دمشق .. المدينة التي لم تعطش إلا بتواجد الإرهابيين

السبت, 7 كانون الثاني 2017 الساعة 20:08 | تقارير خاصة, خاص جهينة نيوز

 دمشق .. المدينة التي لم تعطش إلا بتواجد الإرهابيين

خاص جهينة نيوز:

لقد تمّ النظر إلى الأمن المائي في الأساس على أنه الحال الذي يكون فيه عند كل شخص فرصة أو قدرة على الحصول على مياه نظيفة ومأمونة بالقدر الكافي حتى يتمّكَّن من أن يعيش حياة ينعم فيها بالصحة والقدرة على الإنتاج، بينما يؤدي انقطاع سبل الحصول على المياه إلى تعرّض البشر لمخاطر كبيرة تتعلَّق بالأمن البشري أبرزها انتشار المرض وانقطاع سبل المعيشة.

تتفق هذه النظرة مع الإعلان الذي أطلقته لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والذي نصّ على أن " حق الإنسان في المياه يجب أن يكفل للجميع إمكان الحصول على المياه بشكل كافٍ وآمن ومقبول وبسعر مناسب مع القدرة على الوصول إليها وذلك لأغراض الاستخدام الشخصي والمنزلي ".

ويصبح الحصول على المياه وفق هذا المنطق حقًا من الحقوق الأساسية للإنسان، إذ أنّ التمسك بالحق الإنساني في المياه هو غاية في حد ذاته ووسيلة لاستنهاض حقوق أكثر شمولاً وردت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي غيره من الوثائق الملزمة قانونيًا، بما في ذلك الحق في الحياة والتعليم والصحة والمسكن اللائق.

ومما لا شك أن الأمن المائي من أهم الأولويات التي تهتم بها الأمم والشعوب ذلك أن النقص في إمدادات المياه يترتب عليه إرتباك في الجبهة الداخلية لما يترتب على ذلك من عطش وتعطيل للأمور الحياتية المختلفة من معاشية أو زراعية أو صناعية لذلك ظلت مصادر المياه وأماكن توافرها محط الرحال ومنبت الحضارات ومناطق التجمع السكاني.

وتكتسب المياه اهمية خاصة في جميع دول العالم ومنها سوريا. اذ تتفاوت كمياتها بين دولة واخرى. وتعتبر الموارد المائية  من المشاكل الأساسية في سوريا بسبب تباين كمياتها الواصلة اليها من دولة المنبع " تركيا " واطماع الكيان الإسرائيلي في الاستيلاء على قسم من مياهها في الجولان المحتل.

وتعتبر غالبية الأنهار في سوريا، مشتركة او عابرة مع دول جوارها، مما يهدد امن وسلامة هذه الموارد على الرغم من الاتفاقيات الدولية المعقودة بين الدول المتواجدة على نهر الفرات خاصة .

ويعتبر الماء عنصراً قوياً من عناصر قوة الدولة في مفهوم " الجغرافيا السياسية " لأهميته المباشرة وغير المباشرة. وتتباين الاحكام على مصادر المياه بالنسبة  لقوة الدولة. فالمياه السطحية تقف في المرتبة الاولى خاصة اذا ما كانت الدولة مالكة لمناطق الحوض (المنابع) ولمجرى النهر. اما  بحالة وجود النهر في اكثر من دولة فتتوقف اهميته على العلاقات الدولية بين دولة المنبع و الدول المشتركة فيه ومدى الاحترام للاتفاقيات الدولية في هذا المجال.

وتقسم الانهار السورية الى مجموعتين :

- الأنهار الدولية المشتركة بين سوريا ودول الجوار الجغرافي ويدخل ضمن هذه المجموعة الانهار الدائمة الجريان (الفرات – دجلة – العاصي - جعجع- قويق – عفرين - الكبير الجنوبي – اليرموك - الساجور) وتركيا هي دولة المنبع لها، بالإضافة إلى نهر العاصي الذي ينبع من لبنان.

- الأنهار الداخلية وهي (الخابور – البليخ – السن – بردى - بانياس) وكذلك الانهار غير الدائمة الجريان التي تنتشر في المنطقة و التي تجري المياه فيها لمدة لا تزيد على اربعة اشهر بشكل  مستمر.

المياه اليوم فصل من فصول الحرب الدائرة في سوريا، وسلاح تكتيكي للمسلحين، فالمجموعات المسلحة تحاول السيطرة على السدود ومصادر المياه كوسيلة ضغط لتنفيذ مطالبها.

حيث وجه " تنظيم داعش " جهوده للسيطرة على الجزء السوري من نهر الفرات، فقد تمكن من الاستيلاء على عدد من السدود في محافظة الرقة، أهمها سد " الفرات " الذي يعد أكبر سدود سوريا والذي اعتمد عليه في إنتاج الطاقة الكهربائية، كما سيطر على سد " البعث " الذي يقع شرق سد الفرات على بعد حوالي عشرين كيلومترًا، وسيطر " التنظيم " على سد " تشرين " الذي يقع في ريف حلب.

وتمكن إرهابيو " التنظيم " من قطع المياه عن مدينة حلب من مصدرها الرئيسي في منطقة الخفسة شرق حلب، أما سيطرته على سد الفرات فجعلته يتمكن من حجز أكبر مستودع مائي، إذ يشكل بحيرة يبلغ طولها 80 كيلومترًا، ومتوسط عرضها 8 كيلومترات، واتخذ " داعش " من سد الفرات مركزًا لعملياته، ولا يستبعد بعض المحللين والمسؤولين الأمريكيين تفجير السد من قبل " التنظيم " إذا شعر بالخطر في تلك المنطقة.

وفي دمشق وريفها, اقدمت المجموعات المسلحة بمختلف مسمياتها اكثر من مرة على قطع مياه نبع الفيجة الذي يروي أحياءً داخل العاصمة وحولها، في محاولة للضغط على الجيش السوري ومنع تقدمه في عملياته العسكرية في الغوطة الغربية، واليوم تعاود المجموعات المسلحة محاولة الضغط بقطع مياه نبع الفيجة عن العاصمة دمشق وتحويلها إلى نهر بردى إثر اشتباكات مع الجيش السوري في المنطقة.

لمحة عن تاريخ نبع عين الفيجة :

تشتهر بلدة عين الفيجة بعدد من الينابيع منها : عين دورة، عين الويات، عين السادات وأهمها نبع الفيجة (ينبع من جبل القلعة) الذي يزود مدينة دمشق بمياه الشرب، وهو الذي أعطى البلدة اسمه ويعتقد أن " فيجة "  كلمة يونانية أصلها " بجة " وتعني نبع الماء، وهو دليل على قدمها، والذي تم استعماله منذ أقدم العصور واتخذ مكاناً للعبادة. ومياه هذا العين تتفجر بغزارة مدهشة من كهف في أسفل الجبل ثم ترفد مياه نهر بردى بأكثر من نصف مياهه التي يحملها إلى دمشق. وقد حفرت الكثير من الأقنية التي أوصلت مياه الفيجة إلى دمشق ويعود أقدمها إلى العصر الروماني (على أقل تقدير)، ويمكن مشاهدة بقاياها في الكثير من قرى وادي بردى.

عام 1908م في عهد والي دمشق حسين ناظم باشا, تم تمديد قناة من نبع الفيجة إلى مدينة دمشق بواسطة أنبوب من الفونت قطره /250/ مم كان يصب في خزانين كلاهما في المنطقة الشمالية المرتفعة من المدينة. خزان العفيف وسعته 2000 م3 , وخزان ظبيان وسعته 500 م3, يوزعان المياه على 400 سبيل منتشرة في أنحاء المدينة كان يجري الماء فيها بمعدل ساعتين في الصباح والمساء وتكاد تكفي لسد حاجة السكان من مياه الشرب، وظل الأهالي يستعملون معها مياه الأنهار للأغراض المنزلية.

بعدها وفي سنة 1925 بدأ مشروع تمديد مياه الفيجة من جديد إلى دمشق وانتهى سنة 1932، حيث تم حفر قناة في جوف الجبال الصخرية حتى الخزان الأعلى في جبل قاسيون، بطول 18كم. وهي مؤلفة من أربعين نفقاً، وثلاث قنوات مبنية، وأربعة جسور في الأودية الكبيرة (يتراوح طولها بين 15-50متراً). كما تم بناء خزان كبير فوق النبع سنة 1931، ويستند جداره الغربي على أحد جدران بناء المعبد العائد إلى العصر الروماني، وتم توسيع الخزان في العصر الحديث أكثر من مرة.

يوجد في البلدة أثر يدل على قدم السكان فيها إذ يوجد معبد روماني قديم عند منبع الماء كان الرومان يقدمون فيه القرابين لآلهة الينبوع التي كانت في المعبد والموجودة حاليا في المتحف الوطني بدمشق كلمة فيجة قديمة تعود إلى كلمة اغريقية πηγη تعني العين باللغة الاغرقية القديمة.

ويوجد في عين الفيجة آثار لنفق قديم كانت زنوبيا ملكة تدمر تجر خلاله مياه نهر بردى إلى تدمر عبر البادية السورية.

أما حديثا فلا أثر للسكان في عين الفيجة قبل عام 1800م حيث بدأ يتدفق إليها سكانها الحاليون قادمين من المناطق المختلفة من مدن سوريا ومن بعض البلدان العربية المختلفة.

وبالعودة إلى جرائم المجموعات المسلحة بحق المدنيين, تحدثت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن "اعتداءات التنظيمات الإرهابية على مصادر المياه المغذية لدمشق في منطقتي عين الفيجة ووادى بردى" شمال غرب العاصمة. فيما قالت صحيفة " الوطن " السورية أن " التنظيمات المسلحة قامت بتلويث مياه الشرب القادمة إلى دمشق بالملوثات والمازوت ".

تسميم مياه عين الفيجة المغذي لمدينة دمشق وريفها, جاء بالتزامن مع اشتباكات بين الجيش السوري والمجموعات المسلحة بمنطقة بسيمة في وادي بردى بريف دمشق الغربي, حيث تم استهداف حاجز المسلحين في بسيمة ما أسفر عن مقتل وإصابة عدد من المسلحين.

من جانبه, أوضح وزير الموارد المائية نبيل الحسن، أن " مصادر المياه الرئيسية المغذية لمدينة دمشق، والتي خرجت عن الخدمة نتيجة الاعتداءات الإرهابية كانت تؤمن 550 ألف متر مكعب يوميا من مياه الشرب ". وأضاف الوزير: " أن المؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي في دمشق اعتمدت خطة طوارئ لتلبية جزء من احتياجات دمشق وضواحيها وبحدود 30 بالمئة منها "، لافتا إلى أن الكميات المتاحة من الآبار الاحتياطية توزع على المدينة وفقا لقطاعات المدينة، وضمن برنامج يتم الإعلان عنه من الفتح حتى الإغلاق.

ورداً على متابعة الجيش السوري عملياته في منطقة وادي بردى بريف دمشق الغربي, قام المسلحين المتواجدين في بلدة عين الفيجة بتفجير جزء من الفناء الداخلي لنبع الفيجة دون تضرر النبع نفسه، في وقت عمدت فيه تنسيقيات المسلحين  إلى اتهام الجيش بقصف المكان كي تبعد التهمة عن أصحاب العمل الفعلي، ويرجح أن يكون وراء التفجير أحد عناصر جبهة النصرة المدعو " فواز حسن رمضان ", حسبما أوردت مواقع التواصل موضحة أنه يعمل " لحاماً " في بلدة بسيمة.

ويهدف المسلحين من هذا العمل التصعيد، ولاسيما أن الصور التي انتشرت على مواقع التواصل تبين أن التفجير الجزئي تشير بلا أدنى مجال للشك أنه ناتج عن تفجيرات داخل الفناء لا من خارجه.

وفي 29 من كانون الأول الماضي, توصلت تركيا وإيران وروسيا إلى اتفاق بخصوص وقف المعارك في سوريا, باستثناء المعارك ضد بعض  المنظمات الإرهابية مثل " داعش " و " جبهة النصرة " وجميع الفصائل المنضوية وفق الاتفاقات السابقة المعلنة من قبل كافة الجهات المختصة بشأن الملف السوري. يذكر أن هذا الاتفاق جاء بعد استعادة الجيش السوري والحلفاء السيطرة على مدينة حلب.

منطقة وادي بردى, لا تزال العديد من الجهات تنفي وجود مسلحي " جبهة النصرة " في المنطقة، رغم أن الجبهة نفسها أعلنت عن ذلك بكل وضوح وصراحة.

أمير " جبهة النصرة " السابق في الوادي المدعو " أبو جابر الانصاري " غرد على حسابه على تويتر قائلا إن " مسلحيه ثابتون على محاور القتال "، وتباهى بأن " ارهابييه هم من قطعوا المياه عن العاصمة السورية دمشق ".

كلام الأنصاري قطع الشك باليقين، رغم أن بيانا ممهورا بعلم ما يسمى " الجيش الحر " نفى أن يكون " للنصرة " اي تواجد في المنطقة، على أمل أن هذا البيان قد يجنبهم معركة حقيقية مع الجيش السوري.

وللمزيد من الحقائق، تحدثت " التنسيقيات " في أوقات سابقة كثيرا عما اعتبرته بطولات للجبهة في المنطقة.

كما أنا الارهابي الأنصاري ويدعى أيضا " أبو هاشم التلي " أجرى العديد من المقابلات مع مواقع إلكترونية تابعة للمسلحين، طمعا بالشهرة الإعلامية، فيما مسلحيه يضيقون الخناق على جماعات " الجيش الحر " بالمنطقة، وسعى إلى إفشال المصالحات الوطنية في المنطقة.

وتم تعيين أمير جديد لـ " جبهة النصرة " في منطقة وادي بردى في ريف دمشق يدعى " أبو سارية الأردني " بعد انهاء مهام المسؤول السابق المدعو " أبو هاشم التلي " وأوكل للمسؤول الجديد إدارة مهام " النصرة " ومعاركها في منطقة وادي بردى والجبل الشرقي، بالتنسيق مع المسؤول العسكري " للنصرة " في منطقة وادي بردى المدعو " عبدالله العوايني ".

وتسيطر " جبهة النصرة " على نسبة 50% من قرى وادي بردى والجبل الشرقي من مجمل سيطرة باقي الفصائل، وأهم مناطق تواجدها هي إيفره وجرودها وصولاً لحدود سبنة التي تحد منطقة القلمون.

مصادر مطلعة لموقع جهينة نيوز, أكدت أن المجموعات المسلحة في منطقة وادي بردى ارسلت في الأمس عبر ممثليها انهم على استعداد للإستسلام الكامل والخضوع لمصالحة على غرار قدسيا والهامة والتل وتسليم جميع اسلحتهم (ثقيل - خفيف - فردي) وسيطرة الجيش السوري على المنطقة.

يرى مراقبون, أن هنالك اسئلة كثيرة تطرح نفسها حول نوايا الارهابيين في قرى وادي بردى خصوصا انهم تجاهلوا عن سبق اصرار وتخطيط التطرق للإسلاميين " جبهة نصرة - احرار الشام - داعش ", وتم طرح فقط الارهابيين العرب والاجانب المتواجدين في المنطقة.

ماتزال الامور مبهمة حتى اللحظة وخصوصا بعد التوصل إلى هدنة لوقف إطلاق النار في منطقة وادي بردى, والتي تبدأ الساعة التاسعة صباحاً من اليوم السبت 7 كانون الثاني 2017 ، إضافةً لإدخال فريق صيانة إلى نبع الفيجة ليتم بعدها استكمال المفاوضات في المنطقة.

في حين لا تزال تجهيزات المسلحين قائمة على قدم وساق ونقلهم للسلاح من مكان لمكان واعادة تموضعهم وانتشارهم ورفع التحصينات وتدشيم منصات إطلاق وخلافه, حسب ما أكدت مصادر لموقع جهينة نيوز, والذي يعتبر مؤشر قوي على نوايا الخيانة من قبل المجموعات المسلحة, لكن يبقى خيار حقن الدماء هو الخيار الأول لدى الجيش السوري والحكومة السورية, لأن استعادة السيطرة على المنطقة من قبل الجيش السوري يبقى هو الخيار الذي لا رجعت فيه.


أخبار ذات صلة


اقرأ المزيد...
أضف تعليق

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا