هذا ما يحتاجه القطاع العام الصناعي لاصلاحه!؟

الأحد, 21 كانون الثاني 2018 الساعة 18:59 | شؤون محلية, أخبار محلية

هذا ما يحتاجه القطاع العام الصناعي لاصلاحه!؟

جهينة نيوز

لا يخفى على أحد أن القطاع العام الصناعي يعاني مشكلات عديدة أثقلت كاهله وأضعفت من إنتاجيته، وهو يقف اليوم على أعتاب مرحلة جديدة صعبة جداً تتفاعل فيها المتغيرات والمستجدات على الساحة الاقتصادية من جهة فتح باب الاستيراد وتقليص الحماية والدعم والبدء بالتحول الاقتصادي نحو رؤية جديدة.

كما أن تعدد الجهات الوصائية على الصناعة السورية فرض عائقاً كبيراً أمام تنفيذ أي سياسة صناعية موضوعة، الأمر الذي يجعل الحاجة ملحّة لتحديد جهة واحدة تنظم عمل الصناعة بشكل عام، كما أن وجود تباين تشريعي بين المؤسسات الصناعية العامة والخاصة هذا في حد ذاته يُفقد المنتج الصناعي تنافسيته داخلياً وخارجياً، حال الصناعة يتطلب تغيراً وفق ما أكده أصحاب الشأن الاقتصادي.

وإن وضع رؤية مستقبلية لهذا القطاع ليست هي الحلّ، بل لابدّ من أن يكون ذلك ضمن برنامج عمل وطني واضح وواقعي لا يقبل التأويل، تكون فيه المسؤولية تشاركية بين جميع الأطراف للنهوض بالصناعة الوطنية لما لها من دور مأمول في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مرحلة ما بعد الأزمة.

حللي: السياسات المالية تعوق إصلاحه.. الإدارة والتشريـع يكبــلانه بقيــود مسموحـة للخـاص

غياب المرونة والروتين

البداية كانت مع الباحثة الاقتصادية ريم حللي، التي أكدت أن المشكلة الأساسية التي يعانيها القطاع العام الصناعي تكمن في التشريع والإدارة، وتتمثل بتكبيل القطاع العام بقيود وإجراءات مطلوبة منه تختلف عن تلك المطبقة على مثيله من القطاع الخاص، والذي يعمل وفق قوانين السوق من قانون التجارة وقانون الشركات، وهذه القوانين تطبق على القطاع الخاص وتحظر على القطاع العام الذي يخضع للروتين وتغيب عنه المرونة والصلاحيات، موضحة أن هناك دراسة أظهرت أن تنفيذ أي مشروع استثماري وارد ضمن خطة أي شركة صناعية يحتاج 280 يوماً بدءاً من إعداد دفاتر الشروط اللازمة، وصولاً إلى مرحلة التعاقد مع جهة ما للتنفيذ، وذلك وفقاً للإجراءات المطلوبة، إضافة إلى تعدد الجهات الوصائية والرقابية التي تتولى عملية الإشراف على القطاع العام.

وأوضحت حللي أن ازدياد المنافسة في ظل الانتقال إلى اقتصاد السوق والتحرر الاقتصادي قد ساهم في إدخال القطاع العام في مواجهة مع المنافسة الخارجية من دون الجهوزية لذلك.

مشكلات وعقبات

ورأت حللي أن عدم مسايرة أسلوب التخطيط المتبع لمقتضيات عملية إصلاح القطاع العام، حيث إن تنوع الاقتصاد الوطني في سورية من خلال قطاعاته المتعددة، عام- خاص ومشترك، يفرض ضرورة التعمق في رسم الخطط والسياسات الاقتصادية بالنظر إلى جميع القطاعات الاقتصادية، وتنميتها بشكل متواز يحقق صلة وثيقة بينها، مشيرة إلى أنّ السياسات المالية المتّبعة ومفرزاتها على القطاع تعد من أهم المشكلات التي تستوجب الحل من دون الدخول في تفصيلها، مثل تحديد رؤوس أموال شركات القطاع العام، وحل مشكلة التشابكات المالية بين جهات القطاع العام المختلفة، إضافة إلى معالجة قضية الفارق بين السعر الاجتماعي الذي تحدده الدولة أحياناً لبعض السلع وهو أقل من سعر التكلفة، والسعر الاقتصادي الذي يحدده المنتج من التكلفة، إضافة إلى زيادة هامش الربح عن طريق إيجاد جهة أو صندوق يتولى تغطية هذا الفرق بالنسبة لهذه السلع.

كما أن ضعف الترابط بين قطاعات الاقتصاد الوطني وحدوث اختناقات لدى بعضها يعدّ من أهم مشكلات القطاع العام، حيث إن الكثير من مخرجات بعض القطاعات الاقتصادية تستخدم مدخلات في القطاع الصناعي كما أن جزءاً مهماً من مخرجات قطاع الصناعة يوظف مدخلات في القطاعات الاقتصادية الأخرى من زراعة وبناء وتشييد ونقل ومواصلات.. وغيرها.

إعادة النظر في العملية التفتيشية للقطاع العام

وأكدت حللي أن هناك مشكلة تشكل عائقاً أمام القطاع العام الصناعي تتعلق بتعدد وتداخل عمل أجهزة الرقابة والتفتيش التي تتابع عملها في القطاع العام، الأمر الذي يفترض ضرورة إعادة النظر في أسلوب ممارسة العملية التفتيشية لدى جهات القطاع العام المختلفة، الأمر الذي يتطلب أن يتم ذلك بناء على تحديد دقيق وواضح للجهات المخوّلة قانوناً بممارسة العملية التفتيشية، وأن يكون أساس العمل التفتيشي وغايته تحقيق الهدف الاقتصادي.

وأشارت حللي إلى أن القانون النافذ حالياً والمنظّم للصناعة يعود تاريخه إلى عام 1958، ولم يجر تحديثه رغم المتغيرات والتطورات التاريخية والتشريعية والعلمية، الأمر الذي أصبح يتطلب إطلاق قانون جديد لوزارة الصناعة يتناسب والمهام الجديدة، حيث تتحول من وزارة تقوم بمتابعة شؤون القطاع العام الصناعي إلى جهة ترسم سياسات وبرامج صناعية ومراقبة تطبيقها على مستوى سورية بما تملكه من أدوات ومؤسسات داعمة، كما نرى أنه من الضرورة أن تتم الإشارة صراحة إلى تطبيق اللامركزية في السلطات والمسؤوليات، وذلك من خلال توسيع وتحديد واضح وغير مزدوج لسلطات وزارة الصناعة ومديرياتها والجهات المساهمة في تطبيق السياسة الصناعية.

والأهم ضرورة العمل على تعديل عمل مديريات الصناعة، حيث تقتصر مهمة الوزارة على التخطيط والتنظيم ووضع البرامج والمشاريع، في حين تتولى مديريات الصناعة والمؤسسات الداعمة الأخرى تنفيذ هذه البرامج والمشاريع.

وأوضحت حللي أن وضع العديد من الرؤى لا يمكن أن يكون منقذاً للقطاع العام قبل حلّ العقبات التي تشكل حاجزاً للنهوض بالصناعة الوطنية.

التغيير أو الإلغاء

وبناء على ما هو واقع أكدت حللي أنه لابدّ من وضع بعض المقترحات والإجراءات التي يجب العمل عليها لتطوير واقع القطاع العام الصناعي لأن وجود القطاع العام ضمن أي اقتصاد وطني يعدّ أمراً لا يمكن تجنّبه، والاستثمارات الحكومية المباشرة لا يمكن الاستغناء عنها، والدليل على ذلك أن القطاع العام مازال حتى اليوم موجوداً ولا توجد دولة إلا فيها قطاع عام حكومي يساهم في إنتاج السلع وتقديم الخدمات، ويساهم في الناتج المحلي الإجمالي بنسب لابأس بها.

كما أن أدوار القطاع العام تنبع من عدّة عوامل موضوعية ترتبط بالحاجة للاستثمارات الكبيرة التي يعجز عنها القطاع الخاص أو التي لا يرغب بها، والاستثمار في تنمية المرافق العامة والبنى التحتية اللازمة للاقتصاد الوطني، والاستثمار في المناطق النائية لتعزيز التنمية الإقليمية والاستثمار لتعزيز دور الدولة في المجتمع، والاستثمار لمنع الاحتكار، والاستثمار في مشاريع ذات طابع اجتماعي وما شابهها، كل ذلك يوضح أن خصخصة بعض الشركات لا ينفي استمرار شركات حكومية أخرى في العمل وقيام شركات جديدة.

وقد برزت أهمية هذا القطاع في ظل الأزمة الراهنة التي تمر فيها البلاد، من خلال تأمين بعض الصناعات الاستراتيجية والأساسية التي لعبت دوراً كبيراً في تحقيق التوازن في السوق السوري بين العرض والطلب من جهة وتأمين بدائل المستوردات من جهة ثانية.

نظام إداري جديد

ورأت حللي أنه لابدّ في سبيل إصلاح القطاع العام من البحث عن نظام إداري جديد للقطاع العام يرفع من قدرته الإنتاجية والتنافسية ومن عائديته، ويخلصه من شوائبه، ويحوّله إلى قطاع يساهم في تعظيم الثروة الوطنية بدلاً من وضعه الحالي، وهذا الوضع يفرض شعار «التغيير أو الإلغاء».

انطلاقاً من هذه الضرورة تعتقد حللي أن نجاح أو فشل أي عملية لإعادة هيكلة القطاع العام هما نتيجة عاملين رئيسين: أولهما الإرادة السياسية لهذا القطاع، وثانيهما الإدارة الكفوءة، ومن ثم يأتي التشريع الناظم والتمويل اللازم للموارد.

وعلى الرغم من أن هناك طيفاً واسعاً من الخيارات يجب دراسة كل منها وبالتفصيل، لكن الوضع الحالي لا يسمح بتبني خيارات جوهرية مثل التحول إلى شركات مساهمة أو شركات قابضة أو التصفية أو الدخول بتحالفات استراتيجية مع شركات خاصة محلية وأجنبية، مع ذلك لابدّ من تحديد مكانة القطاع العام ودوره في المستقبل الاقتصادي لسورية وإتمام عملية فصل الدور الاجتماعي عن الدور الاقتصادي.

وأشارت حللي في حديثها إلى أنه كان ومازال هناك تردد بين طيف واسع من الآراء، مَنْ ينادي بتصفية القطاع العام الصناعي أو على العكس تعزيز دوره، أو تطويره بالبقاء فقط على عدد من الصناعات الاستراتيجية، لكن الجميع متفق على أن القطاع يعاني اختلالات بنيوية، وأن عدم تنفيذ سياسات الإصلاح يعني تدهور شركاته التي تعاني من منعكسات الأزمة، بل إن بعضها أصبح خارج الخدمة جزئياً أو كلياً مع استمرار أعمال التخريب، فقبل بدء الأزمة كان هناك شبه توافق على مشكلات القطاع العام الصناعي ولا ضرورة لإعادة تشخيص واقع شركاته، لكن استمرار الأزمة يفرض إعادة تشخيص واقع هذه الشركات لصياغة الحلول والنتائج المتوقعة في حال تنفيذ أحد خيارات الإصلاح المعتمدة ضمن البرنامج.

غياب الرؤية الاقتصادية

ورأت حللي أن أي برنامج إصلاح للقطاع العام الصناعي يجب أن ينطلق من محورين متكاملين: السياسة العامة للدولة المترجمة في الخطط الحكومية ومن استراتيجية التنمية الصناعية، وذلك بهدف إعادة تموضع الشركات العامة والمعاد هيكلتها على مسار إيجابي صاعد، وتوسيع حصتها في السوق. كما أن غياب الرؤية الاقتصادية الكلية على مستوى الاقتصاد السوري برمته بعد فترة الإصلاح 2005- 2010 وتبني نهج اقتصاد السوق الاجتماعي وتعثر الخطة الخمسية الحادية عشرة وغلبة معالجة القضايا الآنية نتيجة انعكاسات الأزمة على الحلول الاستراتيجية، ولاسيما مع تقلص هامش الاستثمار بأنواعه ومصادره المختلفة يجب ألا يمنع من إعداد دراسة مفصلة للخيارات الاستراتيجية الأكثر جرأة.

من المفيد وضع إطار عام استراتيجي عن منهجية عملية الإصلاح ورؤية توافقية تعتمدها كل الجهات المعنية بهذا القطاع تعمل وفق عدة أسس تتمثل أولاً في البدء بتقييم أداء الشركات الصناعية فيها بحسب أوضاعها الاقتصادية، طبقاً لمعايير تقييم أدائها والبيانات المستخلصة من دراسة المؤشرات الخاصة بهذه الشركات، ومن ثم توحيد الإطار القانوني الناظم لعمل كل الشركات الصناعية في البلد، وذلك بهدف توفير بيئة مناسبة للمنافسة بين الشركات المنتجة العامة والخاصة، فمن وجهة نظرنا لا يمكن أن نخلق هذه البيئة مادامت شركتان تنتجان المنتج ذاته ولكن تعملان بقوانين وتشريعات مختلفة، وهنا نرى أنه من الضروري تحويل الشكل القانوني للشركات مع المؤسسات (في حال تم الاحتفاظ بالمؤسسات) إلى شركات مساهمة عامة تمتلكها الدولة 100% وتعمل وفق قانوني التجارة والشركات، وهذا يتزامن مع وضع آلية للمتابعة والمراقبة أسوة بغيرها من الشركات السورية.

خطوات المعالجة

وحتى نكون أكثر واقعية، وفي الوضع الراهن وعلى المدى القصير، وريثما يتم اتخاذ قرار استراتيجي بشكل القطاع العام وآلية عمله من المفيد اتخاذ عدة خطوات لمعالجة وضع القطاع العام الصناعي تبدأ بانتقاء الأنشطة الصناعية الاستراتيجية التي ستستمر بها الدولة والتي ستؤسسها من جديد، والتخلي التدريجي عن الأنشطة الصناعية التحويلية ذات القيم المضافة المتدنية إن تحققت، والأهم الاستفادة من القيمة السوقية لمواقع الشركات الصناعية المتعثرة أو المتوقفة في تأسيس مشاريع جديدة حكومية 100% في حال توافر الإمكانات المادية والفنية أو المشاركة مع القطاع الخاص الذي يملك هذه المقومات خارج المخططات التنظيمية للمدن وضمن المناطق الصناعية بحيث تنسجم والسياسة الصناعية الموضوعة في كل قطاع، إضافة إلى العمل على تخفيف الأعباء الاجتماعية الملقاة على عاتق هذا القطاع، وتمويل ذلك من موازنة الدولة بدلاً من تحميلها على تكلفة المنتجات الصناعية، حتى يعمل على أساس الحساب الاقتصادي، وفقاً لمعايير الربح والخسارة، ويمكن أن يكون الحل بتطبيق جزء من شبكة الضمان الاجتماعي المتعلقة بضمان البطالة، وتحويل هذا الفائض من العمالة إلى صندوق يحدث في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل يعنى بصرف رواتب فائض العمالة، ريثما يتم تأهيلها للاستفادة منها في قطاعات عمل أخرى، والأمر لا يزيد أعباء مالية على خزينة الدولة، وإنما سيتم تحويل رواتب هذه العمالة من الشركة التي يتبعون لها إلى صندوق ضمان البطالة في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.

ومن جهة أخرى السعي إلى قيام نظام للدعم الصناعي يرتبط بالجامعات ومؤسسات البحث والتطوير والتدريب والخدمات المالية والإدارية، وخدمات المعلومات والاتصالات والخدمات اللوجستية، مثل تأمين المستودعات والنقل والشحن والتخليص الجمركي، وعلى المعنيين إيجاد نظام للدعم وتشجيعه ودعم وتطوير هذا النظام.

تغير كامل

بدوره أكد الاقتصادي الدكتور زياد عربش أن الأزمات والحروب تتيح فرصاً هائلة للتغير، ولابدّ من التقاطها، موضحاً أنه في مرحلة ما قبل الأزمة كانت الحكومة تتوجه لإصلاح القطاع العام بالرؤى والدراسات، وخلال الأزمة عملت على وضع الخطط الإسعافية. أما اليوم ونحن نستعد لما بعد الأزمة فإننا بحاجة إلى عمل جدّي وورشة عمل متكاملة لأن سورية هي السوق الواعدة للاستثمار من الدول الصديقة التي ساندتنا في الأزمة ومن ثم العرب والأوروبيين وغيرهم، وضرورة أن تكون هناك حركة نشاط، ولاسيما فيما يخص الصناعة الوطنية التي تعدّ عماد الاقتصاد.

وبيّن عربش أن الصناعة على مستوى العالم تعرّضت لتغيرات جوهرية مهمة من التطور التكنولوجي وتبادل المعلومات وغيرها، وفي عام 2016 و2017 كان هناك تطور للإنتاج الصناعي على مستوى العالم وكذلك تغيير جوهري في طرق ووسائل الإنتاج والتغيير.

مشيراً إلى أن سرعة التغيير في سورية بدأت منذ عام 2010 واتخذت القيادة مرحلة جديدة للإصلاح الاقتصادي والإداري، وحيث هناك سلسلة من القوانين الناظمة والتشريعات التي تصب في مسار ونموذج معين هو الإصلاح وتهيئة النشاط الاقتصادي الصناعي، وقد تم العمل على إعداد نموذج للإصلاح التنموي نحدد فيه الخطوات الكاملة للاقتصاد بما فيها الصناعة. وخلال الأزمة كان هناك انشغال بالخطط الإسعافية والإدارية في الوقت الذي تغيّر فيه سعر الصرف وأصبح الدخل فيه منخفضاً وارتفعت الأسعار و… و… الأمر الذي يتطلب –حسب عربش- وضع خطة واضحة للصناعة بمسار ارتفاع الأسعار والتحرير التجاري لأن الصناعة رغم تطورها إلا أنها كانت تعاني قبل الأزمة من ارتفاع أسعار المحروقات وقدم الآلات، حيث جاءت الأزمة «لتزيد الطين بلّة»، فالصناعة فيها تضررت وتآكلت وتعرضت للتخريب والسرقة، في حلب وغيرها، سواء فيما يتعلق بمدخلات الإنتاج وتوافرها وارتفاع الأسعار.

هنا تعرضت منظومة الامتداد إلى أضرار بالغة عند المستهلك السوري الذي أصبح يبحث عن الأولويات، مشيراً إلى أن سورية ستعرف مرحلة واسعة من زيادة مستويات التشغيل، والآن بمرحلة ما قبل الفورة.

ثغرات

عربش أوضح أن المرحلة القادمة تتطلب نمواً مستداماً، وهذا يقتضي وضع قوانين وتشريعات واضحة للمستثمرين لأننا نحتاج بيئة تشريعية ناظمة، وتفعيل القوانين الموجودة ما قبل الأزمة، ووضع صيغ جديدة وولوج القطاع الخاص كشريك وطني للتنمية، لافتاً إلى أن البيئة الناظمة تعني تطوير المناخ الاستثماري في الصناعة، لأن الصناعة التحويلية ليست فقط تساهم في تلبية السوق المحلية وتوفير القطع الأجنبي اللازم للاستيراد، ولكن أيضاً لرفع مستوى التشغيل والنشاط الاقتصادي، وتأمين فرص العمل، والأهم رفع مستوى التشغيل والنشاط الاقتصادي من خلال تأمين فرص العمل وتلبية احتياجات السوق المحلية، وإعادة تأهيل المدن الصناعية المدمرة، وتوفير الفرص لعودة المستثمرين، وكذلك إعطاء ميزات للرأسمال، والأهم أن تكون المدن الصناعية والمناطق الحرفية جاهزة حتى لا تعود العشوائيات الصناعية، فالمناطق الصناعية بحاجة لأسس وعمليات إمداد وتسويق ومدخلات إنتاج لتكون الحامل لمجمل النشاط الصناعي.

تفضيل الصناعة المحلية

ويرى عربش أن دعم المنتج المحلي يكون بتفضيل الصناعة المحلية على المستوردة بما فيها مدخلات الإنتاج وتأمين مستلزمات التسويق والإمداد، ودعم معايير الجودة التي أصبحت بالمستوى الرئيس في بلورة السياسات الصناعية الكلية والنشاط الصناعي، إضافة إلى وضع حاجز للقطاع الخاص الانتهازي الذي لا يهمه سوى مصلحته وربحه، علماً أننا نحن في وقت نحتاج فيه إلى صناعة شاملة ولا يجوز أن نشجع صناعة على حساب أخرى، إذ نحتاج صناعة وطنية بكل معنى الكلمة.

هناك العديد من الثغرات تغفلها الحكومة، مثل إقامة معامل للمنتجات الغذائية، منها معامل للحليب، في الوقت الذي يقوم فيه القطاع الخاص بإنتاج المادة، علماً أن المنتج التابع لشركات القطاع العام لا يضاهيه أي منتج من حيث الجودة والمواصفات، لكن مكامن الفساد ضاربة أطنابها فيه.

وأكد عربش أننا نحتاج إلى «نفضة» قوية للقطاع الصناعي بعيداً عن الابتزاز والفساد، ونحتاج إلى جرد وتشخيص كامل لمعرفة ما هي المعامل التي بحاجة إلى إعادة النظر فيها وبنشاطها وأهمية استمرار الشركة من إيقافها، ولاسيما الخاسرة منها، والتوجّه إلى أنشطة جديدة للمعامل، والأهم من ذلك التخلي عن العقلية القديمة العاملة في هذا القطاع، وإلا فسوف تستمر الخسائر.

من هنا نقول: إننا بحاجة لتغير كامل لهذا القطاع من كوادر ومديرين ومعنيين و… و… وبدلاً من أن يكون هناك 200 عامل ولا يعمل منهم سوى 10 أشخاص على سبيل المثال، لابدّ من إعادة النظر في هذا الموضوع لأن مجيء العمال إلى الشركات والمعامل الخاسرة يكلّف الدولة خسائر إضافية، ما ينعكس سلباً على الصناعة، فالتغير يجب أن يكون جوهرياً ينعكس على الصناعة مع طرق حلول استثنائية تتناسب مع المرحلة الاستثنائية والتخلي عن التبريرات غير المنطقية.

ضرورة استقرار سعر الصرف

بدورهم أكد الصناعيون على ضرورة وجود رؤية واضحة للقطاع العام الصناعي بشقيه العام والخاص وتذليل الصعوبات التي تواجههم خلال المرحلة القادمة.

طلال قلعجي عضو غرفة صناعة دمشق وريفها ورئيس قطاع الصناعات الغذائية قال: إن هناك العديد من المعوقات التي نأمل أن يتم العمل على تسهيلها تتمثل في تأمين المواد الأولية واستقرار سعر الصرف الذي أعتبره أهم خطوة في المرحلة القادمة لأن تذبذب السعر يؤدي إلى انعكاسات كبيرة على الكلف والمواد الأولية، ونحن كصناعيين نقوم «بصراحة» بشراء الدولار من السوق السوداء، ونطالب المصرف المركزي باستقرار السعر، مطالباً بالتخفيض بحيث يكون انخفاضاً تدريجياً وليس كسر سعر من أجل ألا تتأثر الصناعة الوطنية.

طالب قلعجي الحكومة برفع كافة الضرائب عن الصناعة في المرحلة الراهنة لأن إعادة إقلاع خطوط الإنتاج تتطلب ملايين الدولارات، علماً أن هذه الخطوط بحاجة إلى إعادة كل أربع سنوات لمواكبة الصناعة وتطويرها، لافتاً إلى أهمية وضع جدول أعمال يكلف به الجميع من صناعيين ووزارة وحكومة ومعنيين لتكون القرارات مشتركة، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على الجميع.

بدوره عضو مجلس إدارة غرفة صناعة دمشق وريفها أكرم حلاق قال: إن أولويات الصناعة الوطنية اليوم هي إعادة المنشآت بالمدن الصناعية المتضررة وإزالة كافة المعوقات المتعلقة بالصناعة ونقلها إلى طاولة النقاش مع الفريق الحكومي ليصار إلى معالجتها مثلما عالجت سابقاً موضوع الطاقة والمحروقات والتراخيص الإدارية وغيرها حتى تستطيع إعادة الألق للصناعة الوطنية داخلياً وخارجياً.

جريدة تشرين


أخبار ذات صلة


اقرأ المزيد...
أضف تعليق

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا