جهينة نيوز:
عسكريا و مع القضاء على تنظيم داعش الإرهابي ، بفضل الجهود و التضحيات التي قدمتها فصائل المقاومة في سوريا و لبنان و العراق ، تسعى الدول الغربية لإطلاق جسد إرهابي جديد لمناهضة محور المقاومة ، و ليكون ركيزة لإعادة رسم نقاط القوة و إعادة ترتيبها في الشرق الأوسط ، و ليستمر التدخل الأمريكي على الصعد كافة ، تحت ذريعة مكافحة الإرهاب و احتواءه و منعه من التمدد .
في الوقت الذي بدأت ملامح النصر على الإرهاب الأمريكي تتوضح في المنطقة ، كانت القوى الإقليمية و غيرها تخطط لرسم واقع جيوسياسي جديد ، من شأنه الوقوف في وجه تعاظم قوة محور المقاومة ، لإعادة رسم السياسات الشرق وسطية ، و عليه لا بد من التأسيس لراية إرهابية جديدة ، تقوم واشنطن باستثمارها ، سيما أن كل الدلائل و المعطيات تؤكد أن داعش صناعة أمريكية ، و تم استثماره بما يناسب خطط واشنطن ، لكن و بالنظر إلى التحديات التي تواجه المصالح الأمريكية المستقبلية في المنطقة ، و مع تعاظم النفوذ الروسي و الايراني و وقوفهم إلى جانب بلدان الشرق الأوسط التي عانت من الإرهاب الأمريكي و السعودي ، نجد أن واشنطن تفقد الكثير من هيبتها السياسية و العسكرية ، و لا بد في هذه الحالة من استراتيجية تعتمدها واشنطن لإنقاذ هيبتها التي تحطمت في الشرق الأوسط .
في توصيف قضية الإرهاب و كيف تمكنت واشنطن من تهيئة الأرضية الملائمة لنشوئه و استغلاله ، يمكن القول أن الإرهاب ليس نتاج مجموعة أو بلد فقط ، إنما هناك الكثير من الصراعات الداخلية و الخارجية التي لم تُحل بعد بشأن التوصيف الدقيق لمفهوم الإرهاب عالميا ، يضاف إلى ذلك الأموال و النفط و الأفكار المتطرفة التي تشكل بمجملها بيئة خصبة لتنامي الإرهاب ، و عيله فإن ظروف خلق جسد إرهابي جديد في الشرق الأوسط لا تزال متوافرة ، خاصة و بحسب وجهة النظر الأمريكية فإن إنتهاء داعش يعني غياب واشنطن من مشهدية الشرق الأوسط ، في مقابل تعاظم قوة سوريا و ايران و العراق و الحليف الروسي ، و في هذا قلق أمريكي من شأنه تزعزع تحالفات واشنطن في المنطقة ، يقابله محاور و تحالفات جديدة مع القطب الروسي .
الهزيمة الاستراتيجية التي منيت بها السياسة الأمريكية في المنطقة ، أدت و بشكل مباشر إلى تراجع الهيمنة الأمريكية ، أو أقله ابتعاد حلفاؤها عنها و البحث عن مصالح سياسية و استراتيجية مع شريك قوي ، و بالتالي فإن المصالح الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط معرضة للخطر ، و السبيل الوحيد لتفادي الهزيمة ، من خلال خلق أزمة جديدة عن طريق إعادة هيكلة واستبدال الجماعات الإرهابية القديمة بأخرى جديدة في المنطقة ، وبالطبع من الواضح بأن الولايات المتحدة في هذا الطريق ستستخدم الثغرات والمسائل التي لم تحل في المنطقة على أفضل وجه والتي من أهمها الخلافات و النزاعات الموجودة بين الديانات الإسلامية وعلى رأسها التفرقة السنية الشيعية ، و التي تعمل السعودية و برغبة أمريكية إلى تفعيل هذه التفرقة ، لاستخدامها مبررا يمكن من خلاله تأسيس محور يرى من الشيعة أعداء ، ليكون الدفاع عن النفس مبررا و هذا ما تحاول أمريكا تفعيله واقعا عبر السعودية .
في المحصلة ، عاجلا أم أجلا ستقوم واشنطن بتهيئة الأسباب التي من خلالها سينشئ جسد إرهابي جديد ، يحاط برعاية و عناية واشنطن و السعودية ، ليكون في مواجهة جديدة مع محور المقاومة و الحليف الروسي ، و هنا لا بد من العمل باستراتيجية مضادة ، بمعنى البحث عن الأسباب الجوهرية التي أدت لنشوء داعش ، و التعامل معها إزاء أي جسد إرهابي جديد ، و في هذا خطوة من شأنها احتواء سياسة واشنطن في السعي لاستمرار حمام الدم ، و بالتالي تكون تكلفة المواجهة أقل إنهاكا و خسائرا ، مع التعويل بالاستفادة من الخبرات التي تمت مراكمتها في التصدي لإرهاب داعش ، و بهذا فقط سيتم القضاء على الخطط الأمريكية في مهدها .