جهينة نيوز:
تحوم بعض الشبهات حول "ويكيبيديا" الموسوعة الحرة على الإنترنت في روسيا، حيث يفترض أن تتلقى الموسوعة التبرعات الطوعية، لكنها أصبحت مصدرا للإثراء وتحقيق المآرب السياسية.
تؤكد إدارة الموسوعة الحرة أن نصيب الأسد من الأموال التي تحصل عليها من حساب التبرعات لحساب الفرع الخاص بروسيا ويحمل اسم "ويكيميديا رو" Wikimedia RU، يحول إلى شركة "ويكيميديا إنكوربوريتد" في ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية.
وقد واجهت "ويكيبيديا" عددا من الانتقادات بشأن السياسة المالية للشركة، حيث يشكك الخبراء في مسار أموال التبرعات الضخمة، في الوقت الذي تعتمد فيه الموسوعة في الغالب على عمل المتطوعين. ويعمل على إدارة صندوق التبرعات في "ويكيبيديا" نحو 200 موظف، بينما يصل حجم الأموال التي يتلقاها الصندوق أكثر من 145 مليون دولار أمريكي، وتنفق ويكيبيديا على المرتبات، والمنح للكتاب، والمشاريع المختلفة أرقاما أقل من هذا الرقم بكثير. ويجب الإشارة أيضا إلى أن دخل الشركة قد ارتفع في العام الماضي وحده بمقدار 20 مليون دولار، بمعنى أن المؤسسة التي تعتمد على التبرعات تزداد ثراء.
وإلى جانب ذلك، يعد أحد المصادر الهامة لدخل الموسوعة "التي تعيش على التبرعات" هو مساعدات المؤسسات والشخصيات التي ترغب في نشر المعلومات "المطلوبة" في الأماكن وبالكيفية "المرغوبة". والحصول على "دعم سخي" من هذه الجهات مقابل تشكيل الموسوعة للرأي العام بالشكل "المرجو" فيما يخص هذه القضية أو تلك، أو بشأن هذه الشخصية أو تلك. ولخلق صورة مجتمعية إيجابية عن أنفسهم، فإن الأغنياء مستعدون لمنح الكثير من "العطايا والمنح" لحساب "صندوق ويكيميديا". وقد طرح هذه القضية سلفا الفيلسوف والصحفي الروسي، أندريه تيميسكوف، حينما أعرب عن عدم تصديقه أي معلومة في "ويكيبيديا"، ودعا للتخلي عن الاعتماد عليها كمصدر موثوق به للمعلومات. وقال: "تقوم (ويكيبيديا) بمحو المعلومات جيدا، وتعيد صياغتها على النحو الذي يرضي العميل".
وفي هذا الإطار لا تستطيع "ويكيبيديا" أن تمحو المعلومات وتشوهها فحسب، بل تستطيع أيضا أن تحظر المصادر التي تقدم معلومات منافية، أو "غير مناسبة" للعميل. من بين تلك الأمثلة الموقف الذي تواجهه الوكالة الفدرالية للأنباء (روسيا)، التي ورطتها الموسوعة في لعبة سياسية بمشاركة الحركة الليبرالية في روسيا، حينما قامت الوكالة بعدد من التحقيقات الاستقصائية حول الممارسات الإجرامية لبعض المعارضين الروس، وتم حظر هذه التحقيقات على "ويكيبيديا" بقرار من إدارة الموقع. باختصار، قررت إدارة الفرع الروسي للموسوعة الأمريكية حجب الحقيقة "غير المناسبة"، والحفاظ على المعارضة الروسية، التي تلعب هنا دور "العميل"، من الأخبار الضارة بسمعتها.
لقد تحوّلت "ويكيبيديا" إلى مصدر معلوماتي، يتلقى "تبرعات سخية"، هي ببساطة مكافآت مقابل مهام سياسية، تتلخص في عملية "غربلة" المعلومات "غير المرغوب فيها". أما عن التبرعات التي يتلقاها الموقع، فمن الصعب تتبعها، نظرا لكونها طوعية، ولإمكانية حجب هوية الشخصيات أو الكيانات المتبرعة، وتلك هي الحقيقة التي تستغلها المعارضة الروسية في التغطية على المعلومات المتاحة حول ممارساتها الإجرامية.
علاوة على ذلك، فإن الانتقادات الموجهة لـ "ويكيبيديا" لا تقتصر على طرق الحصول على الدعم المالي من خلال التبرعات فحسب، وفقا للمديرة التنفيذية السابقة لمؤسسة "ويكيميديا"، سو غارتنر، وإنما تتعدى ذلك إلى وجود بعض خرائط الفساد في عمليات الشركة، حيث اكتشفت غارتنر أن ملايين الدولارات من المنح التي أصدرها بعض المسؤولين التنفيذيين في الشركة، كانت في واقع الأمر إلى جيوبهم. وقد أثرت هذه الحقيقة على مصداقية "ويكيبيديا" كمصدر محايد ومستقل للمعلومات، يقوم بالأساس على التبرعات الطوعية، إلا أن هذه الفضيحة سرعان ما تم التكتم عليها. وفي وقت لاحق ظهر أحد مؤسسي "صندوق ويكيميديا"، جيمي ويلز، وهو يدعو المستخدمين علانية إلى التبرع، بينما ظهرت صورته الشخصية على الكثير من مواقع الإنترنت، وبهذه الكيفية ازداد دخل الموسوعة التي تنفق على المشاريع والمنح أقل مما تربح على نحو مضطرد.
RT