جهينة نيوز
في إطار العمل المتواصل في مشروع (الإصلاح الإداري) افتتحت وزارة التنمية الإدارية وبحضور رئيس مجلس الوزراء المهندس (حسين عرنوس اليوم) البرنامج التدريبي الحواري للقيادات الإدارية العليا بمشاركة 42 معاون وزير.
البرنامج المخصص لمعاوني الوزراء لا يشكل خطوة منفصلة وإنما هو استمرار لسياسة حكومية ترتبط مباشرة بأحد مرتكزات برنامج الإصلاح الإداري والتي تتعلق برفع كفاءة العمل في الجهات العامة، وتحقيق الاستثمار الأفضل للكوادر البشرية الموجودة في هذه الجهات، أو التي ستلتحق بها مستقبلاً، ومستويات إدارة فعالة، كأحد أهم مرتكزات مشروع الإصلاح الإداري في سورية، الذي اعتمد على المستوى الوطني منتصف العام 2017 لتطوير الأداء الإداري والعمل المؤسساتي للوزارات والهيئات والمؤسسات العامة.
ويعتمد المشروع الذي أعدته وزارة التنمية الإدارية على محاور عدة منها خلق منهجية واحدة ومتجانسة لكل الوزارات عبر مركز يسمى مركز القياس والدعم الإداري، يقوم بوضع الهيكليات والتوصيف الوظيفي وإيجاد آليات لقياس الأداء والأنظمة الداخلية للمؤسسات وقياس الإجراءات بين المواطن والمؤسسات أو داخل المؤسسات أو فيما بينها وقياس رضا المواطن والموظف ومكافحة الفساد.
ويهدف البرنامج التدريبي الحواري إلى بناء قدرات معاوني الوزراء في صناعة السياسات التخصصية ووضع برامجها التنفيذية والاستجابة للتحديات القطاعية، ومعالجة الإشكاليات التي يعاني منها الجهاز الحكومي، وتطوير مهاراتهم الذاتية بما يمكنهم من ممارسة وظائفهم بكفاءة وفاعلية أكبر.
وفي هذا السياق أكد رئيس مجلس الوزراء في كلمته خلال افتتاح البرنامج أن “رأس المال البشري يشكل جوهر مؤسسات الدولة ورأس مال تنموياً وديناميكياً تطورياً فالدول والمؤسسات لم تعد تتنافس بالموارد المادية والمالية فحسب، بل بإبداع رأس المال البشري وبطاقات القوى البشرية التي باتت أكثر حضوراً في ميزانيات القوة والضعف، وحسابات الربح والخسارة على مستوى المنظمات وعلى مستوى الدول”.
وتأتي مسألة التدريب والتأهيل في صلب مشروع “الإصلاح الإداري” حيث ركز على هذه المسألة المهندس عرنوس خلال كلمته مشيراً إلى الأهمية التي توليها الدولة للتأهيل والتدريب وبناء رأس المال البشري، وقال: ” إن القيادي الناجح ليس من يدير الموارد بحكمةٍ وعقلانية فحسب، بل هو من يسعى للارتقاء بها وخلق واقعٍ أفضل مما هو عليه وهذا سر النمو والتنمية والنجاح، موضحاً أن البرنامج التدريبي اليوم يؤكد الإصرار على استمرار البناء، واستمرار التعلم واستمرار طلب الخبرات والأهلية والمعرفة، كما أنه تعبير واضح عن الإيمان بضرورة ترافق الكم بالكيف والنوع، لافتاً إلى أن من أهم أسرار صمود الدولة السورية في وجه أعتى حربٍ وجودية يمكن أن يتعرض لها بلد، هو تماسك مؤسسات الدولة وصمود بنيتها وبقاؤها عصيّةً على العدوان.
وبيّن رئيس مجلس الوزراء أن الإدارة السورية كانت واعيةً ومدركةً بكل موضوعية وثقة لأهمية الحاجة للتنافسية والأسبقية والتجدد في آن معاً، وحرصت في الوقت نفسه وبمتابعة وزارة التنمية الإدارية على تسجيل الخصوصية السورية والاستفادة من المحنة التي مرت بها مؤسسات بلدنا وكتابتها كدروس مستفادة ليس على المستوى الوطني فحسب، بل سيذكرها ويدرسها كل مهتم بالإصلاح الإداري، معتبراً أن البرنامج يشكل كتابة لمسيرة تاريخ القيادة الإدارية في بلدنا وكيف تعاملت مع البيئة القاسية والظروف المحكومة بشكل غير مسبوق بظروف المخاطرة وعدم اليقين، وكيف نجح العقل الإداري السوري في تجاوزها بالخبرة والتجربة حيناً وبالعلم والمعرفة حيناً آخر.
وقال المهندس عرنوس: “إن ما يميز جمعنا اليوم هو الهوية السورية الصّرفة التي تثبت كفاءتها وقدرتها وانتماءها الوطني المشرِّف سعياً لتوظيف كامل الطاقات لتعزيز بنية الوظيفة العامة والارتقاء بها نحو الأعلى، حيث نجد أمامناً مدرباً سورياً يحمل في جعبته خبرته الطويلة التي اكتسبها بفضل وطنه، جاء يقدمها لمعاوني الوزراء القائمين على رأس عملهم ليزيد من إمكاناتهم طاقاتٍ إضافيةً تخدم الوطن” مشيراً إلى تنوع موضوعات البرنامج التدريبي الذي تم إطلاقه اليوم بين واقع وآفاق إطلاق السياسات العامة، ورفع كفاءة الأداء الحكومي وبين أهمية إدارة الظهور الإعلامي وتسويق الفكر الإداري وإدارة الرأي العام، مبيناً أن هذه العناوين تدل على المكانة المميزة التي يشغلها الفكر التخطيطي في الإدارة العامة السورية، كما تدلِّل على التكاملية المدروسة بين التخطيط والتنفيذ، وبين التنفيذ وتسويق هذا التنفيذ وهذا ما يعكس أهمية التشاركية الوطنية الفعَّالة بين الجهات المعنية بالتخطيط، والجهات المعنية بالتنفيذ وكذلك الجهات المستهدفة والمتلقية لنتائج الأداء.
وقال المهندس عرنوس: “في خضمِّ الصعوبات الاقتصادية والمعيشية التي يفرضها علينا أعداءُ البلد، هذه رسالتنا بألا يلهينا عن بناء وتنمية بلدنا أي شاغلٍ وأي عدوانٍ، فلم تلهنا القذائف والتفجيرات والحصار والعقوبات عن تمكين مؤسسات الدولة، لأنها ضمانة تحقيق التنمية المستدامة لنا وللأجيال المقبلة، وسنواجه العدوان في كافة الساحات وعلى كافة الجبهات وسننتصر فيها جميعاً كما عادة الحقِّ أن ينتصر على الباطل”، معتبراً أن الإدارة العامة ليست هدفاً بحدِّ ذاتها بل هي وسيلةٌ لقيادة المؤسسات، ولتقديم منتجاتٍ وخدمات للمواطنين بأفضل مؤشرات الأداء الممكنة، معرباً عن تقديره للمحاورين والمدربين ومعاوني الوزراء والمشاركين في البرنامج، ومثمِّناً الحرص على المشاركة الفاعلة في هذه الدورة التدريبية والسعي لإغنائها وإنجاحها.
من جهتها، أوضحت وزيرة التنمية الإدارية الدكتورة (سلام سفاف) أن البرنامج يهدف إلى تبادل المعلومات والخبرات من خلال الحوار حول صناعة السياسات القطاعية، ووضع برامجها التنفيذية والاستجابة للتحديات ومعالجة الإشكاليات التي يعاني منها الجهاز الحكومي، حتى يصبح أكثر فاعلية ومردودية في ممارسة وظائفه المتعددة في القطاعات كافة.
وأشارت الدكتورة سفاف إلى أن أفضل طريقة للتأثير إيجاباً على المؤسسات هي التركيز على تطوير القيادة، واستقطاب الأشخاص الجيدين ورفعهم كقادة والسعي لتطويرهم باستمرار، لافتة إلى أن البرنامج هو سياسة حكومية مستمرة لبلوغ هدفها في تنمية المهارات وبناء القدرات والتصرف بطرق أكثر فاعلية واستثمار الموارد المتاحة، واتخاذ القرار في الأزمات لتحقيق النمو والتنمية الاقتصادية في الأوقات الحرجة.
وقال معاون وزير الإعلام (أحمد ضوا): “إن البرنامج يسهم بتطوير أداء المؤسسات باعتباره يتضمن جلسات حوارية بين المشاركين وطرح بعض الإشكاليات التي تواجه العمل الحكومي ومناقشتها للوصول إلى حلول أساسية لها”، منوهاً بالفائدة المحققة سواء بالتخطيط أو إدارة العمل بالشكل الجيد.
وحول مشاركتهم في أعمال البرنامج التدريبي أكدت معاونة وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية لشؤون التنمية الاقتصادية (رانيا أحمد) أن اجتماع المعاونين يشكل فرصة للحوار وتحقيق الانسجام ما بين سياسات القطاعات في إطار السياسة العامة للدولة، بينما أشار معاون وزير السياحة نضال ماشفج الى أهمية البرنامج في تطوير المهارات الادارية والقيادية لمعاوني الوزراء.
معاونة وزير الثقافة المهندسة (سناء الشوا) أكدت من جانبها أهمية تبادل الأفكار والرؤى للوصول إلى آلية تفكير مختلفة تتميز بالتكامل والتشبيك ولا سيما بين الوزارات ذات طبيعة العمل المشتركة.
وبدأ البرنامج التدريبي الحواري للقيادات الإدارية العليا جلساته في يومه الأول ضمن عدة محاور تتمثل بـ “إشكالية السياسات القطاعية ومعوقات تنفيذها” و”القدرة على صياغة السياسات القطاعية وتحديد أولوياتها واتخاذ القرارات وتنفيذها والتنسيق فيما بينها” و”التدريب على مهارات الظهور الإعلامي”.
الدكتور (وائل الحلقي) رئيس مجلس الوزراء الأسبق المشارك في الجلسات محاضراً، أكد أهمية البرنامج الحواري لتدريب القادة الإداريين ليكونوا قادرين على اتخاذ قرارات إدارية أقرب ما تكون إلى المثالية والصواب من خلال إكسابهم الكفاءات والمحددات والمهارات الإدارية والخبرات الوطنية، مبيناً أن الجلسات تتناول في جانب منها أساليب رسم السياسات القطاعية والتنسيق ما بين القطاعات العامة وصولا إلى تحقيق التنمية الشاملة وتعزيز الناتج المحلي الإجمالي ودعم الاقتصاد الوطني.
وتستمر أعمال البرنامج التدريبي حتى يوم السبت القادم ويتناول في جلساته القادمة جلسة نقاش قطاعية وعددا من القضايا أبرزها “وضع حلول حول الإشكالية المطروحة وتقديم أوراق عمل من قبل المعاونين تتضمن الحلول وتقييم القدرات المؤسساتية لدعم المؤسسات في مواجهة نقاط الضعف وزيادة الفاعلية القطاعية”.