جهينة نيوز:
لأن دمشق أرض الحضارات وموئل التاريخ والعراقة والأصالة فلا تزال شرايينها رغم الالم تنبض بالحياة بفضل عزيمة أهلها الذين عشقوا شوارعها وأزقتها وبيوتها القديمة ورائحة الياسمين والجوري وكل تفاصيلها وهم بابتسامتهم يضخون الحب والتفاؤل بغد جديد يعيد السلام والأمن معه إلى مدينتهم.
ورغم الظروف التي تمر بها سورية تضاف اليها برودة الطقس تعيش المدينة القديمة وخصوصا في منطقة باب توما حياة عادية حيث تشهد مطاعمها اقبالا من مختلف الفئات العمرية يأتون للاستمتاع بأجواء وسحر المدينة القديمة بصحبة الأهل والاصدقاء وبحثا عن الراحة والطمأنينة.
ويلفت الاقبال الذي تشهده مطاعم باب توما الاهتمام حيث يتوافد اليها مجموعة كبيرة من الشباب والشابات للقاء وتبادل الاحاديث والترفيه عن النفس وتقول دارين فتاة في الثلاثينيات من عمرها وتعمل في احد البنوك انها تأتي كل يوم جمعة من احدى ضواحي دمشق للقاء اصدقائها في أحد هذه المطاعم.
وتضيف.. انه ورغم الاحداث الموءلمة التي تشهدها بلادنا الا ان حب الحياة والاصرار على الاستمرار هو الذي يدفعها للمجيء ومتابعة حياتها الطبيعية إضافة إلى عشقها للمدينة القديمة وتعلقها بها.
وتشير دارين إلى انها تأتي احيانا أكثر من مرة في الأسبوع للترفيه عن النفس والقاء هموم الحياة والتسلية حيث اجواء دمشق القديمة وعبق الماضي واصالته ورؤية الناس يتوافدون في الأزقة واصواتهم وضحكاتهم وهي تضج بالحياة تملأ نفسها بالتفاؤل.
في السياق ذاته يقول سمير وهو احد المواظبين على المجيء إلى مطعم انتيكا وامامه على الطاولة حاسوبه المحمول يتابع من خلاله آخر الآخبار.. انه يحرص على المجيء إلى هذا المكان في نهاية كل اسبوع حاملا معه جهاز الحاسوب والجلوس مع الناس رغم الظروف متخطيا الخوف والقلق ايمانا منه ان سورية ستبقى راسخة باصرار أهلها على الاستمرار في عملهم وممارسة عاداتهم اليومية في الذهاب الى العمل والمدرسة والقيام بواجباتهم الاجتماعية والترفيه عن أنفسهم بالذهاب الى المطاعم وأماكن التسلية الأخرى.
ويرى سمير وهو ابن القيميرية احدى حارات دمشق القديمة ان السوريين شعب واع وقد تأقلموا مع الظروف الراهنة وهم بعزة نفسهم وشيمهم استطاعوا كسر حاجز الخوف ومتابعة دورة حياتهم المعتادة قبل الازمة وان خفت الوتيرة قليلا فهذا غير مهم ولكن الأهم هو الاصرار على الاستمرار لتخطي الأزمة الراهنة.
ويتمنى سمير ان تعود سورية أفضل مما كانت عليه وان يعود الأمن والأمان إلى ربوعها وخاصة ان اهلها لايزالون أوفياء لتاريخهم ومؤمنين بالعيش المشترك ويحرصون على ممارسة عاداتهم الاجتماعية والتواصل فيما بينهم مشيرا إلى ان أكبر دليل على ذلك وجود الناس في المطاعم بمختلف فئاتهم وأطيافهم جنبا إلى جنب.
بدوره يرى ميشيل ان المجيء إلى دمشق القديمة ومطاعمها هي تسلية محببة بالنسبة اليه وزاوية للتنفس والترويح عن النفس وكسر الروتين والملل.
ويشير ميشيل إلى ان رؤية الاصدقاء والتواصل معهم وخاصة في مثل هذه الامكنة المتميزة في دمشق القديمة التي تحتفظ بالطابع القديم الشرقي والأجواء الرائعة والزخارف يبعث الراحة والهدوء والألفة والحميمية.
بدوره يقول غسان إنه يستمتع بالتجول في حارات دمشق القديمة والاستراحة في مطاعمها ولاسيما انها مدينة تاريخية عريقة فهي مدينة القديس البولس وحنانيا والجامع الأموي والسحر يكمن في دران بيوتها وروعة حاراتها وفي تدفق نوافير الماء ورائحة والياسمين والنارنج والجوري.
ويشعر غسان بالراحة بانهاء أسبوع العمل الطويل في أحد أماكن دمشق القديمة وكأنه يعيش التاريخ والماضي ومتمنيا ان يكون الحاضر والمستقبل أفضل وأن يعود الأمان اليها وخاصة ان دمشق تعرضت للكثير من الغزوات والحروب الا انها استعادت عافيتها وبقيت حقيقة راسخة.
وفي السياق ذاته يقول سامر حداد مدير مطعم انتيكا ان الناس تأتي إلى دمشق القديمة ومطاعمها لجمال هذه الأماكن وللأمن والأمان الموجود فيها من جهة والاستمرار في ممارسة طقوس حياتهم المعتادة من جهة ثانية وخاصة في عطلة نهاية الأسبوع حيث تكون هذه الاماكن ملتقى للأحبة والأصدقاء.
ويتابع حداد.. يرتاد المطعم الذي يجمع بين الطابع الشرقي القديم واللمسات العصرية الخفيفة مختلف الفئات العمرية ولاسيما الشبابية الذي يرى في اصرارهم على تحدي الظروف أملا في مستقبل مشرق وجديد.
من جهته يرى يحيى وهو احد العاملين في المطعم ان حركة الناس في دمشق القديمة لا تزال على طبيعتها وان خفت في بعض الأيام اما بحسب مشاغل الناس او بسبب الظروف الا ان هناك زبائن يأتون باستمرار رغم الاوضاع وهو قد شكل معهم علاقات طيبة يتبادل من خلالها الحديث والضحك في بعض الاحيان.
ومما لاشك فيه ان التجول في حارات دمشق القديمة والذهاب الى مطاعمها ليلا ورؤية الناس يتوافدون إلى حاراتها ويجلسون حول طاولات مطاعمها يمارسون عاداتهم المحببة سواء كانت قديمة كلعب الورق والطاولة وشرب النرجيلة او حديثة كالجلوس خلف الحاسوب على شبكة الإنترنت يسحر القلوب ويبعث الدفء رغم برودة الطقس ويعيد الأمل بغد مشرق تعود فيه سورية ارض الحضارات ومهد الديانات السماوية الى سابق عهدها وإلى أمنها وآمانها.
مي عثمان