جهينة نيوز:
على الرغم من حشد الآلاف من الإرهابيين من شتى بلاد العالم ، و إرسالهم إلى سوريا ، وفي ظل تفاهمات ومخططات مشتركة بين أمريكا و إسرائيل و تركيا و قطر و السعودية ، وفي ظل العمل الميداني المشترك لهذه الدول ، ظهرت نواة الإرهاب في سوريا بدعم امريكي و اسرائيلي و سعودي ، وعلى غفلة من الزمن و في ظل تخطيط امريكي محكم سقطت العديد من المدن في سوريا ، حينها بدأت خيوط اللعبة الامريكية تتوضح تجاه سوريا التي تمثل عصب محور المقاومة ، و لكن كان للدولة السورية و جيشها الكلمة الفصل في الوقوف سدا منيعا في وجه الإرهاب الأمريكي ، و بمساعدة قوية من حلفاء سوريا ، تلقت التنظيمات الإرهابية بمختلف فصائلها و تسمياتها هزائم متتالية و متواصلة ، ليتم إعادة التوازن للشرق الأوسط و لتبدأ معالم النصر الإستراتيجي مع كل إنتصار يحققه الجيش السوري ، و بات من الواضح أن التطورات الميدانية في سوريا تشي بإقتراب الحرب من نهايتها ، تطورات مفصلية هامة في سياق الحرب السورية حدثت في الشهور الأخيرة ، تؤكد أن الانتصار الاستراتيجي في سوريا بات قاب قوسين أو أدنى .
مع دخول المنطقة العربية في معمعة ما سمي بالربيع العربي ، لم يدرك احد ماهية الربيع الذي تريده امريكا و ادواتها في المنطقة ، و لم ينتبه الكثيرون لأبعاد هذه المؤامرة على سوريا ومحور المقاومة ، فالغالبية منتشون بالربيع وبالتغيير الذي كانت تقوم أمريكا بتسويقه في المنطقة ، ليتوضح لاحقا أن سوريا بذاتها هي الهدف ، و كانت المفاجأة أن سوريا صمدت في وجه العاصفة .
و على إعتبار أن سوريا هي العمود الفقري لمحور المقاومة ، بالتالي كل أركان هذا المحور كان مستهدفا ، من ايران إلى العراق وصولا إلى حزب الله ، فكان التنسيق فيما بينهم على أعلى المستويات ، الأمر الذي وجه ضربة قاسية للمحور الأمريكي و خططه في المنطقة ، و بدأت التطورات الميدانية لصالح محور المقاومة ، هذه التطورات عززت موقف الدولة السورية وحلفائها، وشكلت مؤشراً قوياً على أن زمام المبادرة في الميدان والسياسة بات بيد سوريا وحلفائها، وأن الجماعات المسلحة باتوا في حالة تراجع مستمرة.
و في الوقت الذي يزداد فيه محور المقاومة صلابة وتماسكاً ، فإن المحور المقابل يعيش مأزقاً حرجاً جراء الفشل والخسارة الكبرى في سوريا والعراق، فقطر مثلاً التي كانت رأس الحربة في الحرب على سوريا ودعم وتسليح الجماعات الإرهابية ، وجدت نفسها معزولة ومقصية على هامش الأحداث في ظل التفاهم السعودي الأمريكي، والسعودي- الاماراتي ، و ارتدت مفاعيل أحداث سوريا والعراق على قطر التي باتت متهمة بتمويل التنظيمات الإرهابية، وبات عليها أن تدفع وحدها ثمن المغامرة السعودية القطرية في سوريا ، ويبدو أن مسار الأحداث سيدفع بقطر إلى التموضع في المحور المنتصر ، وهو ما سينعكس إيجاباً لصالح محور المقاومة
تركيا هي الأخرى وجدت نفسها في مأزق كبير بعد التدخل الروسي والانسحاب الأمريكي التدريجي من الملف السوري ، لكن الرئيس التركي و عبر سياسة التقلب في المواقف ، إعتمد سياسة النأي بالنفس و إن بشكل محدود ، و هذا ما دفعه بالإبتعاد عن النظام السعودي الجديد .
اعتقد الكثيرون من متابعي الشأن السوري ، تقسيم سوريا نتيجة المساحات الكبيرة التي كانت خاضعة للفصائل الإرهابية التي كانت تقوم بتنفيذ أجندة الداعمين ، و بطبيعة الحال أعداء سوريا كانوا يسعون إلى تقسيمها ، لكن عبر استراتيجية محكمة اعتمدتها الدولة السورية ، يضاف إلى ذلك تماسك معظم العناصر التي تضمن وحدة البلاد ، ومنها بنية صلبة للجيش السوري، إدارة عاملة طوال سنوات الأزمة ، جسم دبلوماسي نشط ومتماسك ، تحالفات خارجية مؤثرة جداً ، وتملك مختلف وسائل تعطيل الحلول المفروضة من الخارج ، من الفيتو إلى الميدان، و سيطرة على قلب البلاد ومناطقها ذات الأهمية المرتفعة ، وأهم من ذلك كله ، الرئيس الأسد صاحب العقل القيادي القادر على الصبر لتلقي النتائج الأفضل ، واستثمار توتر أعدائه في انتزاع مكاسب نوعية منهم ، كل هذه المعطيات ستكون سبيلا إلى نصر استراتيجي ستتمكن الدولة السورية من حصاد نتائجه قريبا ، ليس في السياسة و الميدان فحسب ، بل بنوعية التحالفات القوية التي لا يمكن كسرها ، فالصمود السوري أعاد التوازن الإقليمي للشرق الأوسط ، و باتت مع حلفاؤها أحد أقطاب التوازن الدولي في مواجهة غطرسة واشنطن و أدواتها ، و بالنتيجة يمكن القول أن سوريا و صمود قائدها و جيشها و شعبها كسر المارد الأمريكي في المنطقة و إنهارت المشاريع الإرهابية التقسيمية .