رســا لـــة ... و لــقـــــاء بقلم : ابراهيم فارس فارس

الثلاثاء, 26 كانون الأول 2017 الساعة 00:35 | منبر جهينة, منبر السياسة

رســا لـــة ... و لــقـــــاء بقلم : ابراهيم فارس فارس

جهينة نيوز:

كان ذلك اليوم هواليوم الثاني من ايام حرب تشرين المجيدة 1973 . وهو السابع من شهر تشرين الأول أوكتوبر ، الساعة الخامسة صباحـــا ً . قال ابو أحمد لزميله الرقيب عبد الواحد : أخي عبد ، لدينا معركة فاصلة بعد قليل مع هؤلاء الأوغاد الاسرائيليين ، فإن عدنا سالمين غانمين منتصرين وهذا ما نأمله من الله سبحانه نكون قد عدنا ، واذا ما رزقنا الله الشهادة ، فأرجو منك ان توصل هذه الرسالة الى عائلتي ، ولك الشكر .. قال له زميله المرابط في خندقه : وكـّل الله يارجل ..ان شاء الله ترجع لنا بالسلامة ...تناول عبد الواحد الرسالة ووضعها في مكان آمن وتمنى لزميله أبي احمد العودة سالما ً غانما ً منتصرا ً وكل من معه .. نشبت المعركة الرهيبة بالدبابات ، وكأن باب جهنم قد فتح ، حتى أن من شاهد لهيبها ولو على بعد كيلومترات ، لم يتوقع ان يعود منها احد سالمـــا ً !! مساء ، انجلت المعركة ، وسُحقت قوات العدو ، وكان نصرا ً عظيما ً ، لكن أبا أحمد لم يعد ! مر الليل طويلاً، وأشرقت شمس الصباح وعاد من عاد سليماً او جريحا ًوعاد الشهداء بعد تباعاً ، ابو احمد اســــتـــشــــهــــد ... رحمة الله عليك يا أبا أحمد ، وأسكنك فسيح جناته .. ان الأمانة ان اوصل الأمانة الى أهلها ، ...الرسالة .قال عبد الواحد ... كان عبد الواحد على موعد مع موكب الشرف الى قرية ابي احمد البعيدة ، حيث سيسجى جسده الطاهر . وصل الخبر الى القرية قبل وصول الجثمان .. وعندما وصل ساحة القرية ، ضجت الساحة بزغاريد الفرح الممزوج بالحزن معا ً ، احتفاء باستشهاد البطل . تمت مراسم الدفن في جو مهيب ، ومرت ساعات ، اختلطت فيها مشاعر الحزن مع البهجة والاحساس بالفخر والعزة . ان الموت امر محزن ولا شك ، ولكن هي الشهادة حيث يرتقي الانسان من خلالها ارقى المراتب في الدنيا والآخرة ... اقترب عبد الواحد من زوجة الشهيد وقال والدموع تنهمر من عينيه : ((ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا ً ، بل أحياء عند ربهم يرزقون )) .. ابو احمد رحمه الله ، ارسل لكم هذه الرسالة ، وكلفني قبل اشتهاده ان اوصلها اليكم ان رزقه الله الشهادة . في البيت ، اجتمعت العائلة في غرفة واحدة . قرأ الابن الأكبر الرسالة .. بسم الله الرحمن الرحيم زوجتي الغالية ام احمد . أبنائي الأعزاء أكتب اليكم هذه الرسالة وانا متجه الى ساحة الوغى لأقوم بواجبي تجاه وطني . كم أتمنى لو اقبلكم واحدا ً واحداً ، فربما رزقت بالشهادة ولم اراكم بعد اليوم . أبنائي ، انه شرف لنا جميعا الشهادة في سبيل عزة وكرامة الوطن ، ندافع عنه ونروي ترابه الطاهر بدمائنا ونذود عنه بأرواحنا ، فإن استشهدت فلا تحزنوا بل افخروا بأبيكم لأنه مات في سبيل وطنه .. ديري بالك يا أم أحمد على الأولاد من بعدي ، فإنهم أمانة في عنقك، وأنتم يا أولادي ، أطيعوا امكم واحرصوا ان تكون المحبة فيما بينكم عنوانا ً لحياتكم دائما ً.. ابو احمد ...... ترقرقت الدموع في أعين الجميع ، وسمعت بعض أنات الألم ، لكن الاحساس بالفخر لم يغادر محيا أي من أفراد عائلة الشهيد ..

ومرت الأيام والسنون ، واخترع الأعداء كذبة الربيع العربي ، وعصفت في الوطن مؤامرة الكره والحقد كما رسمتها امريكا ودول الغرب كرمى عيون اسرائيل ، وبتآمر ووطاوة من بعض دول من احتسبوا على العروبة والاسلام !. فجأة ، التقى ابو احمد وهو يمشي في جنان الخلد بولده الطبيب احمد ، قال له : اهلا ً بك يا ولدي ، هل ثمة حرب جديدة استجدت مع اولئك الأعداء الاسرائيليون حتى استشهدت وأتيت الى هنا ؟ قال احمد : كنت أتمنى ذلك يا والدي ، لكن اسرائيل ومن خلفها أمريكا ودول الغرب وكذلك بعض من يدعون العروبة والاسلام ، تآمروا على بلدي وشنوا حرباً مدمرة تحت ذريعة ربيع عربي ،و صادف أن طلب مني جدي بعض الحاجيات ، فذهبت لشرائها له من السوق على أن اوصلها اليه لأنه رجل عاجز .. وهو جدي .

فجأة وأنا في السوق سقطت قذيفة هاون غبية ألقاها بعض القتلة والمرتزقة ، فأستشهدت انا ومعي عدد آخر وعدد أكبر من الجرحى ..أما لماذا فعل اولئك ذلك ، وما فائدة ما قاموا به سوى قتل الناس فلست أدري ! لقد جمعت امريكا واسرائيل وبتواطؤ من بعض الدول العربية وللأسف ، وبعض الدول الاسلامية ايضا ً شذاذ الآفاق من انحاء العالم لتدمير بلدي.. اغدقوا عليهم الدولار والسلاح وافتوا لهم بجهاد النكاح ، وارسلوهم الينا .. وها أنذا الى جوارك . ولكن آه يا والدي كم الفارق كبير بيننا ، فأنت قاتلت عدوا ً اسرائليا ً مغتصبا واستشهدت دفاعا ً عن وطنك أما انا فقد قتلني من يفترض انهم عرب ومسلمون ؟! فقال الأب : لا تبتئس يا ولدي فطالما انك في جنة الخلد فأنت شهيد سواء كان العدو اسرائيل او اولئك القتلة الأغراب ، فكلاهما في النتيجة واحد !


أخبار ذات صلة


اقرأ المزيد...
أضف تعليق



ولأخذ العلم هذه المشاركات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي إدارة الموقع
  1. 1 عبد الرحمن ...
    26/12/2017
    16:16
    حياك الله...
    قسما بالله ابكيتنا يا استاذ ابراهيم ... اننا نسأل : ماذا حدث لهذه الأمة حتى وصلنا الى ما نحن عليه ؟ حسبنا الله ونعم الوكيل ,... وحياك الله .

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا