لوحات الفسيفساء بحماة غنى في الموضوعات وتقنية عالية في الصنع وتفرد في الرسوم والتصاميم

الإثنين, 22 آذار 2010 الساعة 23:47 | , فن وتشكيل

لوحات الفسيفساء بحماة غنى في الموضوعات وتقنية عالية في الصنع وتفرد في الرسوم والتصاميم
جهينة نيوز: تزخر محافظة حماة بأهم اللوحات الفسيفسائية في سورية وتضم أكثر من 50 بالمئة من هذه اللوحات المكتشفة ابرزها لوحة طيبة الامام التي يعود تاريخها إلى /242/ ميلادية و تزيد مساحتها على 600 متر مربع. وتمثل لوحة المريمين /العازفات/ الموجودة في متحف حماة الوطني وهي بطول 25ر4 أمتار وعرض 37ر5 أمتار مشهداً موسيقياً يضم ست نساء عازفات أجاد الفنان في رسمهن وبدت وجوهن بشكل واضح  وبأكثر رقة وأنوثة إضافة إلى طفلين وتظهر في اللوحة آلات موسيقية كانت تستخدم في تلك الحقبة الزمنية حيث نجد آلة الارغن وعازفة الأجراس /الصنجات/ وعازفة على آلة هندية موسيقية تتألف من زبادي معدنية فوق طاولة وعازفة تعزف على مزمارين منفصلين واحد في كل يد وعازفة القيثارة. وقالت الدكتورة ستيفانيا خلوفيراكي أستاذة ترميم الفسيفساء في جامعة أثينا وعضو فريق العمل المكلف بتأسيس مخبر لترميم الفسيفساء في متحف حماة في تحديث لـ سانا: أن لوحة العازفات تمتاز بقوة التأليف ودقة التشبيه ووضوح البيان فهي فرقة متكاملة تقدم برنامجاً موسيقياً تاماً وهناك الكثير من الأمور الملفتة للنظر ومنها اللباس والتسريحات والشعر والضفائر ونعومة الوجوه والابتسامات الرقيقة واتساع العيون،كما وأنه يوجد بمحافظة حماة وفي متحف أفاميا تحديداً لوحة فسيفساء مهمة للغاية تمثل سقراط وحوله ستة حكماء ويمثل الجانب الأيمن منها زخارف هندسية رائعة ضمن إطار نباتي جميل وتحيط برأس سقراط كلمة بأحرف يونانية تشير إلى اسمه وقد عثر على هذه اللوحة التي تعود إلى عامي 362 / 363 م تحت بناء الكاتدرائية الكبرى في أفاميا مبينة أن هذه اللوحة تعكس بوضوح مدى الترابط الذي كان قائماً بين الثقافتين السورية واليونانية. وأوضحت أنه من اللوحات الرائعة في متحف أفاميا أيضاً لوحة /الوعل/ التي تمثل وعلاً جميلاً في الوسط فوق أرضية مليئة بعنصر نباتي مكرر يحيط به إطار ذو زخارف هندسية غاية في الجمال ولوحة /الحوريات/ وهي من أجمل ما عثر عليه في مدينة أفاميا التاريخية والتي وجدت في المبنى الروماني الذي أنشئت فوقه الكاتدرائية الكبرى ويعود تاريخها إلى عامي /362م / 363م/ وتمثل هذه اللوحة مجموعة من الحوريات والفاتنات في مباراة للجمال وتوجد على اللوحة كتابات تعرف بأسماء شخصيات هذه الفسيفساء، واعتبرت /خلوفيراكي/ الفسيفساء السورية أغنى وأعظم الفسيفساء في العالم نظراً للتقنية العالية في تصنيعها وغنى الموضوعات الإنسانية والطبيعية التي تجسدها وتصويرها لأنماط الحياة البشرية على مدى الحقب الزمنية الماضية باعتبار أن لكل رسم وشكل فيها دلالة وقيمة فلسفية ومعنوية كبيرة منوهة بكفاءة الحرفيين السوريين في تصنيع مختلف أشكال اللوحات الفسيفسائية والذين كانوا سباقين في شغلها منذ بداية ظهور هذا الفن القديم الذي أصبح يتبلور ويحتل حيزاً واسعاً على الخارطة الفنية والثقافية في العهدين اليوناني والروماني. واشارت إلى أن هذه اللوحات الفسيفسائية هي قطع أثرية نادرة ومتفردة من حيث أشكالها ورسومها البديعة وتصاميمها الساحرة من حيث الدقة والمهارة العالية في شغلها وما تتضمنه من عناصر تزيينية لا تشكل ترفاً جمالياً فحسب بل هي شواهد وسجلات ووثائق تاريخية وحضارية في غاية الأهمية لمختلف العصور التاريخية موضحة أن سورية لديها مخزون فسيفساء هائل ومهم في العالم بدليل اكتشاف لوحات فسيفسائية جديدة وذات أشكال وصور متنوعة بين الحين والآخر في مختلف مناطقها. ولفتت خلوفيراكي إلى أن مشروع توثيق وترميم الفسيفساء في متحف حماة ينقسم إلى مرحلتين بدأت الاولى عام 2004 باعداد وتوثيق جميع لوحات الفسيفساء في سورية باعتماد مرجع توثيقي وتاريخي لها في حين تركز المرحلة الثانية للمشروع والتي نحن بصددها حالياً على تأسيس مخبر للفسيفساء في متحف حماة يكون كمركز لتدريب وتأهيل العاملين السوريين في مجال ترميم الآثار وطلاب كليات ومعاهد الآثار على أعمال الترميم والعناية باللوحات الفسيفسائية سواء المحفوظة بالمتاحف أو المكتشفة في مواقعها. وبينت أن الهدف من المشروع نشر الوعي حول كيفية التعامل السليم مع مختلف اللوحات الفسيفسائية ولاسيما التي يتم نزعها من مواقعها بطرق بدائية لا تراعي قوام وخصوصية اللوحة وسلامتها ما يؤدي إلى خسارة اللوحة جانباً مهماً من غناها الحضاري لافتة إلى أنه من المفضل التركيز على بقاء اللوحة في موقعها وصونها وحمايتها وتغطيتها والحفاظ على معالمها لأن هذا الاجراء من شانه جعل اللوحة الفسيفسائية ذات قيمة حضارية وأثرية أعلى إضافة إلى الحد من نقل القطع الفسيفسائية وتراكمها في المتاحف. وقالت أنه تم العام الماضي إجراء تدريبات لكوادر من المديرية العامة للآثار والمتاحف على ترميم الفسيفساء والمواد الداخلة فيه وأحدث الأساليب المتبعة في هذا المجال على مستوى العالم مشيرة إلى أنه خلال العام الجاري اقتصرت أعمال التدريب على كوادر أثرية من العاملين في دائرة آثار حماة لمتابعة تأهيلهم في الترميم لكن هذه المرة على لوحة أصلية أبعادها 180سم و 240 سم تم العثور عليها في موقع أبو ربيص غربي حماة خلال الفترة الماضية وعليها 15 سطراً منقوشاً وهي تعود للفترة البيزنظية حيث أجريت لها أعمال الترميم لإظهار معالمها وإعادة إحيائها لتصبح جاهزة للعرض في قاعة متحف حماة قريباً. بدوره أوضح المهندس مجد حجازي العامل في المشروع أن أعمال تأهيل وتدريب الكوادر السورية العاملة في مجال الفسيفساء تشمل جانبين الأول نظري يعنىي بتزويدهم بمختلف الحقائق والوقائع والمعلومات المتعلقة بتاريخ الفسيفساء وتقنياتها ومبادىء وعمليات ترميمها وتحديد حجم الأضرار التي تعرضت لها نتيجة الظروف الطبيعية والعوامل الجوية القاسية إضافة إلى طرق وأساليب توثيق اللوحات الفسيفسائية اثريا وتاريخيا باستخدام التقانات الحديثة وبرامج الحاسوب بهدف تشكيل كادر وطنىي مؤهل ولديه الخبرات المطلوبة في إعداد وتوثيق وترميم لوحات الفسيفساء المكتشفة حديثاً والموجودة في متاحف سورية لافتاً إلى أن مخبر الفسيفساء في حماة هو الثاني من نوعه في سورية بعد المخبر الموجود في دمشق. وقال على الأحمد أمين مخبر الفسيفساء في حماة أن التعاون مع طاقم ترميم الفسيفساء اليونانيين والذي يضم 4 خبراء أكسبنا خبرة كبيرة في مجال ترميم اللوحات الفسيفسائية واستخدام أساليب وطرق حديثة وتجنب الطرق البدائية القديمة التي كانت تستخدم في الترميم وتقتصر على الاسمنت وتنفيذ شبكة من القضبان الحديدية والتي كانت تؤثر سلباً على الشكل الخارجي للوحات وجودتها جراء تمدد الحديد بفعل العوامل الجوية ومرور الزمن لافتاً إلى أن المواد والطرق المبتكرة حديثاً في الترميم تمنح اللوحة القوة والمتانة الكافية والشكل البديع دون التأثير على قيمتها الحضارية والتاريخية. واستخدم الفنانون والحرفيون السوريون واليونانيون والرومانيون والبيزنطيون القدامى الحجارة الملونة أو الزجاج الملون حسب المكان الذي ستستقر فيه اللوحة في تصنيع الفسيفساء وكانت موضوعات اللوحات المكتشفة في أنحاء سورية متعددة الوجوه فمنها ما يمثل حياة الناس ونشاطاتهم الاجتماعية والاقتصادية والدينية والموسيقية ومنها الآخر ما يعبر عن جمال الطبيعة وقد أخذت الأسطورة حيزاً كبيراً من موضوع الفسيفساء وتضم سورية أوابد كثيرة تعج بالمشاهد الأسطورية التي اكتسبت دلالات حية غنية ومتطورة.


اقرأ المزيد...
أضف تعليق

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا