جهينة نيوز - عاطف عفيف
رفضت جمعية " أرسم حلمي" أن تلعن الظلام رغم كل الظروف الصعبة ، بل أصرت أن تضيء الشموع لتنير دروب الأطفال بالأمل والتفاؤل من خلال إعطاءهم الفرصة للرسم والتعبير عن أنفسهم وأحلامهم من خلال ورش فنية تشكيلية، توجت هذا العام بإقامة مهرجان " أرسم حلمي التشكيلي الثاني" في دار الأسد للثقافة باللاذقية وذلك بالتعاون مع مديريتي الشؤون الاجتماعية و الثقافة وبدعم وتمويل من بعض الشخصيات من البيئة المحلية .
الفن قيمة حضارية
تقول الفنانة هيام سليمان رئيسة جمعية "أرسم حلمي" يعد المهرجان حصيلة ورش عمل على مدار العام قمنا بها مع الأطفال واليافعين والشباب من سن أربع سنوات وحتى 18 سنة، وعدد المشاركين حوالي 100 شخص ،ويتوزعون على فئات عمرية فئة أولى من 4-7 سنوات ، وثانية من 7-11 سنة ، واليافعين من 12-17، والشباب .
وتضيف: نريد من خلال هذا المهرجان أن نبين للعالم بأن الفن هو قيمة جمالية وحضارية حقيقية ، الشعوب والبلدان تندثر وتزول ولكن تبقى فنونها وحضارتها .
يشارك 12 سيدة بأعمال ومنتجات يدوية تنتجهن في بيوتهن وليس لديهن منافذ لبيع تلك المنتجات ،وبالتالي الهدف من مشاركة السيدات هو نوع من تقديم الدعم والمساعدة للمرأة في إبراز أعمالها وتعريفها بالجمهور، فمن خلال هذا التواصل بينهن وبين الناس يمكن أن يخلق فرص لتصريف المنتجات اليدوية،ويمكن أن تؤدي إلى تطور رؤى وأعمال السيدات وفتح مشاريع تنموية صغيرة،كما ويشارك معنا في هذا الإطار ثلاث جمعيات وهي جمعية المكتبة العمومية للأطفال، وجمعية كبارنا ،وجمعية إيثار.
يشار إلى أن جمعية أرسم حلمي هي جمعية أهلية غير ربحية وتجير كل ما تحصل عليه لصالح الأنشطة المجانية ،عرفت عام 2010 وحققت خلال سنوات الأزمة انجازات مهمة على الصعيدين الفني والاجتماعي. وتهدف إلى نشر الوعي الفني واكتشاف المواهب وتنميتها في المجتمع.
تعميم التجربة
ويقول مجد صارم مدير الثقافة باللاذقية: للعام الثاني تشارك مديرية الثقافة في دعم المهرجان ونقدم لهم الدعم المادي إضافة لتوزيع مجموعة من الكتب والمجلات من إنتاج وزارة الثقافة على الأطفال المشاركين مشيراً إلى أهمية تعميم التجربة التي تخوضها جمعية أرسم حلمي في مجال دعم الموهوبين ولاسيما الأطفال الذين يحتاجون كل رعاية واهتمام ، وهذا كان له منعكس إيجابي على الجو العام للمهرجان، وأرى أنه لا بد من دعم الجمعية والجمعيات المشابهة فهي تقدم لأطفالنا التدريب والمشاركة في المعارض مجاناً ما يساهم في تنمية شخصية الأطفال وخلق أجيال واعية قادرة على بناء وطننا الذي نحب.
يرسمون أحلامهم
وكان من أهم نشاطات المهرجان رسومات الأطفال التي عكست بالفعل أحلامهم وتطلعاتهم بغد جميل ومشرق، جهينة نيوز جالت في المعرض والتقت ببعض الأطفال حيث قالت الطفلة مريم رجوح 12 سنة : أحب أن أرسم الطبيعة فهي مصدر الراحة بالنسبة لي ،ومواضيع الطبيعة تعطيني المجال للإبحار في التفكير والتأمل ، أشارك بالمعارض منذ ست سنوات،إن المشاركة بالمعارض تعطينا الفرص لعرض الرسومات ليراها الناس و كذلك الاستفادة من تجارب المشاركين الآخرين.
بينما ماريا أسبر 9 سنوات ركزت في لوحتها على أسرتها ، وتستخدم الألوان الزاهية الفاتحة لأنها تدخل السرور إلى قلبها.
وكان الطفل أكرم فحام 4 سنوات أصغر طفل مشارك ، رسم لوحة لجندي ، وأغلب لوحاته كما قالت والدته هي تعبر عن الجيش والحرب والمعارك ، وهي تعكس مدى تأثر الأطفال بالأزمة وما يسمعونه ويرونه بوسائل الإعلام .
نافذة
أما جناح الأعمال اليدوية فكان له رونق خاص بما قدمته السيدات من أعمال جميلة وزاهية تظهر الحس الجمالي والذوق الفني الرفيع لدى المرأة، فالسيدة تهامة يوسف تنتج الإكسسوارات التزيينية المختلفة التي تستخدمها المرأة، وترى بأن الكثير من النسوة لا تستطيع شراء المجوهرات بسبب الغلاء الفاحش لذلك يمكن الاستعاضة عنها بهذه الإكسسوارات،وتصنع أيضاً الزعتر الغني بالمكونات الغذائية العالية ، إضافة لصابون الغار وزيت الزيتون مع إضافات لمواد أخرى حسب الاستخدام للوجه أو للشعر أو للجسم، وترى بأن المشاركة بهذه المعارض هي تؤمن نافذة للبيع ولتعريف الجمهور بالمنتجات والأعمال اليدوية المختلفة ، وتساهم في خروج المرأة من الحياة الرتيبة ومشاركتها في الحياة العملية ،كما لذلك دور في إبراز المشغولات اليدوية السورية التي ترتبط بالثقافة والتراث السوري.
وتقول رفيف عبود بأنها تقوم بحياكة الشالات والجزادين وسلل مختلفة وكلسات وغيرها من الصوف والخيوط القطنية باستخدام السنارة ،إن الهدف من المشاركة في هذا المهرجان هو نشر ثقافة المعرفة بأن كل سيدة عندها وقت فراغ قادرة أن تستفيد منه بشكل إيجابي وإنتاج منتجات يطلبها الناس، هذه المشاركات تساهم في خلق المزيد من المعارف والأصدقاء وتكسب السيدات خبرات مختلفة.
بينما تهتم السيدة مونامور غرير بأشغال يدوية من الجلديات والخشب والخيش كعلب المحارم والصواني وصناديق الزينة والمجوهرات وغيرها ...تقول بأن المرأة يجب أن تعمل وأن تكون منتجة، مشاركتي بالمعارض أكسبتني خبرة وحققت لي استفادة مادية من بيع ما أنتجه لم يكن لدي أن فرصة لتصريف منتجاتي، لكن من خلال التعارف أثناء المعارض أصبح لدي الكثير من المعارف الذين يحجزون على بعض المنتجات من خلال التلفون.
فعاليات مختلفة
كما تضمن المهرجان العديد من النشاطات والفعاليات المهمة ، مثل ذاكرة الطفولة عند الفنان البلجيكي " بيتر بروغل" في القرن السابع عشر للفنان علي مقوص، ورشة عمل للأطفال " بحبك سورية" لوحة جماعية، محاضرة للدكتور الأب سمير فياض حول فن الأيقونة ، ورشة عمل للأطفال " أمنياتي"،محاضرة للفنانة هيام سليمان حول فنون الأطفال كمظهر من مظاهر اللعب ، ورشة عمل " أوريغامي" بإشراف إيمي سليمان.
كما تضمن المهرجان رحلة للأطفال إلى عين البيضا والإستماع " لحكايا الجدة " في مركز عين البيضا الثقافي، إضافة لزياة متحف برهان حيدر للتراث الشعبي ، محاضرة للدكتور بسام جاموس حول الفن السوري ما قبل التاريخ ، ورشة عمل حول مسرح العرائس بإشراف ردينة حيدر .
كما تضمنت فعاليات المهرجان تكريم الفنان التشكيلي علي مقوص للمساهمة والخدمات الكبيرة التي قدمها للجمعية خلال العام و نظرا لدوره الكبير في تقييم اللوحات ضمن لجنة التحكيم التي تضم أيضا الدكتورة سوسن معلا والدكتورة نجوى أحمد المدرستين في كليتي العمارة والفنون بجامعة تشرين
وحول تكريمه قال الفنان مقوص هي فرصة ثمينة ليكون الفنان حاضرا بين جمهوره الذي يحبه ولقاءه ضمن مهرجان يهتم بجوانب شخصية الطفل وينمي الحس القيمي لديه والذي غالبا ما يكون مهملا وخاصة في المدارس فالفن يهذب النفس ويساهم في تربية الطفل وتكوينه إنسانيا وهنا يأتي دور الجمعيات الأهلية المتخصصة لتقيم الفعاليات التي تدعم هذه الغاية وتحققها وهذا ما تعمل عليه جمعية أرسم حلمي بخطوات فعالة ومدروسة.
جوائز تشجيعية
وفي الختام حرصت إدارة المهرجان على تحفيز المشاركين وتقديم أفضل ما لديهم من خلال مكافأتهم حيث تم تخصيص جوائز للفئات العمرية الثلاث “أطفالا ويافعين وشباب” عبر مجموعة من الداعمين مثل المهندس مدحت الشيخ علي والدكتورة سناء مخلوف .
حيث فازت كل من الطفلتين سيدرا غالية وريان صبوح بالجائزة الأولى مناصفة عن فئة الأطفال بينما أحرزت كل من لين حسون وهيا الحموي المرتبة الأولى مناصفة عن فئة اليافعين ليفوز الشاب علي معمار بالجائزة الأولى المخصصة لفئة الشباب.
وأشارت الدكتورة سوسن معلا عضو لجنة التحكيم في المهرجان أن اللجنة راعت بشكل كبير عمر الطفل وحجم موهبته وتميزه عن أقرانه أثناء تقييم اللوحات المشاركة في المعرض حيث تم التركيز بشكل كبير على التقنيات المستخدمة في اللوحة والتي تظهر من خلال اللون والخط أو التعبير عن الفكرة بطريقة بسيطة.
عبر مواقع التواصل
كذلك منح المهرجان جائزة النحت التشجيعية لكل من الطفلين هاني الشيخ علي وزين العابدين الشيخ إضافة لتخصيص جائزة “الأطفال المبدعون” التي أطلقت على صفحات التواصل الاجتماعي لإتاحة المشاركة لأكبر عدد ممكن من الأطفال من داخل وخارج محافظة اللاذقية حيث فازت الطفلة ليليت يوسف من محافظة طرطوس عن لوحاتها المعبرة عن تاريخ وحضارة سورية التي قدمتها بأسلوب مختلف رغم صغر سنها