جهينة نيوز:
يعد تل سيانو المكتشف في اللاذقية واحدا من أكبر خمس تلال أثرية على الساحل السوري ويقع إلى الشرق من مدينة جبلة وعلى بعد ثمانية كيلومترات ويمر إلى الجنوب من التل نهر الحداد وتبلغ مساحته 10 هكتارات ويرتفع 148 مترا عن سطح البحر وعن مستوى السهل الذي يحيط به 40 مترا و في ذروته نقطة مساحية مثلثاتية تشاهد من جميع الجهات.
يتكون التل من الغضار البني الضارب الى الصفرة وفق الباحث الدكتور جمال حيدر مدير آثار اللاذقية والتي تراكمت فوقها الطبقات الأثرية بارتفاعات مختلفة وأعلى التل اجمة من الأشجار تظلل بضعة قبور و تتوزع الأشجار على سطوح التل من البلوط والسنديان والصنوبر و الزعرور وغيرها من الأنواع.
وفي التل تتشكل مساحات كبيرة على هيئة جروف متدرجة مترامية الأطرف لقرية سيانو في حين توجد بالجهة الغربية من القرية بئر اثرية شهيرة تعرف ببئر سيانو مشيرا إلى أن البعثة الأثرية الدانماركية بإدارة بول ريس أجرت مسحا للتلال الأثرية في المنطقة الجنوبية من المحافظة وركزت بشكل خاص على السهل و لم تبلغ المناطق المرتفعة فكشفت عن تل سيانو الذي اعتبرته من أهم التلال التي قامت بمسحها.
ويضيف الدكتور حيدر.. في عام 1990 تم تشكيل بعثة أثرية سورية للتنقيب في التل و بدأت الأعمال و كانت الجهة الشمالية الغربية هي الجهة التي بدأ التنقيب فيها وأسفرت مواسم التنقيب عن سويات أثرية أهمها السوية الأولى وهي سطح التل ولا تحوي أي معالم أثرية وتتكون من مواد تعود للقرن الماضي والثانية تعود للقرن السابع عشر الميلادي وتتميز بوجود مجموعة من التنانير موزعة عند أطراف الموقع.
أما السوية الثالثة والرابعة فتعودان للقرنين السادس و الخامس قبل الميلاد تشكلهما جدران مبعثرة وجدت في المحيط الشرقي والجنوبي أما السوية الخامسة تعود للقرن الثامن قبل الميلاد وتتميز بوجود قلعة كبيرة تتألف من ثلاثة أقسام مع برج دفاعي ومدخل و جدران عريضة أما السادسة تعود للقرن التاسع قبل الميلاد تم الوصول اليها من خلال عدة أسبار في شمال القطاع ووجد إناء صغير مع جدران محفوظة بعدة مداميك وأرضيات متراكمة.
فيما تعود السوية السابعة /البرونز القديم الثالث / إلى نهاية الألف الثالثة قبل الميلاد وفق الدكتور حيدر حيث تم فيها الكشف عن حي سكني مؤلف يضم مجموعتين من الغرف المفصولة بزقاق شمالي جنوبي في حين تتألف المجموعة الغربية من 4 غرف أما المجموعة الشرقية فمؤلفة من غرفتين فيها أربع أرضيات لمراحل استيطان متلاحقة من التراب الأصفر المدكوك.
وورد اسم تل سيانو في رسائل تل العمارنة منذ القرن الرابع عشر قبل الميلاد وفي النصوص الاوغاريتية والحثية خلال القرنين الرابع و الثالث عشر قبل الميلاد وفي حوليات المملكة الاشورية الحديثة في القرن العاشر حتى السابع قبل الميلاد وكذلك في كتاب التوراة.
ويتابع الباحث.. كما ذكرت النصوص الأوغاريتية وجود مملكتين صغيرتين في التخوم الجنوبية لتلك المملكة تحملان اسم تل سيانو و اشتانو متحدتين حينا ومنفصلتين احيانا اخرى كانتا مع اتحادهما تتمتع كل منهما بسلطة ملك منفصلة لكن تل سيانو هو الذي تردد اسمه في النصوص القديمة اما اشتانو فهي أحد ثلاثة مواقع يجب البحث و التنقيب عنها.
ويشير مدير الآثار إلى أن المعلومات التي كشفتها الرقم الفخارية تدل على علاقة سيانو بمملكة أوغاريت ومنها رسالة محررة بالأوغاريتية من ملك سيانو جاء فيها يقول ملك سيانو لملك أوغاريت "سلام عليك لتحفظك الأرباب أني أرسلت لك رسولي اوخور ليعالج بعض القضايا التي تخصني فارعه يا أخي حتى يوم عودته و أرسل لك أيضا ابني نعمو فيمثلان أمامك فاقض بينهما ولتكن تسوية عادلة مع رجل بالو وان رجالا من بيروت من الذين ادعوا بأنهم يسعون للحصول على بعض المشروبات من أوغاريت ارتكبوا أعمالا معادية في سيانو".
وتدلل هذه الرسالة على عمق العلاقات والروابط التي كان تجمعها حتى في حل القضايا المخالفة للقوانين وفي رعاية مصالح الطرفين.