الفسيفساء درعا فن يسرد تاريخ وحضارة تلك المنطقة

الإثنين, 12 تموز 2010 الساعة 15:18 | , آثار سورية

  جهينة نيوز: تزخر محافظة درعا بعدد من أهم لوحات الفسيفساء في سورية والتي تشكل عنصراً مهماً يعين الباحثين والمهتمين بدراسة الحضارات التي مرت على منطقة حوران كما ترصد التطورات التي طرأت عليها وملامح نهضتها الفكرية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية. ويصل عدد لوحات الفسيفساء المكتشفة في درعا حتى الآن إلى 25 لوحة يحافظ قسم كبير منها على كيانها والتي يعود معظمها للعصر البيزنطي ومازال الباب مشرعاً أمام بعثات التنقيب المحلية والأجنبية للعثور على المزيد. ويقول رئيس دائرة آثار درعا الدكتور محمد نصر الله: أن هناك احتمالات كبيرة للعثور على لوحات أخرى قد تعود للعصرين الروماني أو الإسلامي مشيراً إلى أنها تعكس الذائقة الجمالية التي تمتع بها صانعوها وتقدم في الوقت نفسه ملخصاً عاماً للحياة السائدة في ذلك العصر بجوانبها المختلفة. ويؤكد الباحث ياسر أبو نقطة أن أغلبية هذه اللوحات تعود للقرنين الخامس والسادس الميلاديين وقد اكتشفت في مناطق مختلفة من درعا مثل /حي البلد/ في المدينة و/نوى/ و/دير العدس/ و/وادي الزيدي/ و/وادي اليرموك/ و/بصرى/. وتدل مواضيع اللوحات التي تتنوع بين النباتية والهندسية والحيوانية على محاولة مبدعيها نقل البيئة المحيطة بما تحتويه إلى لوحة موجزة تعطي فكرة شاملة عن طبيعة الحياة وموجوداتها إلا أن هناك لوحات غلب عليها العنصر البشري كما في لوحة /حيط/ إضافة إلى أعمال أخرى حملت كتابات توثيقية تدل على تاريخ تأسيس البناء. ويلفت أبو نقطة إلى أن أغلب النباتات التي صورها صناع الفسيفساء في درعا هي نباتات العنب والغار والزهور إضافة إلى حيوانات مثل الذئب والغزال والحصان وطيور البط والأوز والديك وملامح من الفن المحلي وتراث حوران ولاسيما الطبق الحوراني المصنوع من القش الملون حيث يحتوي مدخل متحف درعا على نموذج هام لهذه الفكرة موضحاً أن أغلب لوحات الفسيفساء التي عثر عليها وجدت كأرضيات في الحمامات أو جداريات في الكنائس والقصور الفخمة. لكن مكان وضع اللوحات ونوع البناء الذي يحتضنها إضافة لمواضيعها وحجم الحجارة التي تصنع منها والألوان المستخدمة فيها تدل بطريقة غير مباشرة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي لإنسان ذلك العصر وتشكل شاهداً حياً عليه وعلى أحواله الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية. ويوضح أمين متحف درعا الوطني أيهم الزعبي أن وجود لوحة فسيفساء رومانية في معبد لها مدلولها الديني وفي البيت بعدها الجمالي. وأضاف: أن حجم أحجار اللوحات يدل على الوضع الاقتصادي لمقتنيها فصغر الأحجار الذي يتطلب زمناً لانجازه بدقة وذوق رفيع ومتانة ما يعني ارتفاع التكاليف وهذا ما يؤشر على الحالة المادية الجيدة لصاحب اللوحة كما أنه كلما كبر حجم الأحجار انخفضت تكلفتها المادية والزمنية وأصبحت أقل متانة وانخفضت مهارة الصانع ما يعني مرحلة الانحدار الاقتصادي في العصر البيزنطى وتراجع الذائقة الجمالية للمجتمع. وتؤكد الدراسات والبحوث عدم وجود أي مواد مستوردة من خارج سورية لصنع لوحات الفسيفساء في درعا لكنها تشابهت في بعض مواضيعها مع مدارس فنية أخرى مثل مدرسة مأدبا الأردنية وتم تقدير عمر كل لوحة بناء على مواضيعها والكتابات الموجودة وأحجام المواد المستخدمة. يشار إلى أن تقنية الفسيفساء تعتمد على الجص أو الكلس في أرضيتها ويتم رسم المشاهد المراد تجسيدها بصباغ أو ألوان خاصة وتوضع الحجارة أو غيرها المعدة مسبقاً على الأرضية الطرية ويستخدم الحجر البازلتي لاعطاء اللون الأسود وحجر الكلس القاسي للون الأبيض والمرمر للأحمر والغرانيت البني أو العنابي واللازورد للأزرق والصدف للأصفر والزجاج لباقي الألوان ويمكن استخدم عظام الحيوانات. يذكر أن أكبر لوحة فسيفساء اكتشفت في درعا هي لوحة البعلة في مدينة نوى حيث تبلغ مساحتها ثلاثة أمتار مربعة ونحو 13 سنتمتراً.


اقرأ المزيد...
أضف تعليق

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا