جهينة نيوز-هانيبال خليل:
بتاريخ 7/3/2017 وافق مجلس الوزراء على مشروع تقسيم جامعة دمشق إلى جامعتين تحت مسمى جامعة دمشق الأولى (وهي خاصة بالكليات الأدبية) وجامعة دمشق الثانية (وهي للكليات التطبيقية)، وذلك تحت مبرر "الاستمرار بتخريج كوادر أكاديمية بمستوى علمي متقدم حفاظاً على عراقة جامعة دمشق، وبما يحقق الخدمات الأفضل للطلاب والكادر التدريسي ويخفف الأعباء الناجمة عن زيادة عدد الطلاب والكليات" حسبما أورد مصدر رسمي...وقد أضاف المصدر أنه سيكون لكل جامعة رئيس.
جامعة دمشق، الأولى عربياً:
هذا وتعد جامعة دمشق –قبل قرار تقسيمها إلى جامعتين- أقدم وأكبر جامعة في الجمهورية العربية السورية، والأكبر بين الجامعات العربية من حيث عدد الطلاب، تقع في العاصمة دمشق ولديها فروع في بعض المحافظات الأخرى، وهي أول جامعة حكومية في الوطن العربي حيث ترجع نواتها الأولى إلى العام 1903م من خلال المدرسة الطبية بفرعيها الطب البشري والصيدلة.
وفي عام 1923 تم دمج المدرسة الطبية مع مدرسة الحقوق (التي أسست عام 1913) لتكوين الجامعة السورية، وبقيت تحمل ذلك الاسم حتى عام 1958 حيث أصبحت تدعى جامعة دمشق.
الجامعة منذ الحركة التصحيحية إلى الآن:
وبعد الحركة التصحيحية عام 1970 تم تقديم الدعم للكليات القائمة وإنشاء الأقسام الجديدة فيها واستكمال التخصصات الأخرى وإحداث المعاهد المتوسطة الملحقة بالكليات، وأصبحت جامعة دمشق تتكون من: كلية الآداب والعلوم الإنسانية ، كلية الاقتصاد ، كلية التربية ، كلية الحقوق ، كلية الزراعة ، كلية الشريعة ، كلية الصيدلة ، كلية الطب بمشافيها، كلية طب الأسنان ، كلية العلوم ، كلية الفنون الجميلة ، كلية الهندسة المدنية ، كلية الهندسة المعمارية، كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية، المعهد العالي للتنمية الإدارية، وحظيت معظم الكليات والمعاهد بمبان جديدة، وتم تشييد عدد من الوحدات السكنية للطلاب والطالبات في مدينة باسل الأسد الجامعية، كما تم تشييد بناء مستقل خصص سكناً لممرضات العاملات في المشافي الجامعية، وتم افتتاح عدد من دبلومات التخصصات في الدراسات العليا في اختصاصات مختلفة بالإضافة إلى دبلومات التأهيل، كما افتتحت درجة الماجستير في معظم الاختصاصات ودرجة الدكتوراه في بعضه .
مبررات التقسيم، هل هي مقبولة؟
وبالعودة إلى المبررات التي تقدم بها المصدر الرسمي من جامعة دمشق حول تقسيم الجامعة فإننا لا نجد ما يبرر ذلك القرار، ذلك أن الحفاظ على العراقة والمستوى المتقدم للطلبة وللخريجين لا يرتبط بحجم الجامعة، بل بسعة علومها وقدرة كوادرها العلميين والإداريين ونزاهتهم، بالإضافة إلى بناء علاقات علمية شفافة ونزيهة مع أفضل جامعات العالم، كما أن تقديم الخدمات الأفضل للطلاب والكادر التدريسي ممكنٌ من خلال دعم الكوادر الإداريين في الجامعة وزيادة عددهم بالخرّيجين الجدد وإدخال المزيد من الإصلاحات ضمن بُنى الجامعة الإدارية والخدمية وضبط إجراءات التعامل مع الطلاب وشؤونهم ومواكبة الكادر التدريسي وضبط احتياجاته وتصرفاته وتعميم الأنظمة الإدارية والمعلوماتية المتطورة لتحقيق النزاهة...أما التوسع في مباني الجامعة وفروعها وكلياتها وأقسامها فهو قائم منذ تأسيسها تحت إدارة واحدة ولا يؤثر على مركزية إدارتها وعلى رأسها رئيس الجامعة، وقد بلغ عدد رؤساء جامعة دمشق إلى الآن واحداً وعشرين رئيساً، ويجدر بالذكر أنها كانت معروفة باسم الجامعة السورية نظراً لخصوصيتها الوطنية والقومية، فهي الجامعة الوحيدة في العالم التي تقوم منذ تأسيسها بتدريس كامل مناهجها باللغة العربية، وهي التي تخرج فيها العديد من نوابغ الفكر والأدب والحقوق والطب ومختلف العلوم من السوريين والعرب والأجانب، وبالتالي فإننا نرى في قرار تقسيمها إلى جامعتين إساءة إلى تاريخها وعراقتها وحجمها وموقعها المتقدم بين الجامعات العربية والعالمية، ومن المعروف أن الجامعات العريقة في العالم كله تحافظ على اسمها ولا يمكن تقسيمها مهما بلغت من العمر ومهما توسعت وازداد عدد طلابها لأنها بذلك تحافظ على اسمها العريق وطابعها وخاتمها وبصمتها العلمية وكيانها العلمي الموحد على مر السنين، كما أنها تحافظ على أرشيفها العلمي والإداري تحت اسمٍ واحد
المخاطر المحتملة للقرار:
أما المخاطر المحتملة من قرار مجلس الوزراء بتقسيم جامعة دمشق إلى جامعتين فهي تكمن في مخاطر إدارية وعلمية وأخرى مجهولة الآن، وعلى سبيل المثال فجامعة دمشق الثانية ستكون إدارياً مؤسسة جديدة لا تحمل تسلسل سنوات العراقة التي تحملها جامعة دمشق الأولى، ولا حتى المميزات والتقاليد العلمية التي اشتُهرت بها الأولى، كما يُخشى من وقوع عمليات اصطفاء وتمييز وترميز للموضوع برمّته استناداً إلى توزُّع الكليات والأماكن تحت اسميْ الجامعتين، ذلك أن البيت الواحد لن يحتفظ بخصائصه إذا أضحى بيتين، ولا بد من حدوث خلل ما في وضع التوصيف الإداري والعلمي لكلا الجامعتين، كما من المتوقع تأثّر أرشيف الجامعة الأصلي بأشكال من الخلل لدى إعادة النظر فيه وإمكانية توزيع بعض محتوياته بين الجامعتين في ضوء التقسيم، بينما ستُضاف إلى سيرة الجامعة -فيما لو نُفِّذ قرار تقسيمها- عبارة "حين كانت جامعة واحدة" أو "حين كانت تحمل اسم جامعة دمشق" أو "الجامعة قبل التقسيم" و"الجامعة بعد التقسيم"...كما سيحدث خلل في منظومة ومفاتيح البحث عن الجامعة في وسائل الاتصال والبحث الحديثة، وسيغدو التعريف بها والبحث عنها رهين فترتين.
22:52
00:35
14:58
13:01
13:01
15:27
04:21
04:26
15:05
15:15
15:27