريت له مراسم دفن مهيبة خلال يوم، بينما ما تمّ إلغاؤه من تفاهمات بين الروس والأتراك على الأرض، لم يجد حتى من يقيم له مراسم عزاء شكلي توحي بثأرٍ للطيار الشهيد، أو تكريسٍ للغرض الروسي في سورية، ألا وهو وضع حد للإرهاب العابر للحدود التركية إلى سورية وانكفاء موجة تتريك أجزاء من الشمال السوري مع قاطنيها بعد معمودية الدم العثماني التي مرّ بها بعض مطلقي نيران "الحرية" هناك على جسد سورية الأم.
وكما نلاحظ، فالإرهاب استمر عابراً للحدود التركية باتجاه سورية، بل ما انفكّ مقيماً على أراضيها ببطاقات إقامة مروّسة بأسماء الألوية "الجهادية" المنتمية إلى ما سُمي بـ"الجيش الحر"، وأحدث ما يُحرَّر باسمه منذ آب 2016 أخبار عملية "درع الفرات" المدعومة تركياً والتي رأى فيها الجانب الروسي "معقولة وعادلة"...كما أن تتريك أجزاء من الشمال السوري مستمرٌّ ضمن عمليات عثمانية خالصة الوفاء والولاء للسلطنة القديمة، عمليات أسهم بعض وسائل الإعلام الفتية في وصف بعضها بـ"التحرير"! وربما كان ذلك خطأً سيادياً من قبل المحرّر!
وعلى كل حال فكل لاعب في المنطقة الآن لا يدلي بأجندة سياسية أو عسكرية أو زمنية مكتملة لتضع الحرب أوزارها، فالأميركان يقولون إن حربهم ضد الإرهاب لدينا ستطول، وكذلك الأتراك منذ أيام صرّحوا بأن تدخلهم العسكري في سورية سيطول، وكما نعرف فقد فعل الروس الشيء ذاته...وإذا شئنا غربلة كل تلك الأجندات نرى أن الروس قادمون جدد الآن إلى سورية بعد عقود من التخطيط والتنفيذ الأميركي في المنطقة، ولعلنا لا نخطئ بالمعلومة الجيوستراتيجية حين نقول إن عقود العمل الأميركي واكبت تحوّل "الاتحاد السوفييتي" إلى "روسيا الاتحادية"، ولولا المورّثة السوفييتية القوية لما شهدنا روسيا قوية، ولكنَّ الحاضر الغائب فيها الآن هو ربع قرن من الاستثمار الأميركي والأوروبي في المنطقة، بل في كل شبر منها...وماذا عسى بوتين يفعل؟ حيث كلما اكتشف الخبراء الروس شيئاً مما فاتهم إبان تحوّل الاتحاد الكبير إلى اتحاد أصغر، نرى ازدحاماً وسرعةً في حركة البوارج الروسية والطرّادات المذخّرة بالصواريخ إلى المتوسط.
وامس –استناداً إلى لقاء بوتين بأردوغان- فإن الطرفين متفقان على إعادة المياه إلى مجاريها بينهما– ولا نعرف إذا كان ذلك يشمل مياه الفرات في مجراه السوري- كما أنهما متفقان على إخراج "المسلحين" من حلب وفقاً لخطة "ديميستورا"، فهل يناقش الطرفان تفاصيل من هم المسلحون المزمع إخراجهم من حلب؟ وهل يمكن أن يتفقا على أن مئات "ديميستورا" من "النصرة" هم المسلحون في حلب فحسب؟! فإذا حدث ذلك هل يكون الروس مقتنعين بالدعاية الأميركية الخاصة بوجود "معارضة سورية معتدلة" ام مجرد تكتيك روسي في اظهار عدم قدرة أو رغبة الأمريكي في فصل جبهة النصرة عن باقي الفصائل المسلحة
أما بخصوص غموض المسألة الكردية بين الروس والأتراك، فعلى الطرفين الروسي والتركي أن يفصحا للدولة السورية عن الحدود الروسية والتركية لمساعي الأكراد السوريين الذين يرهبون الجانب التركي جزئياً ويرغّبون الجانب الروسي كلياً من باب أنهم علمانيون يتمترسون في منطقة مهددة بترعرع الإرهاب فيها وانطلاق المد الأصولي منها ليتصل ببيئة آمنة له في بقايا الاتحاد السوفييتي القديم
وختاماً فإن مسار العلاقات الروسية التركية مؤثّرٌ في الملف السوري بشكلٍ مباشر، وهو مسار مرتبط بمسار علاقات كل بلد منهما مع بلدان أخرى، وجلّها لاعبٌ دولي وإقليمي في المساحة السورية، والخشية أن يضبط بعض الأطراف الدولية الحل على إيقاع مصالحه ووقع خطوات جنوده –أو من يمثّلها- على الأرض.
المصدر JPnews
00:27
00:29
01:23
01:40