"إيزابيل" التي قصمت ظهر البعير... مهمة متعددة الوجوه بقلادة سداسية!

الخميس, 25 كانون الثاني 2018 الساعة 17:40 | تقارير خاصة, خاص جهينة نيوز

جهينة نيوز- خاص

لم يترك لنا الأجداد حدثاً كبيراً أو صغيراً إلا وأحاطونا مسبقاً بعباراتٍ وحِكَمٍ وأمثال تتناسب وحجمه، فـ"القشة التي قصمت ظهر البعير" مثلٌ عربيٌّ يشير -عادةً وعُرفاً- إلى حدثٍ يُحدِث أثراً معنوياً كبيراً لأنه يأتي بعد تراكم كثير من الأحداث، كالبعير الذي يُحمِّلونه الأوزان الثقيلة لدرجة أنه لن يحتمل معها شيئاً آخر، ثم يضعون فوقه وزناً خفيفاً -كالقشة مثلاً- فينقصم ظهره، ظاهرياً بسبب القشة، ولكن في الحقيقة بسبب عدم قدرته على حمل الأوزان السابقة كلها...ولأهمية هذا المثل العربي، فقد اقتبسه الانكليز حرفياً بالمعنى ذاته:

(the straw that broke the camel's back) وبالتأكيد اطّلع المستعربون المكلفون بمهام في "الشرق الأوسط" على نسخته العربية ومعانيها، لأن من بين برامج تدريبهم على تلك المهام، دراسة الأمثال الشعبية التي تعطي صوراً عن المجتمعات المستهدفة...فهل أتت الصحافية البريطانية الشابّة "إيزابيل يونغ"–ضيفة سورية وقناة سما- لتلعب دور القشّة؟!...وإذا ثبت ذلك، فوا حسرتنا البعير!

يحملون مسؤولية ولا يتحمّلونها!

"إيزابيل" ليست الحدث الوحيد الذي ترك –أو سيترك في المستقبل- أثراً معنوياً –بل ومادياً- سيّئاً على البلاد وأهلها، وهنا لسنا بصدد تعداد من دخلوا إلى البلاد بصفات وصِيَغ متنوعة ليمارسوا فيها اصطياد الأهداف وبلوغ المرامي، لأننا إن عدّدنا ذلك سيكون ضربة معنوية "قاصمة" لمن يحمل المسؤولية ولا يتحمّلها، وذلك في قطاعات مختلفة، ومنها قطاع الإعلام، لذا فحديثنا عن الآثار المعنوية السيئة فحسب، سيعفينا نحن أيضاً من ضربة قاصمة، لأن المخطئ لا يحبّذ مبدأ الإشارة إليه بالبنان، وحين تبلغ الأمور حدود الضجة يلجأ إلى الضجيج مع المجموع وتوزيع الخطأ على الجميع، ولا يتوانى في شرح تفاصيل العمل المؤسساتي الجماعي، بل قد يرمي كل المسؤولية على تأخُّر إصدار النسخة الأولى من مشروع الاصلاح الإداري، بدليل اعترافات الوزيرة المكلّفة به وطلبها لنجدة اللجان وخبرة الجان...وبالتالي فنحن هنا أمام حالة عرض نسخة محلية جداً من فيلم "جريمة في قطار الشرق السريع"، ولمن لم يشاهد هذا الفيلم، فهو خاص بجريمة قتل تحدث في قطار، لم يستطع المحققون الوصول فيها إلى القاتل الفعلي فقرروا أحد حلّين، أولهما أن الفاعل شخص غريب اقتحم القطار، وثانيهما أن الفاعل هم جميع ركاب القطار...!

كيف تُصبح قناة سما على خير بعد "صباح خيرها" مع "إيزابيل"؟!

ليس من المستبعد أن تلجأ قناة "سما" إلى إعداد النسخة المحلية من فيلم "جريمة في قطار الشرق السريع" وتقوم بعرضها من أجل التغطية غير المباشرة على الاستضافة المتبادَلة مع "إيزابيل"، لكننا نأمل ألا يقوم كادر القناة بترجمة نسخة الكاتبة الانكليزية الأصلية "أجاثا كريستي" لأن "سما" –على ما يبدو- لا تستطيع وضع الانكليزية والعربية وجهاً إلى وجه وخاصةً في "صباحات خيرها" التي استضاف أحدها الصحافية البريطانية "إيزابيل يونغ" ذات يوم من صيف الأزمة، والتي تمكنت بدهاء بالغ من وضع مذيعيْ البرنامج في قفصهما الإعلامي المحلي الحقيقي كعصفورين، لا يستطيعان التغريد والزقزقة –أو حتى الرفرفة في المكان- إلا مع وجه مألوف لهما سواء كان ضيفاً محلياً وروتينياً معروفاً أو قارئ حظوظ مشهوراً أو طبّاخ أطباق شهية...

نعم صدمت الصحافية البريطانية "إيزابيل" مذيعيْ "سما" بأسئلة وقحة، ولكن أين سرعة البديهة الإعلامية أو حتى الشخصية التي يجب أن يتحلى بها المذيعون؟! وكيف اقتحمت "إيزابيل" المحطة -وغيرها-بهذه الجرأة؟ وأي ترخيص تحمله هي وكاميراتها التي انتشرت في كل مكان؟!

البريطانية الحاذقة والصيد الثمين

لقد اطمأن مؤسس برنامج "VICE" "شين سميث" على حُسن أداء مراسلته "إيزابيل" في الحلقة التي استهدفت سورية الأسد وجيشها وشعبها وإعلامها، والتي راجت مؤخراً في سوق الدعاية المضادة ضد البلاد، وكان ذلك ظاهراً على وجهه -حين قدّم لحلقة "إيزابيل"- إلى درجة الارتياح والرضا الكامليْن عن الحلقة التي استضافت من استضاف بطلتها، فأكملت الحلقة بضيفتها "سما" هدفها المنشود وشوّهت بخبثٍ وكما تريد ضمن فقراتها كل ما كانت "سما" تراهن على أحقيته وعدالة قضيته في السنوات الماضية، فوقعت المسكينة بكادرها الصباحي في فخ البريطانية الحاذقة التي حوّلتها بدقائق معدودة من "ورقة إعلامية محلية قوية" –ولو بنظر البعض- إلى دليلِ "عقر دار" على بعض ما تفوّهت به وادّعته "إيزابيل" التي تدرك جيداً أن "سما" صيدٌ ثمين...وهنا يحق لنا أن نسأل عن حالة المسؤول –أو المسؤولين حسب مبدأ جريمة القطار- مقابل حالة اطمئنان مؤسس برنامج "VICE" بعد تمام فعلة "إيزابيل" وانكشاف أمرها، فإذا عرفنا تلك الحالة، لن يكون لدينا ما نضيف، لأننا اعتدنا على ذوبان الأفعال -على اختلاف أنواعها- بسرعات مذهلة دون أن نعرف حالة المسؤول عنها، فهل تداركَ الخطأ، أو هل عولج الخطأ والمسؤول عنه؟! وماذا عن الأخطاء المشابهة والمسؤولين عنها؟

رسالة ذات طابع استخباراتي

بالطبع لا يمكن اعتبار حلقة "إيزابيل" حلقة عادية، لا لاتّصالها بسلسلة من حلقات مشابهة فحسب، بل لكونها حلقة خُطِّط لها جيداً ضمن حلقات اتصال عديدة، وبالتأكيد ليس من أعدَّ لهذه العملية ساذجاً لتكون عمليته مجرد خرقٍ إعلاميٍّ سياسي أو إثباتٍ لجرأة صحافييه في المناطق المتوترة من العالم، بل إن رسالتها -ومن وراءها- أقوى بكثير من ذلك...إنها رسالة ذات طابع استخباراتي أُلصق بها في بلد منشأ "إيزابيل" ووصلت بالبريد المضمون –مع مرافق حكومي مطيع طيلة مراحل التصوير- إلى ما لا يصل إليه أو يتوصل إليه إعلامنا نفسه أحياناً، وقد ظهر بعض ضيوف مقابلات "إيزابيل" المناطقية المدروسة بحذائه العسكري فقط، أو بصوته المضخَّم على أنه رجل أمن خائف، أو بمايو سباحته المثير في البحر، أو بحجاب مخصّص، وغير ذلك من المشاهد التي تبدو على الأغلب لغايةٍ في نفس "إيزابيل" ومساعديها الرئيسيين الذين لم ينتبه أحدٌ منهم أو يتم تنبيهه–بمن فيهم المرافق الحكومي المطيع- إلى قلادة رقبتها السداسية الشكل طيلة أحداث فيلمها الوثائقي، ربما لأن حجم القلادة صغير، وربما لأن البعض ظن أنها إحدى "اكسسوارات" الحلقة المشمولة بالترخيص "! ...

وختاماً نرجو ألا تكون حكومتنا قد ضيّعت في صيف الواقعة اللبن بعد أن سبق سيفها العذل...وإنه لنداءٌ منّا على وجه السرعة قبل أن نصعد جميعاً إلى قطار الشرق السريع!


أضف تعليق



ولأخذ العلم هذه المشاركات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي إدارة الموقع
  1. 1 عدنان احسان- امريكا
    25/1/2018
    19:45
    وهل هناك اعلام لنخاف عليها تجاربنا في الشرق قمه التخلف
    اكثر الاعلاميين جاؤا بالواسطه / راقبوا القنوات الفضائيه حتى المحترمه منها لتجدوا اعلاميين خدمتهم الحظوظ واكثرهم وقاحه من لا يحترم اللغه العربيه الفصحه ، ثرثارين ولا احد يراقب اداءهم وما يهتمون به الميكياج والتصنع وادعاء الثقافه والفذلكه في الحديث ، وسرقة الوقت من المحاور ويسآلون السؤال ويجاوبون عليه ويفهمون بكل شي وبكل الملفات الاقتصاديه ، والعسكريه ، والسياسيه يعني بسنه واحدة تكون مراسله وتصبح رئيسه مكتب خاصه الاعلاميات اكثر تقاريهم يستطيع من يسكن بالاسكا ان يقدم تقريرعن عفرين اذا استمع فقط الى نشرات الاخبار اي ان يكتب تقرير افضل من (ايزبيلات) قناة الميادين ولا تجد لديهن معلومه بل كله تحليل اخباري وتعمدنا ذكر قناة الميادين كمثال لانه يهمنا امرهذه القناه اكثر من غيرها.
  2. 2 السّاموراي الأخير
    26/1/2018
    03:54
    عالجوا نقاط الضعف!
    إن إحدى نقاط ضعف الإنسان الشرقي و ليس الصحافي فقط هو الانبهار الشديد بالإنسان الأوروبي أو الأمريكي و الشعور بالدونية نحوه: أي عقدة الخضوع للخواجا.خذوا مثلا ياسر عرفات الذي زار يوما نتانياهو في تل أبيب وصادف ذلك ليلة رأس السنة العبرية؛خرج للصحافيين ليقول لهم -بعبرية ركيكة:(شانا توفا) تحادثت الليلة مع السيد (بيبي)(إسم الدلع عند نتنياهو).لاحظوا السماجة في رفع الكلفة بين شخصين أحدهما يغتصب بلاد الآخر!ويمكن إسقاط هذه الدونية على الذي أعطى لهذه القشّة الإنجليزية شيكا على بياض لتشرشح مذيعي سما في عقر دارهم. ثم هناك نقطة ضعف لئيمة جدا وهي أن كل مواطن يريد التواصل مع التلفزيون يشترطون عليه تحت الهواء بأن يخص القيادة بتحية خاصه- و هذا حدث معي شخصيا مرتين بإسمي الحقيقي و ليس ساموراي لذا أشعر بالسخافة..
  3. 3 السّاموراي الأخير
    26/1/2018
    04:14
    تابع لما سبق
    و الصفاقة في المعاملة.أنا كمواطن سوري من الدرجة الممتازة أشعر بالإهانة حينما يأتي أحدهم ليلكزني بمسلّة لكي يفرض علي ما سأقوله و هو يعلم من أنا وكم أنتمي للدولة الوطنية السورية و أمارس هذا الانتماء لأكثر من ستين سنة منها خمسون سنة تحت الاحتلال مرورا بمواجهة العراعير و الدواعش.لذا يجب أن يمارس المذيعون لمّاحية في اختيار الناس الذين سيصعدون على الهواء و يتركونهم ليعبروا عن رأيهم بحرية.مثال: هل تجبرني جهينه نيوز على تحية السيد الرئيس و إطلاق لقب زارع الياسمين و سيد الأباة عليه؟ أم هذا موقفي ؟ أرجو أن يبحث المذيعون عن التزوّد بالثقافة دائما و ممارسة اللغة العربية و أن يفرّقوا بين الخيار-بكسر الخاء و هو نوع من الخضار؛و بين الخيار -بفتح الخاء و هو النابع من الفعل اختار يختار؛أراهم يخطئون فيهما.
  4. 4 كنعاني أصيل
    26/1/2018
    13:34
    يدربونهم في الغرب بعناية على السموم
    الشكر لكاتب التقرير الخاص الذي فتح أعيننا على قضية مهمة. ولنذكر أن إعلاميي الغرب المسعورين منهم ومن يعوون معهم من أبناء جلدتنا المنسلخين عنا والجالسين في أحضانهم، يدربون جيداً على حذاقة القول، وعلى كليشيهات معينة مسمومة تسبب الغثيان يبقون يرددونها حتى يحفظوها، وتجرى لهم تجارب (بروفات) متعددة مع مدرب داهية حتى يكونوا قد أتقنوا اللعبة. ولكم أن تلاحظوا هؤلاء على مختلف (الشاشات) المعادية كيف يتقيؤون العبارات ذاتها، التي تجلد تاريخنا وديننا وقوميتنا، ولا يملون من تكرارها مع رفع نبرة الصوت عندما يلاحظون قوة الدفاع، كي يثيروا اللغط والبلبلة. مطلوب بقوة أن يدرب إعلاميونا على تقنيات الكلام مع اختيار ذوي الثقافة الواسعة منهم.
  5. 5 شكسبير
    26/1/2018
    15:29
    الخير والشر في معركة غير متكافئة
    أم القلادة تنجز ما تريد ونحن لسنا أكثر من عنوان بريد.
  6. 6 إبن خلدون
    26/1/2018
    15:36
    إيزابيل تعطي صورة واضحة عن دور الاعلام
    أولاً دور الاعلام الغربي المضاد وثانياً دور إعلام بلاد الضاد...في حين لم تعد حروف الضاد تجمعنا، اجتمعت إيزابيل بغسانٍ وعدنانِ...ونفّذت المقلب المقلوب والمطلوب بحذافيره...!... نعيماً أستاذ عماد...خميس سارة لا فرق...
  7. 7 سمير غزال
    26/1/2018
    15:39
    السيد الرئيس أعانه الله مشغول
    وكلنا يعرف حجم انشغاله في هذه الأزمة التاريخية الخطيرة، لذا لا بد من سلطة متمكنة تعالج على الأقل ما هو واضح من تقصير.
  8. 8 نضال
    26/1/2018
    15:42
    إيزابيل صحافية مدرّبة جداً
    ويبدو أنها درست قبل المجيء كل شيء بما في ذلك مذيعيْ سما العصفورين...
  9. 9 سيد رضا
    26/1/2018
    15:48
    الحكومة مثل الأزواج في روايات ابراهيم المازني!
    فالزوج في الروايات المذكورة لا يمارس الرجولة والبطش إلا على زوجته المسكينة وأفراد أسرته الدراويش.
  10. 10 غوار
    26/1/2018
    15:51
    كان بإمكان إيزابيل إجراء مقلب مع خميس في مكتبه
    لكنها فضّلت مقلباً من نوع آخر...

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا