بــيـن ا لـمــتــنــبــي .. وأ بــو ا لـلــيـــل . بقلم : ابراهيم فارس فارس

الإثنين, 1 كانون الثاني 2018 الساعة 06:41 | منبر جهينة, منبر السياسة

 بــيـن ا لـمــتــنــبــي .. وأ بــو ا لـلــيـــل . بقلم : ابراهيم فارس فارس

جهينة نيوز:

كثيرا ًما يزخر أدبنا وشعرنا العربي بشعراء أفذاذ ، حفظ التاريخ آثارهم الأدبية بماء الذهب ، فخلدت عبر التاريخ ... ولعل من فحول الشعراء وأحد أمرائهم المرموقين ، الشاعر الكبير : أبو الطيب المتنبي .

وكثيرا ًما نقرأ لهذا الشاعر أشعاره الخالدة ونرددها بنشوة واعتزاز ، سواء تلك التي قالها في بلاط سيف الدولة ، أو كافور الاخشيدي ، أو بلاط الأمراء من بني فارس أو العراق .. اسمع المتنبي يقول :

أنا الذي نظر الأعمــى الى أدبـــي وأسمعت كلمــاتــي من بـه صـمـــم

وهو الذي قال ذات مرة :

إذا غامرت في شـــرف مـــروم فــلا تقـنــع بـمـا دون الـنـجــوم

ولكن المتنبي ، الشاعر العملاق ، إنسان بالنتيجـة ، وهو عملاق في بلاط الشعر وميادينه ، لكنه وأمام ذاته مجرد إنسان كغيره له همومه وتصرفاته وسلوكه الأقرب الى عامة الناس قولاً وفعـــلاً !

فقد كان المتنبي الشاعر العظيم ، يتجول ذات يوم في سوق شعبي في بغداد ، وكان يريــد شراء حاجة له ، فوجد ضالته في دكان بائعها صبي صغير ، فتسلل الى خلده أنه ربما اشترى منه مبتغاه بنصف السعر لصغره! لكن الصبي كان عنيدا ً وخيب للمتنبي أمـله ، فما تراجع عن السعر قيد أنملة ، فضاق المتنبي به ذرعاً وسأله بنزق وحدة : ما اسمك أيها الولد ؟ فقال له: زيتـون ! فقال له المتنبي:

سـمّـوك زيتـونـا ً وما أنـصـفـوا ولـو أنصـفـوا سـمّـوك زعـــرورا

فـا لزيتـون فيـه زيـــت وأنت لا زيــت فيـــــك ولا نـــورا

فقال له الصبي ، ما اسمــك يــا عــم ؟ فأجــابـه المتنبي بزهــو : أنا المتنبي يا ولــد !

فقال لــه الصبــي:

يـا لـعـنـة الـله صــبــي فــي لحيــة المـتــنـــبي

إن كنـت أنت نـبـيــــــي فالقرد لا شــك ربـــــــي

ومثل أبي الطيب ، أبو نواس ، الشاعر العباسي المعروف ، شاعر الخيال المتدفق ، والحس العفوي ، والرقة والسذاجة الحلوة وشاعر الخمرة واللهو في آن معــــا ً !

فقد كان أبو نواس ذات مرة في مجلس لهو وغناء وطرب ، وكان الخليفة حاضرا ً والى جانبه احدى جواريه المدللات .. وبينما ابو نواس في انسجام بما يجري حوله ، أشار الخليفة الى جاريته أن تأخذ كأس مدامه وتضعه في حجرها ففعلت ! فما كان من أبي نواس إلا أن ارتبك وحار ما يفعل !! فلا هو قادر على استرجاع الكأس من مكانه خشية غضب الخليفة ،وقد أصبح بلا كأس !! فرأى الخليفة حيرته ، فقال له : ما بك يا أبا نواس ، ما قصتك ؟ فقال له: يا مولاي ،

قصتي أعظم قصــــة صــارت الظبيـة لصـــــة

سرقت كأس مدامــــي وامتصاصـي منـه مصـــــة

خبـأتـــه فـي مـكان فـي فـؤادي منـه غصـــــة

لا أسميــه وقــــاراً للخليفــة فيــه حــصــــة

فضحك الجميع حتى انقلبــوا على قفــــاهــم فـرحــا ً وســرورا ً !!

ولا نحسب أن الطرفة وسرعة البديهة ملك لأمثال أولئك ، فثمة من في العوام من لديه خفة دم ما يماثل ما لدى أولئك وقد يفوقهــم أحيــانــاً!

ففي خمسينات القرن الماضي ، كان ثمة رجل من ضيعتنا يقال له : أبو ممدوح الجسري . وكان هذا الرجل شكلا، الطول مثل العرض ، وذي خفة دم لا مثيل لها حتى لينسي جلساءه همومهم ، ويجلى عن صدورهم بحديثه كرب أزمانهم ! وذات يوم ، ركب أبو ممدوح بغلته من بستانه قاصداً قريته وكانت على بعد ساعتين مشيا ً وكان الجو تموز والطريق وعرة ! وفجأة أشارت له امرأة عابرة سبيل وطلبت أن يحملها معه ، فسر الرجل وقال في خلده : جاء الرزق على رجليه !.

ركبت المرأة خلفه وأحاطت خاصرتيه بيديها كيلا تقع ، فسرت في جسد أبي ممدوح قشعريرة الغريزة وجعلت خياله يحلق في أفق المتعة ، لكن أخلاقه وخشية أن يقال عنه قليل حياء منعه أن يتصرف بما لا يليق ، أو أن ينبس ببنت شفة !!

فجأة ، قالت له المرأة : عجب شقد الساعة يا حجي ؟ وكانت الساعة حلم الفقير في ذلك الزمان، فقــــال: عشـــــرة قبــل الظـهــر ! وبعـــد ســير طويـــــــل، سألته المرأة مجددا ً : عـجـب .. شـقـد صـارت الساعـة يـا حجــي ؟ فقال لها : عشـرة قبـل الظهـــر !! فاستغربت المرأة وقالت : من ساعة قـلـتـلي ، عشـرة ؟! فقال لها بحبور وغمــز : آ.. صـارلـو العقرب واقف أكتر من ســاعة ؟؟!!

وذات يوم ، كان لدينا في تلك القرية حلاق يقال له أبو الليل ، وكان ابو الليل هذا ضعيف نظر ، فعين لا يرى فيها ، وأخرى يرى بها قليلا ، وهو حلاق !! وبينما كان يحلق شعر زبون ، تنهد ابو عبدو الجالس منتظرا ً دوره ، ولكن من قلب محروق ! فتعجب أبو الليل من طول زفراته وسأله باستغراب :

اشبك خــاي ابو عبدو ، خــير ؟! فقال له : من هذه الدنيا يا ابو الليــل ! فقال له: ليش لك خاي ؟ ما شا الله : دار وسيعة ، و فرس سريعــة ، ومــرا مطيعــة ! فقال له ابو عبدو: منين يا خيــو ؟ الد ار عم تهبــط ، والفرس عم تلبـط ، والمــرا عم تـ *** ط ؟؟!!


اقرأ المزيد...
أضف تعليق



ولأخذ العلم هذه المشاركات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي إدارة الموقع
  1. 1 تغريد...
    1/1/2018
    14:16
    سلمت يداك...
    انت تحفة نادرة يا استاذ...جرعة سكر ايجابي في ايام مملوءة بالمرارة...شكرا جزيلا لك والى المزيد من الابداع

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا