آثار بلدة القريا.. شواهد تاريخية حية على تعاقب الحضارات في جنوب سورية

الأحد, 28 تشرين الأول 2012 الساعة 09:24 | , آثار سورية

آثار بلدة القريا.. شواهد تاريخية حية على تعاقب الحضارات في جنوب سورية

جهينة نيوز: تعد آثار بلدة القريا الواقعة إلى الجنوب من مدينة السويداء على بعد نحو 19 كيلو متراً شواهد تاريخية حية على تعاقب الحضارات في منطقة جنوب سورية بدءاً من العصر الحجري الأول وصولاً إلى الحضارات النبطية واليونانية والرومانية والبيزنطية والغسانية والأيوبية الإسلامية. وقد سكنت هذه الحضارات القريا منذ أقدم الأزمنة مثلها مثل باقي قرى وبلدات المحافظة إلا أن الفترة البشرية الأهم كانت في الفترة النبطية الرومانية ومن ثم البيزنطية فالفترة الأيوبية وذلك نظراً لطبيعة المنطقة السهلية المنبسطة وجوها المعتدل ومناخها شبه الرطب الذي أغرى البشر منذ فجر التاريخ بالتوطن فيها حيث ازدهرت في القريا منذ القديم الزراعة وتربية المواشي. وقال حسين زين الدين رئيس دائرة آثار السويداء ان أهم المعالم الأثرية في بلدة القريا التي مازالت باقية حتى اليوم أجزاء من قناة مياه بطول 50 كم تعود إلى الفترتين الرومانية والإسلامية كانت تنقل مياه الشرب من نبع تل قليب في جبل العرب والواقع إلى الشرق من بلدة الكفر وصولاً إلى مدينة بصرى الشام في درعا حيث تمت الاستفادة من مياه القناة في مكان يبعد 15 كيلومتراً عن بصرى وأنشئت هناك بركة ماء تعود إلى الفترة الأموية لافتاً إلى أن البعثة الفرنسية السورية المشتركة برئاسة البروفيسور جان ماري ومجموعة من المختصين قامت خلال الأعوام الماضية بالكشف عن تلك الأجزاء من قناة المياه وبرك التجميع التي كانت تستخدم لمياه الشرب. وأشار زين الدين إلى أن أقدم أثر كتابي عثر عليه في بلدة القريا هو عبارة عن كتابة نبطية منقوشة فوق بلاطة حجرية بازلتية مكونة من أربعة أسطر تعود إلى القرن الأول الميلادي تم الكشف عنها في خربة دفن الواقعة إلى الشرق من القريا على الطريق الواصل إلى منطقة العين وصلخد مبيناً أن هذا النقش الكتابي يشير إلى قيام الإمبراطور جوسيتان بترميمها وهناك نص مترجم في ذلك يقول.. هذا المعبد المبني من قبل موشقارات وابن الملك من أجل ذو الشراة إله رب إيل ملك بلاد الأنباط الذي عمل على إحياء وإنقاذ شعبه خلال العام العشرين من حكم سيدنا رب إيل الملك. واوضح رئيس دائرة آثار السويداء أن هذا النقش الكتابي الذي تم عرضه مع مجموعة من القطع الأثرية الأخرى في معهد العالم العربي في باريس بين عامي 1995-2001 يدل بشكل واضح على ترابط ازدهار منطقة جنوب سورية بالعرب والأنباط حيث كانت بصرى مركز الأنباط الرئيسي في سورية مشيراً إلى أن بركة جميلة ومسورة كانت موجودة في البلدة وتعود فترة بنائها إلى عام 295 ميلادية إلا أنها تعرضت للردم وطمس معالمها. ولفت زين الدين إلى أن من أهم المعالم الأثرية في القريا أيضاً مقبرة أثرية عثر عليها جنوب شرقي البلدة وتعود للفترتين الرومانية والبيزنطية وجرى التنقيب فيها من قبل دائرة آثار السويداء وعثر فيها على لقى جميلة من الأساور والخواتم والسرج الفخارية والأدوات الطبية والأواني الزجاجية التي هي محفوظة حالياً في المتحف الوطني بمدينة السويداء وقال ان القريا عرفت الازدهار الأهم في الفترة الإسلامية في زمن حاكم صلخد الأيوبي عز الدين أيبك بين عامي 1216-1247 ميلادية حيث تم العثور خلال التنقيبات الأثرية التي قامت بها دائرة آثار السويداء في البلدة خلال عامي 2003 و2004 على العديد من اللقى الهامة التي تضم نقودا وسرجا وصحونا فخارية وعددا من قطع الخرز والفخار والزجاج العائدة إلى تلك الفترة. بدوره يبين الباحث في الآثار حسن حاطوم أنه على الرغم من طمس بعض الآثار في بلدة القريا إلا أنه بقي فيها وفي محيطها عدد هام من الآثار كخربة حزحز في شمال البلدة التي تم العثور فيها على فخاريات وهراوات بازلتية تعود للعصر الحجري وفي خربة دفن شرقي البلدة نجد أن الأنباط شيدوا بيوتاً تصل لأربع طبقات وهناك أمثلة وسط البلدة مثل المدرج المستقيم المسقوف بالربد البازلتي فوق أعمدة أسطوانية غير مزخرفة تدل على حضارة الأنباط قبل الفتح الروماني كما أن الأنباط كانوا قد جروا مياه الشرب إلى البلدة مسافة 4 كيلو مترات بأقنية بازلتية. وأشار حاطوم إلى أن الروايات المدونة في كتب التاريخ تذكر أن القريا قد بنيت في العصر الغساني حيث يرجح أن الغساسنة قد جعلوا منها مركزاً هاماً لهم فيما يذكر الباحث ج.ل.بركهاردت في كتابه رحلات في سورية والأرض المقدسة بين عامي 1810-1812 وضمن فصل جبل حوران في القرن التاسع عشر أن القريا بلدة تحتوي على ما يقارب 500 بيت وتقوم حولها خرائب تدعى العين ونمري وبكه وحوط و سحاب و أم الرمان والرافقة وهناك أيضا مناطق حولها تسمى هشهش أو حزحز وهي كومة خرائب في سهل فوق تل. وأضاف الباحث في آثار المنطقة انه من الآثار الهامة التي تعود إلى الفترتين الرومانية والبيزنطية أعمدة البركة في البلدة مع الكتابة التأسيسية لها والعائدة إلى عام 294 ميلادي في عهد الإمبراطورين غالير وديوكليسيان حيث يحتمل أن ما تبقى من معبد كان مخصصاً لآلهة حوريات الماء إلى جانب وجود مبنى صغير قرب البركة كان يدعى الحاوز و كان مزوداً بأقنية ومزاريب توزع المياه بواسطته إلى البركة ومنازل البلدة وقد زال هذا الأثر وردمت البركة. ولفت حاطوم إلى وجود بقايا برج مرتفع كان جزءاً من منزل كبير في بلدة القريا وقد استخدم كبرج مراقبة خلال العصر البيزنطي كما توجد أطلال لبعض المنازل الفخمة التي بينت خلال العصرين الروماني والبيزنطي مبيناً أن التوطن الحضاري انقطع في البلدة حتى بداية القرن السابع عشر وليس هناك ما يشير إلى إعادة التوطن إلا ما ذكره بركهاردت عن القريا عام 1810 حيث رصدت 10 بيوت فقط وهناك ما يدل على تزايد للسكان بعدها وهو وجود ما يزيد على أربع مطاحن تعمل بالاستفادة من إسقاط المياه فوق عنفة على شكل دولاب يدير حجر الطحن. وبلدة القريا التي تعني في اللغة جمع أقرية وهو مسيل الماء من الربوة إلى الروضة لعبت دوراً هاماً خلال التاريخ القديم منذ عصور ما قبل التاريخ وعصور البرونز وحتى العصر العربي الإسلامي وكانت مرتبطة بمدينة بصرى عاصمة الولاية العربية منذ بدايات القرن الثاني الميلادي بدليل وجود الكنائس التي مازالت معالمها باقية حتى يومنا هذا كما تبوأت مكانة هامة في العصر الإسلامي لقربها أيضاً من مدينتي بصرى و صلخد سهيل حاطوم-سانا


اقرأ المزيد...
أضف تعليق

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا